مختصتان نفسيتان: تفيد الأطفال «مفرطي الحركة».. وتأثيرها خطر على «المتوحدين»

«سبينر».. تمادي الممارسة يصيب بـ «هوس».. ولا علاقة للعبة بتهدئة الأعصاب

صورة

حذر مختصون نفسيون وتربويون من مشكلات نفسية قد تسببها لعبة «سبينر»، التي انتشرت بشكلٍ كبير بين الطلاب في المدارس خلال فترةٍ وجيزة، موضحين أن كثرة الانشغال بها لوقت طويل تصيب مستخدميها بالهوس بها، الذي قد يصرفهم عن دروسهم، مؤكدين أن اللعبة ليس لها علاقة بتهدئة الأعصاب والتحكم فيها كما يدعي البعض، إلا أن الانشغال لبعض الوقت بها يؤدي إلى الابتعاد عن التفكير بالضغوط النفسية.

ولعبة «سبينر» انتشرت بشكل كبير أخيراً بين الصغار والكبار قاطعة ملايين الكيلومترات بين دول العالم بسرعة منقطعة النظير، إذ استغلت المحال التجارية الإقبال الشديد من الزبائن عليها لتسويقها تجارياً، وعملت على رفع أسعارها لتصل الى 40 درهماً للقطعة الواحدة بعد أن بدأت بـ 10 دراهم فقط.

وتباينت آراء أولياء أمور الطلبة حول انتشار اللعبة، إذ رأى بعضهم أن التأثير السلبي لهذه اللعبة أقل حدة من تأثير الألعاب الإلكترونية ذات التأثير غير المقبول في سلوكيات الأطفال، فيما طالب آخرون إدارات المدارس بمصادرتها وحظر استخدامها.

في حين حظر بعض إدارات المدارس تداولها بين الطلبة وعملت على مصادرتها، وأفادت بلدية كلباء بأنها نفذت حملة ضد بيعها للأطفال دون أولياء أمورهم، واشترطت على الباعة شرح أضرار اللعبة لأولياء أمور الأطفال قبل بيعها.


وتفصيلاً حذرت الأخصائية النفسية، مريم علي الحمادي، من مشكلات نفسية قد تسببها لعبة «سبينر» على المدى الطويل، موضحة أن الانشغال بها وقتاً طويلاً قد يصل بالأطفال إلى مرحلة الهوس الذي قد يصرفهم عن مذاكرة دروسهم، فضلاً عن أن سلوكهم قد يصبح أكثر عدوانية، ففي حال منعتهم أمهاتهم من اللعب بها وصادرتها عنهم، سيزداد إصرارهم على الحصول عليها بسبب تعودهم اللعب بها.

زيادة الإقبال على اللعبة

أشار أحد الباعة في محل لبيع لعب الأطفال بسوق التنين بدبي، إلى أن زيادة الإقبال على اللعبة شجعت أصحاب المحال على طرح أشكال وألوان وأحجام مختلفة منها، لافتاً إلى أنها كانت متوافرة قبل أشهر عدة بالمحال إلا أن الإقبال على شرائها كان منخفضاً، وزاد بشكل ملحوظ مع بداية الشهر الماضي، إذ يحضر الأطفال إلى المحل مع ذويهم لشراء كميات كبيرة منها، كما يحرص الكبار على شرائها لهم كهدايا لأصدقائهم بدعوى أنها تزيل الضغط النفسي والقلق. وتابع: «أمّا بالنسبة لسعرها فقد كانت تباع سابقاً بـ 10 دراهم، لكن مع استيراد كميات كبيرة منها وزيادة الطلب عليها جعلانا نرفع سعرها ليصل إلى 35 درهماً للقطعة الواحدة، وهذا السعر يختلف من نوع لآخر».

تفتيش الطالبات

أكدت المعلمة نور عبدالله محمد في مدرسة الراية الخاصة بالفجيرة، أن إدارة المدرسة حرصت أخيراً على تفتيش الطالبات في الفصول الدراسية للتأكد من عدم امتلاكهن لألعاب ممنوعة من التداول، وتعتبر لعبة (سبينر) ضمن قائمة الألعاب الممنوع تداولها في المدرسة، نظراً لأن أنواعاً منها تتميز بأطراف حادة قد تؤذي الطالبات أثناء اللعب بها، كما أنها قد تصرفهن عن التركيز أثناء شرح المعلمة للدروس في الحصص المدرسية، ما قد يؤثر سلباً في مستواهن الدراسي، مطالبة أولياء الأمور والأمهات بمراقبة الألعاب التي يتداولونها وعدم تصديق ما يتردد بين عامة الناس حول أن بعض الألعاب قد يخفف الضغط النفسي والقلق والتوتر.


مدارس تحظر «سبينر» على طلبتها.. وبلدية كلباء تشترط حضور ولي الأمر عند البيع.

وأكدت: «لا علاقة لهذه اللعبة في التحكم بالأعصاب كما يدعي البعض، إلا أن الانشغال بها يؤدي إلى الابتعاد عن التفكير بالتوتر والضغوط النفسية، والانفعال العصبي»، مشيرة إلى أن الألعاب جميعها تزيل التوتر والاكتئاب والقلق، كذلك الرياضة بجميع أنواعها، مثل الجري الذي يعتبر عنصراً قوياً في تخفيف التوتر بدنياً وصحياً ونفسياً، وهذه اللعبة لا تشكل ضرراً على الأطفال، لأنها مجرد لعبة يتسلّون بها، لكنها تشهد إقبالاً عالياً، لأنها لعبة جديدة، ولايزال وهجها قوياً، ويشتريها الكثيرون من باب مواكبة كل جديد.

وأكدت استشاري الطب النفسي بمركز دبي لصحة المجتمع الدكتورة حنان حسين، أن «سبينر» تزيل قلق من يستخدمها، وتبعد عنه التفكير السلبي وتفيد الطلبة المصابين باضطراب الحركة المفرطة، نظراً لأنها تساعدهم على الجلوس في مكان واحد بدلاً من كثرة حركتهم في الفصل وتنقلهم من مكان لآخر في المدرسة، فالطالب الذي يعاني الحركة المفرطة وتشتت الانتباه يركز على اللعبة التي يمسكها بيد ويكتب باليد الأخرى، لكن في حال استخدمها عدد كبير من الطلبة في وقت واحد فإنها تصعب عليهم تلقي واستيعاب المعلومة بسهولة.

وأشارت إلى أن التأثير السلبي والخطير لمثل هذه الألعاب يكون جلياً وواضحاً على طلبة الدمج الذين يعانون طيف التوحد، كون هذه الفئة من الطلبة يبحثون دوماً عن أي جسم متحرك ليصبوا تركيزهم عليه ما يفصلهم عن الواقع المحيط بهم، ولعبة «سبينر» تتحرك بشكل دائري بصورة متواصلة، ما قد يجعل حالة طالب التوحد تسوء بدلاً من دمجه، إذ ستعمل على عزله وإبعاده عن الفكرة الأساسية وهي دمجه مع الطلبة الأسوياء.

من جانبها، قالت موزة علي وهي أم لطفلين، إن ابنيها ألحا عليها للحصول على اللعبة، ما اضطرها إلى التوجه بهما للجمعية التعاونية ومحال السوبرماركت للبحث عنها، وحين وجدتها في أحد محال البيع التجارية أصر ابناها على اقتناء أكثر من قطعة لرغبتهما في الحصول على كميات منها بألوان وأشكال مختلفة، مشيرة إلى أن أسعار هذه اللعبة تختلف من مكان لآخر إذ تباع القطعة الواحدة بـ15 درهماً، بينما يصل سعرها في منافذ بيع أخرى إلى 25 درهماً، إلا أن كثرة عدد المقبلين على شرائها، من الكبار والأطفال خصوصاً تلاميذ المدارس، رفعت سعرها.

وقالت إن «اللعبة انتشرت عبر الحسابات المختلفة في وسائل التواصل الاجتماعي، إذ إنها تعمل على إزالة التوتر والضغط النفسي عن الأشخاص الذين يلعبون بها باستمرار، إلا أنني لاحظت أنها تسبب الإدمان، إذ أصبح طفلاي يحملان هذه اللعبة في حقائبهما عند توجههما للمدرسة، ويتسليان بها في طريق رحلتهما من وإلى المدرسة، وفي الفسحة المدرسية».

وأيدتها الرأي نورا خلفان وهي أم لطفلة في السابعة من عمرها، التي أشارت إلى أن لعبة «سبينر» انتشرت بشكل واسع بين الأطفال الذين يلحون باستمرار على ذويهم للحصول على أكثر من قطعة منها كونها تتميز بأشكال وألوان مختلفة، ويحرصون على تقديمها كهدايا لأصدقائهم، ووضعها في حقائبهم المدرسية ليلعبوا بها في الحافلة أثناء رحلة الذهاب والعودة من المدارس، وفي الفصل الدراسي بين الحصص الدراسية وفي الفسحة كما أخبرتني ابنتي.

وقالت: «على الرغم من أني شعرت بأن طفلتي أدمنت على (سبينر) إلا أني أشعر بأن التأثير السلبي لهذه اللعبة أقل حدة من تأثير الألعاب الإلكترونية مثل (آي باد) و(بلاي استيشن)، وغيرهما من الألعاب التي لها تأثير غير مقبول في سلوكيات الأطفال».

فيما طالب أبوعبدالله، إدارات المدارس بحظر اللعبة ومصادرتها من الطلبة الذين يلعبون بها في المدرسة، ومخاطبة الأهل بمنع هذا السوك، كون «سبينر» أضحت أداة لمضيعة وقت الطفل وطاقته بلا أي نتيجة، مشيراً إلى أنه لم يقتصر هوس الصغار على «سبينر» فقط، بل طال الكبار أيضاً خصوصاً بعد أن لجأ بعض الباعة لتسويق اللعبة عبر عرضها على واجهات محالهم التجارية مع كتابة عبارات جاذبة مثل «سبينر لإزالة التوتر» و«تتوافر لدينا الملونة والشفافة والكروم» و«وداعاً للقلق»، وذلك بهدف جذب انتباه الأطفال عند ارتيادهم لهذه المحال.

فيما أفاد المدير العام لبلدية مدينة كلباء، بالشارقة المهندس خلفان بن عيسى الذباحي، بأن قسم العمليات والتفتيش في البلدية استقبل أخيراً شكوى من إحدى المدارس تفيد بضرورة وضع حد لانتشار لعبة «سبينر» التي أصبحت تستخدم من قبل الطلبة في المشاجرات بدلاً من استخداماتها المفروضة كإزالة القلق وغيره، وأصبحت هذه اللعبة تشغل الطلبة أثناء دوامهم الرسمي، ما دفع بالمعلمين إلى العمل على مصادرتها بشكل يومي.

ونوه بأن البلدية نفذت حملة ضد بيع لعبة «سبينر» من منافذ البيع، لمنع بيع هذه اللعبة للأطفال دون وجود أولياء أمورهم، واشترطت على الباعة شرح أضرار اللعبة لأولياء أمور الأطفال قبل بيعها عليهم.

وطالب الذباحي أولياء الأمور بمعرفة أضرار بعض الألعاب قبل الإقبال على شرائها لأطفالهم، وعدم استصغار الأضرار التي تنتج عنها، موضحاً أن اللعبة توجد بأشكال مختلفة، فبعضها لها أطراف حادة قد تؤذي الأطفال أثناء اللعب بها، خصوصاً أن الطلبة أصبحوا يضعونها على أنوفهم، وينقلونها من يد إلى أخرى أثناء حركتها.

تويتر