آراء

حيل المتسوّلين

ننتظر كل عام شهر رمضان المبارك، وهو شهر خير ورحمة وبركة، ويعاد السيناريو السنوي في حيل المتسولين التي لا تنقطع أبداً، وهم في الواقع محتالون ويستغلون الصائمين في هذا الشهر الفضيل للاستيلاء على أموالهم بحجة الحاجة والفقر.

عقوبة التسول غير مجدية، ونحن في انتظار تطبيق عقوبات أشد بشأن جريمة التسول.

فتتعدد الطرق من شخص لآخر، فمنهم من يطرق الباب، ومنهم من يحاول التسلل لجهة عمل خاصة، والآخر يستوقفك في الشارع، والبعض يلاحقك بسيارته أو ينتظرك أمام محطة الوقود كي يستغل أكبر شريحة ممكنة، والبعض يكون حارساً لجهاز الصرف الآلي، فبمجرد استخدامك للجهاز وسحب النقود يلجأ إليك ويطلب.

أما من حيث أساليب احتيال المتسولين فهي كثيرة، فمنهم من يجلب معه الأطفال ويستخدمهم في استعطاف الآخرين، ومنهم من يمثل أنه كان في زيارة للدولة وفقد محفظة النقود وليس لديه ما يسدد قيمة الفندق أو ليس لديه ما يطعم أسرته في الفطور، والآخر يأتي بتقرير طبي مزوّر ويمشي على رجل واحدة، والآخر تسانده عصا (عكاز) ويقول في نفسه إن شكلي ومشيتي تكفران عن السؤال.. إلى آخره من أساليب يبتكرها المحتالون من المتسولين، لأنهم تركوا الطلب في المساجد وأصبحت موضة قديمة تم اكتشافها.

ولا شك أن الأغلب الأعم قادمون زيارة إلى الدولة فترة شهر رمضان، لتنفيذ السلوك الإجرامي الاستعطافي على الصائمين، وهذه الظاهرة تهدد الأمن في كل عام وطوال العام، لتستغل أصحاب القلوب الرحيمة لسلب أموالهم.

وعقوبة التسول ليست مجدية بشكل رادع، لأن المنظم لهذه العقوبات هو الأمر المحلي لمكافحة التسول رقم 43/‏‏‏‏‏1989، إذ ينص في المادة الثانية:

«يحظر على كل شخص ولو كان غير صحيح البنية أو غير قادر على العمل أن يتسول».

وفي الفقرة الثانية فإن اصطناع الإصابة بجروح أو بعاهات أو استعمال أية وسيلة أخرى من وسائل الغش بقصد التأثير على الغير لاستدرار عطفه. وقد نصت في عقوبات الأمر المحلي إذا كان الشخص صحيح البنية ووجد متسولاً يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز الشهر وبالغرامة التي لا تتجاوز 3000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، وإذا كان شخص غير صحيح البنية يعاقب بالمدة لا تتجاوز 15 يوماً وبالغرامة 1500 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، وإذا كان المتسول أجنبياً أمرت المحكمة بإبعاده، وإذا عاد المحكوم عليه لارتكاب جريمة التسول خلال سنة من تاريخ صدور الحكم يعاقب بالحبس لمدة لا تتجاوز الشهرين وبغرامة لا تتجاوز 5000 أو بإحدى هاتين العقوبتين.

في النهاية نلاحظ أن عقوبة التسول غير مجدية، ونحن في انتظار تطبيق عقوبات أشد بشأن هذه الجريمة. والقانون لا يمنع عمل الخير بل يقننه بطريقة منصفة، ولكي تصل الأموال للمحتاجين الحقيقيين، وذلك عن طريق الجمعيات الخيرية المصرح لها من الدولة والمنتشرة بشكل يسهل على كل شخص التصدق من خلالها.

تويتر