‏‏‏«الجنسية والإقامة» تؤكد أن التشريعات الحديثة تحد من الظاهرة

كفلاء: سفارات ومكاتب تساعد خادمات على الهرب‏

كفلاء يكتشفون هروب الخادمات إلى سفارات بلدانهن بعد مرور فترة طويلة من العمل لديهم من دون مشكلات. أرشيفية

‏‏قال كفلاء إن خادمات يعملن لديهم هربن ولجأن لسفارات بلادهن أو مكاتب الخدم التي تعاقدت معهن، بعد تكبدهم مبالغ كبيرة بسبب تكاليف سفر وإقامة ورسوم وعمولات للمكاتب، مطالبين الجهات المسؤولة بإعادة النظر في الإجراءات والقوانين المنظمة لتشغيل الخادمات وهروبهن، وعلاقاتهن بالسفارات والمكاتب بعد التشغيل، مؤكدين أن «سفارات ومكاتب خدم تشجع خادمات على الهرب، لتشغيلهن لجزء من الوقت لدى عائلات أخرى».

من جانبه، أكد مسؤول في إدارة الجنسية والإقامة في أبوظبي، طلب عدم نشر إسمه، أن «الإجراءات والتشريعات التي استحدثت في السنوات الأخيرة تحد من ظاهرة هروب الخادمات، إلا أن هناك بعض الأسباب الأخرى التي تشجع بعض الخادمات على الهرب، من بينها توفير العمل لكثير منهن بشكل مخالف، وهو ما دفع الجهات المختصة إلى رفع عقوبات تشغيل المخالف إلى 50 ألف درهم، والسجن والإبعاد».

وأضاف أن أهم الصعوبات التي تواجه الكشف عن هؤلاء المخالفات، صعوبة تفتيش البيوت والمساكن التي يعملن فيها، داعياً المواطنين والمقيمين إلى الإبلاغ عن المخالفين عن طريق الخط الساخن أو الموقع الإلكتروني، متوقعاً أن تختفي هذه الظاهرة أو تقل نسبتها بعد الانتهاء من بعض الإجراءات التي تستهدف إعادة تنظيم هذا القطاع ومن بينها إنشاء شركة موحدة لجلب الخدم.

وحصلت «الإمارات اليوم» على شهادات ووقائع هروب خادمات عدة، تظهر قصصاً مختلفة لأساليب الهرب والعمل لدى جهات أخرى، وذكرت المواطنة أم راشد، أنها عانت من الهروب المفاجئ لثلاث خادمات يعملن في منزلها خلال الأسابيع الماضية، وجميعهن من مكتب واحد، وهربن بعد انتهاء فترة الضمان بأيام قليلة، وهي الفترة التي يتعهد فيها المكتب بتحمل المسؤولية في حال هرب الخادمة أو عدم صلاحيتها للعمل، مضيفة أن اثنتين منهن اتجهتا إلى قنصليتي بلديهما، اللتين تدخلتا لإعادتهما إلى بلديهما.

ولفتت إلى أن إحدى الخادمات عندما جلبتها من بلدها للعمل لديها اكتشفت أن هاتفها المحمول فيه قائمة كبيرة من أرقام الهواتف لأشخاص داخل الدولة، ما يعني أنها قبل قدومها كانت تعرف الطريق الذي ستسلكه جيداً بعد الهرب، ولم يكن مكتب الخدم سوى وسيط لإدخالها إلى الدولة في أمان، رافضة تدخل السفارات الأجنبية لمصلحة الخادمات على حساب الكفلاء، قائلة إن «الخادمة تأتي من دون ملابس أو فرشة أسنان، وتتم معاملتها باعتبارها أحد أفراد العائلة، ولا تنفق فلساً واحداً من راتبها وإنما تدخره أو تحوله إلى بلادها، ومع ذلك تهرب للعمل في بيوت أخرى».

وقالت مريم الظاهري، إنها اكتشفت هروب خادمتها نهاية العام الماضي ولجوءها إلى سفارة بلدها، بعد قضائها عاماً كاملاً من دون أي مشكلات، وادعت أنها تعرضت للتعذيب وسوء المعاملة، وهي بالطبع افتراءات كاذبة، وكل ما حدث أن صديقها طلب منها العودة فاستجابت له، بعد أن رفضت منحها سلفة مالية لإرسالها له، وبعد هروبها وترحيلها اكتشفت سرقتها لمشغولات ذهبية.

وتابعت أن خادمتها استطاعت خلال عام واحد شراء بيت في بلدها، إذ كان راتبها 1000 درهم شهرياً لم تنفق منه فلساً واحداً داخل الدولة.

وأفاد عبداللطيف عواد، بأنه اكتشف بعد هروب خادمتين كانتا تعملان لدى أسرته أنهما استطاعتا الخروج من الدولة على الرغم من احتفاظه بجوازي سفرهما عن طريق السفارة، وقالت زميلات لهن إنهما عادتا لبلديهما بوثائق سفر عن طريق السفارة، وهو ما يعني وجود حلقة مفقودة أو ثغرة يجب سدها، لمنع تكرار هذه الحوادث، مؤكداً أن الخادمتين سبق لهما الهرب من السعودية بعد فترة عمل وجيزة هناك، مطالباً الجهات المسؤولة بإيجاد تشريعات موحدة للدول الخليجية في هذا الصدد، بحيث يتم منع الخادمة التي سبق لها الهرب من الكفيل في إحدى دول الخليج من العمل مرة أخرى في بقية الدول.

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/106307.jpg

 ‏أسباب الهرب

‏اعتبر الملحق العمالي في السفارة الفلبينية، ناصر منذر، أن السبب الرئيس وراء هرب نسبة كبيرة من الخادمات في الإمارات، هو عدم التزام الكفلاء بعقود التوظيف الموقعة مع الخادمات، والتي تتضمن الراتب والإجازات وتوفير وسيلة الاتصال بالأهل وساعات العمل وغيرها من الالتزامات، إذ لاحظت السفارة أن «معظم الهاربات لديهن أسباب تتعلق بطبيعة العمل وزيادة ساعاته، وعدم دفع الرواتب في موعدها، إضافة إلى بعض الحالات التي تعود لأسباب شخصية». ونفى منذر أن تكون السفارة على علم بنية الخادمات قبل هربهن أو أنها تشجعهن على هذا السلوك، بدليل أن «السفارة لا تكون طرفاً، بأي حال في أي شكوى تقدمها الخادمة ضد كفيلها»، مؤكداً أن كل ما تفعله السفارة هو تحويل القضية مباشرة إلى إدارة الجنسية، وهي الهيئة الوحيدة صاحبة الحق في الفصل بين الطرفين بعد الاستماع إلى كل من الخادمة والكفيل.

واعتبر مسؤول عمالي آخر في إحدى السفارات في أبوظبي، فضل عدم ذكر اسمه، أن واجب السفارة حماية رعاياها، ومن ثم فإنها تحاول التدخل في حالات كثيرة لفض النزاع بين الخادمة والكفيل بشكل ودي، مع إدارة المنازعات المختصة في الجنسية والإقامة. وقال إنه لا يوجد قانون يرغم أي شخص على العمل ضد رغبته، ولذا فإن الإجراء المتبع هو ترحيل الخادمة الهاربة إلى بلدها بعد لجوئها للسفارة.‏

ممارسات ملتوية

وأكدت المواطنة (أم نايف) أن إحدى خادماتها هاربة منذ خمس سنوات ولم يتم العثور عليها حتى الآن، متهمة بعض مكاتب الخدم بالتستر على الخادمات الهاربات وتشجيعهن، مشيرة إلى أن هناك علاقة واضحة بين فترة الضمان التي يعطيها المكتب للكفيل ضد هروب الخادمة، وبين عملية الهروب نفسها.

وزادت أن اثنتين من خادماتها هربتا بعد مرور فترة الضمان مباشرة، التي تختلف من مكتب لآخر وتتراوح ما بين شهر وثلاثة أشهر، لافتة إلى أن بعض الممارسات الملتوية التي يزاولها بعض المكاتب لاستغلال الكفيل والخادمة إلى أقصى درجة ممكنة، فبعد انتهاء الكفيل من الإجراءات المتعلقة بإقامة الخادمة بما في ذلك الكشف الطبي، تطلب عودتها لبلادها، وترفض العمل، وتالياً تتم إعادتها إلى المكتب، وإرغام الكفيل على دفع مبلغ مالي آخر لاستبدالها، بحجة أن الخادمة الجديدة أكثر خبرة أو أصغر سناً أو أكثر تعليما أو أي شيء آخر، ويبدأ المكتب في تسويق الخادمة الأولى مستغلاً فترة السماح التي تلي إلغاء التأشيرة وهكذا، ويتحمل الكفيل الجديد مبالغ إضافية تتمثل في تعديل وضع الخادمة وبدل المغادرة.

وأيدتها المواطنة (أم سعيد) قائلة إن خادمتيها هربتا معاً منذ فترة وجيزة، فجراً أثناء نومهما، ولم تكتشف الأمر إلا عند بكاء أحد أطفالها ليلاً، وبمساعدة شخص يحمل جنسية دولة آسيوية، وتم القبض عليهما مصادفة، إذ ضبطت الشرطة إحداهما تتشاجر أمام مركز تجاري مع شخص باكستاني، وبعد ضبطها اعترفت على زميلتها الأخرى، وتم ترحيلهما على نفقة الكفيل، وهو ما اعتبرته أم سعيد مكافأة للخادمة على هروبها، لأنها عندما تهرب تحصل على مبالغ طائلة نتيجة عملها المخالف، سواء بالخدمة لجزء من الوقت أو الأعمال الأخرى.

وبينت أن الخادمة الهاربة تحول المال الذي تكسبه أولاً بأول حتى لا يصادر منها عند القبض عليها، موضحة أن إلزام الكفيل بترحيلها على نفقته فيه ظلم له، لأنه ملزم بمصروفات جلب خادمة بديلة لها، مضيفة أن هناك أشخاصاً من جنسيات دول آسيوية ينتشرون في الأماكن السكنية وحدائق الأطفال لترقب الخادمات اللواتي يصطحبن الأطفال للبدء في الاتصال بهن ودفعهن للهرب، لاستغلالهن جنسياً أو تشغيلهن في أعمال مخالفة، إذ اكتشفت أن الشخص الباكستاني الذي ساعدهما على الهرب قد ابتاع لهما تليفونات محمولة وخطوطاً خاصة من دون علم الأسرة.

فيما أكّدت علياء (أم هاجر) أن خادمتها هربت منها أثناء سفرها معها إلى إحدى الدول الأوروبية في رحلة صيفية مع العائلة، وعرفت أثناء إبلاغها السفارة الإماراتية هناك أنها مسألة متكررة، إذ تلجأ بعض الخادمات إلى الهرب هناك.

تقديم ضمان

وقالت مديرة مؤسسة لجلب العمالة المنزلية من الفلبين وإندونيسيا وسريلانكا هبة الله الجمل، إن مكاتب الخدم تنحصر مهمتها في جلب الخادمة وتقديم ضمان لأشهر عدة يختبر فيه الكفيل الخادمة، ولا يتحمل المكتب أي مسؤولية في حال هربها، ونفت أن يكون المكتب قد استقطع أي مبالغ نظير استبدال خادمة، إلا أن هناك بعض الحالات التي تتطلب دفع مبالغ للحصول على خادمة بمواصفات أفضل.

ونفت توفير المكتب خادمات بنظام «عمل إضافي»، مؤكدة أن الإجراء القانوني الوحيد الموجود هو تأشيرة العمل المؤقتة، التي تتيح للكفيل التنازل عن خادمته لمدة ثلاثة أشهر إلى كفيل آخر في ظل شروط معينة.

وتشير دراسة سابقة لغرفة تجارة وصناعة أبوظبي إلى أن العمالة المنزلية داخل الدولة تمثل نحو 5٪ من إجمالي عدد السكان في الإمارة، فيما تشير إحصاءات أخرى لوزارة الداخلية إلى أن متوسط تأشيرات العمالة المنزلية يبلغ نحو 100 ألف تأشيرة سنوياً، وتمثل العمالة الفلبينية والإندونيسية معظمها، كما تتصدر الجنسية الفلبينية المركز الأول في العمالة المنزلية داخل الدولة، وتعد الإمارات من أكبر مستخدمي هذه العمالة على مستوى العالم.‏

تويتر