مسؤولون في الوزارة نفوا تقديم استقالاتهم.. والعويــس بدأ مهام وزير الصحة

3 ملفات «ثقيلة» وراء إقالة حنيف حسن

صورة

رجّح معنيون في القطاع الصحي مجموعة من الأسباب أدت الى إقالة وزير الصحة حنيف حسن، وصفوها بالملفات الثقيلة، أبرزها أزمة نقص الدواء التي برزت مطلع العام الجاري، وبلغت ذروتها في شهر مارس الماضي، مع «توقف المستشفيات عن اجراء جراحات حرجة، لعدم توافر أدوات طبية وأدوية حيوية»، إلى جانب، عجز الوزارة عن إيجاد حلول عاجلة وجذرية لظاهرة استقالة الأطباء الأكفاء من مستشفيات الوزارة، ما خلّف نقصاً شديداً في بعض التخصصات، إضافة إلى تراخي مسؤولي «الصحة» عن اتخاذ اجراءات كافية لسد العجز في مستشفيات عدة ومراكز صحية تتبع الوزارة، ما أدى الى اغلاق بعض الاقسام لأشهر.

واعتبر هؤلاء أن «الوزارة شهدت خلال الأشهر الاخيرة تزايداً في التخبط الإداري، خصوصاً في ما يتعلق بمجال التمريض»، مشيرين الى ان المكالمة الهاتفية للمواطنة (أم أحمد) في اذاعة عجمان، كانت السبب المباشر، الذي عجل بقرار اقالته، لكنه لم يكن الوحيد».

إلى ذلك، نفى مسؤولون في الوزارة تقديمهم استقالتهم، امس، مؤكدين أنهم يباشرون اعمالهم بصورة طبيعية، في وقت باشر فيه وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، عبدالرحمن العويس، مزاولة مهام عمله وزيراً للصحة، اذ التقى وكيل الوزارة والوكلاء المساعدين، وتعرف إليهم، وناقش معهم اوضاع الوزارة، ثم جال في طوابق مبنى الوزارة للتعرف إلى الموظفين، وتبادل الحديث معهم.

وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أصدر، اول من أمس، قراراً بإقالة حنيف حسن من منصبه وزيراً للصحة. وكلف العويس بالقيام بأعمال وزير الصحة مؤقتاً، بالإضافة الى مهام منصبه وزيراً للثقافة.

أزمة الدواء

وفي التفاصيل، حدد مسؤولون في وزارة الصحة (فضلوا عدم ذكر اسمائهم) مجموعة من الأسباب التي رجحوا انها أدت إلى اقالة حنيف حسن، تتقدمها ازمة نقص الدواء، التي اصابت مستشفيات الوزارة ومراكزها الصحية كافة، مطلع العام الجاري، ومازالت مستمرة في بعض المستشفيات.

وذكروا ان تلك الأزمة بلغت ذروتها في شهر مارس الماضي، واصبحت معها «بعض مستودعات الدواء، شبه خاوية»، وامتد الأمر الى حدوث نقص شديد في «أدوية انقاذ حياة»، اضافة الى نقص ادوية للأمراض المزمنة «مثل الأنسولين (طويل الأمد) لمرضى السكري، وبعض أدوية ارتفاع ضغط الدم، والهرمونات».

وتعزى هذه الأزمة إلى توقف شركات دواء كبرى، عن توريد أدوية عدة لمستودعات الوزارة «لعدم حصولها على مستحقاتها المالية»، كما أن الوزارة خفضت موازنات الدواء في مستشفيات كبرى تابعة لها بنسب كبيرة تصل الى 60٪، مثل مستشفى القاسمي في الشارقة، الذي يعد أهم وأكبر مستشفى يتبع الوزارة، اذ انخفضت موازنة الدواء فيه من 80 مليون درهم عام ،2010 الى 32 مليون درهم تقريباً هذا العام، كما تم خفض موازنة الدواء في مستشفى الأمل للصحة النفسية، من ثمانية ملايين درهم العام الماضي الى 5.4 ملايين درهم هذا العام.

وبسبب هذا النقص اضطرت ادارة مستشفى القاسمي ارجاء جراحات قلب مفتوح لبعض المرضى لمدة اسابيع، انتظاراً لوصول عقار أساسي يستخدم في هذا النوع من الجراحات.

وعزا مسؤولون في الوزارة «العجز في الدواء» الى «عدم وجود ادارة مختصة بالتمويل الدوائي في الوزارة، وتطبيق سياسة الموازنة الصفرية في شراء الدواء»، الى جانب «تراكم ديون الوزارة لدى شركات الدواء، ما دفع الأخيرة الى وقف صرف الدواء للمستودعات الدوائية».

وخلال الأشهر الأخيرة، شهدت مراكز طب الأسنان التابعة للوزارة «ازمة حادة» وفق وصف اطباء فيها، اذ عانت نقص المخصصات المالية لها «ما تسبب في إرجاء جراحات مهمة إلى أجل غير مسمى».

وذكروا أن الوزارة خصصت 54 ألف درهم للأدوية والعقاقير وأمصال التطعيم في مركز طب الأسنان في الشارقة لعام ،2011 وخصصت 9000 للدواء في مركز اسنان أم القيوين، للعام نفسه.

ولفتوا الى ان المراكز طلبت تخصيص مبالغ تقدر بـ300 ألف درهم على الأقل للدواء لكل مركز، لتأتي الموازنة بمبالغ «زهيدة».

وذكروا أن مراكز طب الأسنان تعاني نقصاً حاداً في المواد الطبية والأدوية اللازمة لعلاج المرضى، ما أدى إلى تكليف المرضى بشراء احتياجاتهم من الدواء على نفقتهم.

وخصصت الوزارة 18 ألف درهم لصيانة مباني مركز طب الأسنان في جميرا في دبي، خلال العام الجاري، و40 ألف درهم لصيانة مباني مركز طب الاسنان في الشارقة، و50 الف درهم لصيانة مركز طب الأسنان في إمارة رأس الخيمة، و19 الف درهم لمركز اسنان عجمان، وهذه المبالغ «لا تكفي لصيانة شقة صغيرة» وفق تقديرهم.

نقص الكوادر

سجلت مستشفيات تابعة للوزارة نقصاً شديداً في الكوادر الطبية، ما أدى الى تحميل الأطباء مجهوداً مضاعفاً، وبقائهم للعمل ساعات طويلة، ما دفع كثيرين إلى الاستقالة.

كما شهدت الوزارة استقالات بالجملة، لتردي اوضاعهم، وتلقيهم رواتب متدنية، وفق قولهم، نجم عن ذلك اغلاق تخصصات طبية مهمة في المستشفيات، كان اخرها قسم النساء والولادة في مستشفى ام القيوين، لأكثر من ستة أشهر.

وسجلت مستشفيات الوزارة عددا كبيرا من الأخطاء الطبية التي رصدتها «الإمارات اليوم» خلال الأشهر الأخيرة، كان من بينها واقعة النساء المواطنات اللاتي اصبن في حادث سير، ونقلن الى مستشفى ام القيوين، ومات منهن ثلاث مواطنات لتعرضهن الى نزف استمر ساعات عدة، من دون اي تدخل طبي، وتم انقاذ مواطنتين بنقلهن للعلاج في مستشفى راشد بدبي.

إلى جانب واقعة المواطنة التي تعرضت لحادث في الفجيرة، وتم ادخالها مستشفى دبا، وتم اعتبارها متوفاة لساعات عدة، حتى سمعت ممرضة بالمصادفة صوت أنين المريضة تحت الغطاء، لتكتشف انها لاتزال على قيد الحياة.

ولاحظ عاملون في الوزارة ان الوزير السابق كان حريصاً على ان تكون زياراته الميدانية للمشروعات الصحية الجديدة الجاري تنفيذها، في حين كانت زياراته للمستشفيات القديمة، التي تعاني مشكلات عدة، محدودة للغاية.

أحمد فيروز

جاءت مكالمة المواطنة (أم أحمد) عبر أثير راديو الرابعة، اول من أمس، وشكت فيها من تجاهل موظفي وزارة الصحة، مطلبها بسفر ابنها للعلاج في الخارج، لتكون سبباً في التعجيل بإقالة حنيف حسن من منصبه.

وقالت (أم أحمد) لـ«الإمارات اليوم» إن ابنها أحمد فيروز (30 عاماً) يعاني ورماً خبيثاً في الغدد الليمفاوية، وأمراضاً باطنية، وقد طلب أطباء الإسراع بنقله للعلاج في الخارج، فتقدمنا بالتقرير الطبي للمسؤولين في وزارة الصحة قبل ثلاثة أشهر، لكن «الاجابة جاءت بالرفض، بزعم أن علاجه متوافر في الدولة».

واضافت «ساءت حالة ابني في شهر رمضان الماضي، وطلب أطباء بالإسراع في نقله إلى الخارج، انقاذاً لحياته، ووعدنا مسؤولون في الوزارة بعلاجه في الخارج، لكنهم عادوا وتنصلوا من وعدهم، وقالوا لنا «ليس امامكم سوى علاجه في مستشفى توام بالعين».

وتكمل الأم «حاول أبنائي مقابلة مسؤولين قياديين في الوزارة، لشرح حالة ابني لهم، لكنهم رفضوا لقاءهم، ما دعاني للاتصال بالبرنامج الاذاعي، حتى أنقل شكواي للمسؤولين».

وكانت الأم تبكي بشدة، وبدا تأثرها الشديد حزناً على حال ابنها، حتى انها رددت عبارة «حسبنا الله ونعم الوكيل»، وظلت تستنجد بنقل ابنها للعلاج في الخارج.

ويقول مقدم البرنامج، الإعلامي عبدالله بن خصيف، إنه أثناء اذاعة مكالمة الأم على الهواء، تلقينا اتصالات عدة من مكاتب شيوخ ومسؤولين في الدولة، موضحاً ان الاتصال الأول كان من مكتب سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، الذي كلف هيئة الصحة في دبي بعلاج الشاب المواطن في الخارج.

ويضيف «هذه المكالمة سبّبت لي ألماً شديداً، ولم أستطع مقاطعة الأم التي كادت تبكيني على الهواء، وعلى الرغم من أنها هاجمت مسؤولي الوزارة بشدة، إلا أني لا ألومها وأعدها معذورة في ما قالته».

وأكد مخرج البرنامج علي عبدالعزيز، ان «الاتصال الهاتفي من (أم أحمد) كان من دون أي ترتيب، بل كانت مكالمة عشوائية وردت الى الاستوديو على الهواء، وبدورنا نفتح الحديث للجميع لينقلوا شكاواهم وملاحظاتهم من دون أي إعداد مسبق».

تويتر