فتاة تستدين 200 ألف درهم لخطيبها.. وشاب يقترض 800 ألف لحفلة زواجه

مصروفات جانبية تكلف العرسان مــــــبالغ طائلة

صندوق الزواج حذّر من التكاليف غير الضرورية في حفلات الزفاف. تصوير: إريك أرازاس

قال مسؤولون في مؤسسات أسرية محلية وعربية إن الإنفاق على حفلات الزفاف في الدولة يفوق معدلات الإنفاق في جميع دول المنطقة، لافتين إلى أن الشباب المواطنين يتكبدون ملايين الدراهم، ويضطرون للاستدانة من البنوك، ما يعرضهم لمشكلات أسرية عدة، إضافة إلى خطر السجون.

وأكدوا أن الخلافات العائلية وارتفاع معدلات العوانس والزواج بأجنبيات من أهم نتائج المبالغة في مصروفات الزواج، فيما انتقد بعضهم ضعف التنسيق بين المؤسسات الاجتماعية في الدولة لمساعدة المقبلين على الزواج، واقترحوا تنظيم حفلات جماعية وتأجير قاعات وتزويدها بالتجهيزات اللازمة، من تصوير وفستان وعشاء، حيث لا تزيد على 10 آلاف درهم، يستفيد بها الشباب المقبلون على الزواج الذين يتوقع أن يزيد عددهم خلال الصيف الحالي على 2000 عريس على مستوى الدولة، مطالبين بتفعيل الغرامات الواردة في قانون تحديد المهور الذي أصدره المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، البالغة 500 ألف درهم.

وتفصيلاً، وصف رئيس مجلس إدارة منظمة الأسرة العربية جمال البح، التعاون بين المؤسسات الاجتماعية في الدولة بأنه «ضعيف ويفتقر للدقة»، مشيراً إلى أن النتيجة المباشرة لذلك هي «غياب أي عمل اجتماعي حقيقي يوعي الأسر المواطنة بمشكلة غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج».

وأفاد البح بأن المؤسسات الاجتماعية في الدولة إما لا تتوافر لديها إحصاءات تظهر نسبة تأخر زواج المواطنات بسبب غلاء المهور، أو أن لديها إحصاءات ولكنها لا تعلنها.

وعقد البح مقارنة بين مجتمع الإمارات ومجتمعات خليجية أخرى مثل المجتمع الكويتي أو البحريني، ورأى أن الزواج في تلك المجتمعات لا يعد مكلفاً، إذ توفر الحكومة صالات الأفراح مجاناً للشباب، ولا تبالغ الأسر في طلب المهور وتكاليف الزواج.

وأضاف البح أن موسم الصيف الحالي سيشهد تزويج أكثر من 2000 شاب مواطن، وأن إلغاء المصروفات غير الضرورية قد يوفر 100 مليون درهم على الاقل، داعيا الأمهات تحديداً إلى عدم المبالغة في طلبات تجهيز العروس، والفتيات إلى فهم أن الحياة الزوجية قائمة على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وليس على المظاهر.

واستدانت فتاة مواطنة من دبي مبلغ 200 ألف درهم من البنك وأعطته لخطيبها ليقدمه مهراً لوالدها عندما علمت أن خطيبها عاجز عن تقديم هذا المهر لوالدها، وفقاً للمستشار في العلاقات الزوجية عبدالله الأنصاري ، الذي أشار إلى أن هذه واحدة من بين فتيات كثر يعانين ظاهرة ارتفاع تكاليف الزواج، مشيراً إلى أن بعض الآباء ينظرون إلى الشاب الذي يطلب يد الفتاة للزواج بها على أنه طامع في مال والدها، لذلك يلجأون إلى فرض هذه المهور الغالية على الشباب.

تحت الطاولة

قالت المستشارة الأسرية في هيئة تنمية المجتمع في إمارة دبي وداد لوتاه، إن المشكلة القائمة ليست في المهور، لأنها محددة بقرار من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بمبلغ 20 ألف درهم للمقدم و30 ألف درهم للمؤجل.

لكنها أشارت إلى أن «المشكلة في ما يجري تحت الطاولة، كجهاز العروس الذي قد يصل الى 300 ألف درهم، وفي بعض الأحيان 500 ألف درهم».

وأضافت أن عروساً جلبت خبيرة من لبنان لتزيينها، كلفتها 25 ألف درهم. وقالت إن تكلفة الفرق الموسيقية من العيالة واليولة وغيرها تصل إلى 15 ألف درهم، وإيجار فستان العروس لا يقل عن 20 ألف درهم، فضلا عن «الكوشة» وقاعة الحفلات التي تستأجر لثلاث ليال، مشيرة الى أن هذه المصروفات «مظاهر مبالغ فيها إلى حد كبير».

ولفتت إلى أنها نظرت في قضية شاب تحمل بسبب تكاليف الزواج ديوناً بلغت 800 ألف درهم، مشيرة إلى أن كثيراً من الشباب المواطنين أثقلوا بالديون بسبب تكاليف الزواج، وبعضهم انتهى به الامر إلى السجن.

وحذرت من المشكلات الناجمة عن تزايد تكاليف الزواج، وبينها الخلافات بسبب رغبة الزوجة في الاستقلال في مسكن خاص بها، فمع تراكم الديون بسبب الانفاق على امور أخرى غير السكن تنشأ الخلافات. كما حذرت من «خطر تزايد اعداد العانسات»، فضلاً عن التوتر الذي تخلفه تكاليف الزواج لدى الأسر بسبب الخلافات على الامور المالية، مذكرة بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «أقلهن مهراً أكثرهن بركة». إضافة إلى «لجوء الشباب إلى خيار الزواج بأجنبيات، غير المكلف، وما يرتبط بهذا الامر من احتمالات استغلال بعض الاجنبيات للقوانين الاماراتية، للحصول على الجنسية والمسكن، على الرغم مما يسببه هذا الزواج من مشكلات عدة، وفقا للوتاه، التي رأت أن أحد الحلول لمشكلة ارتفاع تكاليف الزواج هو تعاون الهيئات والمؤسسات والشركات الحكومية ووزارة الشؤون الاجتماعية لتنظيم حفلات الزواج الجماعي، وتأجير القاعات وتجهيزها بالتجهيزات اللازمة، من تصوير وفستان وعشاء، بحيث لا تزيد على 10 آلاف درهم.

صنع المجتمع

وأكد رئيس المجلس الاستشاري الأسري في دبي خليفة المحرزي، أن ظاهرة ارتفاع تكاليف الزواج لاتزال تقف حجر عثرة في طريق تكوين بيت الزوجية، على الرغم من الجهود المبذولة في هذا الاطار.

ورأى أن هذه «الظاهرة المؤرقة» هي من صنع المجتمع نفسه، وتابع «فكم سمعنا عن أعراس تشبه ألف ليلة وليلة في بعض مجتمعاتنا، تكون فيها هدايا الحضور من الذهب أو النقود، والفقرات الاستعراضية من فرق الزفات المصرية الى الفلسطينية الى الخليجية، واستخدام الطيور والخيول، وأعراس فوق الماء وتحته وفي الجو».

وأكد أن دولة الإمارات كانت من الدول السباقة في معالجة هذه المشكلة، عندما أصدر الغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قراراً بقصر الفرح على يوم واحد فقط وحفلة واحدة للرجال وأخرى للنساء. كما حدد القرار، الذي ينص على غرامة تبلغ 500 ألف درهم لمن يخالفه، وعدد الذبائح بتسعة قعدان فقط لأي عرس من أعراس المواطنين الإماراتيين.

وأشار المحرزي إلى ان «العديد من الأسر تتحايل على تلك التشريعات بطرق عدة، لاسباب كثيرة، بينها طمع بعض الآباء، وعدم إدراكهم قيمة الزواج وأهدافه الرئيسة، وعدم تقديرهم لتبعات الانفاق الزائد. محملاً المسؤولية في ذلك للأسر وجهات رسمية لم تطبق القوانين وتركت الامر يستفحل». ورأى المحرزي أن الانفاق الكبير على حفلات الزواج حال دون الزواج المبكر، وعرّض الشباب والفتيات للخطر والفتنة والفساد والسفر إلى الخارج، ما نجم عنه مخالفة شرعية. ودلل على ذلك بالحديث النبوي «إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض».

ودعا الآباء إلى التخلي عن فكرة التعامل مع الزوجة باعتبارها سلعة تباع وتشترى، ما يخل بالمروءة ومكارم الأخلاق. كما دعاهم إلى البحث عن اشخاص مثلهم «كرماء الدين والخلق والطباع».

تساءل: ماذا يغني الفتاة أن تتزوج، ويُدفع لها مهر كبير، إذا تزوجت من لا خلق له ولا دين؟

تيسير

والتقت «الإمارات اليوم» آباء زوجوا بناتهم بمهور ميسرة، بينهم علي عبيد الضنحاني الذي قال إنه زوج ثلاثاً من بناته بمهر لا يتجاوز 3000 درهم، للتخفيف على الشباب أعباء الزواج. ورأى الضنحاني أن الغلاء في المهور يدفع الشباب لاختيار طرق أخرى، كالزواج من أجنبيات، وزواج المسيار وغيره من أشكال الزواج التي تجلب المشكلات.

وأكد أن ظاهرة العنوسة بدأت تتفاقم بين الفتيات، بسبب طلبات الأهل التي لا نهاية لها، من قاعات وحفلات ومظاهر اجتماعية لا قيمة لها.

بدوره، قال راشد خميس راشد، إنه زوج بناته بمهور تراوح ما بين 10 آلاف و15 ألف درهم، أما جهاز العروس فكان بسيطاً، وذلك تقديراً لظروف الشاب، مشيراً إلى أن المغالاة في المهور والمبالغة في تكاليف الزواج تجبران شباباً على اللجوء إلى البنوك والاستدانة منها، حتى يبقى أحدهم طوال عمره تحت رحمة الديون وما ينجم عنها من مشكلات زوجية.

في المقابل اعترف بومايد بأن زواجه كلفه نحو 350 ألف درهم، بين حفلة للخطوبة وأخرى لعقد القران (الملْكة)، وثالثة لليلة الحناء ورابعة للزواج، كان فيها قاعتان واحدة للنساء والاخرى للرجال، فضلا عن المبالغ التي يدفعها الشاب، استجابة لعادات لم تكن موجودة، بينها تكاليف زفة العروس، فضلا عن مطالبة أهل العروس بمبالغ خيالية لجلب فرق عدة موسيقية، ولا يكتفون بفرقة أو اثنتين؛ إلى جانب تكاليف التصوير والاضاءة والذبائح، والفستان والصالونات، مؤكداً أن كثيراً من الشباب يلجؤون إلى البنوك لحل أزماتهم المالية، وتلبية رغبات أهل الزوجة التي لا تنتهي.

تويتر