نقطة حبر

لماذا القراءة؟

دكتورة سميرة النعيمي

القراءة درع يحمي عقول الشباب، ويحرّر الإنسان من قيود الجهل والانقياد للأفكار الهدامة، فنور المعرفة يزداد كلما زادت حصيلة القراءة وتطور مستواها، فللقراءة مستويات مختلفة، فأولها يكون رغبة في البحث عن المعارف والعلوم، ثم تتحول إلى هواية تذوّق قرائي، ثم تتطور إلى قراءة تحليلية، فقراءة ناقدة، ومن ثم إلى قراءة إبداعية، تكون معها للقارئ بصمته الخاصة في ما يقرأه.

وفي القراءة تهذيب للنفس، وهي تمنحنا الثقة والقدرة على التحاور والنقاش، وتجعل صاحبها يترفع عن سفاسف الأمور وتوافهها، ويبحث في بواطن الأمور وروائعها، وتزود صاحبها بقوة الصبر، فمع تسارع التطور الحضاري، والاضطرار للتعامل مع الأجهزة والبرامج المحوسبة والمصورة، قد يفقد الطفل والإنسان بشكل عام خاصية الصبر على القراءة.

•نحن بحاجة إلى اكتساب مهارة استقطاع وقت من مشاغلنا اليومية لنشغله بالقراءة المفيدة.

وكما أننا نستشرف بالقراءة المستقبل، ونُغذي بها الخيال العلمي وبذور الابتكار، فإنها أيضاً تُضيف أعماراً إلى عُمرنا، فبها نسافر إلى أمكنة لم نزرها، ونعيش تفاصيل أزمنة لم نعشها، ونربط الماضي بالحاضر، ونستفيد من السِّيَر وعِبر الزمان بتلافي سلبيات من قد مضى، وتبنّي إيجابياتهم وإبداعاتهم لتحسين الواقع وتطويره.

ومن حُرم نعمة القراءة فقد حُرم خيراً كثيراً، ففيها المتعة والسياحة، وفيها العمل والبناء، والتطور الفكري، وبها تتطور درجات الإنسان العلمية وبالتالي المهنية، وترتقي معها مهاراته الاجتماعية، فقراءته للتجارب البشرية تزيد من حنكته وذكائه الاجتماعي، وكذا الجانب الروحي والذاتي، فالقراءة تُشبع هذا الجانب، وتُغذي الروح والعقل معاً.

ولذلك فمن الجميل أن تكون هنالك مجالس قراءة، أو ما يسمى صالونات القراءة في كل مدرسة أو مؤسسة أو حتى في كل منزل، لمناقشة وتحليل ما تتم قراءته، وإلقاء النظر على مكامن الإبداع فيه، والاستفادة من محتواه.

نحن بحاجة إلى اكتساب مهارة استقطاع وقت من مشاغلنا اليومية لنشغله بالقراءة المفيدة، وأن يضع كل منا لنفسه هدفاً بأن يقرأ مجموعة من الكتب في كل عام، وأن نبدأ بشكل تدريجي ومتسلسل في الكم والنوع، وسنجد أنفسنا تلقائياً تطلب القراءة دون أي دوافع، وفي كل المجالات.

قد يعتقد البعض أن الأمر صعب للغاية، والبعض الآخر قد يعتقد أنه سهل جداً، والحقيقة أنه ليس صعباً ولا سهلاً، إنما هو أمر مُيسّر، لكن لمن استمر وواظب عليه، أي أن المفتاح لذلك هو الاستمرارية بالقراءة، والمواظبة على القراءة، فهي الاستراتيجية المُثلى لتحقيق تلك المعادلة.

مديرة إدارة شؤون الطلبة في كلية التطوير التربوي

salnuaimi@ecae.ac.ae

تويتر