آراء

إهمال الأطفال.. مأساة إنسانية وعقوبة منتظرة

باتت تطل علينا برأس دميم في الآونة الأخيرة حالة من الإهمال الأبوي في حق الأبناء في سن الطفولة، ولا يمكن أن نسميها ظاهرة مجتمعية، بيد أنها آخذة في النمو، نظراً لما يتسم به بعض الآباء من رعونة وصلف في تعامله مع أطفاله، خصوصاً الطفل العنيد صاحب الميول العدوانية، الذي يُحجم عن طاعة والديه، فتكون العقوبة من جنس العمل، ويناصبه والداه العناد والعدوانية، دون أن يكون هناك حل لمشكلة الطفل النفسية، والتفاهم معه للوصول إلى حالة من الاستقرار النفسي، تسهم في احتوائه وتقويم سلوكياته، ويكون البديل عواقب كارثية.

انشغال الوالدين بصفة مستمرة في الحياة التي صارت تتسم بالسرعة يدفعهما إلى ترك الطفل في محل غير آمن عليه، وإهماله ساعات طويلة، ما يؤدي أحياناً إلى تعرضه لمخاطر تصل إلى الإصابة أو الوفاة. وتطالعنا الصحف بشكل دوري بحوادث مأساوية، منها موت أطفال تركهم ذووهم في السيارة أو المنزل ساعات للتسوق، إما عقاباً للطفل، أو نسيانه أثناء نومه، فيموت اختناقاً داخل السيارة، أو صعقاً بالكهرباء، أو قفزاً من إحدى شرفات المنزل.

وعلى هذا النحو، فإننا نحتاج لأن نلقي نظرة سريعة على الحماية القانونية التي أصبغها المشرّع الإماراتي على الطفل في مثل هذه الحالات، وما ينتظر الأبوين المقصرين من عقوبة في الدنيا، وما ينتظرهما في الآخرة من سوء المنقلب.

قانون العقوبات الاتحادي، في الباب السادس، اهتم كثيراً بحماية الطفل ومسؤولية من يتولى رعايته، سواء الآباء أو غيرهم، من أي إيذاء أو ضرر يتعرض له نتيجة الإهمال، ومعاقبة كل من يعرض الطفل للخطر، فنصت المادة 349 من قانون العقوبات الاتحادي على عقوبة الحبس لكل من عرض للخطر، سواء بنفسه أو بواسطة غيره، حياة حدث لم يتم 15 سنة، ثم تم تغليظ العقوبة إذا وقعت هذه الجريمة من أحد الأصول، ثم تم تغليظها أكثر إذا ترتب على هذا الإهمال عاهة مستدامة أو موت الطفل، فتصل العقوبة إلى السجن 10 سنوات. كما عاقبت المادة 350 من قانون العقوبات الاتحادي من عرّض طفلاً لم يتم السابعة للخطر، وجعلت العقوبة الحبس الذي يصل إلى ثلاث سنوات والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين.

ولم يكتفِ المشرّع الإماراتي في هذا الصدد بنصوص قانون العقوبات، إذ أفرد قانوناً خاصاً لحماية الطفل، عرف فيه معنى إهمال الطفل، وهو: «عدم قيام الوالدين أو القائم على رعاية الطفل باتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على حياته وسلامته البدنية والنفسية والعقلية والأخلاقية من الخطر، وحماية حقوقه المختلفة».

ونص في المادة (7) منه على أن للطفل الحق في الحياة والأمان على نفسه.

ونهى في المادة (33) منه عن اعتياد سوء معاملة الطفل، وعن عجز الوالدين عن رعايته وتوفير الحماية له، وحظر في المادة (36) تعريض الطفل للتعذيب، أو الاعتداء على سلامته البدنية، أو إتيان أي عمل ينطوي على القسوة.

وأفرد عقوبات خاصة لمخالفة أحكامه، راوحت بين الحبس والغرامة، في تكامل تشريعي لتوفير الحماية الكاملة للطفل.

تويتر