استقالات في شركات.. و« العمل » تؤكد استمرار العقود محددة المدة حتى انتهائها

خبراء: التعديلات الجديدة تحدّ من هروب العمال

إجراءات «العمل» الجديدة تأتي في سياق استحداث نظم تتناسب مع المعطيات الجديدة للاقتصاد العالمي. أرشيفية

أفاد خبراء وأصحاب عمل ومتخصصون لـ«الإمارات اليوم» بأن التعديلات التي أدخلتها وزارة العمل أخيراً على إجراءات نقل كفالة العمال بين منشآت القطاع الخاص، وإلغاء صلاحية الكفيل على انتقال العامل، ستحد من هروبهم، وتعيد توازن القوى بين طرفي العمل، وتفتح المجال أمام سوق العمل لاستقطاب المزيد من الشركات العالمية، نظراً للمرونة التي ستكتسبها السوق بعد دخول هذه الإجراءات حيّز التطبيق، فيما أكّد بعض أصحاب عمل أن القرار بحاجة إلى المزيد من التوضيح، خصوصاً أن هناك منشآت صغيرة شهدت خلال الساعات الأولى من الإعلان عن القرار موجة استقالات جماعية من عمال أكملوا عامين في وظائفهم، لكنهم لم يتموا بعد مدة عقد العمل المحددة بثلاث سنوات.

وأكدت وزارة العمل أن هناك حالة من سوء الفهم طالت بعض العمال نتيجة تضارب الجهات التي تناقلت الخبر بلغات مختلفة، مشيرة إلى أن العمال المتعاقدين بعقود عمل محددة المدة لا يستطيعون الإخلال بالعقد والاستقالة بحجة أنهم أكملوا مدة العامين، وفي حال طالبوا بإلغاء بطاقاتهم سيتم توقيع عقوبة الحرمان عليهم، أمّا إذا كانت العقود غير محددة المدة وأكمل أصحابها مدة سنتين لدى الكفيل فمن حقهم الانتقال إلى أي عمل آخر دون ممانعة.

وتفصيلاً، قال عضو المجلس الوطني الاتحادي يوسف عبيد النعيمي، الذي تقدم بسؤال إلى وزير العمل حول تعديل نظام الكفيل منذ نحو أسبوع، إن الإجراءات الجديدة تمس بشكل مباشر سمعة الإمارات في الخارج، وتخاطب المنظمات والجهات الخارجية بالدرجة الأولى، من حيث الرسالة التي تبعث بها، بأن الدولة لا تحد من حرية أي عامل في اختيار عمله، مضيفاً أن «المدة التي حدّدها القرار متوازنة، إذ تم تقليص المدة من ثلاث سنوات إلى سنتين للسماح للعامل بالانتقال من شركة إلى أخرى، وهذه المدة كافية لأن يحصل صاحب العمل على الكلفة المالية التي تكبدها نظير جلب العامل من بلاده».

وأضاف النعيمي أن «القرار يشير إلى المضي في الطريق الصحيح، إلا أن هناك العديد من الإجراءات التي لابد من استكمالها للوصول إلى النموذج الأفضل، خصوصاً في ما يتعلق بموضوعات مثل تأشيرة الإقامة، والحرمان من العمل».

ورأى المدير الإقليمي لشركة «بيت دوت كوم» عامر الزريقات، أن هذه الإجراءات تأتي في سياق استحداث إجراءات ونظم تتناسب مع المعطيات الجديدة للاقتصاد العالمي، الذي لعبت فيه الأزمة المالية العالمية دوراً بارزاً في السنوات القليلة الماضية، خصوصاً أن هذه الأزمة فاجأت العديد من دول المنطقة التي لم تكن مهيأة للتعامل معها، لذا فإن هذه الإجراءات أخذت في الاعتبار بعض الطوارئ التي فرضتها الأزمة.

ولفت إلى أن الإجراءات الجديدة ضرورية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية والشركات العالمية، وإبقاء الإمارات نقطة جذب في المنطقة، كما تعزز التنافسية بين هذه الشركات، وقبل ذلك كله تحسين نوعية سوق العمل عن طريق التركيز على استقطاب أصحاب المهارات. وأضاف زريقات أن تحديد مهلة السنتين حداً أقصى لبطاقة العمل يتناسب تماماً مع المعطيات الحالية للسوق.

وذكر مسؤول العلاقات العامة في شركة زبلن الإلمانية المتخصّصة في الإنشاءات والطرق وأعمال البناء، حسين ماجد المنهالي، أن «القرار يصب بالدرجة الأولى في مصلحة استقرار سوق العمل وأطراف العملية الإنتاجية»، مشيراً إلى أن الشركات الملتزمة التي تمنح العمال حقوقهم دون انقطاع وتوفر لهم بيئة العمل المناسبة ستكون في وضع تنافسي جيد، مقارنة بغيرها.

وأضاف أن كثيراً من العمال لديهم الاستعداد للاستمرار في بيئة عمل مريحة، حتى في حال كانت الحوافز المادية أقل، كما أن إجبار العامل على الاستمرار في عمل لا يرغب فيه سيؤدي إلى انخفاض إنتاجيته، وبالتالي التأثير سلبيا في الشركة التي تكفله.

ويرى المستشار العمالي هادي مصطفى عبده، أن تسهيل إجراءات انتقال العمالة بين الشركات سيؤدي إلى القضاء على ظاهرة هروب العمالة، لافتاً إلى أن إحصاءات الوزارة تشير إلى استقبال عشرات الآلاف من بلاغات الهروب من الكفلاء سنوياً، والسبب الأول في ذلك يعود إلى عدم رغبة أحد الطرفين في استمرار العلاقة، وتابع أن «كثيراً من العمال كانوا يهربون من كفلائهم قبل انتهاء مدة العقد لعلمهم المسبق بأن كفلاءهم لن يسمحوا لهم بالعمل لدى الغير».

وأكمل عبده أن هناك المزيد من النقاط القانونية التي ستطالب الوزارة بتوضيحها خلال الفترة المقبلة، منها على سبيل المثال شرط عدم المنافسة الذي يسجله كثير من الشركات في عقود عمل موظفيها، والذي تمنعهم بمقتضاه من العمل لدى شركات منافسة داخل الدولة، وهناك شركات تضع شرطاً لمنع الموظف من العمل داخل الدولة لمدة عام من تاريخ الإلغاء.

استقالات جماعية

إلى ذلك، قال أصحاب عمل، أمس، إن عمالهم قضوا أغلب أوقات العمل أمام المواقع الإخبارية باللغات الأوردية والهندية والفارسية وغيرها، إذ انتقل الخبر بين أوساط العمال في ساعات قليلة، وقالت صاحبة شركة أزياء مواطنة، إن أربعة عمال من إجمالي ستة يعملون في الشركة تقدموا باستقالاتهم بعد اطلاعهم على الإجراءات الجديدة.

وأفادت بإنها اتصلت بالمستشار القانوني لوزارة العمل لكنها لم تحصل على إجابة واضحة حول استفساراتها، إذ إنه في حال تطبيق الإجراء كما تم الإعلان عنه بعد أسبوع من الآن، فإن شركات ومنشآت كثيرة ستتعرض للإغلاق نتيجة استقالة موظفيها، وطالبت بمد الفترة حتى تتمكن أغلب الشركات من توفير البديل المناسب للأماكن الشاغرة. وأفاد محمد عمر، صاحب مكتب طباعة في أبوظبي بأنه فوجئ بطباعة موظفي المكتب إعلان الوزارة وتعليقه في أماكن بارزة داخل المكتب، وعندما طلب من أحدهم نزعه عن الحائط تطاول عليه بألفاظ غير لائقة للمرة الأولى منذ التحاقه بالعمل، وهو ما أكده صاحب «ملحمة» بمنطقة الخالدية، مؤكداً أنه تلقى أسوأ معاملة من جانب العمال منذ فتح المنشأة حتى الآن، حيث تعمّد أحد العمال التهاون في العمل وإظهار اللامبالاة. وأوضحت وزارة العمل أنها لم تقم بتعطيل أو تغيير أية بنود خاصة بالجزاءات والعقوبات التي توقع على العمال المخالفين، أو المتهاونين في أداء واجباتهم، مشيرة إلى أن «صاحب العمل له الحق في توقيع العقوبة القانونية المناسبة على العامل المتهاون أو المتكاسل عن أداء واجبه، بداية من الإنذار الكتابي وحتى الفصل من العمل طبقا للمادة 120 من القانون، وفي هذه الحالة سيتم حرمانه من العمل باعتباره غير مطابق لشروط منح حق الانتقال لأي عمل آخر».

تويتر