مسؤولون جامعيون: البحث العلمي يعاني تجاهل القطاع الخاص

7 مجالات بحثية تحتاج إليها الـدولـة بينها علم الفـــــضاء

جامعات الدولة تضم نواة للبحث العلمي لكنها تعتمد حتى الآن على الدعم الحكومي فقط. أرشيفية

حدّدت وزارة التربية والتعليم لشؤون التعليم العالي، سبعة مجالات بحثية تعد ذات أولوية لاحتياجات الدولة، تشمل علم الفضاء، والطب والعلوم الصحية، والابتكار في العلوم الإنسانية والاجتماعية، والزراعة ونظم التغذية، ومصادر المياه، والنقل والمواصلات، وعلم البحار والمحيطات، وذلك دعماً لمشروعات تنموية، منها «مسبار الأمل» للوصول إلى المريخ، وتحلية مياه البحر، ومشروعات الاستدامة ودعم البنية التحتية.

وأكد مسؤولون جامعيون، وجود نواة للبحث العلمي في جامعات الدولة، لكنها تعتمد حتى الآن على الدعم الحكومي فقط، في ظل تجاهل القطاع الخاص دعم مشروعاتها البحثية.

وتفصيلاً، قال مستشار وزير التربية والتعليم لشؤون التعليم العالي، سيف المزروعي، إن هذه المجالات البحثية تم تحديدها بعد إجراء الوزارة والجهات ذات الاختصاص دراسات عدة لتحديد مدى الحاجة إلى هذه المجالات، مشيراً إلى أن البعثات الدراسية الخارجية التي توفرها الوزارة ستركز على هذه المجالات.

«استقطاب»

أشار عميد كلية العلوم في جامعة الإمارات، أحمد مراد، إلى أن الكلية أطلقت مبادرة «استقطاب» خلال العام الجاري، وتهدف إلى تحفيز طلبة الثانوية العامة على الالتحاق بالكلية لتعزيز رغبتهم نحو المنهج العلمي والبحثي، وتضمنت تنظيم زيارات للطلبة إلى مختبرات الكلية، لتنفيذ أبحاث مشتركة بين الكلية ومدارسهم، بإشراف الباحثين المختصين من أعضاء الهيئة التدريسية في الكلية. ولفت إلى وجود مجموعة من الأبحاث المشتركة مع المدارس تم اختيارها عبر المبادرة، تشمل مشروع بحوث إزالة العناصر الثقيلة من مياه الصرف الصناعي، والمياه الجوفية لحماية البيئة، ومشروع استخدام حبيبات النانو المعالجة كيمائياً لمعالجة تلوث مياه الصرف الصناعي.

وأكد المزروعي، لـ«الإمارات اليوم»، أن الوزارة تركز على إعداد الباحث الإماراتي، من خلال إعادة النظر في الأساليب الموجودة في مؤسسات التعليم العام أو التعليم العالي، مشيراً إلى إدخال منهاج الابتكار وريادة الأعمال إلى مساقات التعليم الجامعي بمراحله كافة، كمساق إلزامي يهدف إلى تأصيل ثقافة الابتكار وريادة الأعمال في ميادين التعليم الجامعي، وتطوير معارف الطلبة ومهاراتهم على أسس مبتكرة، وتعزيز دور الجامعات كمنصات علمية وفكرية وثقافية، ترتقي بمخرجات التعليم لدعم مسيرة التنمية وبناء منظومة اقتصادية متكاملة على أسس معرفية تعزز من تفوق الدولة وريادتها العالمية، انسجاماً مع أهداف رؤية «الإمارات 2021».

وأشار إلى أن الوزارة درست عدداً من المقترحات تهدف إلى إدخال القطاع الخاص داعماً للبحث العلمي في الدولة، وعدم الاعتماد على الدعم الحكومي فقط، لافتاً إلى وجود مراكز بحثية خارج المؤسسات التعليمية، وسيتم عمل تنسيق في ما بينها حتى لا يتم تكرار مجالات البحث والتركيز في بعضها دون الآخر، وستعد هذه الخطوة انطلاقة واضحة للبحث العلمي تكسبه ثقة الجهات الحكومية والقطاع الخاص.

من جانبه، قال المدير التنفيذي لقطاع التعليم العالي في مجلس أبوظبي للتعليم، الدكتور محمد يوسف بني ياس، إن البعثات الدراسية للمجلس تتماشى مع توجهات وزارة التربية والتعليم لشؤون التعليم العالي، وتركز على العلوم والهندسة والرياضيات، مشيراً إلى أهمية المجالات التي حددتها الوزارة في دعم التنمية الشاملة التي تنتهجها الدولة.

وأضاف أن هناك نواة للبحث العلمي في جامعات الدولة، مثل جامعة الإمارات العربية المتحدة، وجامعات خليفة والشارقة ونيويورك أبوظبي، ومعهد مصدر، والمعهد البترولي، لكنها تحتاج إلى دعم وتطوير حتى تنتج حلولاً للتحديات التي تواجهها، مؤكداً الحاجة إلى باحثين متميزين لتدريب الباحثين المواطنين، إضافة إلى ضرورة وجود نظام جامعي يدعم البحث العلمي.

وتابع أن البحث العلمي لا يمكن أن ينمو ويتطور من دون دعم مجتمعي، ولا يمكنه الاعتماد على الدعم الحكومي فقط، رغم أهميته، ومن الضروري مساهمة القطاع الخاص، خصوصاً شركات التكنولوجيا في دعم البحث العلمي، وألّا يكتفي بدور المسوق فقط، بل يجب أن ينتقل إلى دور المنتج. وأكد أن المجلس يحرص على إرشاد الطلبة للتخصصات التي حددتها الوزارة والتي تخدم رؤية «أبوظبي 2030»، حيث يتم تنظيم زيارات إرشادية للمدارس ومحاضرات وإعلانات توعية في وسائل الإعلام، إضافة إلى دورات في الجامعات حول دعم البحث العلمي والملكية الفكرية وكتابة البحوث العلمية.

إلى ذلك، أكدت نائب المدير للشؤون الإدارية لجامعة باريس السوربون - أبوظبي، الدكتورة فاطمة الشامسي، أن هناك تحديات أمام تحقيق النتائج المطلوبة في الأبحاث العلمية، أبرزها ضعف دور القطاع الخاص في المساهمة في دعم نتائج الأبحاث وتبني المشروعات البحثية، خصوصاً أن مخصصات البحث العلمي في موازنات مؤسسات التعليم ليست كبيرة.

وأضافت أن وضع قطاع البحث العلمي في الدولة مازال لا يلبي احتياجاتها وطموحاتها المستقبلية، لذا يجب تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في دعم هذا النشاط الحيوي والمهم في دعم جهود التنمية والتطور والبناء في هذا الوطن العزيز، وترسيخ ثقافة البحث العلمي في المجتمع المحلي، وحث المؤسسات التعليمية في القطاعين العام والخاص على دعمه من باب مسؤوليتها المجتمعية، إما عبر تبنّي الباحثين أو عبر تمويل البحوث العلمية. وأشارت الشامسي إلى وجود تحديات في قطاع التعليم العالي، تتمثل في الإقبال الضعيف على بعض التخصصات التي لها أهمية كبرى في الخطط التنموية للدولة، وتواجه عزوفاً، خصوصاً من الطلبة الذكور، ما يعد تحدياً كبيراً في طريق بناء قاعدة من الخريجين تسهم في إنتاج المعرفة

من جهته، أكد مدير البحث العلمي في جامعة أبوظبي، الدكتور أشرف خليل، حرص الجامعة على تنظيم مؤتمر سنوي للبحوث، لتسليط الضوء على مخرجات البحث العلمي التي ينفرد بها الباحثون من أعضاء الهيئة التدريسية، وذلك من خلال رصدهم وتحليلهم للقضايا التي تواجه المجتمع، خصوصاً في مجالات الابتكار وريادة الأعمال والاستدامة، وإيجاد الحلول لها على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لافتاً إلى حرص الجامعة على تخصيص مختلف الجهود والموارد التي تدعم زيادة عدد بحوث أعضاء الهيئة التدريسية وإمكاناتهم، لتشجيعهم على النشر بكثافة في المجلات العلمية المتخصصة المسجلة في قاعدة SCOPUS، وغيرها من قواعد المعلومات العالمية المتخصصة والمتنوعة.

وأشار إلى أن الجامعة جعلت للبحث العلمي مكانة خاصة خلال هذا العام الأكاديمي من خلال تدشين «مركز التميز لمدن ذكية ومستدامة وريادية»، والذي يهدف إلى دعم وتطوير وتنمية أجندة الجامعة للبحث العلمي وتعزيز مخرجاتها من البحوث العلمية المتخصصة، التي تسهم في دعم عملية التنمية الوطنية، ويترأس المركز، الذي خصصت الجامعة له نحو ستة ملايين درهم، ثلاثة مراكز للبحث العلمي، هي: مركز البحوث في البيئات المبنية المستدامة، ومركز البحوث في العمليات التجارية المستدامة، ومركز البحوث في مجال الخدمات الذكية للمدن الذكية.

تويتر