«تنمية المجتمع» أيّدت الفكرة وأكدت استعدادها للعب دور إيجابي

استشاريون أسريون يطالبــون بـ «ترميم» الحياة الزوجية بين المطلّقين

طالب خبراء في العلاقات الزوجية والمشورة الأسرية، في صندوق الزواج والمحاكم المختصة، الجهات المعنية في الدولة بـ«تبني برنامج وطني لإعادة الحياة الزوجية مرة أخرى بين المطلقين»، أطلقوا عليه اسم «ترميم» في إشارة إلى الدور المنتظر منه للتوفيق بين الطرفين، وتشجيعهما على استئناف حياتهما الزوجية. كما طالبوا، عبر «الإمارات اليوم» بإنشاء مكاتب حكومية لتحقيق هذا الهدف، على أن يكون العاملون فيها من المتخصصين الاجتماعيين الموثوق بهم.

وأيدت هيئة تنمية المجتمع فكرة إنشاء صندوق «ترميم» لاستعادة الحياة الزوجية، وإعادتها إلى مسارها، في حال وقوع مشكلات أو انفصال بين الطرفين. وقالت إن دور وحدات التوجيه الأسري يقتصر على محاولة حلّ المشكلات، ومنع وقوع الطلاق، وهو ينتهي عقب الانفصال، لافتة إلى إمكان لعب دور إيجابي أكبر في هذا الاتجاه.

وتفصيلاً، دعا خبراء في «المشورة الأسرية» إلى تبني الدولة مشروع «ترميم» بين الأزواج والزوجات، وعقد جلسات بين المطلقين، والتعرف إلى أبرز وجوه معاناتهم عقب الانفصال، وحلّ الأسباب التي دفعتهم إلى الطلاق، وتسليط الضوء الإعلامي على هذه الخطوات، من خلال الإعلام المرئي والمقروء.

وحذروا من ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع، لافتين إلى أن عدد حالات الطلاق بلغ العام الماضي 1156 في أبوظبي فقط، وفقا لما سجلته دائرة القضاء، تعود 855 حالة طلاق منها إلى مواطنين ومواطنات.

وأضافوا أن أبرز أسباب الطلاق هو تزايد العنف الأسري، وحالات الضرب والقسوة والتهديد بين الزوجين، فضلاً عن وجود خلافات مالية، وحصول الزوج على راتب الزوجة قهراً، واستغلالها مالياً، وسيطرة اعتبارات مادية على حياتهما، فضلاً عن جهل الرجل بنفسية المرأة، والتقلبات السيكولوجية التي تمر بها.

وأكدت خبيرة المشورة الأسرية في صندوق الزواج، عائشة الحويدي، ضرورة أن يكون هناك إصلاح لذات البين «لأن هناك آثاراً كبيرة تقع على المجتمع بسبب الطلاق، ولابد من وجود لجان للصلح وإقناع المطلقين باستئناف حياتهم الزوجية».

وأضافت أن ظاهرة الطلاق في المجتمع الإماراتي لم تعد مقصورة على حديثي الزواج، بل تعدتها، إلى الأزواج القدامى، لافتة إلى تزايد حالات الطلاق بين أزواج مرّ على زواجهما أكثر من 10 سنوات.

وطالبت الحويدي بتبني مشروع «ترميم» الأسر المنهارة، ووضع خطة استراتيجية عاجلة لمواجهة هذه الظاهرة، عن طريق تضافر كل الجهود، مشيرة إلى أن إعادة المطلقين لأسرهم يجب أن تكون بمشاركة أناس ثقة، يتمتعون بالقدرة على حفظ الأسرار.

وذكرت المحاضرة في برنامج «إعداد»، التابع لصندوق الزواج، اعتدال الشامسي، أن الإمارات أصبحت الدولة الأكثر معاناة من الطلاق خليجياً، بعدما وصلت نسبته إلى 36٪ بين العام الماضي، لافتة إلى أن الحاجة إلى برامج لإعادة المطلقين إلى الحياة الزوجية مرة أخرى، أصبحت ضرورية جداً، لمكافحة ارتفاع نسب المطلقات بالمجتمع.

وقالت الشامسي «نحن نوفق بين المطلقين، ولكن بصورة فردية، ومجهود شخصي، ومعظم هذه المحاولات تتم في فترة العدة، لذلك لابد من التفكير في مشروع متكامل على مستوى الدولة، والحكومة، تشارك فيه كل المؤسسات المجتمعية».

وأضافت «نحن في أشد الحاجة إلى دراسة أسباب انتشار ظاهرة الطلاق في المجتمع، والحدّ منها، وإعادة لمّ شمل المطلقين مرة أخرى، وترميم الشروخ التي أدت إلى انفصالهم».

أما الخبير الأسري والمأذون الشرعي، عبدالعزيز الحمادي، فقد حذر من انتشار ظاهرة الطلاق، لافتاً إلى أنه لم يعد مرتبطاً بحديثي الطلاق أو المتزوجين من اجنبيات فقط، وطالب الحمادي الدولة بتبني مشروع حكومي يعالج ظاهرة الطلاق، ويعيد تقريب وجهات النظر بين المطلقين لمساعدتهم على استئناف حياتهم، على أن تتولى هذه المسألة جمعيات اجتماعية، تعمل تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية».

من جانبها، قالت مدير عام مؤسسة صندوق الزواج بالإنابة، حبيبة عيسى الحوسني، إن طبيعة عمل الصندوق لا تختص بالمطلقين أو بخلافات الزوجين ومحاولات الصلح بينهما، بل هي من اختصاص المحاكم.

وأكدت حرص الصندوق على تقديم الدعم المالي والتوعية اللازمة للمقبلين على الزواج، والإسهام في تكوين الأسرة الإماراتية القائمة على أسس سليمة، لتحقيق التماسك والاستقرار، مشيرة إلى تبني الصندوق برنامج «إعداد» للمقبلين على الزواج، لتفادي اكتشاف خلافات وفوارق بينهما قد تدفعهما إلى الانفصال مستقبلاً، وأوضحت أن البرنامج يشتمل على دورات تدريبية معتمدة للشباب الذين لديهم استعداد لزيادة المعرفة والوعي بمفهوم الزواج، وتقدير أهمية الخطوة التي سيقبلون عليها، لتوضيح التغيرات التي ستطرأ عند دخولهم حياة جديدة، مغايرة لحياتهم السابقة التي عاشوها في كنف آبائهم.

أما الأخصائية الاجتماعية، المستشارة الأسرية في هيئة تنمية المجتمع، وداد لوتاه، فقالت إن دور وحدات التوجيه الأسري يقتصر على محاولة حلّ المشكلات، ومنع وقوع الطلاق، وينتهي دورها عقب وقوعه، لافتة إلى أن وحدة الاستشارات الأسرية تقدم استشارات مجانية للأزواج الراغبين في تلقي النصيحة والمشورة، لحلّ الخلافات بينهما قبل أن يؤدي استفحالها إلى الطلاق، وأكدت أنها تنجح في إصلاح كثير من حالات الخلاف.

وقالت لوتاه إن الدور الذي تقوم به الوحدة في الإصلاح بين الزوجين وحلّ المشكلات الأسرية، من شأنه الحدّ من معدلات الطلاق التي تصل إلى المحكمة، وغالباً ما تكون الأسباب بسيطة، ويمكن حلّها، وإيجاد طرق للصلح بين الطرفين، مؤكدة أن الوحدة تهدف إلى التواصل مع الأسر بصورة دائمة، وحلّ المشكلات الأسرية على اختلاف أشكالها، ومنها الطلاق.

وأضافت أن «محاولات الإصلاح تكون فردية وبمجهود شخصي، بعد الطلاق» متابعة أن «كثيراً من الزوجات يندمن عقب انفصالهن عن أزواجهن، ويتصلن بي، ويطالبنني بالاتصال بمطلقيهن، ومحاولة إعادة الحياة الزوجية بينهم قبل نهاية فترة العدة»، وأيدت لوتاه فكرة إنشاء صندوق «ترميم» لإعادة المطلقين للحياة الزوجية مرة أخرى، حرصا على استمرار الحياة الزوجية، وإعادتها إلى مسارها في حال وقوع مشكلات أو انفصال بين الطرفين.

تويتر