تربويون أكّدوا أنها حالات فردية.. و«التربية» اتخــذت إجراءات للقضاء عليها

ذوو طلبة متخوّفون من «العنف المدرسي»

طلبة أكّدوا أن معظم حوادث العنف في المـدارس تنتج مصادفة نتيـجــــــــــــــــــــــــــــــــــــة سوء تقدير للموقف. تصوير: مصطفى قاسمي

أعرب ذوو طلبة في مدارس خاصة في أبوظبي عن مخاوفهم على أبنائهم نتيجة تزايد العنف داخل المدارس أخيراً، مشيرين إلى أن حادث تعرض الطالبة لجين حسين، للضرب من قبل أربعة طلاب، ما أدى لإصابتها بنزيف في المخ أثار قلقهم، مطالبين بتدخل الجهات المعنية لوقف «العنف المدرسي»، وفق تعبيرهم.

وعزوا لجوء الطلبة للعنف ضد زملائهم، إلى أسباب عدة، أولها إهمال إشراف إدارة المدرسة ومتابعتها للطلبة داخلها، وضعف الصلة بين المعلم والطالب، إضافة إلى سوء التنشئة الاجتماعية لبعض الطلبة، وانتشار مشاهد العنف في وسائل الاعلام، وعبر شبكة الإنترنت.

في المقابل، رفض تربويون تحميل المدرسة مسؤولية حالات العنف في بعض المدارس، مؤكدين أن ما يحدث مجرد حالات فردية، وأن الأسرة والإعلام يلعبان دوراً أكبر في تكوين ثقافة العنف لدى الطلبة.

وأكدت إدارة الإرشاد الطلابي في وزارة التربية والتعليم، أنها اتخذت إجراءات عدة، من شأنها معالجة المشكلة، والقضاء عليها، فيما أفاد مجلس أبوظبي للتعليم، بأنه يلزم المدارس بوضع خطط لإدارة سلوك الطلبة، وسجلات للطلاب، تحتوي على بيانات دقيقة، خصوصا بالحضور اليومي والسلوكيات في المدرسة.

وتفصيلاً، قالت والدة ثلاثة طلبة في مراحل التعليم المختلفة (أم سيف)، إن مشكلات السلوك العدواني بين الطلبة تبدأ دائما في السن الصغيرة، نظراً لأنهم في هذه السن لا يعون مفهوم الصداقة، لذا يكون رد فعلهم دائماً عنيفاً في التعبير عن الغضب، مشيرة إلى أن أبنائها تعرضوا لبعض المشكلات مع أصدقائهم في المدرسة، لكنها لم تصل إلى الإيذاء البدني.

وعزت (أم سيف)، تكرار «العنف المدرسي»، وفق تعبيرها، في بعض المدارس خلال الفترة الاخيرة، إلى انتشار الثقافة الغربية في المجتمع، إذ إن مشاهدات معظم الاطفال التلفزيونية تركز على قنوات المصارعة، وبرامج الكرتون العنيفة، إضافة إلى إهمال إشراف إدارة المدرسة ومتابعتها للطلبة داخلها، وضعف الصلة بين المعلم والطالب»، مؤكدة شعورها بالخوف على أبنائها في المدرسة أخيراً.

لعب الأطفال

أبحاث جامعية

أجرت جامعات في الدولة، أخيرا، دراسات حول محفزات السلوك العدواني لدى الطلبة، إذ ميزت الدراسة التي أجراها فريق من الأساتذة في جامعة الإمارات، بين العنف في المدارس وبين السلوك المهيئ له، شارحة أن «العنف بين الطلاب لم يصل بعد إلى حدّ الظاهرة، وفقاً للمعايير العلمية، فأحداثه غير متكررة، وليست ممتدة على فترة زمنية طويلة، إلا أن السّلوك العدوانيّ المهيئ له منتشر بكثرة». وأشارت إلىأأن التفكك الأسري وأساليب معاملة الوالدين الخاطئة، سواء كانت قسوة أو تدليلاً زائداً، هما أهم العوامل المحفزة على العنف بين الطلبة، مؤكدة ضرورة نشر ثقافة مضادة للعنف على مستوى الأسرة والمدرسة والمجتمعّ.

وأكد محـمد خالد، أن لعب الأطفال في السوق الإماراتية، لعبـت دوراً مهـماً في تعلـيمهم العنف، حتى الألعاب الالكترونية كلها تركز على الحروب، والملاكمة والمصارعة، وغيرها من الألعاب القتالية، مشيراً إلى أن الطفل عندما يذهب إلى المدرسة يقلد ما يلعبه في البيت.

وأكد أن العنف دائماً ما يبدأ من المنزل، خصوصاً في حال سوء التنشئة الاجتماعية لبعض الطلبة، إذ إن الطالب العنيف يعتاد مزاولة العنف أولاً في المنزل، ومع أشقائه وأقاربه، قبل أن يتجرأ ويزاول العنف وسط طلبة المدرسة، مطالباً بحماية الطلبة من ظاهرة «العنف في المدارس»، إذ يشعر ذوو الطلبة بالخوف نتيجة زيادة الحوادث التي وقعت أخيراً في مدارس.

وذكرت هند موسى، أنها تشعر بالخوف على أبنائها، بعد أن قرأت أخيراً عن حوادث «عنف مدرسي» وفق تعبيرها، شارحة أن ذلك يعود إلى أن بعض المعلمين أصبح تعاملهم جافاً، وعنيفاً مع الطلبة ويصدر من بعضهم ألفاظ قد تثير الطالب وتدفعه إلى التمرد، بجانب غياب الوالدين أو أحدهما ما يساعد على ظهور مشكلات عدة، خصوصاً مع استبدال الطلبة غياب الآباء الدائم بالأصدقاء والفضائيات وما يبث عبرها من برامج أو مسلسلات وأفلام عنف، مشيرة إلى أن «كل ذلك ينعكس على نفسية الطالب في ظل غياب الأخصائيين المؤهلين جيداً في التصدي لمثل هذه المشكلات».

وأكدت موسى أن المسؤولية مشتركة بين الأهل والمدرسة، وأن أهم شيء في تقويم سلوك الأبناء هو التربية في البيت، لأن دور المدرسة تكميلي لتربية الأهل وذلك بغرس القيم الدينية والأخلاقية وتثقيف الطلاب بمعنى التسامح في ديننا الحنيف، وتثقيفه بالعواقب المترتبة على الاعتداء على الغير.

وأكد طلبة أن إطلاق مصطلح «العنف المدرسي»، أو «العنف الطلابي»، على سلوكيات بعض الطلبة، نوع من التضخيم خصوصاً أن معظم الحوادث فردية، وغالباً ما تنتج مصادفة نتيجة سوء تقدير للموقف، وقال الطالب احمد البلوشي، إن أي حادث يقع في المدرسة يكون مصادفة، وغير مرتب له، وسببه الرئيس المزاح، وإذا تتبعنا معظم مرتكبي حوادث الشجار، فسنجدها بين أصدقاء، وبمجرد انتهائها يستكمل الطرفان صداقتهما.

وأيده في الرأي الطلاب، شاهر حمد، وإبراهيم سالم، ومحمد موسى، مشيرين إلى أن إطلاق مصطلح «العنف المدرسي»، على المشكلات بين الطلاب، هو نوع من التهويل، وأن الأمر أبسط من ذلك بكثير، خصوصاً أن معظم الخلافات لا يصل إلى الاضرار البدنية والنفسية، ويتوقف عند المشاحنات اللفظية، ودائماً ما يتدخل أصدقاء الطرفين المتشاجرين، لتهدئة الأمور وإنهاء الخلاف، وليس العكس كما يتصور البعض.

ثقافة العنف

في المقابل، رفض تربويون تحميل المدرسة مسؤولية حالات العنف الطلابي، مؤكدين أن ما حدث أخيراً في بعض المدارس لا يعدو أن يكون مجرد حالات فردية، وأن الاسرة والاعلام يلعبان الدور الأكبر في تكوين ثقافة العنف لدى الطلاب، وقال مدرس علم النفس عبدالله الأمين، إن هذه السلوكيات تتسبب فيها عناصر عدة، منها اجتماعية واقتصادية وسياسية وأسباب عائدة إلى نظام التعليم وأنظمة التحفيز «الترهيب ـ الترغيب»، وأنظمة التقييم والبيئة المدرسية إلى جانب الخلفية العائلية للطلبة والمدرسين والطاقم التعليمي والعملية الإدارية للمدارس.

وذكرت الاخصائية الاجتماعية، (أم حسام)، أن انتشار العنف بين الطلبة لم يعد يقتصر على مرحلة المراهقة، بل أصبح ايضا بين الطلبة الاطفال، وهو ما اعتبرته مسألة تحتاج لإعادة نظر ووقفة جادة للتصدي لهذه الظاهرة الوافدة على مجتمعنا المدرسي، مؤكدة أنها تشعر بالخوف على الطلبة، خصوصاً صغار السن منهم، معتبرة أن أسباب ظهور حالات العنف الطلابي تعود لوقت الفراغ الكبير غير المستغل، وغياب حافز التعلم بين العديد من الطلبة بجانب ضعف الوازع الديني.

وقالت المشرفة المدرسية، نادية حسان، إن «تحميل المدرسة والمشرفات، على وجه التحديد، التقصير في مواجهة العنف الطلابي، غير منصف».

وأكدت إدارة الإرشاد الطلابي في وزارة التربية والتعليم، أنها اتخذت إجراءات عدة، من شأنها معالجة المشكلة، والقضاء عليها، منها تنفيذ برنامج تدريبي للاختصاصيين النفسيين على مدار ثلاث سنوات، حول المظاهر السلوكية السلبية في المجتمع المدرسيّ، وطرق التعامل معها، إضافة إلى إتاحة خدمات إرشادية وتوعوية للطلبة والآباء، مؤكدة ضرورة وجود اختصاصي نفسي في كل مدرسة.

وأشارت إلى إصدار الوزارة لائحة الانضباط السلوكيّ للطلبة في المجتمع المدرسيّ، وإعداد دليل المدرسة في إجراءات التعامل مع مواقف ومشكلات الطلبة، ودليل الطالب السلوكيّ لمختلف المراحل التعليمية، الذي صدر أخيراً.

وأفاد مجلس أبوظبي للتعليم، بأنه يلزم المدارس بوضع خطط لإدارة سلوك الطلبة، وإعداد سجلات للطلبة، تحتوي على بيانات دقيقة، خاصة بالحضور اليومي والسلوكيات في المدرسة، على أن يرفع تقرير عن كل طالب عقب كل فصل من الفصول الدراسية الثلاثة إلى المنطقة التعليمية، وإحالة حالات الغياب المتكرر إلى مدير المدرسة، أو الاختصاصي الاجتماعي، لبحثها ضمن النموذج المدرسي الجديد.

وأوضح المجلس أنه طالب المدارس التابعة له بمراجعة وتحديث خطط إدارة سلوك الطلبة سنوياً، على أن تتضمن الخطط أيضاً الطريقة التي تعاملت بها المدرسة مع البيانات المتعلقة بالحوادث السابقة، بهدف تحديد نقاط القوة والضعف في إدارة المدرسة لسلوك الطلبة، مشدداً على ضرورة وضع كل مدرسة من مدارس الإمارة خطتها الخاصة لإدارة سلوك الطلبة، بالتعاون مع الاستشاريين المعنيين (الشركات المشرفة على مدارس الشراكة، أو مديرو المجموعات المدرسية)، والطلبة والعاملين في المدرسة، والآباء.

تويتر