«الخيالة» تطبّق برنامجاً عالمياً لبناء علاقات خاصة بين الخيول وذوي الإعاقة

شرطة دبي تعالج متوحّدين ومـعاقين بركوب الخيل

إدارة الخيالة تخضع أطفالاً معاقين لبرنامج علاج يعتمد على ركوب الخيل. من المصدر

تطبق شرطة دبي برنامجا إنسانيا بواسطة الخيل، لعلاج المعاقين من مرضى الشلل الدماغي بأنواعه المختلفة والتوحد، بالإضافة إلى كثير من الأمراض التي يعانيها ذوو الإعاقة.

وقال مدير إدارة الخيالة في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي الرائد خبير محمد العضب، إن 35 طفلا ومنتسبا من ذوي الإعاقة يخضعون حاليا للعلاج بركوب الخيل، لافتا إلى أن هذا العمل الإنساني يعد جانبا من العمل الأساسي لإدارة الخيالة، وذلك في حفظ الأمن وملاحقة المجرمين، وتأمين الأحداث المختلفة خصوصا الرياضية.

فيما قال نائب مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية لشؤون الإدارة والرقابة المقدم جمال الجلاف، إن إدارة الخيالة في شرطة دبي شهدت تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة، لافتاً إلى أنه بالإضافة إلى عملها في الشق الجنائي ومكافحة الشغب فهي تعد الإدارة الوحيدة في المنطقة التي تطبق هذا البرنامج العلاجي من خلال ركوب الخيل، لافتا إلى أنه يخدم شريحة المعاقين في جميع أنحاء الدولة، ويستقبل المرضى من خلال مركز دبي لتأهيل المعاقين.

لغة مشتركة

وفي التفاصيل، قال العضب إن برنامج العلاج الذي تطبقه إدارة الخيالة يعتمد على تطوير نوع من العلاقة الخاصة بين المريض والخيل، تتطور إلى درجة تكوين رابط ولغة مشتركة بين المريض والحيوان، تساعد مرضى التوحد والشلل الدماغي على سهولة التواصل مع مجتمعهم الخارجي.

وأوضح أن البرنامج يستند إلى معايير عالمية ودراسات أثبتت فوائد ركوب الخيل، إذا طبق بطريقة علاجية للأشخاص الذين يعانون الشلل الدماغي أو ضمور في العضلات والتصلب المتعدد والاضطرابات الحركية عند فئة متلازمة «داون»، وغيرها من المتلازمات الوراثية.

وأشار إلى أن ركوب الخيل يحتاج إلى انتباه وتركيز، وذلك يفيد الأطفال الذين يعانون فرط النشاط وعجز الانتباه والتركيز أو مرضى التوحد، إذ يساعد على تطوير الإدراك من خلال مدخلات حسية تتعلق بالمكان الذي يركب فيه الخيل، أو من خلال الحيوان نفسه مثل لونه ورائحته وصوته.

وأضاف العضب أن الفائدة العلاجية تصل إلى درجة تأثر المرضى بدرجة حرارة جسم الخيل، فيشعرون بها وتنتقل إلى أجسادهم بطريقة يتحكم فيها المعالج، لافتا إلى أن كل هذه المدخلات تؤثر في النواحي النفسية والعاطفية والاجتماعية لدى المعاق، وتسهم في تحسن حالته ودرجة تواصله اجتماعيا مع الأشخاص القريبين منه.

«برق»

وأكد تحسن الحالة الصحية لكثير من ذوي الإعاقة بصورة لافتة، إلى درجة أذهلت آباءهم، ومنهم طفل مصاب بالتوحد بدأ العلاج قبل تطبيق البرنامج رسميا وارتبط عاطفيا بفرس يدعى «برق»، وحين انشغلت أسرتة بمناسبة خاصة، واضطر للانقطاع عن العلاج فوجئوا بالطفل يطلب «برق» بإلحاح، على الرغم من صعوبة كلام المصاب بالتوحد، وكان يسأل عنه كصديق، فأعادته أسرته إلى البرنامج، بعدما لاحظت تحسن حالته.

ولفت العضب إلى حالة أخرى لطفل يدعى عبدالعزيز، فقد بصره بعد عامين من ولادته والتحق بالبرنامج، وارتبط نفسيا بالخيل لدرجة دفعته إلى الحصول على خيل لنفسه، وطلب ذلك من القائد العام لشرطة دبي فوافق الأخير، وتطورت علاقة خاصة بين عبدالعزيز وحصانه الذي يرعاه ويرافقه كصديق.

وقال مدير إدارة الخيالة إن شعبة التدريب العلاجي بالخيل أنشئت رسميا بعد توقيع اتفاق شراكة بين القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم ووزيرة الشؤون الاجتماعية مريم الرومي، لافتا إلى أن البرنامج يخضع لتقييم مستمر من اخصائيين للعلاج الطبيعي في مركز دبي لتأهيل المعاقين.

وأشار العضب إلى أن الإشكالية التي تواجه الإدارة في تطبيق البرنامج استعجال بعض الآباء النتيجة، منتظرين تحسن الابن بمجرد التحاقه بالبرنامج، وحين لا يلاحظون تحسنا سريعا يتكاسلون عن إحضار أبنائهم، معتبرا أن هذا تصرف سلبي ولا يصب في مصلحة المريض، لأن البرنامج يحتاج إلى بعض الوقت حتى تظهر نتائجه.

 

تقييم طبي

وأضاف أن فريق العمل المسؤول عن تصميم البرنامج العلاجي بركوب الخيل يتكون من طبيب واخصائي علاج طبيعي وعلاج وظيفي وتخصصات أخرى، حسب حالة كل مريض، لافتا إلى أنه يتم إجراء تقييم طبي ونفسي وحركي شامل للمعاق قبل البدء في البرنامج، لتحديد إذا ما كان يعاني أموراً معينة تشكل خطرا عليه في حالة ركوب الخيل، مثل تشوهات العمود الفقري، أو عضلات الرقبة، أو اضطرابات عصبية معينة.

ولفت العضب إلى أن المبدأ الأساسي للإدارة هو عدم التعامل مع المعاقين بنوع من الشفقة، لأن هذا يؤثر سلبا فيهم، ولكن يتم تقديم الخدمة إليهم، باعتبارهم أشخاصاً عاديين، لافتا إلى أنه كان هناك نوع من التردد في البداية، قبل المضي في البرنامج العلاجي بالخيل، لكن حين ظهرت نتائجه الإيجابية مضت الإدارة قدما في تطبيقه، وبدأت شرطة دبي في توفير الإمكانات اللازمة، فضلا عن تأهيل المدربين لمراعاة الجوانب النفسية.

أمان وردع

وحول الجانب الجنائي للإدارة، قال مدير إدارة الخيالة إن الإدارة تقوم بتسيير دوريات في مختلف مناطق دبي، لتحقيق نوع من الأمان العام والردع الخاص للمشتبه فيهم. لافتا إلى أن رؤية دورية الخيل تعطي نوعاً من الطمأنينة لأفراد المجتمع، وتعتمد على عنصر المفاجأة للمتهمين.

وأضاف أن دوريات الخيل تدقق على المشتبه فيهم والمركبات المطلوبة، لافتا إلى ضبط حالات تلبسعدة، ومنها متهم بارتكاب جرائم سرقات فلل عدة، وأثناء خروجه من إحدى الفلل يحمل حصيلة جريمته، فوجئ بالخيل ينتظره بعد نزوله من على سور الفيلا، وتم القبض عليه في حالة تلبس.

«بوني» الصغير

كشف مدير إدارة الخيالة الرائد خبير محمد العضب عن أن إدارة الخيالة طورت بنفسها سرجاً خاصاً لذوي الإعاقة، هو الأول من نوعه في العالم، حتى يستقر المريض بأمان على ظهر الخيل، ولا يتعرض لأي مشكلات أثناء تدريبه، موضحاً أن هناك أنواعاً مختلفة من الخيل تناسب البرنامج، منها «البوني الصغير»، لأنه يتفرد بتحريك جميع عضلات جسمه أثناء الحركة، فضلا عن أنه أكثر أمانا.

إلى ذلك، أفاد نائب مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية لشؤون الرقابة والإدارة المقدم جمال الجلاف. أن البرنامج خصوصا وإدارة الخيالة عموما يحظيان بدعم مباشر وقوي من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الذي يزود الإدارة بالخيول، فضلا عن اهتمامه المستمر بدعم ذوي الإعاقة، ما أسهم في حصول فرسان شرطة دبي على الاعتراف الدولي من قبل أعلى هيئة تصنيف في العالم، وهي المؤسسة البريطانية للخيول وتعد شرطة دبي هي المؤسسة الشرطية الأولى في العالم التي تحصل على هذا الاعتراف.

وأشار إلى أنه يتم تسيير نحو 15 دورية خيالة ليلية في مختلف مناطق الاختصاص، موضحا أن منظر الخيل يعطي نوعاً من الردع ويثير الخوف في النفوس، خصوصا أثناء مباريات كرة القدم، وحين تتم محاصرة المطلوبين والمشتبه فيهم في الشوارع، مبينا أن الميزة التي تتمتع بها الخيل أنها تصل إلى مناطق لا تستطيع الدوريات العادية الوصول إليها أو دخولها مثل السكيك الضيقة في الشعبيات والمناطق السكنية.

وأشار إلى أن الإدارة لها فرعان رئيسان في بر دبي وديرة وتضم نحو 140 خيلا ومزودة بعيادة بيطرية متقدمة للعناية بالحيوانات، فضلا عن مدربين ذوي كفاءة عالية، لإعادة تأهيل الخيول، حتى تتناسب مع اختصاصات الإدارة، سواء الجنائية أو التدريبية والعلاجية.

وأضاف الجلاف أن إدارة الخيالة سجلت خلال النصف الأول من العام الجاري 392 قضية، ضبطت خلالها 388 شخصا بينهم 154 مخالفاً و55 مركبة مطلوبة، مقابل 868 قضية خلال العام الماضي، وضبطت 475 مخالفاً، و186 مطلوباً و82 مركبة، وثماني حالات تلبس و97 مشتبها فيه.

تويتر