آراء

مسرعات حماية الطفل

يتحدث الكثيرون في الآونة الأخيرة عن منظومة حماية الطفل، بما تحتويه من عناصر مهمة، كالتدابير المتخذة لحماية الأطفال من شتى أنواع الإساءة، وخدمات الرعاية اللاحقة. وتعتبر دولة الإمارات من الدول الرائدة في مجال حماية الطفل، وتولي قيادتنا الرشيدة اهتماماً كبيراً بالطفل، وتسعى إلى تلبية جميع احتياجاته، وتوفير البيئة التي تضمن له الأمن والاستقرار، ومن هذا المنطلق فعّل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، قانون حماية الطفل رقم (3) لعام 2016، المعروف بقانون وديمة، الذي يحفظ للطفل حقوقه، بدءاً من الولادة، كحق التسمية، وغيرها من الحقوق الصحية، والتعليمية، والاجتماعية.

وبعد دخول قانون وديمة حيز التنفيذ، هل نحن بحاجة إلى مسرعات لحماية الطفل؟ فبمجرد تسليطنا الضوء على الوضع الراهن، يتبين لنا أن أهم مسرع في يومنا هذا هو إصدار اللوائح التنفيذية، التي ستسهم في تفعيل عناصر منظومة حماية الطفل بالطريقة الأمثل في الدولة، وستعزز آلية تشبيك وتنسيق الخدمات التي تزودها جميع الجهات والمؤسسات المعنية بالطفل على أرض الواقع، إذ ستوضح اللوائح التنفيذية الأدوار والمسؤوليات المستندة على قانون وديمة لكل من الجهات والأفراد، كالآباء، والمعلمين، ومديري المدارس، والممرضين، والأطباء، وغيرهم، الذين يتواصلون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مع الطفل. كما أن اللوائح التنفيذية ستساعد جهات الدولة المختلفة على وضع الإجراءات الاحترازية، التي تهدف إلى وقاية الأطفال من التعرض للإساءة والاستغلال، كتدعيم البيئة المدرسية ـ على سبيل المثال ـ بسياسات مدرسية معنية بحماية الطفل، ومدعّمة بإجراءات تدعم دور الكادر المدرسي في حالات الاشتباه في تعرض الطلبة لأي نوع من أنواع الإساءة، كإجراءات الكشف عن الإساءة، وتبليغ الجهات المختصة.

كما ستلعب اللوائح التنفيذية دوراً جوهرياً في رسم خريطة خدمات الرعاية اللاحقة. وتعتبر الرعاية اللاحقة أحد عناصر منظومة حماية الطفل المهمة، وتعرف بالخدمات النفسية، والصحية، والاجتماعية، التي تقدم للأطفال ضحايا الإساءة، للتخفيف من آثار الإساءة، ولتسهيل إعادة دمجهم في المجتمع. ولعل أهم مبادرات الرعاية اللاحقة هو توفير آلية ممنهجة لعمل الجهات المعنية المزودة للخدمات، كالإسعافات الأولية النفسية للأطفال ضحايا الاعتداء الجسدي، وغيرها من الإساءات.

وللحصول على منظومة حماية للطفل، تتماشى مع متطلبات القرن الـ21، يستلزم التأكد من منهجية كل المبادرات التي تخدم الطفل، ومتابعتها وتقييمها للتأكد من فعاليتها. وكأفراد علينا التكاتف مع سائر الجهات والمؤسسات لتعزيز حماية أطفالنا من كل أنواع الإساءة، ولنسعَ جميعاً لتكون جودة خدمات حماية الطفل، بما فيها الرعاية اللاحقة، تتناسب مع دولة لا ترضى إلا بالرقم واحد، خدمات كفيلة برسم ابتسامة أمل على وجوه الأطفال ضحايا الإساءة.

تويتر