أكد أن دراسة تعدّ حالياً لمراجعة استقدام العمالة الماهرة من الخارج

غباش: 80٪ من وظائف القطــاع الخاص غير جاذبة للمواطنين

معظم فرص العمل في الدولة هــــــــــــــــــــــــــــــــــي لعمالة متدنية المهارة وليست محل إقبال من المواطنين. تصوير: دينيس مالاري

قال وزير العمل ورئيس مجلس أمناء هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية (تنمية) صقر غباش، إن «80٪ من الوظائف المسجلة في وزارة العمل غير جاذبة للمواطنين، وتتركز في المستويات المهارية الدنيا، فيما لا تزيد نسبة الوظائف المؤهلة لاستقطاب مواطنين على 20٪، والتي تشكل نحو 800 ألف وظيفة من إجمالي ثلاثة ملايين و800 ألف عامل مسجل في الوزارة».

وأضاف وزير العمل في مداخلته خلال الملتقى الرابع لنادي الموارد البشرية في دبي نهاية الأسبوع الماضي، أن «تعدد أسواق العمل في الدولة أخلّ بالسوق، وأدى إلى سياسات متباينة صعّبت عملية ضبطه وتوجيهه»، داعياً إلى توحيد أسواق العمل في الدولة تحت مظلة واحدة.

وكشف عن أنه تتم حالياً دراسة تعديل سياسات استقدام العمالة، التي تتم حالياً من قبل وزارة العمل بتكليف من مجلس الوزراء، للوصول إلى صيغة جديدة لاستقدام العمالة، محورها المواطن، بما يدعم مشاركة المواطنين في المجال الاقتصادي، لافتاً إلى أنه لابد أن تكون هناك جهة واحدة معنية بتصاريح الاستقدام، وفي غير ذلك سيكون هناك نوع من التباين في هذه السياسات، مشيراً إلى بدء دراسة إعداد مشروع التأمين ضد التعطل من قبل هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية، الذي يعد عنصراً مهماً في تعديل مشاركة المواطنين في القطاع الاقتصادي.

وتفصيلاً: أكد وزير العمل أن «مجلس الوزراء وافق على تخصيص 440 مليون درهم لصندوق خليفة لدعم التوطين»، مبيناً أن «تنمية» انتهت من إعداد النظام الأساسي لصندوق خليفة لدعم التوطين، الذي يتضمن مختلف اللوائح والضوابط الناظمة لعمل الصندوق، التي تسهم في تحقيق الفائدة القصوى من هذا الصندوق.

وأوضح الوزير أن «تعديل مشاركة المواطنين في القطاع الخاص لا يمكن علاجها إلا من خلال الوقوف على جذور المشكلة ومسبباتها الرئيسة»، لافتاً إلى أن أي معالجة غير شاملة ومتكاملة سيكون أثرها ضعيفاً ومحدوداً، كما حصل في التجارب السابقة.

وقال غباش إنه رفع إلى مجلس الوزراء مذكرة تناولت تشخيص مشكلة التوطين وجذورها وأسبابها، وطرحت استراتيجيات وبرامج قصيرة ومتوسطة لمعالجتها.

تحديات

أشار غباش إلى أن نمط التنمية الاقتصادية في الدولة بوصفه تحدياً أساسياً ومدخلاً مشتركاً مع بقية التحديات التي تواجه زيادة مشاركة المواطنين في القطاع الاقتصادي في الدولة، يحدد عدد ونوعية الوظائف المعروضة في سوق العمل، مشيراً إلى أن «معظم فرص العمل المعروضة التي نتجت عن نمط التنمية الاقتصادية في الدولة هي لعمالة متدنية المهارة، وتالياً متدنية الأجر، وهي ليست محل إقبال من المواطنين أو الشباب العرب».

المستوى الأدنى

قال وزير العمل إن «50٪ من العمال المسجلين في الوزارة يتركزون في المستوى المهاري الأدنى (الخامس)، ويشكلون نحو مليون و800 ألف عامل، فيما يشكل العاملون في المستوى المهاري الذي قبله (الرابع) نحو 29٪ من إجمالي العمالة، أي نحو مليون و200 ألف عامل، أما المستويات المهنية المهيأة لاستقبال المواطنين فتبدأ من المستوى المهاري الثالث، الذي تبلغ نسبة العاملين فيه نحو 11٪، والثاني الذي لا يتجاوز عدد العاملين فيه 2٪، والأول الذي تبلغ نسبة العاملين فيه 7٪.

ولفت الوزير إلى صعوبة منافسة المواطنين في المستوى المهاري الأول الذي يعتمد على خبرات طويلة في مجالات تقنية فيما عدا عدد قليل منهم.

 

فروق بين العام والخاص

ذكر وزير العمل صقر غباش أنه ومن خلال دراسات وزارة العمل تم التعرف إلى الفروقات بين القطاعين العام والخاص، التي تأتي في الدرجة الأولى من حيث الأجور والحوافر الوظيفية المختلفة. وأوضح أن أجر الجامعي في الحكومة الاتحادية نحو 21500 درهم، فيما في الحكومة المحلية يصل إلى 26900 درهم، أما في القطاع الخاص فإنه يراوح بين 8500 و17500 درهم، وأما بالنسبة إلى ساعات العمل فإنها في القطاع العام تبلغ ست ساعات، فيما في القطاع الخاص تصل إلى ثماني ساعات، وأما بالنسبة لأيام الإجازات فإنها في القطاع الخاص 30 يوماً وفي العام تراوح بين 30 و45 يوماً، وبالنسبة للإجازة المرضية المدفوعة فتصل إلى سنة كاملة في القطاع العام، وفي الخاص 15 يوماً فقط، وأما بالنسبة لأيام العطل الرسمية فهي 10 أيام في القطاع الخاص، مقابل 14 يوماً في العام، إضافة إلى أنه في القطاع العام لا يوجد ما يشجع على التميز في الأداء بينما القطاع الخاص يقوم على تقييم الأداء. وأكد غباش على المضي قدماً في تنفيذ منظومة متكاملة من البرامج والسياسات التي تتضمن معالجات قصيرة وبعيدة المدى، لتحديات سوق العمل، بهدف تحقيق مشاركة فاعلة للموارد البشرية المواطنة، وتخطي مسببات البطالة، مشدداً على أهمية الشراكة بين الجهات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص على قاعدة المسؤولية التضامنية.

ووصف الوزير مشاركة المواطنين في سوق العمل بالتحدي الثاني، مبيناً «أنه يرتبط ارتباطاً مباشراً بسياسات استقدام العمالة، التي ترتب عليها زيادة الباحثين عن عمل في السوق، الأمر الذي نتج عنه تدني أجور مختلف الوظائف التي لم تعد مرغوبة بالنسبة للمواطنين، خصوصاً مع زيادة الفارق المالي والاجتماعي بين وظائف القطاع العام والخاص، وعزوف المواطنين عن القبول بوظائف القطاع الخاص».

وأشار غباش إلى سوق العمل الداخلي وجاذبيته لأصحاب المهارات العليا، من خلال سهولة الانتقال أو صعوبته، لافتاً إلى أهمية تلك السياسات بالنسبة لأصحاب الكفاءات الذين تتنافس الدول على استقطابهم، ومن المبالغ فيه أن نقول إنه ترتب على صاحب العمل تكاليف تدريب، لأن تلك العمالة مدربة وخبيرة، ولا تمكن معاملتها بطرق منع الانتقال.

وأكد الوزير صيانة الحقوق الأساسية للعمالة، بوصفها تحدياً آخر، غير أنه أكد أن الإمارات أنجزت الكثير من الخطوات الإيجابية الخاصة بصيانة حقوق العمالة، كما أن دستور الدولة يشير صراحة إلى ذلك، عن التصريحات الصادرة عن القيادة السياسية التي تؤكد التزام الإمارات بالمعايير الدولية في صيانة حقوق العمالة.

كما لفت غباش إلى وحدة سوق العمل بوصفها أحد تحديات التوطين، مشيراً إلى أن للدولة خصوصيتها من خلال التركيبة الاتحادية والمحلية وتوزع السلطات وفقاً لذلك، ما نتج عنه وجود أسواق عمل، وليس سوق عمل واحدة، مبيناً أنه تحد بالغ الأهمية، لأن الضوابط والقوانين التي تضعها الوزارة تؤثر بشكل محدود بسبب عدم شمولها بقية أسواق العمل، كما أن المنافذ الأخرى أصبحت مستفيدة من الشروط والضوابط التي تضعها الوزارة، لأن أصحاب العمل يجدون فيها تقييداً مبالغاً فيه ويلجأون إلى تلك المنافذ.

عنصر النجاح

قال الوزير إن «العنصر الرئيس في النجاح هو تطوير شراكة حقيقية بين الجهات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص، وأن تكون مسؤولية دعم مشاركة المواطنين في الاقتصاد تضامنية بين مختلف الأطراف».

وأضاف أنه لابد أن تكون المعالجات جذرية وشاملة في مثل هذا التوقيت والظروف، وأن تكون هناك منظومة من البرامج والتشريعات تعالج الجانبين العاجل والآجل، وفي غير ذلك سنكون حملنا أياً من السياسات أكثر مما تحتمل، ما لم تكن المنظومة مترابطة فستبقى المعالجات كأنها مسكنات.

ولفت إلى أن القطاع الخاص يحظى برعاية الدولة من خلال الخدمات والتسهيلات، خصوصاً أن الضرائب غير موجودة في الإمارات، لذا لابد أن يتحمل مسؤوليته في التوطين، مشيراً إلى ضرورة أن لا يبقى التوطين حكراً على الحكومة الاتحادية.

صعوبات

أشار غباش إلى ضرورة تقييم سياسات التنمية المتبعة وتعديلها بما يتوافق والمرحلة المقبلة، على أن يكون المواطن محورها الأساسي، مبيناً أن استمرار السياسات المتعلقة بتوظيف غير المواطنين لفترات طويلة بسبب معاناة الدولة من بعض الحرمان قبل ظهور الثروة النفطية، والسعي إلى التعويض واللحاق بالدول المتقدمة، أنتج سياسات متساهلة في استقدام العمالة الأجنبية بسبب سياسات التنمية، التي مكنت الإمارات من الوصول لما هي عليه اليوم.

وتحدث عن الفجوة بين القطاعين العام والخاص، مؤكداً أنها عنصر رئيس في عدم نجاح سياسات التوطين، فحتى لو توافرت فرصة العمل في القطاع الخاص فإن المواطنين يفضلون انتظار فرصة في القطاع العام.

ودعا غباش إلى «دراسة واضحة وشاملة لإعادة توجيه الدعم الحكومي للعمالة واستغلاله الاستغلال الأمثل، لأنه من الصعب الانتقال من الاقتصاد الحالي إلى المعرفي من دون دراسة الكلفة، مبيناً أن «الدولة تدعم كل عامل بنحو 11 ألفاً و500 درهم سنوياً، أي نحو 50 مليار درهم سنوياً، وذلك بسبب طلب الاقتصاد للعمالة غير الماهرة متدنية الثقافة والأجر، ما يرتب تكاليف أمنية واجتماعية أخرى».

وأضاف أن تلك العمالة تخلق اقتصادها الخاص الذي يكتسب دفعاً ذاتياً، وهو ما نلاحظه من انتشار المطاعم الرخيصة الخاصة بتلك الشريحة، وذلك لأن الدولة تتحمل أعباء العمالة الرخيصة التي يفضلها أصحاب العمل لتقليص التكاليف عليهم.

حماية اجتماعية

ركز غباش في تحديد الصعوبات على الحماية الاجتماعية للمواطنين في القطاع الخاص، وشموله في مظلة التأمينات الاجتماعية، وتسهيل الانتقال بين القطاعين العام والخاص في ظل سوق عمل موحدة وليس أسواقاً متعددة، فضلاً عن أهمية قانون التعطل في الاستقرار النفسي للمواطن ودفعه للعمل في القطاع الخاص، خصوصاً أن مواطنين يفضلون القطاع الحكومي بسبب الاستقرار الوظيفي وضمان استمرارية الأجر.

وأشار غباش إلى مبالغة الجهات المعنية في وصف الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل قائلاً «جميعنا خريجو هذا التعليم ونعتز بذلك»، موضحاً أن تطوير التعليم مسألة طويلة المدى، وهي تتم بشكل مستمر، غير أن تعميم نظرية أن مخرجات التعليم لا تتناسب وسوق العمل مسألة مبالغ فيها، وهو يشبه من يقول لست مسؤولاً عن التوطين بعد ذلك، ويرمي المسؤولية على غيره، خصوصاً أن العمالة القادمة من الخارج والمديرين وأصحاب الشركات وغيرهم خريجو التعليم نفسه، لافتاً إلى وجود جامعات مهمة في الدولة تقدم أرقى النتاج التعليمي.

إجراءات عاجلة

ذكر وزير العمل أن «عدد المواطنين الذين سيدخلون سوق العمل سيصل إلى 100 ألف مواطن، من أصل 200 ألف مواطن سيبلغون سن العمل خلال السنوات الـ10 المقبلة»، مؤكداً أنه يتم اتخاذ إجراءات قصيرة وطويلة المدى لمعالجة هذه المسألة التي تحتاج إلى بذل الاهتمام، وبما يسهم في تأمين الوظائف الملائمة للمواطنين في سوق العمل لاسيما في القطاع الخاص.

وأوضح أن «الدراسات التي أجرتها وزارة العمل و«تنمية» تشير إلى أن عدد المواطنين الذين سيبلغون سن العمل سيصل في العام 2021 نحو 200 ألف مواطن، فيما سيبلغ عدد المواطنين الذي سيدخلون سوق العمل منهم 100 ألف في الفترة ذاتها، وهذا ما يقودنا إلى وضع الإجراءات التي تسهم في تأمين الوظائف وفرص العمل المناسبة لهذه الأعداد الكبيرة التي تدخل سوق العمل.

وتابع أنه تم اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذه الموضوعات، إذ تم رفع مذكرة إلى مجلس الوزراء تتناول جميع الجوانب المتعلقة بالمشكلة، وتم تقديم المعالجات المقترحة لها، وتم إقرار مجموعة من القرارت السريعة أو قصيرة المدى، التي تعتمد على وضع برامج سوق العمل النشط، والعمل على تشغيل 5000 مواطن باحث عن العمل سنوياً، وتقديم الدعم المباشر للمواطن ولصاحب العمل ولمدة محدودة، الذي يستقطب المواطنين للعمل في منشأته. وأكد أن «إنشاء صندوق خليفة لدعم التوطين يمثل إحدى الخطوات العاجلة، لتمكين الموارد البشرية المواطنة المدربة من العمل في مختلف القطاعات الاقتصادية، نظراً لكونه يعزز الطلب على العمالة المواطنة، ويسهم في تطوير برامج في سوق العمل التي تعنى بتمكين المواطنين من العمل والإسهام في مسيرة التنمية، ويطلق عليها برامج سوق العمل النشطة، التي تتمثل في وضع خطط لتشغيل الباحثين عن العمل.

وأوضح أن استحداث النظام الجديد لتصنيف منشآت القطاع الخاص، الذي يأتي ضمن مبادرات وزارة العمل الرامية إلى تنفيذ استراتيجيتها، يعتبر خطوة أخرى في إطار معالجات سوق العمل في المدى القصير، إذ يسهم في دعم مسيرة التوطين نظراً لأنه استحدث فئة تصنيف جديدة للمنشآت، هي (الفئة الأولى) برسوم تصاريح مخفضة للعمال الوافدين الذين يعملون في المنشآت التي تلتزم بتوطين 15٪ من الوظائف ضمن العمالة الماهرة، إذ تحظى الفئة الأولى بمزايا تفضيلية تحفز أصحاب العمل على إتاحة فرص عمل جديدة للموارد البشرية الوطنية، وتوسع قاعدة العمل للمواطنين، و10٪ من العمالة الماهرة في المنشآت المصنفة من الفئة الثانية. وأشار إلى أنه إضافة إلى الإجراءات العاجلة فإن هناك إجراءات آجلة أو سيتم تنفيذها على المدى الطويل، قائلاً إن «هذه الإجراءات تركز على وضع سياسات تشتمل على ضوابط توظيف العمالة الوافدة، وإعادة توحيد بوصلة استقدام العمالة، ووضع سياسات عمل جديدة تقوم على أن يكون المواطن هو المركز والأساس في سوق العمل، إضافة إلى تعزيز المواطن في القطاع الخاص، وتعزيز استقطاب المهارات والكفاءات وأصحاب الخبرات العالية، بما يدعم الانتقال إلى اقتصاد المعرفة وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة، وتعزيز تنقل العمالة داخل سوق العمل، وتوحيد سوق العمل من خلال خصر إصدار تصاريح العمل من جهة واحدة».

كما بين أنه سيتم وضع سياسة جديدة تستهدف تحفيز المواطنين في المشاركة في القطاع الخاص، من خلال سياسة حماية اجتماعية متكاملة وتطوير القطاع العام، ومشروع قانون التأمين ضد التعطل، عن العمل، ومراجعة قانون التأمينات الاجتماعية بما يعزز مرونة تنقل العمالة المواطنة بين القطاعين العام والخاص، وإصلاح شروط الالتحاق بالعمل بما يعزز إقبال المواطنين على العمل في القطاع الخاص. وبين أن من أهم عوامل النجاح في هذه السياسات هو التركيز على المعالجات الشاملة التي تعالج جذور المشكلات، من خلال اعتماد منظومة متكاملة من البرامج والسياسات تتضمن معالجة آنية ومدروسة، وتطوير شراكة حقيقية بين الجهات الاتحادية والمحلية على قاعدة المسؤولية التفاعلية والشراكة مع القطاع الخاص واعتماد آليات لترسيخ ذلك.

تويتر