تربويّون يرون أن الدولة بحاجة إلى التخصصات كافة.. و«أبوظبي للتعليم» يؤكد تحديدها وفق متطلبات الحكومة

اقتصار المنح الدراسية على «العلمي» يُحبط «الأدبي»

طلاب «الأدبي» أكدوا أنه ليس من الإنصاف أن يتم تخصيص كل المنح الداخلية والخارجية لطلبة «العلمي». تصوير: تشاندرا بالان

أكد تربويون أن عدم إدراج التخصصات الأدبية للطلاب خريجي القسم الأدبي المواطنين في الثانوية العامة ضمن برامج المنح الدراسية الداخلية والبعثات الخارجية التي يقدمها مجلس أبوظبي للتعليم واقتصارها على التخصصات العلمية فقط للطلاب خريجي العلمي المواطنين في الثانوية العامة يؤثر سلباً في تنمية مهارات طلاب القسم الأدبي وإبداعهم المهني ويقف حجر عثرة أو عائقاً أمام تميزهم ومستقبلهم المهني، كما يدفعهم إلى الشعور بالإحباط نظراً لإحساسهم بأن تخصصاتهم الأدبية غير مرغوبة أو مقبولة من قبل الجهات المانحة، وذلك مقابل استحواذ نظرائهم من طلاب القسم العلمي «خريجي الثانوية العامة» على المنح وتمتعهم بمميزات إضافية عنهم.

وأضافوا أن الدولة بحاجة إلى جميع التخصصات الأدبية والعلمية معاً، ولا ينبغي التركيز فقط في خريجي القسم العلمي ويتعين تخصيص عدد من المنح للتخصصات الأدبية التي تعاني نقصاً في الكوادر المواطنة مثل الإعلام وإدارة الأعمال والقانون والفنون.

وتساءل طلاب مواطنون حصلوا على الثانوية العامة «أدبي» من مدارس حكومية في أبوظبي، قائلين إذا كانت الدولة لا تحتاج إلى التخصصات الأدبية فلماذا تمتلئ الهيئات الحكومية بالمئات من الأجانب ذوي التخصصات الأدبية؟

في المقابل، أكد مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم الدكتور مغير خميس الخييلي لـ«الإمارات اليوم» أن الحكومة لها متطلبات وتخصصات معينة تحاول أن تنميها ولهذا تم توجيه المنح لهذه التخصصات بصرف النظر عن أن تلك التخصصات علمية أو أدبية، موضحاً أن المجلس لا يهدف إلى تركيز المنح على طلبة القسم العلمي فقط وحرمان طلبة الأدبي منها إنما حاجة سوق العمل الحالية تتطلب التركيز في تخصصات الجانب العلمي وتشجيع الطلبة على الدخول في هذه التخصصات.

مضيفاً أن هناك تخصصات ذات أولوية حسب أجندة حكومة أبوظبي ووفق رؤية أبوظبي .2030

وتفصيلاً قالت مديرة مدرسة أم عمار للتعليم الثانوي في أبوظبي أمينة الماجد، إن الدولة بحاجة إلى التخصصات العلمية والأدبية وبحاجة إلى تعيين متخصصين مواطنين في مختلف هيئاتها التي تعاني نقصاً في أعداد المواطنين فيها، لافتة إلى أنه لابد أن يتم توزيع المنح على تخصصات مختلفة وعدم اقتصارها على التخصصات العلمية فقط، لأن ذلك يعمل على إحباط طلاب الأدبي ويعوق تنمية مهاراتهم، بسبب إحساسهم بعدم أهمية التخصص الذي يدرسونه لأنهم لم يلاقوا التشجيع الذي يؤهلهم للتفوق في تلك التخصصات، مضيفة أن طلاب «الأدبي» يعانون نفسياً جراء شعورهم بالتجاهل.

وذكرت مديرة مدرسة فلسطين للتعليم الثانوي في أبوظبي شيخة الزعابي، أن معظم الطلاب الحاصلين على الثانوية العامة العام الجاري من القسم الأدبي بنسبة تزيد على 80٪ لم يحصلوا على هذه المنح، مشيرة إلى أنه لابد أن يتم تقديم برامج منح لمعظم التخصصات العلمية والأدبية التي تعاني نقصاً في عدد المواطنين العاملين فيها، متسائلة هل التخصصات الأدبية مثل القانون والإعلام والإدارة غير مطلوبة في الدولة؟

«الأدبي» ليس سهلاً

وأشارت الزعابي إلى أن القسم الأدبي ليس سهلاً كما يتصور البعض وذلك بدليل أن طلاب الأدبي يدرسون كل التخصصات العلمية، إضافة إلى تخصصاتهم الأدبية، موضحة أن الدراسة الأدبية ليست مقصورة فقط على الفلسفة واللغة العربية، لكنهم يدرسون أيضاً أحياء وفيزياء وجيولوجيا وكيمياء، لذا ينبغي ألا يحرم طلاب «الأدبي» من برامج البعثات ولابد من تشجيعهم على تنمية مواهبهم ومهاراتهم، وذلك من أجل بناء جيل من الشباب والفتيات الإماراتيين على درجة عالية من الكفاءة في التخصصات كافة.

وترى مديرة مدرسة القادسية للتعليم الثانوي في أبوظبي سهيلة المحيربي، أن التخصصات الأدبية مثل القانون والإعلام والإدارة والتربية مهمة جداً، وهي تخصصات يزداد الطلب عليها لدى الجهات المختصة حيث إنها بحاجة مستمرة إلى كوادر مواطنة مؤهلة لشغل الوظائف المختلفة،أ لافتة إلى أن نسبة كبيرة من الطلاب المواطنين خريجي تخصصات أدبية.

ودعت إلى إعادة النظر في مخرجات التعليم الثانوي من جديد وتغيير المناهج لسد الفجوة بين التعليم العام والتعليم الجامعي.

استراتيجية تعليمية

وأفادت نائبة رئيس مؤسسة دبي للإعلام عضو المجلس الوطني الاتحادي وعضو لجنة شؤون التربية والتعليم والشباب والإعلام والثقافة في المجلس نجلاء فيصل العوضي، بأن كل دولة لها استراتيجية تعليمية واحتياجات معينة، وعلى أساسهما يتم اختيار التخصصات التي تقدم فيها المنح حسب احتياجات قطاعات الدولة المختلفة، لافتة إلى أن ذلك لا يمنع أن يكون هناك منح خاصة بطلاب الأدبي المتميزين.

وأكدت الطالبة المواطنة فاطمة راشد، الحاصلة على شهادة الثانوية العامة في القسم الأدبي العام الدراسي 2009/2010 من مدرسة حكومية في أبوظبي، أنها اختارت الدخول إلى القسم الأدبي رغبة منها في خدمة دولتها في مجال الإعلام، لافتة إلى أن ميولها الإعلامية كان ينميها حاجة الدولة المستمرة إلى استقطاب الإعلاميين المواطنين للعمل في المؤسسات الإعلامية المختلفة في الدولة (المرئية والمسموعة والمكتوبة) التي تعاني نقصاً شديداً في الكوادر المواطنة.

وأشارت راشد إلى أن عدم وجود أي تخصصات أدبية في برامج المنح الداخلية والخارجية هذا العام كان إجحافاً بحقهم، إضافة إلى كونه تجاهلاً لفئة من الطلبة المواطنين التي تخرجهم مدارس الدولة، لافتة إلى أن ذلك أصابهم بحالة من الإحباطأ كما سيؤدي إلى دفن مهاراتهم ومواهبهم، لأن الدولة ليست بحاجة إلى التخصصات العلمية فقط،أ فجميع الدوائر الحكومية في الدولة تعاني نقصاً في الكوادر المواطنة.

طلاب مهمّشون

وذكرت الطالبة المواطنة عائشة محمود الحاصلة على شهادة الثانوية العامة في القسم الأدبي العام الدراسي 2009/2010 من مدرسة حكومية في أبوظبي، أنه ليس من الإنصاف أن يتم تخصيص كل المنح الداخلية والخارجية لطلبة العلمي أو لدراسة التخصصات العلمية فقط، متسائلة هل الدولة لا تحتاج إلى التخصصات الأدبية التي يدرسها الطلبة المواطنون؟أ وإن كانت لا تحتاج إلى التخصصات الأدبية فلماذا تمتلئ الهيئات الحكومية بالمئات من الأجانب ذوي التخصصات الأدبية؟

الطلاب المتفوقون

أعلن مجلس أبوظبي للتعليم، أخيراً، عن فتح باب التسجيل في برنامج المنح الدراسية المحلية للعام الدراسي 2010/ ،2011 ويهدف هذا البرنامج إلى استقطاب الطلاب والطالبات المواطنين المتفوقين الحاصلين على 85٪ فما فوق في شهادة الثانوية العامة، أو ما يعادلها في المدارس الخاصة للالتحاق بالبرنامج واستكمال دراستهم الجامعية في التخصصات التي حددها المجلس وهي «الهندسة الإلكترونية، الهندسة الكهربائية، هندسة الفضاء الجوي، الهندسة المعمارية، الهندسة الميكانيكية، علوم المواد، الاقتصاد، المحاسبة، المالية، الطب»، إضافة إلى تقديم منح دراسية للطلبة الجامعيين الملتحقين ببرامجهم الدراسية في التخصصات المحددة.

كما سيحصل هؤلاء الطلبة خلال فترة الدراسة على مكافأة شهرية قدرها 6250 درهماً للأعزب و6875 درهماً للمتزوج، أما في حال التفوق الدراسي فيعتمد المجلس تحديد مكافأة عن الأداء المتميز خلال السنة الدراسية للطلبة الحاصلين على30 ساعة بمعدل 3.60 أو أكثر، ويتضح أن التخصصات المطروحة للمنح كلها علمية خاصة بطلاب القسم العلمي فقط، لذا لم يتمتع طلاب القسم الأدبي بتلك الامتيازات التي منحت لنظرائهم في القسم العلمي.

وقالت إن الدولة تحتاج إلى كل التخصصات سواء كانت علمية أو أدبية والمفترض ألا تكون المنح الدراسية حكراً على طلبة العلمي فقط، موضحة أن ذلك يشعرهم بالإحباط وبأنهم طلبة مهمشون وغير مرغوب فيهم أو في تخصصاتهم في المجتمع، الأمر الذي يؤثر سلباً في تنمية وتعزيز مواهبهم ومهاراتهم.

وأيد الطالب حمد عبدالله الحاصل على شهادة الثانوية العامة العام الجاري من مدرسة حكومية في أبوظبي ما ذكرته الطالبتان فاطمة وعائشة، مضيفاً أن هذا الأمر انتشر بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، إذ أصبحت التخصصات العلمية وحدها هي المنفردة بكل المنح سواء كانت داخل الدولة أو خارجها، وسواء كانت مقدمة من مجلس أبوظبي للتعليم أو غيره من الجهات الحكومية الأخرى، موضحاً أن عدم إدراج منح للتخصصات الأدبية في الجامعات يعتبر عائقاً أمام تميزهم ويؤثر سلباً في مستقبلهم المهني.

وأوضح مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم الدكتور مغير خميس الخييلي، أن الإمارة بحاجة إلى كل التخصصات سواء كانت علمية أو أدبية، أوأن متطلبات سوق العمل وحاجة المؤسسات العاملة في إمارة أبوظبي قد تتغير في المستقبل وتحتاج إلى تخصصات أدبية وتالياً يمكن حينها أن يتم فتح المنح للتخصصات الأدبية المطلوبة، مشيراً إلى أن التخصصات التي يوجد فيها وفر في سوق العمل في الدوائر العاملة في الإمارة لا داعي لتقديم منح لها حالياً، ولكن عند الحاجة إلى مزيد منها يتم إدخالها في برامج المنح. وأشار الخييلي إلى أن المجلس يسعى من خلال برنامج المنح الدراسية إلى تلبية احتياجات سوق العمل وتوفير كوادر إماراتية مؤهلة لديها الكفاءة الأكاديمية والمهنية لتسهم في تحقيق حاجة ومتطلبات المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية في الإمارة.

تويتر