مرضى يفقدون الأمل في الشفاء بسبب وهم العلاج بالأعشاب

محال عطارة تتحول إلى صيدليات غير مرخصة

بعض الأعشاب لها آثار جانبية لا يدركها البائع ولا المريض. تصوير: أشوك فيرما

أكد أطباء وصيادلة في أبوظبي وجود سوق موازية للعلاج والأدوية، تحت مسمى «الطب الشعبي والعلاج بالأعشاب»، خصوصاً في ما يتعلق بأمراض الذكورة والعقم والإنجاب، والأمراض المزمنة، مثل السكري والكلى والكبد، محذرين من انتشار ما سموه «هوس العلاج بالأعشاب والوصفات الشعبية»، بسبب الرغبة القوية في الحصول على علاج.

وحذّر الصيادلة أحمد النشار ومحد صلاح وباسم مؤنس، من تحول محال العطارة إلى صيدليات غير مرخصة، تبيع الوهم للمرضى، مشيرين إلى أن كثيراً من الأشخاص يأتون إليهم للسؤال عن وصفات وأدوية عشبية، لا يعلم أحد تركيبها ولا مدى صلاحيتها، طالبين النصيحة.

 قاعدة بيانات صحية

أكدت بلدية أبوظبي حرصها على رفع مستوى الوعي والثقافة العامة للمفتشين والمفتشات في الإدارة، لتمكينهم من أداء واجبهم الوظيفي من خلال قاعدة بيانات ومعلومات صحية موثوقة، مشيرة إلى أن برامج تثقيف وتطوير خبرات مفتشي الصحة في البلدية مستمرة، بهدف متابعة المستجدات الخاصة باستخدامات الأعشاب في مجالات علاجية وتجميلية، حيث شهدت هذه الظاهرة انتشاراً كبيراً، الأمر الذي يستدعي الاستعداد لمواجهة أي أخطار ناتجة عن الاستخدامات الخاطئة لهذه المنتجات العشبية، بهدف حماية صحة أفراد المجتمع، ومحاولة تقنين بيع هذه الأعشاب من خلال المعايير والمواصفات الصحية المعمول بها محلياً.

ودعت البلدية المستهلكين إلى توخي الحذر في الاستخدامات العشوائية للأعشاب، سواء كانت علاجاً أو مستحضراً تجميلياً، للخطورة الكبيرة التي تكمن في هذه الممارسات الخاطئة، وانعكاسها سلباً على صحتهم العامة، مشيرة إلى ضرورة الاعتماد على الجهات ذات الاختصاصات المؤهلة لبيع هذه الأعشاب، ومعرفة شروط استخدامها بشكل دقيق، محذرة من اللجوء إلى منافذ بيع الأعشاب غير المرخصة، وغير المعتمدة من الجهات الصحية والطبية والمؤسسات ذات الصلة بمثل هذه الأنشطة الاقتصادية.

وأكد أخصائي الباطنة في مستشفى خاص في أبوظبي، الدكتور محمد نور، استقبال حالات عدة انصرفت عن الأدوية إلى تناول وصفات عشبية، لتعود وقد فقدت الفرصة الطبية في علاجها، مطالباً الأجهزة المعنية بمضاعفة جهودها الرقابية لملاحقة هذا النشاط التجاري الذي يستهدف صحة الإنسان.

وقال «لمسنا انتشار التداوي بالأعشاب بين مصابين بأمراض مزمنة» مشيراً إلى أن «تجار الأعشاب يستغلون حالة الضعف التي يعيشها هؤلاء المرضى، ساعين إلى التكسب منهم من خلال إعطائهم جرعات عشوائية، تؤثر سلباً في صحتهم، وتسبب لهم أعراضاً جانبية خطرة».

وأشار أخصائي المسالك البولية وأمراض الذكورة، نادر خليل، إلى أن كثيراً من الأعشاب المقوية لها مخاطر صحية عديدة، خصوصاً على مرضى السكري والقلب، وتسبب السرطان، وأمراض العقم، لبعض الفئات العمرية.

وشرح أن «بعض الأعشاب لها آثار جانبية لا يدركها البائع ولا المريض، كما أن هناك أعشاباً تباع في الأسواق على أنها مقوية للرغبة الجنسية، فيما هي تحتوي على مواد ثبتت خطورتها على صحة المريض».

وبين أخصائي أمراض الذكورة، مجدي صفوان، أن «الضعف الجنسي يختلف من شخص إلى آخر، واستعمال الأعشاب أو الخلطات المجهولة المصدر يؤثر بشكل كبير في بقية أعضاء الجسم، وفي مقدمتها الكبد والمعدة».

وتابع أن «تلك التأثيرات لا تظهر إلا بعد شهور، أو سنوات، حين يكون المريض قد أصيب بعقم أو مرض جنسي»، لافتاً إلى أن «الغالبية تستخدم عشبة واحدة لعدد من الأمراض، دون علم أو دراية بمكونات العشبة، ومدى فعاليتها، والآثار الجانبية التي تصيب من يتناولها».

وذكرت طبيبة النساء والولادة، مي محمد، أن الأعشاب المستخدمة في الوصفات العشبية تحتوي على أكثر من مركب، ومن الممكن أن تكون فيها مركبات تزيد من سوء الحالة المرضية، كما أن طريقة تخزينها قد تكون سيئة».

وقالت إن «كثيراً من النساء يلجأن إلى هذه الوصفات لتسريع الإنجاب، أو لعلاج نوع من العقم يمكن علاجه طبياً، لكن يحتاج إلى بعض الوقت، وبسبب عدم صبرهن، ورغبتهن المُلحة في الحمل، يلجأن إلى هذه الوصفات التي أصابت البعض بالعقم التام، وقضت على فرصهن في الحمل والأمومة».

في المقابل، أكد مترددون على محال العطارة أنهم لا يستبدلون الطب والعلاج الرسمي بالأعشاب، لكنهم يعتقدون بأنها عامل مساعد في سرعة العلاج، خصوصاً أن معارف لهم سبق واستخدموها، وحققت نتائج طيبة معهم.

وقال زياد عبدالله: «أنا مقتنع بوصفات العطارين، فقد حققت نتائج طيبة في علاج الصداع والأرق الناتجين عن ضغط العمل».

وأكد (أبووليد)، وهو صاحب محل عطارة، أنه ورث المهنة عن والده، إذ كان المعالج الوحيد لأهل قريتهم سنوات طويلة، مشيراً إلى أنه قدم إلى الدولة وعمل سنتين في مجال التسويق العقاري، بعدها قرر مع أحد الأصدقاء افتتاح محل عطارة، واستثمار خبرته في هذا المجال.

وتابع أن «الزبائن هم من يبحثون ويقرأون عن فوائد الأعشاب، ويأتون لطلب أعشاب بعينها».

في المقابل، أكدت هيئة الصحة في أبوظبي أن تسجيل وترخيص وتداول المستحضرات النباتية، المستمدة من مصادر طبيعية، يخضع للقانون الاتحادي رقم 20 لسنة 1992، الذي ينظم كل ما يتعلق بهذا النوع من المستحضرات. وأضافت أن «اللجنة الوطنية لتسجيل المستحضرات النباتية المستمدة من مصادر طبيعية تختص بالإشراف على تحديث القواعد المنظمة لذلك في جميع أنحاء الدولة، ويتم تمثيل جميع الجهات الاتحادية والمحلية المعنية في هذه اللجنة، بما في ذلك هيئة الصحة في أبوظبي، ومجمع زايد لبحوث الأعشاب والطب التقليدي».

ولفتت الهيئة إلى أن «الصيدليات الموجودة في إمارة أبوظبي تخضع لرقابة مفتشي الهيئة، إذ لا يسمح بتداول أي مستحضرات طبية غير مسجلة في الدولة، ويصادر غير المسجل منها، وتتخذ الإجراءات العقابية القانونية ضد المسؤول عن عرضها، أما محال العطارة فتخضع لرقابة مفتشي بلدية أبوظبي، حيث يقوم المفتشون باتخاذ الإجراءات القانونية ضد المستحضرات غير المصرح بها».

وذكرت أن قسم التوعية في مجمع زايد لبحوث الأعشاب، نظم أخيراً ورشة عمل لتدريب مفتشي دائرة الصحة العامة في بلدية أبوظبي، لتعريفهم بكيفية التعامل والكشف عن المستحضرات غير المرخصة».

تويتر