«الاتحادية العليا» نقضت حكماً قضى بتعويضه 900 ألف درهم

أب يطالب بـ 25 مليون درهم تعويضاً عن تعرض نجله لحروق كيميائية

نقضت المحكمة الاتحادية العليا، حكماً قضى بتعويض أب مبلغ 900 ألف درهم، بعد تعرض نجله لحروق في مكبّ مخلفات كيميائية، تابع لمصنع إسمنت، وأحالت المحكمة القضية لمحكمة الاستئناف لنظرها مجدداً، في ضوء تمسك والد المجني عليه، بتعويض 25 مليون درهم.

وتعود وقائع الحادث الذي تعرض له نجل المدعي، عندما سقط في مكبّ لمخلفات المواد الكيميائية لأحد مصانع الإسمنت، ودين مديره بموجب حكم جزائي باتّ، وحمل مع مالك المصنع، مسؤولية الأضرار الجسيمة التي أصيب بها المجني عليه جراء الحروق البليغة التي شملت مساحة كبيرة من جسمه، وتم ترقيع الجلد بمناطق الفقد الواسعة بالطرفين السفليين، وفقد مساحة كبيرة من أنسجة الجلد، وفقد الإحساس بمناطق متفرقة بطرفيه السفليين، وإعاقات مركبة بحركات مفصلي الركبة والكاحل على الجهتين، وافتقاد الغدد العرقية، وتدخلات جراحية، متعددة خطرة شكلت ضغطاً عصبياً ونفسياً على المجني عليه.

وأقام والد المجني عليه دعوى طالب فيها بـ25 مليون درهم تعويضاً عن الأضرار المادية والمعنوية اللاحقة بابنه، حيث قال إن «ابنه وآخر تعرضا لحروق جسيمة أثناء تجولهما وذويهما في منطقة بجوار المصنع، وتم إدخاله إلى المستشفى، ولفداحة الإصابات تم نقله إلى الخارج للعلاج، وكان المتسبب في الضرر هو مدير مصنع الإسمنت، ولوحق جزائياً عن إهماله، وعدم وضع سلامة الآخرين في اعتباره، بأن أسهم في إلقاء مواد ذات صبغة كيميائية في مكان لا تنطبق عليه شروط الأمن والسلامة، الأمر الذي أدى إلى سقوط ابنه وحدوث الحروق الكيميائية المشار إليها في التقرير الطبي».

وقضت محكمة أول درجة بندب الطبيب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي على المجني عليه، وتعويض والد المجني عليه 900 ألف درهم، ثم قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم وإلزام المدعى عليهما بفائدة بنسبة 6% من تاريخ الحكم حنى تمام السداد، والتأييد في ما عدا ذلك.

ولم يلقَ هذا القضاء قبولاً لدى المدعى عليهما، فطعنا عليه بالنقض، كما طعن عليه والد المجني عليه.

ورفضت المحكمة الاتحادية العليا طعن المدعى عليهما، مؤكدة: «مسؤوليتهما التقصيرية طالما أن هناك حكماً جزائياً باتاً، أو أن مدير المصنع التابع الطاعنة، وأن الطاعنة لم تقدم الدليل على أن هناك خطأ من المجني عليه أسهم في وقوع الضرر، علماً بأن الطاعنة تقر بأن المكان الذي تصب فيه مخلفات المصنع الكيميائية غير آمنة، إذ إنها ذات خطر عام يحتم عليها اتخاذ احتياطات إضافية وحراسة شاملة، لمنع إيذاء أي أحد من طارقي هذا المكان مكب مخلفات المصنع، واتضح إهمالها بالحكم الجنائي الباتّ، مكتفية بعزو السبب للجهة المسؤولة عن الموقع، التي صرحت للمصنع بإلقاء مخلفاته في ذلك المكان، ولمرور المجني عليه من ذلك المكان المطروق، الأمر الذي يضحى معه النعي في ما استقل عليه غير قائم على أساس متعين الرفض».

من جهة أخرى، أيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن والد المجني عليه ضد الحكم، بشأن قيمة التعويض المقدر، موضحة أن «الدية تجب بتفويت منفعة الجنس وتفويت الجمال على الكمال، أما الأرش فيجب بتفويت منفعة الجنس، وهو قد يكون أرشاً مقدراً أو غير مقدر، فالأول هو ما حدد الشارع مقداره، والثاني هو ما لم يرد به نص فيترك للقاضي تقديره وفق اجتهاده، وتستحق عنه حكومة العدل على أن يقدر التعويض بقدر الضرر التزاماً بالقاعدة الشرعية «لا ضرر ولا ضرار»، وأن الضرر ينبغي أن يزال، فلا يكون تقدير الحكومة جزءاً من الدية، ولا يوجد ما يمنع شرعاً من أن يجاوز التعويض الجابر للضرر على أساس حكومة العدل مقدار الدية الشرعية، طالما أنه جابر للضرر الذي وقع فعلاً».

وأوضحت المحكمة أن «الحكم لم يستظهر حقيقة السبب الذي أقام عليه المدعي دعواه، ومبناه ما حاق بابنه من ضرر اضطر لعلاجه داخل الدولة وخارجها، بما كان يتعين معه على الحكم أن يستظهر حقيقة الضرر بجميع عناصره شاملاً الخسائر اللاحقة، والكسب الفائت، إن كان له محل أو مقتضى وسند من الأوراق حتى تبسط محكمة النقض رقابتها على هذه العناصر، باعتبارها مسألة قانونية، والأسباب المبررة لما انتهى إليه من رأي، والمصدر الذي استقى منه قضاءه، بحيث يستنفذ منه الكشف عن وجه الحق في الدعوى، مما جاء معه الحكم موصوماً بالقصور في التسبيب، بحيث أعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق لقانون على واقعة الدعوى، وهو ما يوجب نقضه مع الإحالة من غير حاجة لبحث بقية أوجه الطعن».

تويتر