نقطة حبر

بذور الاتكالية

الدكتورة سميرة النعيمي - مديرة إدارة شؤون الطلبة في كلية التطوير التربوي

تُعد الدروس الخصوصية إحدى الظواهر السلبية التي يلجأ إليها الطلبة وأولياء الأمور خلال العام الدراسي، خصوصاً في موسم الامتحانات، فعلى الرغم من أن العملية التعليمية تطورت واختلفت عن السابق، خصوصاً في النظام التعليمي الحكومي وقطاع كبير من النظام التعليمي الخاص، حيث إنها الآن تقوم على تفريد التعليم، ومراعاة جميع الاختلافات والقدرات بين الطلبة، التي أصبحت محط نظر المعلم، وهي أساس تخطيطه الدرسي، وأساس وضعه للمهام المعطاة لكل طالب، وبالتالي تغير معها نظام التقييم الذي أصبح لا يعتمد بشكل كُلّي على الامتحانات، فهناك التقارير والمشروعات والواجبات الفردية والجماعية التي تعتمد على المهارات العلمية، مثل الاكتشاف والاستنتاج، وعلى الرغم من ذلك نجد أن ظاهرة الدروس الخصوصية لاتزال موجودة، فما السبب في ذلك؟ ولماذا تستمر هذه الظاهرة بكل آثارها السلبية؟ نتطرق اليوم لآثارها التي تتعدى مجال التعليم، فكيف لنا أن نُدخل بيوتنا من يشكلون خطراً محتملاً على الأسرة؟ وكيف لنا أن نأمن على أبنائنا، صحياً واجتماعياً وفكرياً)، بدخول شخص لم نتأكد من خلوه من الأمراض المعدية مثلاً؟ وكيف نضمن سلامة الأفكار والمعتقدات والسلوكيات التي يحملها هذا الغريب الذي نسّلمه فلذات أكبادنا؟ كيف لنا أن نحافظ على هيبة مهنة المعلم ومستقبل التعليم والبعض يجعلها تنهار أمام الطلبة بذهابه إلى منازلهم وحصوله على مقابل لخدماته؟ وكيف بعد ذلك ندعو الطلبة إلى الالتحاق بمهنة التعليم التي يزدرونها بسبب تلك النماذج من المعلمين، ما يؤثر في عدد المتجهين إلى هذه المهنة النبيلة؟ كيف نضمن جودة أداء هؤلاء المعلمين في صفوفهم وهم يقدمون تلك الدروس فترات طويلة؟ كيف يمكن لهذا المعلم الذي يتنازل عن قيمه وميثاق شرف المهنة أن يبدع وهو منهمك بجمع أكبر عدد من الطلبة، ويستمر في الشرح لهم ساعات طوالاً، كان من المفترض أن يرتاح فيها ليجدد نشاطه ليوم آخر حافل بالعطاء؟ كيف لنا أن نبني في نفوس أبنائنا تحمّل المسؤولية ونعوّدهم عليها، والدروس الخصوصية تغرس فيهم الاتكالية التي إذا لم يتم تداركها ستتحول إلى ثقافة؟

• الدروس الخصوصية تغرس في الطلبة الاتكالية التي إذا لم يتم تداركها ستتحول إلى ثقافة.

إن أسباب وجود هذه الظاهرة تتعدى كون بعض الطلبة يقبلون عليها كمنقذ أخير قبل دخول الامتحانات، ويتجه إليها بعض أولياء الأمور كتبرير وبراءة ذمة من تهمة الإهمال والتقصير تجاه أبنائهم، وتتطور نماذجها لتشمل في الآونة الأخيرة عمل الواجبات والتقارير والمشروعات التي من المفترض عملها داخل الفصل الدراسي. أخيراً فإن التعامل مع هذه الظاهرة يحتاج إلى وقفات حازمة من جهات متعددة.

مديرة إدارة شؤون الطلبة في كلية التطوير التربوي

salnuaimi@ecae.ac.ae

تويتر