عقاريون يطالبون بملاحقة المستثمرين المخالفين لحماية الأفراد من احتيالهم

مستأجرون في أبوظبي يتضررون مـــن احتيال وسطاء

مستأجرون في أبوظبي تعرضوا لخداع من وسطاء عقاريين. تصوير: إريك أرازاس

قال مستأجرون في مناطق مختلفة في أبوظبي، إنهم تعرضوا لخداع من وسطاء ومستثمرين عقاريين، نشروا إعلانات لتأجير وحدات سكنية مخالفة لشروط البلدية وأوهموهم بإمكانية توثيق العقود بعد توقيعها ودفع الأقساط المالية المتفق عليها، ثم فوجئوا بمماطلة وتهرب المؤجرين، حتى تسلموا أخيراً إنذارات من البلدية بإخلاء الوحدات أو قطع التيار الكهربائي عنها في غضون أيام، لمخالفتها القوانين.

في المقابل، أقر خبراء وعقاريون بانتشار ظاهرة العقود الوهمية غير الموثقة ووقوع عدد من المستأجرين ضحايا عمليات احتيال، محذرين من انتشار الإعلانات العقارية الوهمية، مطالبين بملاحقة المستثمرين والوسطاء العقاريين الذين يقسمون الفلل غير المخصصة للإيجار إلى وحدات سكنية صغيرة بصورة عشوائية ومخالفة، لحماية المستأجرين من عمليات الاحتيال.


حملات تفتيشية

 

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/09/12990.jpg

 
 

ألزمت بلدية أبوظبي جميع السكان بتوثيق عقود الإيجار رسمياً في الإدارة المختصة في البلدية، كعملية تنظيمية، وشنت خلال الفترة الماضية حملات تفتيشية واسعة في مناطق سكنية داخل مدينة أبوظبي وخارجها، لتنفيذ القرارات المتعلقة باشتراطات السكن الجديدة داخل الفلل والبنايات، ووجه مفتشو البلدية إنذارات خلال الفترة الماضية إلى أصحاب الفلل والمستأجرين والمستثمرين في مدن خارج جزيرة أبوظبي، مثل مدينة الشيخ محمد بن زايد، ومدينة الشيخ خليفة، ومنطقة الشامخة، وغيرها، بإخلاء العين المؤجرة المخالفة وغير الموثقة.

وطالبت المستأجر بالتأكد من أن العقار موضوع الإيجار مسجل لدى برنامج توثيق حسب الأصول المتبعة، والمؤجر لديه الصلاحية القانونية لإدارة العقارات.

كما تشترط وزارة الداخلية إرفاق صورة من عقد الإيجار، أو فاتورة استهلاك الكهرباء والماء في معاملات إصدار وتجديد الإقامة للمقيمين.

وقال «أبوشهاب»، إنه استأجر وحدة سكنية مكونة من غرفة وصالة لعائلته في إحدى ضواحي أبوظبي عبر إعلان ذكر أنها موثقة من البلدية، وعند توقيع العقد فوجئ بأنه عقد شكلي، وأقنعه وكيل المالك حينها بأن إجراءات توثيق الوحدة السكنية جارية وتستغرق نحو شهرين، مضيفاً أنه اكتشف أخيراً، تعرضه لعملية احتيال من قبل المؤجر، إذ لم يحصل منه على توثيق لعقد وحدته السكنية، ويواجه وعائلته حالياً مشكلة إخلاء السكن بسبب مخالفة العقار للقوانين المنظمة.

وطالب المستأجر علي زايد، الذي تعرض للمشكلة نفسها بفرض رقابة على الإعلانات الوهمية التي تروج لتأجير وحدات سكنية غير نظامية، لما يترتب عليها من نزاعات إيجارية وقضائية، مشيراً إلى أنه حاول أن يسترد قيمة الإيجار الذي دفعه للمؤجر، لكنه رفض بناء على العقد الموقع معه، ما اضطره إلى اللـــــجوء إلى الجــهات القضــــائية.

وقال مستأجرون آخرون، إن بعض المؤجرين يتعمدون تحصيل أجرة السكن دفعة واحدة، لضمان حقوقهم المالية في حال واجه المستأجر مشكلة مع الجهات المعنية التي تجبرهم على إخلاء الوحدات المخالفة، مشيرين إلى ضرورة فرض رقابة صارمة على المستثمرين الذين يروجون للوحدات السكنية غير النظامية.

من جانبه، أكد المحامي علي خضر العبادي، أن هذه العقود على الرغم من أنها غير موثقة من الجهات الرسمية فإنها تمثل سنداً قانونياً لحفظ حقوق المستأجرين عند وقوع أية مشكلة، خصوصاً إذا حصل ما يهدد استمرارهم في السكن أو قطع الخدمات عنهم، أو توجيه إنذارات لهم من الجهات المختصة بإخلائها لمخالفتها القوانين، مضيفاً أنه يمكن الاستناد إلى هذه العقود في رفع دعوى جزائية على المؤجر واتهامه بالاحتيال لتأجيره وحدة سكنية للغير وهو يعلم أنها غير قانونية أو نظامية، فضلاً عن رفع دعوى مدنية لاسترداد قيمة إيجار الوحدة السكنية.

وقال إن بعض المستأجرين تدفعهم ظروفهم المالية إلى استئجار وحدات سكنية غير نظامية لتدني أسعارها، وهم غالباً مهددون بالإجراءات التنظيمية التي تقوم بها الجهات المختصة في هذا الصدد، مؤكداً أهمية قراءة نصوص عقود الإيجار قبل توقيعها، وإضافة البنود التي تضمن حماية حقوق المؤجر حال تعرضه لأية مشكلة خلال فترة الايجار المتفق عليها.

وأكد الخبير العقاري خالد محمد إبراهيم، انتشار ظاهرة العقود الوهمية غير الموثقة، ما أدى إلى تعرض قطاع من المستأجرين لعمليات خداع واحتيال من قبل مستثمرين ووسطاء عقاريين، خلال الفترة الماضية، إذ أوهموهم بإمكانية توثيق عقود الإيجار من دائرة البلدية بعد التعاقد ودفع أجرة الوحدة المتفق عليها، لكنهم يكتشفون في وقت لاحق أن هذه العقود لا يمكن توثيقها لأسباب تتعلق بمخالفة العقار نفسه لقوانين البلدية، كونه غير مخصص للتأجير أو لوجود تقسيمات عشوائية، خصوصاً في الفلل السكنية.

وحذر من انتشار الإعلانات العقارية الوهمية، التي تروج لوحدات سكنية داخل فلل وبنايات غير موثقة من البلدية، إذ يتم تذييل جميع هذه الإعلانات بجملة «موثق»، لاستدراج المستأجرين وطمأنتهم، لكنها في الحقيقة عقود شكلية، معتبراً أن مثل هذه الإعلانات تدرج ضمن عمليات الاحتيال التي توجب المساءلة القانونية لما تتضمنه من خداع للمستأجرين. ولفت إلى أن هناك مستأجرين وقعوا ضحايا لإعلانات وهمية من مستثمرين، إذ اكتشفوا أن الوحدة السكنية تم تأجيرها لأكثر من شخص في وقت واحد، أو تم تأجيرها من دون علم وموافقة مالكها، أو أنها غير مخصصة للسكن وغير قابلة للتوثيق، واضطر مستأجرون إلى اللجوء إلى القضاء للحصول على حقوقهم المالية، ما زاد من عدد النزاعات العقارية.

وأشار إلى أهمية ملاحقة المستثمرين الذين يقومون بتقسيم الفلل غير المخصصة للإيجار إلى وحدات سكنية صغيرة بصورة عشوائية ومخالفة، إذ يقومون بنشر إعلانات لتأجير هذه الوحدات للراغبين بعقود غير قانونية، مشترطين عليهم دفع الأجرة السنوية كاملة ومقدماً، الأمر الذي أوقع الكثير من المستأجرين في نزاعات قضائية بسبب عدم إمكانية استرداد أموالهم من المستثمرين.

واقترح إنشاء مكاتب عقارية معتمدة من الجهات المعنية يعهد إليها كتابة عقود الإيجار، بما يضمن حقوق المستأجرين والملاك أو وكلائهم، فضلاً عن ضرورة تدخل الجهات المختصة في تحديد القيمة الإيجارية، وفقاً لمعطيات السوق والخصائص المميزة للعقار، لافتاً إلى أن هذا من شأنه الحد من النزاعات الإيجارية التي تنشأ بين المستأجرين والمؤجرين.

واقترح تخصيص رقم مجاني في الجهة المعنية بتنظيم السوق العقارية بحيث يمكن للمستأجرين الاستعانة به للتأكد من سلامة الوحدة السكنية قبل تأجيرها، بما يمنع وقوعهم تحت أي عملية نصب واحتيال من بعض ضعاف النفوس. ولفت إلى وجود تضارب في تحديد القيمة الإيجارية لبعض الوحدات السكنية داخل العقار الواحد، إذ يتم - على سبيل المثال - تأجير وحدة سكنية مكونة من غرفة وصالة بـ35 ألف درهم، وأخرى في العقار نفسه بـ90 ألف درهم، مقترحاً تدخل الجهات المعنية بالإشراف على تحديد هذه القيمة للحد من عمليات التلاعب والاستغلال. من جانبه، دعا مدير العقارات في إحدى الشركات في أبوظبي، أسامة النجار، المستأجرين إلى توخي الحيطة والحذر عند تأجير الوحدات السكنية، حتى لا يقعوا ضحايا لعمليات النصب والاحتيال من قبل بعض المستثمرين، الذين يخدعونهم بتوثيق عقود الإيجار بأوراق وهمية، مشيراً إلى أهمية مراجعة دائرة البلدية للتأكد من بيانات المالك أو الوكيل، وكذا بالنسبة للوحدة السكنية والعقار المراد تأجيره، وإمكانية توثيقه من الدائرة. ولفت إلى ضرورة أن يأخذ المستأجر بعض الإجراءات الاحتياطية قبل كتابة عقود إيجار أي وحدة سكنية ودفع أجرتها، أهمها الحصول على شهادة تثبت توثيق العقار إذا كان التأجير من المالك مباشرة، وذلك للتأكد من أن المالك بالفعل مصرح له بالتأجير، أما إذا كان المؤجر شركة وساطة فيجب الحصول منها على عقد موثق من البلدية، التي يمكن مراجعتها في أي وقت للتأكد من صحة العقد. وأشار إلى أن هناك بعض المستأجرين يقبلون على تأجير وحدات سكنية داخل فلل غير موثقة لتدني أسعارها، وسط وعود من المؤجرين سواء كانوا مستثمرين أو ملاكاً، بإمكانية توثيقها في وقت لاحق، لكنهم يكتشفون أن وحداتهم السكنية غير قابلة للتوثيق لأنها مخالفة للقوانين المنظمة.

 


 

تويتر