‏طالبوا بتشريعات مشـددة تقلـص ظاهـرة العنف في المدارس‏

‏تربويون: لائـحة السلوك الطلابي غير رادعة‏

تربويون: الأسرة والمدرسة والإعلام وراء انتشار ظاهرة العنف بين الطلاب. الإمارات اليوم

‏أكد تربويون أن الأسرة والمدرسة والإعلام وراء انتشار ظاهرة الشغب والعنف بين طلاب المدارس، معتبرين أن «لائحة السلوك الطلابي التي وضعتها وزارة التربية والتعليم غير رادعة للحد من الظاهرة، وبحاجة إلى مزيد من التفعيل والتشديد والمتابعة»، مطالبين في الوقت نفسه بتشريعات جديدة مشددة تحكم سلوك الطلبة داخل المدارس، لا تخضع لأية استثناءات من قبل الإدارات المدرسية، لتقليص هذه الظاهرة.

وتفصيلاً، قال مدير مدرسة المعارف الحكومية محمد الماس، إنه لا يمكن إلقاء اللوم على جهة واحدة وجعلها سبباً رئيساً في انتشار ظاهرة العنف أو الشغب بين الطلاب، إذ تتحمل كل من الأسرة والمدرسة وبعض الجهات الأخرى، مثل الإعلام والبلديات، دوراً في وجود وتسهيل وانتشار الظاهرة.

وأضاف أن انتشار هذه الظاهرة يتم من خلال السماح بعرض أفلام العنف، والأسلحة البيضاء في الأسواق لتكون في متناول الجميع، وإضفاء صفة البطولة على شخصيات سينمائية تتبنى العنف باعتباره أسلوباً للتعامل، في ظل غياب وندرة البرامج الهادفة التي تحث الطلاب على التسامح وتقدم النصائح والمبادئ الواجب الالتزام بها.

واعتبر الماس أن «ظاهرة العنف بين الطلاب تعدت الخطوط الحُمر، في ظل إحجام أطراف كثيرة عن دورها التربوي، وانتشار أسباب الانحراف وتوافرها بين أيدي الطلاب، خصوصاً أنهم في مرحلة عمرية حرجة، مثل انتشار المخدرات وأدوات التدخين المختلفة كالمدواخ والسجائر، مشيراً إلى أن «هذه الأشياء يتعين على الجهات المسؤولة منع تداولها، كونها أسباباً بديهية وأولية في انحراف سلوك الطلاب».

وأكد دور الأسرة في انحراف سلوك الطلاب أو تقويمه، خصوصاً أن مرحلة التنشئة تكون تحت رعايتها، ويمكنها فيها غرس ما تشاء من القيم والمبادئ القويمة التي تكون حائلاً دون انحراف سلوكهم، لافتاً إلى أن «العنف الطلابي لا يقف فقط على استخدام السكاكين والمشاجرات بين الطلاب، لكنه يتمثل أيضاً في أي رد فعل غير تربوي من قبل الطالب على مدرّسه، أو أحد أفراد أسرته، إذ يتحول العنف اللفظي في ما بعد إلى استخدام أدوات مختلفة في المشاجرات».

وطالب الماس المشرعين بإفساح المجال للآباء في ما يتعلق بالناحية التأديبية لأولادهم، إذ عادة يلجأ بعض الأبناء إلى الشرطة في حال تعنيف الأب لهم أو تأديبهم بالضرب مثلاً، وتمنعهم الشرطة من ممارسة هذا الحق، مشدداً على أهمية استخدام الآباء للعنف المقنن بهدف تقويم سلوك أبنائهم.

ودعا إلى إيجاد حلقات نقاشية تجمع ممثلين من أطراف المشكلة لوضع آلية تحد من انتشار الظاهرة داخل المدرسة وخلف أسوارها، معتبراً الإجراءات الحالية ليست رادعة بما يكفي، ونادى بضرورة إصدار قوانين وتشريعات على مستوى الدولة تحكم هذا السلوك.

وعزا مدير عام مدارس الأهلية الخيرية محمد روبين، وجود ظاهرة العنف الطلابي، إلى مدى الانضباط المدرسي وقدرة الوزارة على التفاعل مع الطلاب للتقليل منها، إضافة إلى وجود خلل في توجيهات بعض الآباء لأولادهم، تدفعهم إلى مزيد من العنف، مثل مطالبتهم بالدفاع عن أنفسهم بأية طريقة، إضافة إلى ضعف الرقابة المدرسية على الطلاب، وغياب العدل في العلاقة بين الطالب والمعلم، التي تبرز من خلال محاباة المعلم لطالب على الآخر، ما يدفع الطلبة للعنف والشغب.

وأضاف أن التشريعات الموجودة حالياً، المتمثلة في لائحة السلوك المدرسي، غيررادعة لوقف العنف في الوقت الجاري، لكون الطلاب يرون أن إجراءاتها العقابية تعد مخففة، ويمكن التخلص منها بطرق عدة، ما يدفع كثيراً من الطلبة إلى التجرؤ على ارتكاب الأخطاء، بغض النظر عن هذه اللائحة، مشدداً على أهمية اتخاذ المدارس إجراءات وقائية قبل أن تتخذ إجراءات عقابية.

من جهته ذكر الاختصاصي الاجتماعي في مدرسة محمد بن راشد للتعليم الثانوي في دبي، يوسف محمود، أن أسباباً عدة تقف وراء انتشار ظاهرة الشغب في المدارس، تتمثل في شدة الضغوط التي يعاني منها الطلاب في بيوتهم من قبل بعض الآباء، ما يدفعهم للتنفيس عن أنفسهم بين زملائهم في المدرسة، إضافة إلى معاناة بعضهم من مشكلات أسرية مثل «الطلاق، تعدد الزوجات، البطالة وعدم عمل الأب، وتعرّض أحد الوالدين للسجن».

وتابع «يدفع أيضاً حب الظهور وإثبات الذات وحب الزعامة بعض الطلاب إلى استخدام العنف، وكذلك سيطرة حال من الإحباط والحرمان على بعض الطلاب وانعكاس ذلك على تصرفاته، إضافة إلى تقليد بعض الشخصيات السينمائية والاقتداء بها، كما يحدث في بعض الأفلام والمسرحيات، إضافة إلى عدم متابعة الأسر لأبنائها بشكل جيد، وسوء معاملة بعض المعلمين للطلاب وتهميشهم».

وأضاف يوسف أن بعض المدارس تظهر بها تكتلات و«شللية» من الطلبة، إضافة إلى ارتباط حالات الرسوب المتكرر لدى بعض الطلبة بأعمال الشغب، كما أن هناك بعض المدارس تمثل بيئة طاردة للطلاب، بسبب سيادة جو من الملل والروتين بينهم.

وأشار إلى أن أبرز مظاهر العنف والشغب بين الطلاب تظهر في إتلاف وتحطيم أثاث المدرسة، والعبث بالمختبرات، والتمرد على الواقع التعليمي، وعدم احترام اللوائح والنظم، وإحداث الشغب أثناء الحصص المدرسية، فضلاً عن بعض المظاهر الأخرى التي تظهر تجاه إدارة المدرسة والمدرسين، متمثلة في الاعتداء البدني، ورفض اللوائح الصادرة عنهم، وعدم احترام الطلبة للمعلمين. أما مظاهر الشغب بين الطلاب بعضهم بعضاً فتظهر في عمليات السرقة، والاعتداء بالضرب، والمشاجرات داخل الحافلات المدرسية.

وشدد يوسف على ضرورة التصدي للظاهرة بشكل جيد، كونها تؤدي إلى تدمير البناء الأخلاقي والسلوكي للطلاب، وتعمل على توجيه طاقتهم في ما يضر، وانتشار الفوضى في المدارس، وإخراج جيل ضعيف علمياً وثقافياً غير قادر على تحمل المسؤولية والاعتماد على النفس، وتكرار حالات الفشل والرسوب، ولجوئهم إلى المخدرات وارتكاب الجرائم.

وحذر الاخصائي الاجتماعي في مدرسة دبي الثانوية رضا المسيري، من خطورة العنف بين الطلبة، رابطاً تلك الظاهرة بضعف التحصيل الدراسي بشكل كبير، واتخاذ بعض الطلبة سلوكاً عدوانياً تجاه الآخرين، وعزا ذللك بالدرجة الأولى إلى البيئة المحيطة التي ينشأ فيها الطالب، معتبراً إياها العامل الأكثر تأثيراً.

وذكر المسيري أن بعض المدارس تحاول أن تلعب دوراً في التصدي لهذه الظاهرة، بوضع كاميرات مراقبة لرصد سلوك الطلاب، سواء في المحيط المدرسي أو الحافلات المدرسية.

وأشار في الوقت نفسه إلى أن تطبيق لائحة السلوك الطلابي بشكل فعلي يحول دون حدوث وانتشار مثل تلك الظواهر، إلا أنه لوجود بعض الاستثناءات وأخذ بعض الإدارات المدرسية لاعتبارات الخواطر وغيرها، تفقد تلك اللائحة فاعليتها وجديتها، في حين إذا تيقن الطالب من مدى شدة تلك اللائحة ستكون حائلاً دون تبنيه لسياسة العنف، مطالباً بتفعيل تلك اللائحة بشكل جيد. ‏

تويتر