جولة لـ «الإمارات اليوم» تكشف تعمّد خلط التبغ بتراب وحناء لزيادة الوزن

بائعون يقدمون للمدخنين «دوخة» مخلوطة بقاذورات ومواد سامة

مدخنون يستنشقون «دوخة» بروث الحيوانات. تصوير: أسامة أبوغانم

لا تتوقف مخالفات محال منتجات التبغ على بيع «الدوخة» لأطفال في عمر سبع سنوات، وتقديم ما يسمى «الدوخة على الطاير» مقابل درهم أو درهمين، بل ترتكب مخالفات أكبر وأشد ضرراً على المدخنين، إذ تبيع دوخة مغشوشة، مخلوطة بالتراب والقاذورات، وحناء وروث حيوانات ومبيدات حشرية، وهي مواد سامة. هذا ما كشفته جولة «الإمارات اليوم» في متاجر لبيع المدواخ في عجمان والشارقة ودبي، خلال الأسبوع الماضي.

• خلط «الدوخة» بروث الحيوانات والتراب والقمامة لزيادة وزنها وبيعها بسعر يصل إلى 500 درهم للعبوة.

• مدخن: «كثيرون استخدموا (دوخة) مخلوطة بمواد مجهولة، ودخنوها دون أن يكتشفوا أنهم تعرّضوا لاحتيال».


خلط السموم بسموم

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/04/8ae6c6c54aa0819a014cd2ed0c527703.jpg

قال عضو في البرنامج الوطني لمكافحة التبغ في الدولة، فضّل عدم نشر اسمه، إن «كثيراً من الجهات الرقابية على علم بأن كميات كبيرة من تبغ (المدواخ) في الدولة مغشوشة، ومخلوطة بمواد سامة»، مشيراً إلى أن هذا الموضوع كان مطروحاً للنقاش أمام ممثلي البلديات والدوائر الاقتصادية قبل تطبيق اللائحة التنفيذية لقانون التبغ.

وأضاف أنه «للأسف تبغ (المدواخ) يباع دون أي معايير أو مواصفات، ولا يتم تصنيعه في مصانع تتم مراقبتها، لذلك فالتجار والبائعون يخلطونه بمواد مجهولة، وقد تكون سامة، ليربح التاجر والبائع بإدخال سموم مخلوطة بسموم إلى صدور المدخنين».

وكانت «الإمارات اليوم» كشفت، أمس، خلال جولتها على متاجر لبيع تبغ «المدواخ»، أن «الدوخة» متاحة بسهولة شديدة لكل الأطفال من عمر سبع سنوات، تباع لهم بدرهم واحد فقط، إذ يدخل الطفل متجر التدخين، ويحصل على جرعة «مدواخ»، أو كما يسمونها «دوخة على الطاير».

وكل متجر يضع مدواخاً أو أكثر على «كاونتر» الاستقبال، وهو «مدواخ» جاهز للاستعمال، تتناقله الشفاه من طفل إلى صبي إلى شاب، فالجميع يدخلون، ويحصلون على جرعة «دوخة» عبر هذا المدواخ المشترك، غير عابئين بالأمراض الخطرة التي يضخونها في صدورهم، أو التي قد تتتقل إليهم عبر هذه الأداة المشتركة.

تجار يتعمدون خلط تبغ المدواخ بمواد قريبة في اللون، مثل الحناء الخضراء، لزيادة وزنها وبيعها في قارورات بمبالغ كبيرة تصل إلى 500 درهم، ثمن قارورة المياه سعة لتر واحد. ومزارعون في الدولة، يقدمون المدواخ مخلوطاً بمبيدات حشرية، وروث حيوانات، وتراب، وقمامة مطحونة، عن عمد، لزيادة الوزن، أو عن غير عمد لعدم حرصهم على تنظيف المنتج. إلى جانب تجار يستوردون كميات من التبغ المغشوش والمخلوط بمواد مجهولة، بأسعار زهيدة، لبيعه بأسعار مرتفعة، ويحققون أرباحاً بعشرات الآلاف من الدراهم شهرياً.

خبايا تجارة الدوخة

محرر «الإمارات اليوم» أقنع بائعين للدوخة بأنه يريد التعرف إلى تجارة المدواخ، وشراء كميات كبيرة منها، لنقلها إلى بلاده، وبيعها لأهله، خصوصاً أنها غير متوافرة هناك، وهو الأمر الذي دفع تجاراً إلى كشف الكثير من خبايا هذه التجارة.

في متجر صغير في عجمان، أبدى بائع، وهو إيراني الجنسية، سعادة كبيرة، لأننا سنشتري منه كمية كبيرة من المدواخ لتصديرها، فتحدث بصراحة شديدة، كاشفاً كثيراً من خبايا هذه التجارة، وقال: «نستورد تبغ المدواخ من دولة قريبة، أو نشتريه من تجار في الدولة، وكميات كبيرة من المدواخ الموجود في المتاجر مغشوشة، ولا يستطيع المدخن العادي اكتشافها».

وأضاف أن «بعض التجار يبيعون دوخة نظيفة تمت تنقيتها من الشوائب، وهذه سعرها غالٍ جداً، أما الدوخة غير النظيفة فتباع بأسعار زهيدة وتحقق أرباحاً كبيرة»، لافتاً إلى أن «البائع القديم في هذه المهنة هو الوحيد القادر على اكتشاف تبغ المدواخ النقي والتبغ القذر».

البائع الذي كان يحاول إقناعنا بشراء أكبر كمية من تبغ المدواخ منه، شرح أن بعض التجار ممن وصفهم بـ«معدومي الضمائر»، يجلبون مادة الدوخة خاماً، ثم يتعمدون خلطها بمواد قريبة في اللون والشكل، وأكثرها قرباً مادة الحناء، أو الدقيق، أو نشارة الخشب، ليزيدوا وزن الكمية المبيعة، ولتحقيق أرباح كبيرة.

مزارع في مناطق نائية

في متجر آخر في الشارقة، طلبنا من التاجر السماح بتصوير ما يعرضه من تبغ مدواخ في متجره بكاميرا الهاتف المحمول، ولأننا وعدناه بشراء كميات كبيرة منه، سمح لنا بالتصوير، وشرح كيفية جلب هذا التبغ إلى متجره، وقال: «نشتري التبغ من تجار في الدولة، وهؤلاء يجلبون التبغ من الخارج، أو من مزارع في مناطق نائية، يقوم على الزراعة والبيع فيها عمال من جنسيات آسيوية».

وحذرنا البائع من التوجه إلى تلك المزارع لشراء تبغ المدواخ منها، لأن «القائمين عليها لا يبيعون إلا لمن يعرفونهم، وإذا ما وافقوا على البيع لنا، فسيعطوننا تبغاً غير نظيف، مخلوطاً بالقاذورات والشوائب والمبيدات الحشرية».

وأوضح أن «العمال الآسيويين، بعد أن ينتهوا من زراعة أوراق الدوخة، يعملون على حصادها، ويلقونها في الأرض، ثم تبدأ عمليه تعريضها للشمس، لتتحول من الأخضر إلى اليابس، تمهيداً لطحنها وتحويلها إلى مادة للتدخين». ويكمل: «أثناء هذه العملية يخلط المنتج بتراب، وروث حيوانات، وقاذورات، ومبيدات حشرية، لكن المزارعين والقائمين على المزارع لا يبالون بخطورة هذه القاذورات، وكل ما يهمهم هو بيع الكمية المزروعة، ويقدمونها إلى التجار دون تنظيفها أو تصفيتها من الشوائب».

المثير أن التجار الذين يشترون هذه المادة غير النظيفة يعلمون جيداً أنها مخلوطة بقاذورات، وفق ما روى أكثر من بائع، لكنهم يشترونها، وأحياناً يطلبون التبغ المخلوط، ويرفضون التبغ النظيف، لأن الدوخة غير النظيفة سعرها أقل، وتباع بأسعار كبيرة، وفي النهاية المشتري يدخنها بشوائبها، ولا يعلم أنه يدخن سموماً.

مواد مجهولة

في المقابل، قال شاب من مدخني المدواخ، اكتفى بوصف نفسه باسم (أبوشهاب)، إن «كثيراً من المدخنين تعرضوا في بداية تدخينهم للمدواخ لشراء دوخة مخلوطة بمواد مجهولة، ودخنوها دون أن يكتشفوا أنهم تعرضوا لعملية احتيال من بائعين لا ضمير لهم».

وأضاف أنه «بعد سنوات من التدخين يستطيع البعض اكتشاف أن الدوخة مغشوشة، أو نظيفة، وكثيراً ما ترى مجموعة من الشباب يجلسون أمام طاولة على المقهى، يفحصون عينة من الدوخة لتنقيتها من الشوائب، أو لمعرفة ما إذا كانت مخلوطة بتراب أو نشارة خشب». ويكمل أن «البعض يقع ضحية التجار معدومي الضمائر، ويشتري الدوخة المغشوشة ويدخنها دون أن يعلم أنه يدخن مواد سامة».

دوخة «شيوخي» و«شبابي»

كشفت جولة «الإمارات اليوم» أن البائعين يصنفون تبغ المدواخ إلى أنواع عدة، حسب شدتها، فمنها الدوخة الشديدة، وهي حارقة وقوية، لا يتحملها سوى المدخن القديم والمحترف، وهي تصل إلى المخ في ثوانٍ، وتسبب دواراً قوياً جداً للمدخن، وتفقده التركيز والتوازن، وفق ما يقول بائعون. وهناك الدوخة المتوسطة، وهي أقل قوة، والدوخة البسيطة للمبتدئين أو الأطفال.

ويطلق البائعون مسميات غريبة ولافتة على عبوات الدوخة، للفت أنظار الشباب والمستهلكين، فمنهم من يبيع نوعاً من الدوخة يسميه «دوخة شيوخي»، وآخر يبيع «دوخة الشباب»، و«دوخة خالو»، و«دوخة إيران».

لقراءة المزيد عن مواد خاصة بالمدواخ اضغط هنا

تويتر