أكاديميون دعوا إلى التنسيق بين الجامعات والدوائر الحكومية لعرض الأبحاث العلمية على الجهة المختصة

أرفف المكتبات الجامعية المحطة الأخيرة لرسائل الماجستير

صورة

قال طلبة دكتوراه وماجستير إنهم يقضون ثلاث سنوات أو أكثر في إعداد الرسائل العلمية والبحوث للخروج بنتائج جديدة في مجالاتهم، وفي النهاية يكون مصيرها أرفف مكتبات الجامعات، وذلك نتيجة غياب التنسيق والتعاون بين الجامعات والجهات ذات الاختصاص، التي يمكنها الاستفادة من نتائج وتوصيات هذه البحوث، مشيرين إلى أن بعضهم يعمل بشهادة البكالوريوس رغم حصوله على درجتَي الدكتوراه والماجستير.

مشروعات الطلبة

أكد الرئيس التنفيذي بالإنابة لجامعة خليفة، الدكتور عارف سلطان الحمادي، أن الجامعة تدعم ابتكارات وأبحاث الطلبة المتميزة، وتحولها إلى شركات تكنولوجية، من خلال مركز خليفة للابتكار التابع للجامعة، إذ يتم تمويل المشروعات من خلال شراكة المركز مع صندوق خليفة لتطوير المشاريع، وشركة مبادلة، وشركة توازن، مشيراً إلى أن الصندوق يدعم المشروعات في المرحلة الأولى بمبلغ 300 ألف درهم، ويرتفع في المرحلة الثانية إلى مليون درهم، ويصل في النهاية إلى ثلاثة ملايين درهم، بشرط دخول شركاء في تمويل المشروع من خارج الجامعة.

مصادر وتدريب

أفاد الموقع الرسمي لجامعة زايد، بأن مركز البحوث في جامعة زايد يساند كثير من البرامج المصممة لتعزيز ثقافة البحث في الجامعة، والحصول على بحوث ذات جودة، وهذا ما يعمل على استحداث علوم جديدة في مختلف المجالات.

تتم عملية تشجيع ودعم البحوث من خلال السعي الجاد والجهود الحثيثة التي تقدمها

ويقدم مركز البحوث في الجامعة برنامجا شاملا للمصادر والتدريب، ومستجدات الأخبار، ومعلومات عامة ذات صلة بالبحوث العلمية الجديدة التي يتوصل لها المجتمع البحثي في جامعة زايد، وذلك حرصاً وتأكيداً على الالتزام بخطة البحوث والتطوير.

ورصدت «الإمارات اليوم» شكاوى عدد من حَمَلة الماجستير والدكتوراه من عدم تطبيق نتائج بحوثهم، وفشلهم في الحصول على جهات تمول هذه الأبحاث للاستفادة منها. فيما أكد أكاديميون ضرورة التنسيق بين الجامعات والوزارات والدوائر الحكومية، لعرض الرسائل العلمية على الجهة المختصة، كما يجب على الجامعات نشر أسماء وملخصات الرسائل التي وافقت عليها، لتتعرف إليها الجهات المستهدفة، إضافة إلى منع التكرار والتشابه في الموضوعات.

وتفصيلاً، قال طلبة الدكتوراه: محمد صبري سند، وماجد جلال، وفهد البلوشي، إن «نتائج الأبحاث تظل حبيسة الأدراج، بسبب غياب التنسيق بين الجامعات والجهات والمؤسسات التي يمكن أن تستفيد من هذه الأبحاث»، مشيرين إلى «ضرورة إنشاء أقسام في الوزارات والدوائر الحكومية مهمتها التعرف إلى البحوث والدراسات التي تتناسب مع أنشطتها وأهدافها، وتحويلها إلى أوراق عمل وحقائب تدريبية بالتنسيق مع الباحثين، مع إطلاع أفراد المؤسسة المعنية على نتائج وتوصيات هذه البحوث».

فيما أشارت ندى عبدالله، ومريم سعيد، ونورة حفظي، إلى أنهن «حاصلات على ماجستير في مجالات إدارة الأعمال، والاتصالات والإعلام، والتسويق، لكنهن يعملن بمؤهلهن الجامعي (البكالوريوس)»، لافتات إلى أن «رسائل الماجستير الخاصة بهن لم تغادر أجهزتهن الإلكترونية الشخصية والمكتبة الجامعية».

من جهتهم، دعا طلبة الدراسات العليا: خالد منصور، وأحمد السويدي، وإبراهيم غانم، ومحمد علي عيسى، إلى «التوسع في نشر رسائل الماجستير والدكتوراه إلكترونياً، وإيجاد قاعدة معلومات لها، بما يضمن وصولها لشرائح المجتمع كافة».

ودعا وسائل الإعلام إلى «الإسهام في نشر الأبحاث العلمية لإيصالها إلى المجتمع».

من جانبه، اقترح المدير التنفيذي لقطاع التعليم العالي في مجلس أبوظبي للتعليم، الدكتور محمد يوسف بنى ياس، وضع شرط نشْر مقال علمي في مجلة علمية محكمة، يحوي ملخصاً للبحث ضمن شروط الحصول على الماجستير أو الدكتوراه، مشيراً إلى أن «بعض الدول استفادت علمياً من البحوث بعدما طبقت جامعاتها هذا الشرط ووضعت نشر مقال علمي في إحدى الدوريات العلمية العالمية، حداً أدنى للحصول على الماجستير، وثلاثة مقالات حداً أدنى للدكتوراه».

وأضاف بنى ياس أن «مجلس أبوظبي للتعليم، جهةً رقابيةً، لا يمكنه فرض هذا الشرط على الجامعات، لكن يمكنه تشجيع الجامعات ومساعدتها على القيام بمسؤولياتها الاجتماعية»، لافتاً إلى أن «المجلس أنشأ قاعدة بيانات بحثية للجامعات والمراكز والمؤسسات البحثية في الإمارة تضم أسماء الباحثين وأجهزة البحث في كل مؤسسة، ومعلومات عن الأبحاث، وتم تقسيمها إلى قطاعات بحثية حسب الموضوعات والتخصصات لتسهيل البحث والحصول على المعلومات عنها».

فيما أكد مدير إدارة المنظمات التربوية في وزارة التربية والتعليم، الدكتور حسام سلطان العلماء، أن «حركة البحث العلمي نشطة جداً في الجامعات والمركز البحثية في الدولة، لكن المشكلة أن كثيراً من هذه الأبحاث، رغم أهميتها، يُترك على أرفف المكتبات الجامعية من دون الاستفادة من نتائجه وتوصياته».

وشدد على «ضرورة التواصل بين الجامعات ومؤسسات الدولة من خلال إنشاء مجالس استشارية علمية تضم عمداء وأساتذة جامعيين ومسؤولين في الوزارات والهيئات والدوائر الحكومية، ليكون هناك تداول وتشاور في موضوعات تمسّ وتخدم المجتمع، واستفادة من توصيات الأبحاث، حتى لا تكون الجامعات تعمل بمفردها من دون مردود اجتماعي».

وقال سلطان العلماء «وزارة التربية والتعليم أنشأت قاعدة بيانات إلكترونية تضم أسماء الباحثين في الدولة وعناوين وملخصات كل بحث، للتسهيل على متخذي القرار، وتوفير الجهد والمال والوقت، وإظهار الموضوعات التي لم تأخذ حقها في البحث، والموضوعات التي تشبعت بحثاً، والتعريف بالمساقات التعليمية الجديدة التي يجب أن تركز عليها الجامعات».

وأضاف «يفترض أن تنتج الـ80 جامعة الموجودة في الدولة أبحاثاً، لكن فعلياً هناك 15 جامعة فقط لديها نشاط بحثي موثق وميزانية للبحث العلمي، بينما من المفترض أن تعد كل جامعة مع نهاية العام الدراسي تقريراً لمصلحة الوزارة بالأبحاث التي تمت فيها، وملخصاً لكل منها لترفع الوزارة هذه الأبحاث والتقارير إلى الجهات المعنية في الدولة، كل حسب تخصصه، للاستفادة منها».

وأشار إلى أن «الوزارة دائماً تبادر وتتواصل مع الجامعات في هذا الشأن، لكن بعض هذه الجامعات لا يتجاوب مع مبادراتها، إذ تمت مراسلة الـ80 جامعة وحصلنا على ردود من 50 جامعة، فيما لم تتجاوب الـ30 الأخرى».

في المقابل، أشارت نائب المدير للشؤون الإدارية والمالية في جامعة محمد الخامس بأبوظبي، الدكتورة سميرة النعيمي، إلى أن «مشكلة عدم الاستفادة بكل الأبحاث والأطروحات الجامعية لا تعتبر محلية بل دولية، وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة من أكثر الدول التي تهتم بصفة خاصة بالباحثين والمبتكرين، وتخصص جلسات العصف الذهني والمجالس والمنتديات لطرح ومناقشة الأفكار الجديدة والخلاقة، ما يعطي الباحثين فرصة لعرض أبحاثهم ونتائجهم».

وقالت «نحتاج إلى التوسع في إنشاء مراكز معنية بدراسة الأبحاث والجدوى منها، سواء اقتصادية أو صناعية أو اجتماعية، والتوسع في المسابقات الخاصة بالأبحاث الجامعية، خصوصاً أن بعض الجامعات في الدولة يتبنى البحوث المتميزة التي يتم عرضها في هذه المسابقات ويمولها».

وأضافت «يذهب طلبة الماجستير والدكتوراه خلال إعداد بحوثهم إلى الجهات المعنية بقضية البحث لأخذ معطيات البحث منها، وتتضمن شروط هذه المؤسسات أن يزودها الباحث بنتائج البحث للاستفادة منها، ما يعد قناة تواصل مباشر بين الباحث والجهة المختصة ببحثه للاستفادة من مجهوده البحثي وتطبيقه».

فيما أكد أستاذ الثقافة وتنمية المجتمع بالجامعة الكندية، الدكتور سيف راشد الجابري، «وجود الكثير من حملة الماجستير والدكتوراه بذلوا في رسائلهم العلمية وبحوثهم جهداً كبيراً، وتوصلوا إلى نتائج جديدة، ولم تتم الاستفادة منها بعد»، لافتاً إلى أن «كثيراً من حملة الماجستير والدكتوراه لا يعملون في تخصصاتهم، لذا يجب تخصيص جهة رسمية لحصر أعداد حملة الماجستير والدكتوراه على مستوى الدولة وأنواع أبحاثهم وأطروحاتهم العلمية». وقال «بعد المرحلة الجامعية ينقسم التخصص التكميلي (الماجستير والدكتوراه) إلى قسمين، الأول هدفه تكميلي للعلم والمعرفة والإنجاز والبحث والتنقيب للوصول إلى شيء يفيد المجتمع، فيما يهدف القسم الثاني إلى الترفيه والوجاهة الاجتماعية لتحصيل المسمى الأكاديمي، وأن يسبق لقب دكتور اسم الشخص، وسد الفراغ واستكمال بعض النواقص من دون أي جدوى فعلية من هذه الدراسة».

وشدد على «ضرورة أن يكون لمؤسسات التعليم العالي دور في وضع حد للدراسات العليا غير الجدية، وأن تترفع هذه المؤسسات عن النفعية على حساب الكيفية». ولفت الجابري إلى وجود جامعات حالياً تعطي الماجستير في عام دراسي واحد، ما يُعد شيئاً غير مقبول، لأنها تساوي بين من يدرس للترفيه، ومن يتعب ويخصص كل وقته للعلم. وطالب بوضع شروط وقوانين ملزمة للجامعات في مسألة التصريح في الدراسات العليا، وأن يكون هناك دور رقابي لوزارة التربية والتعليم، خصوصاً في مناقشة الأطروحات ونوع الأسئلة والبحوث المقدمة، وذلك كي لا تكون هناك سرقات علمية وأبحاث قائمة على (القص واللصق) وضمان سمعة التعليم العالي.

تويتر