«الصحة» حذرت من أطباء يعرضون خدماتهم في الفنادق والمنازل

آسيوي يجوب دول الخليج بـ «قدرات طبية مزيّفة»

اختفاء الأطباء المزيّفين يُضيع على المرضى حقوقهم حال وجود مضاعفات.

أكد وكيل وزارة الصحة المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص، الدكتور أمين حسين الأميري، أن هنالك شخصاً يجوب دول الخليج، مدعياً قدرته على علاج أمراض مستعصية.

ولفت إلى «رصد تداول بعض أفراد الجمهور، من خلال قنوات التواصل الاجتماعي، معلومات حول طبيب آسيوي (غير مرخص) يجري زيارة إلى إحدى إمارات الدولة، ويتخذ من فندق مقراً له، لمعالجة المرضى، مدعياً أن له القدرة على شفاء الأمراض، من خلال الحديث عن حالات وهمية يزعم أنه عالجها، وهو أمر لا يعدو كونه أكاذيب، ومحاولة لخداع الجمهور».

وأكد الأميري اكتشاف شخص يمارس الطب داخل فندق في إحدى المناطق الشمالية، الأسبوع الماضي، مضيفاً أن وزارة الصحة نسقت مع الشرطة لضبطه متلبساً وهو «يعالج» شرطياً متخفياً، وحوّل الى النيابة.

المسؤولية الطبية

نصت المادة الثالثة من القانون الاتحادي رقم (10) لعام 2008 بشأن المسؤولية الطبية، على «أنه يجب على كل من يزاول المهنة اتباع القواعد المحددة أدناه بما يتفق وطبيعة عمله، ودون الإخلال بالواجبات المنصوص عليها في القانون، وتأدية واجبات العمل المنوطة به بدقة وأمانة، وألا يخرج في أدائه لعمله عن أصول المهنة بصفة عامة والأسس العلمية والعملية للتخصص الذي يمارسه بصفة خاصة، وأن يبذل العناية اللازمة بكل يقظة وتبصر، وألا يستغل حاجة المريض لتحقيق منفعة غير مشروعة لنفسه، وغيره». ويُقصد بـ«المنفعة غير المشروعة» كل مقابل مادي أو عيني لم يكن ليتأتى إلا بسبب حاجة المريض إلى العلاج (ولا يعتبر ما يتقاضاه الطبيب المرخص من أجر من هذا القبيل).

كما يجب على ممارس المهنة الطبية التزام الدقة في الفحص الطبي، والتشخيص باتباع الطرق العلمية المتعارف عليها، وباستخدام التقنيات الحديثة ما أمكن، ووصف العلاج، وتحديد كمياته وطريقة استخدامه كتابة، بوضوح، وتنبيه المريض أو ذويه بحسب الأحوال إلى ضرورة التقيد بالأسلوب الذي حدده للعلاج، وتبصيرهم بالآثار الجانبية المهمة، المتوقعة، لذلك العلاج الطبي أو الجراحي.

وتابع أن «معظم هؤلاء الأشخاص لا يحملون شهادات طبية، وفي أحسن الأحوال فإنهم يقومون بممارسات طبية خارج اختصاصاتهم»، شارحاً أنهم يتخذون من غرف الفنادق مقراً لممارساتهم، للبقاء بعيداً عن الرقابة، وللالتفاف على القوانين الصحية. وبعضهم يروّج لـ«خدماته الطبية» بزيارات عشوائية إلى المنازل. ووصل الأمر الى حد إجراء عمليات جراحية بسيطة، تجميلية غالباً، داخل المنازل، مستغلين حاجة المرضى، خصوصاً كبار السن وذوي الأمراض المستعصية، للعلاج، أو مستغلين انسياق النساء وراء البحث عن الجمال.

وقال الأميري إن انتشار استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والمنتديات الخاصة على الشبكة الإلكترونية أسهم في الترويج لتلك الممارسات الخاطئة، من خلال قيام بعض أفراد الجمهور ــ عن غير قصد ــ بنشر وتداول الأخبار الخاصة بتلك الخدمات تحت تأثير رسائل مضللة، يبثها الأطباء الوهميون أنفسهم بانتحالهم شخصيات أفراد من الجمهور أحياناً، وإيهام الجمهور بأنهم استفادوا هم أو أحد معارفهم من تلك الخدمات الطبية المزعومة.

وأكد أن الممارسات الطبية التي يقدمها أشخاص مجهولون تنطوي على خطر جسيم على الصحة، علاوة على مخالفتها القوانين الصحية في الدولة، إذ ينص القانون الاتحادي رقم (7) لعام 1975 في شأن مزاولة مهنة الطب البشري في مادته الأولى، على أنه «لا يجوز لأي شخص أن يزاول مهنة الطب البشري في الشركات، أو في العيادات، أو المستشفيات الخاصة، أو في المؤسسات أو المنشآت الخاصة في الإمارات، إلا إذا كان مرخصاً له بمزاولة هذه المهنة».

وجاء في المادة الثانية من القانون الاتحادي رقم (5) لعام 1984 في شأن مزاولة غير الأطباء والصيادلة لبعض المهن الطبية والصيدلانية، أنه «لا يجوز لغير الأطباء والصيادلة مزاولة مهنة من المهن الطبية، إلا بعد الحصول على ترخيص، وفقاً لأحكام القانون». وحذرت وزارة الصحة من الانسياق وراء المشعوذين ومدعي الطب «الذين يبيعون الوهم، ويبثون الآمال الخادعة، لتحقيق رغبتهم في الثراء السريع، بصورة غير مشروعة، دون التفات إلى معاناة الآخرين الباحثين عن العلاج».

وأكدت تسجيل حالات تم إدخالها إلى مستشفيات في الدولة نتيجة مضاعفات صحية خطرة، جراء الانسياق وراء ممارسات طبية غير مشروعة.

كما نصحت الوزارة الباحثين عن الشفاء والعلاج بالتوجه إلى المؤسسات الصحية المرخصة في الدولة، واستقاء المعلومات من مصادرها الموثوقة، تجنباً للمخاطر الصحية وإهدار المال دونما فائدة، والتطلع دوماً إلى الاستفادة من الإمكانات الطبية المتطورة التي يتميز بها النظام الصحي في الدولة.

وأكدت أن الجهود الرسمية في محاربة الممارسات الطبية الخاطئة وحدها لا يمكن أن تكون فعالة، دون تعاون من الجمهور، نظراً لابتداع مروجي تلك الممارسات طرقاً جديدة للاحتيال، مطالبة الجمهور بالمساهمة في الحدّ من ممارسات الأطباء الوهميين، من خلال إبلاغ وزارة الصحة أو الإدارات الشرطية عنها، وعدم المشاركة في تفاقم هذه الظاهرة من خلال الترويج لها.

وشدد الأميري على أن «هؤلاء المدعين يفتقرون إلى أي إجراءات تضمن سلامة تشخيص الحالات التي يعالجونها، علاوة على قيامهم بالمعالجة بأساليب لم تثبت صحتها علمياً، ولم تسجل أو يقر باستعمالها في أي من الجهات العلمية المحلية والدولية. والأخطر أنهم يستخدمون وسائل وعقاقير طبية مجهولة المصدر والتركيب، وغير مسجلة في الدولة، ولا تراعي حالة المريض واحتمالات تعارض تلك العقاقير مع أدوية أخرى يتعاطاها المرضى، خصوصاً كبار السن وذوي الأمراض المزمنة، وهم الفئة الأكثر انسياقاً وراء التضليل».

ويأتي ذلك بخلاف ما نص عليه القانون بشأن المسؤولية الطبية، إذ «يحظر استعمال الوسائل غير المرخصة في الدولة أو غير المشروعة في علاج المرضى، وهي تلك الوسائل أو الأدوات أو الأجهزة أو الأدوية أو العقاقير الطبية غير المتعارف عليها، التي لم يقر باستعمالها من الجهات والمنظمات الصحية الدولية، بما تقتضيه المهنة من الدقة والأمانة، ووفقاً للأصول العلمية والفنية المتعارف عليها، بما يحقق العناية اللازمة للمريض، مع عدم استغلال حاجته لتحقيق منفعة غير مشروعة لنفسه، أو لغيره، ودون التمييز بين المرضى».

ولفتت الوزارة إلى أن «تقديم هؤلاء الأشخاص خدمات طبية بعيداً عن الرقابة، يتيح لهم الاختفاء، بعد تغيير أماكنهم وأسمائهم». وقالت إن اختفاء المتسبب عن الأنظار، وتأخر ظهور المضاعفات إلى ما بعد مغادرته الدولة، يتسببان في ضياع حقوق المرضى، ما يبرز مرة أخرى ضرورة التداوي لدى الأطباء ومزاولي المهن الطبية المرخصين، الذين تنطبق عليهم شروط كفيلة بالحفاظ على حقوق المرضى عند حصول أي مضاعفات غير متوقعة.

تويتر