نقطة حبر

كيف نجعل الإجازة رحلة مع الإبداع؟

كيف نجعل الإجازة رحلة مع الإبداع ونحن نعيش الآن فترة الإجازة الصيفية للعام الدراسي؟ يحضرني هنا مجموعة من الخواطر التي تجمع بين الجوانب التربوية والاجتماعية، بحيث نعي كتربويين أو آباء وأمهات، أهمية أن نحول هذه الفترة إلى رحلة مع الإبداع والابتكار، لتصبح الإجازة مرادفاً للنشاط والتميز في بناء شخصية الطالب وتزويده بكل ما هو مفيد من قيم وتقاليد أصيلة لمجتمعنا، مجتمع الإمارات الذي تزخر منظومته بقيم ضاربة بجذورها في عمق التاريخ وعراقته. لقد ارتبطت الإجازة في أذهان البعض بأنها فترة زمنية يتحلل فيها الطالب من الالتزام بالوقت، فيقضي الليل مستيقظاً ونهاره في النوم، ومع هذا المفهوم تصبح الإجازة عبئاً على الأسر، فلا يكون هناك تواصل اجتماعي مع الأبناء، وبالتالي تصبح الإجازة مضيعة للوقت وهدراً للطاقة، بل إن بعض النشء يقع في المحظور ويرتكب سلوكيات تصل به إلى حد الوقوع تحت طائلة القانون.

وهنا نؤكد دور الأسرة، فدور الآباء والأمهات مهم واستراتيجي في وضع خطة تجعل من الإجازة منظومة متكاملة ترتكز على جوانب ترفيهية واجتماعية. ‏وعلى ذلك، فالإجازة فرصة ثمينة لتعزيز التماسك الأسري والتواصل بين الأجيال، بحيث يلتقي الأبناء والبنات مع الأجداد ويتعلمون منهم الخبرات والقيم وأنماط الحياة. علينا أيضاً أن نترجم توجيهات القيادة الرشيدة، فكما نعلم جميعاً فإن رعاية النشء والشباب تتصدر أولويات أجندة التنمية الوطنية، وفي هذا الصدد دشنت وزارات وهيئات مجتمعية عديدة برامج لاستثمار الإجازة الصيفية، وتعزيز بناء الشخصية الطلابية، وغرس قيم الولاء والانتماء للوطن لديهم، وترسيخ مبادئ الهوية الوطنية، إضافة إلى اكتشاف المواهب ورعايتها من خلال مدربين متخصصين. وهناك مبادرات كثيرة معنية بهذا الأمر ولا يتسع المقال لحصرها، كلها تستهدف الارتقاء بفكر الطالب أو الطالبة وتوفر له البيئة المعززة على الإبداع والابتكار، إدراكاً منها لأهمية وضرورة استثمار هذه الفترة الزمنية من عمر الطالب والمعروفة بالإجازة الصيفية، وقد نجحت مثل هذه المبادرات في اكتشاف المواهب وتنميتها وتعهدتها بالرعاية طوال العام الدراسي، وقد شهدت الأسر لمثل هذه المبادرات بالتميز وأصبحت تترقب برامجها من عام لآخر، إدراكاً منها للدور الرائد الذي تقوم به وللنتائج التي آتت ثمارها في شخصيات الأبناء والبنات.

منها على سبيل المثال: صيف ثقافي، وصيف بلادي، وصيفنا مميز، وكذلك أجيال شرطة الغد، وصيف أبوظبي، وملتقى الشمالية، ومدهش، وغيرها الكثير من البرامج والأنشطة، ومعها أيضاً الرحلات العائلية الداخلية والخارجية، التي ينبغي أيضاً أن تحمل طابعاً تعليمياً وثقافياً واجتماعياً يضيف إلى رصيد الطالب معرفة وعلماً وثقافة، ويجعل من هذه الرحلات، خصوصاً الخارجية، جسوراً للتواصل الحضاري مع العالم ونقل قيم وتقاليد وحضارة الإمارات إليهم.

في الختام، ينبغي علينا كآباء وأمهات أن نوجه الأبناء والبنات لتغيير مفهوم الإجازة الصيفية، بحيث يختفي مفهوم الكسل، وتتحول الإجازة إلى رحلة مع الإبداع والابتكار وصقل الشخصية، وتوسيع مداركها نحو مستقبل مشرق لوطن يستثمر في أبنائه وبناته.

أمين عام جائزة خليفة التربوية

تويتر