«أبوظبي للتعليم» يُعد دراسة حول أسباب عزوف الشباب الإماراتي عن العمل في التدريس

«التربيـة»: نحتـاج إلى 5000 معلم مواطن

المعلمون المواطنون أكثر تفهماً للعادات والتقاليد الإماراتية.. والأقدر على نقلها إلى الأجيال الجديدة. تصوير: تشاندرا بالان

قالت وزارة التربية والتعليم إنها تحتاج إلى ما يقرب من 5000 معلم مواطن، مشيرة إلى تدني نسبة إقبال الشباب المواطنين على العمل في هذا المجال.

وأضافت أن تأهيل هذا العدد من المعلمين سيستغرق نحو 15 عاما، لأن إعداد المعلم يحتاج إلى خمس سنوات دراسة بعد الثانوية العامة، وقوام الدفعة لا يزيد على 500 طالب.

وحذر تربويون ومعلمون مواطنون من تراجع نسبة المعلمين المواطنين في الحقل التعليمي، خصوصاً الذكور، لافتين إلى أن عزوفهم عن العمل في التدريس أصبح ظاهرة جديرة بالدراسة. وعزوا سبب ذلك الى تدني المقابل المالي للعمل في التعليم، مقارنة بمهن أخرى تتطلب بذل مجهود أقل، إضافة إلى تراجع تقدير المجتمع لمهنة المعلم، والنظر إليها على أنها من المهن الاقل شأناً في المجتمع.

وكشف مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، الدكتور مغير خميس الخييلي، أن المجلس يجري دراسة حول مكانة المعلم في المجتمع، والنظرة العامة للمهنة، مشيراً إلى وجود إطار عملي لهذه الدراسة يغطي اتجاهات الموضوع، وأبعاده، ويتضمن وضع الآليات الكفيلة بعلاجه، والتي تشمل الجانب المادي، والمعنوي، والعلمي.

وأوضح أن هناك إجراءات وتدابير جديدة سيعلن عنها قريباً، تهدف إلى توفير بيئة تعليمية جاذبة، قادرة على استقطاب شباب الوطن، وتهيئة السبيل أمامهم للإبداع والابتكار والتدرج في سلم الترقي، مؤكداً استمرار علاوة خليفة التي قررها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، للمعلمين منذ 20 عاماً، لتشجيعهم على الانضمام إلى سلك التعليم.

لقاءات تعريفية

وأضاف: «نجري لقاءات تعريفية لطلاب الصف الثاني عشر، في كل من الرويس والعين ومدينة زايد وأبوظبي، لتعريف الطلاب بأهمية مهنة االتعليم، ودوره في بناء المجتمع، بهدف استقطاب معلمين إماراتيين جدد، مشدداً على أن حرص المجلس على التدريب والتطوير المستمر للراغبين في الالتحاق بسلك التدريس سينعكس إيجابا على قدراتهم ومهاراتهم، الأمر الذي يمهد الطريق للارتقاء بالمستوى التعليمي لطلابنا وطالباتنا في السنوات المقبلة.

ويبلغ عدد المعلمين الذكور المواطنين في المجلس 500 معلم في مناطق أبوظبي والعين والمنطقة الغربية، مقابل 6000 معلمة مواطنة، من أصل 14 ألف معلم وإداري يمثلون إجمالي عدد الهيئات الإدارية والتعليمية بالمجلس.

وأكد وكيل عام وزارة التربية والتعليم، علي ميحد السويدي، أن المشكلة الاساسية في عزوف المواطنين الذكور عن الالتحاق بالحقل التعليمي، تعود الى ضعف العائد المالي، مقارنة بالوظائف الأخرى، الحكومية والخاصة، مثل الجيش، والشرطة، والاتصالات والبترول. وقال: «نحتاج إلى دعم أكبر لإقناع المواطنين بالعمل في التعليم، وإعادة هيكلة الرواتب، وسرعة الترقي والتدرج الوظيفي».

التفكير المادي

وعزا السويدي هذه الظاهرة إلى الظروف الاقتصادية، وسيطرة التفكير المادي على عقول الشباب، «إذ أصبحت المطالب الاقتصادية هي الهم الأول، وتراجع النظر الى المطالب الاجتماعية»

وأضاف: «لابد من تغيير الثقافة وإعادة هيبة المعلم، والسمعة الطيبة لمهنة التعليم» مشيراً إلى وجود برنامج في الوزارة يهدف الى تعريف المجتمع بأهمية دور المعلم المواطن في بناء الكوادر الوطنية، والحفاظ على ثقافة وهوية المجتمع الاماراتي».

وكشف السويدي أن عدد المعلمين المواطنين التابعين للوزارة يصل إلى 9000 معلم ومعلمة، لا يتعدى عدد المعلمين الذكور بينهم 600 معلم، وهي نسبة تقارب 7٪ من إجمالي المعلمين المواطنين، مشيرا إلى أن التخصصات العلمية مثل الرياضيات والعلوم واللغة الانجليزية تعاني غياب العنصر المواطن في هيئة تدريسها.

وشدد على ضرورة إيجاد استراتيجية واضحة ومعلنة على مستوى الدولة، لتغذية الحقل التعليمي بمعلمين مواطنين، مشيراً إلى أن الوزارة تحتاج إلى ما يقرب من 5000 معلم مواطن، وذلك سيتطلب فترة طويلة من الزمن لتكوينهم، لأن إعداد المعلم يحتاج إلى خمس سنوات دراسة بعد الثانوية العامة، وقوام الدفعة لا يزيد على 500 طالب، وفي هذه الحالة نحتاج نحو 15 عاما لتوفير هذا العدد. وطالب السويدي بتضافر الجهود الحكومية والخاصة على مستوى الدولة لإعداد وتنظيم هذه الاستراتيجية، وتحديد مدة زمنية واضحة لإنجاحها من أجل استمرار دفع العملية التعليمية إلى الأمام والارتقاء بها.

عدم تقدير المعلم

من جانب آخر، رسم معلمون مواطنون عاملون في سلك التعليم، صورة لوضع المعلمين الراهن، مستعرضين ما اعتبروه أسباباً للعزوف عن العمل في هذا المجال.

وقال مدرس اللغة عربية، صالح سعيد الشامسي، إن المزايا التي يحصل عليها العاملون في الميدان التربوي قياساً بتلك التي يحصل عليها أقرانهم العاملون في الدوائر والمؤسسات الحكومية الأخرى تجعلهم يشعرون بعدم الاستقرار، وعدم تقدير المعلم.

وأكد علي الحمادي، وهو موجه تربوي، أنه نصح أبناءه بعدم الالتحاق بالميدان التربوي، إذ إنه بعد خدمة في هذا المجال قاربت 30 عاما، يتقاضى راتباً أقل من راتب موظف في البلدية، معتبراً أن مهنة المعلم فقدت قدسيتها وقيمتها.

وطالب الحمادي بإعادة الاعتبار الى المعلم المواطن، وتعويضه عن الجهد الذي يبذله في تخريج اجيال تساعد في نمو الوطن والحفاظ على الهوية الوطنية وثقافة المجتمع وما يتصل بهما من عادات وتقاليد أصيلة متوارثة يجب التشبث بها والمحافظة عليها وترسيخها في نفوس الأجيال المتعاقبة، مشيراً الى أن تلك غاية لا يمكن تحقيقها بعيداً عن المعلمين المواطنين، باعتبارهم الأقدر والأكثر تفهماً لتلك العادات والتقاليد الأصيلة المتوارثة.

وأكد مدرس الاجتماعيات سالم حسان، أنه يشعر بالخوف من المستقبل، خصوصاً مع اختلاف مفاهيم الأجيال وأفكارهم، إذ بات التدريس شقاً من العذاب، ويزيده مشقة كثرة الأعباء التي لا يمكن وصفها لمن لم يجربها. وأشار إلى أن راتبه لا يكاد يكفيه وأسرته، خصوصاً أن المعلمين المواطنين يرفضون العمل في مجال الدروس الخصوصية لتحسين دخلهم الشهري.

وقال إن كثرة الأعباء المالية تحول دون جودة أداء المعلم، واستدرك: «لكن إذا كنا نتحدث عن الاهتمام بالمعلم، فيجب ألا يقتصر الاهتمام على الجانب المادي فقط، بل لابد أن تسبقه إعادة هيبة المعلم ومكانته في المجتمع».

تويتر