دراسة تؤكد أن كُلفة العمالة الأجنبية في الدولة 50 مليار درهم سنوياً

غباش: «الكفيل» نظام قانوني سـليم.. والسلبيات في الممارسة

حجم العمالة في القطاع الخاص يتجاوز 4 ملايين شخص. تصوير: باتريك كاستيلو

قال وزير العمل، صقر غباش، إن نظام الكفيل، نظام قانوني تأخذ به الدولة، كما هي الحال في معظم دول العالم، مشيراً إلى «الخلط الشائع بين مفهوم الكفيل كنظام قانوني، والممارسات السائدة المرتبطة بالنظام»، وفق تعبيره.

وأكد خلال ندوة عقدتها الوزارة ومجلس دبي الاقتصادي، أمس، تناولت موضوع الاجور وكلفة العمالة، أن الانتقادات يجب أن توجه إلى الممارسات، لا إلى النظام نفسه، وتابع «يجب أن نتفق على أن النظام قانوني سليم، ومطبق في معظم دول العالم، ولنتوجه إلى البحث في الممارسات السلبية المرتبطة به».

وقال غباش رداً على مداخلة ربطت بين نظام الكفيل، والتوطين، «إذا كان نظام الكفيل يسمح لصاحب العمل بالتحكم بالعامل لفترة طويلة، مع عدم إعطائه الأجر الذي يستحقه، وفق أسعار السوق، فإنه بذلك يضرّ بالمواطن، الذي يكون هذا العامل قد أخذ فرصته في العمل»، ورأى أن «تقليص الفارق في الراتب بين المواطن والوافد، يسهل عملية التوطين وقبول المواطن بوظائف القطاع الخاص، فضلاً عن أن الشركات نفسها ستسعى إلى استقطاب المواطن».

ولفت غباش إلى أن التفاوت في الرواتب الحكومية المحلية والاتحادية ألحق ضرراً بالوزارة «التي فقدت عدداً من الكفاءات التي تركت الوزارة وتوجهت إلى دوائر محلية تقدم رواتب أفضل».

وشهدت الندوة جدلاً حول دراسة قدمها مدير معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية في جامعة زايد، معاوية العوض، وقدمت خلالها أرقاماً حول كلفة العمال في الدولة وربطتها بالإنتاجية.

وأفادت الدراسة بأن الكلفة الاجتماعية السنوية للعمالة الماهرة وغير الماهرة في الدولة تقدر بنحو 50 مليار درهم.

وتشكل العمالة غير الماهرة نحو 80٪ من إجمالي العمالة الأجنبية في الدولة، البالغ عددها نحو أربعة ملايين أجنبي، يعملون في 260 شركة خاصة، إضافة إلى العاملين في المؤسسات الحكومية المحلية والاتحادية.

وقسّمت الدراسة تكاليف العمالة إلى المباشرة التي تدفعها الشركات (الأجور والعلاوات، وتكاليف التوظيف، ورسوم العمل، والتأمين، وتكاليف نهاية الخدمة)، وغير المباشرة مثل الدعم الحكومي للوقود والكهرباء، واستخدام الخدمات العامة، والبنية التحتية، والأمن والمخاطر الاجتماعية وغيرها.

ووفقاً للدراسة، فإن المتوسط السنوي لإجمالي التكاليف الإدراية للعامل الواحد يبلغ 2674 درهماً في العام الواحد، فيما تقدر الأجور والمزايا غير النقدية بنحو 41 ألف درهم سنوياً لكل عامل.

ولاحظت أن كلفة العمالة الماهرة تزيد بسبعة أضعاف عن مثيلتها في العمالة غير الماهرة. وخلصت إلى أن الكلفة الإجمالية للعامل، دون النظر إلى مستوى المهارة، تقدر بنحو 14066 درهماً لكل أجنبي. وفي المقابل يدفع الأجنبي رسوماً سنوية للدوائر الحكومية تقدر بنحو 2507 دراهم.

وقال معدّ الدراسة، إن ما سماها الكلفة الاجتماعية للاجنبي (كل ما تدفعه الدولة للعمالة الأجنبية وأسرها)، تقدر سنوياً بـ11559 درهماً، بعد احتساب قيمة الرسوم المدفوعة للحكومة.

 توصيات

خلصت دراسة كلفة العمالة في الإمارات إلى عدد من التوصيات، من بينها: وضع أسس واضحة للتحكم في نوعية العمالة الوافدة، وليس عددها فقط، إلى جانب دعم الفكرة الرامية إلى ربط مخرجات التعليم بمتطلبات السوق، من خلال فتح قنوات اتصال مع القطاع الخاص، وإنشاء مراكز للتدريب المهني ذات مستوى رفيع، تركز على بناء القيادات و(الكوادر) الفنية الوطنية في مجال تكنولوجيا المعلومات، وكل إنتاج سلعي أو خدمي يقع تحت مفهوم اقتصاد المعرفة.

وأوصت الدراسة بالتوقف عن سياسة الالتزام بتعيين المواطنين في الوظائف الحكومية، وتوجيههم نحو مجالات أخرى، والاهتمام بالتدريب المهني ومراكزه، ونشر الوعي المجتمعي اللازم لتحويل نظرة المواطنين إلى المهن الحرفية وغيرها من المهن التي يعزف العديد من المواطنين عن الاشتراك فيها، وإنشاء وحدة للدراسات الكمية داخل وزارة العمل، من أجل نمذجة اقتصاديات العمل. فضلاً عن إعادة النظر في السلاسل الزمنية التي تنتجها مراكزالإحصاء، وذلك حتى يتم إنتاجها بالطرق التفصيلية التي تخدم أغراض التحليل الاقتصادي. واقترحت إنشاء لجنة مشتركة بين وزارة العمل ودوائر التنمية ومراكز الإحصاء، من أجل ذلك الغرض، لتلافي مشكلة اختلاف أهمية البيانات من الناحية الإحصائية عن أهميتها بالنسبة إلى المحلل الاقتصادي.

وباحتساب كل أنواع الكلف الإدارية منها والاجتماعية، تصل الكلفة الإجمالية للعامل إلى نحو 55 ألف درهم في العام.

وبمقارنة كلفة العمالة مع مستويات الإنتاجية، فإن الدراسة أشارت إلى احتمال حصول القطاع الخاص على معدلات ريع عالية ترتبط بظاهرة تفضيل العمالة غير الماهرة على وجه الخصوص.

ولفتت إلى أن إنتاجية العمالة الماهرة سنوياً بلغت 500 ألف درهم سنوياً، فيما بلغت إنتاجية العمالة غير الماهرة 140 ألف درهم.

واعتبرت الدراسة أن تحول الدولة إلى العمالة الماهرة في إطار الاعتماد المستقبلي على اقتصاد المعرفة سيكلف نحو 22 مليار درهم. ورأت ضرورة إشراك القطاع الخاص بتحمل جزء من هذه الكلفة.

وكان غباش أكد في كلمته الافتتاحية أن الندوة تهدف إلى تشخيص موضوعي لواقع الاقتصاد الإماراتي وتحدياته، وآفاق تطوره، بما يلبي الطموحات التي تم التأكيد عليها في رؤية الحكومة الاتحادية وأهدافها واستراتيجيتها، معرباً عن أمله في أن يتم التوصل إلى فهم مشترك للعلاقة الوثيقة والدائمة بين ركائز النشاط الاقتصادي، من جهة، وخصائص سوق العمل من جهة أخرى، «باعتبار أن السوق هي واحدة من أهم مكونات الاقتصاد الوطني».

وشدد على أن الأوراق والدراسات التي قدمت خلال الندوة لا تتضمن استنتاجات نهائية، وأحكاماً قطعية، وأن الغرض منها أن تكون أساساً لتفاعل فكري حقيقي ومتواصل يأخذ مداه، وبداية لحوار متعمق جاد وشامل، يمهد إلى التوصل لتفسيرات منطقية وعقلانية للبيانات الواردة فيها.

ولفت غباش إلى أن الدراسة التي قدمها العوض، تشير إلى أن كلفة العمالة غير المباشرة تقدر بعشرات المليارات من الدراهم سنوياً، متسائلاً عما إذا كان الدعم الذي تقدمه الحكومة، ينتج عنه مردود اقتصادي واجتماعي يتناسب مع حجم الدعم.

وأكد على أن نمط التنمية بمفهومها الشامل، أي التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والبشرية والاجتماعية هو البوصلة التي توجه سياسات العمل.

ولفت بعض الحضور في مداخلاتهم، تعليقاً على دراسة العوض إلى ما اعتبروه قصوراً في بعض الجوانب، مثل إدراج كلفة الكهرباء ضمن الدعم الحكومي، الأمر الذي لا ينطبق على عدد من إمارات الدولة التي تحقق أرباحاً من بيعها الكهرباء.

كما أشاروا إلى عدم احتساب الدراسة لما وصفوه الكلفة المعنوية للعمالة الأجنبية والجوانب المرتبطة بالبطالة والتركيبة السكانية.


 العمالة الماهرة

اتفق خبراء، قدموا مداخلات في ورشة عمل الأجور وكلفة العمالة، أن على الاقتصاد الإماراتي التحول إلى اقتصاد التنمية، والعمل على استقدام العمالة الماهرة، موضحين أن العمالة غير الماهرة ذات الأعداد الكبيرة، كانت ضرورية في السابق لحاجة الدولة إليها في مشروعات البنية التحتية، لكن مع اكتمال تلك المشروعات يتعين التوجه نحو الاقتصاد المعرفي. وقالوا إن نسبة العمالة غير الماهرة في الدولة تتجاوز الـ80٪، بينما الـ20٪ عمالة ماهرة، مطالبين بالانتقال إلى 60٪ عمالة غير ماهرة و40٪ عمالة ماهرة، الأمر الذي سيكلف الدولة نحو 22 مليار درهم شاملة الكلفة الإدارية والأجور والكلفة المجتمعية. واعتبروا أن الانتقال إلى استقدام العمالة الماهرة، مجدٍ اقتصادياً، نظراً لإنتاجيتها من جهة، ولأنها تستقدم عائلاتها، من جهة أخرى، ما يعني الإنفاق في الدولة، بما يقلص الحوالات المالية التي بلغت 9.1 مليارات دولار للعمالة غير الماهرة (35 مليار درهم).

 بطالة المواطنين

تساءل رئيس جمعية المقاولين، أحمد سيف بالحصا، خلال ندوة كلفة العمالة الأجنبية عن مدى التزام «الجهات المعنية بخطط الحكومة التنموية في ظل النمو الهائل في قطاع المقاولات الذي تجاوز حدود الانضباط»، على حد قوله، وتابع «شهد قطاع المقاولات نمواً كبيراً، لكن لا يمكنه أن يقود عملية التنمية، لأن دوره في خدمة التنمية، التي قال إنها تبدأ بالتعليم والاستثمار في الفرد، وصولاً إلى خلق التميز المعرفي. وأضاف أن استقدام العمالة غير الماهرة، جعل الدولة تحل مشكلة بقية الدول في البطالة والفقر، بينما أصبحت الحاجة ملحّة لحل مشكلة البطالة للمواطنين، من خلال خلق جيل مؤهل لاستلام الوظائف، مع الاستفادة من الخبرات الأجنبية في مجالات يصعب خلق خبرات مواطنة فيها خلال 10 أعوام أو أكثر.

 

تويتر