السحر والشعوذة

تغيرت في الآونة الأخيرة أنشطة السحرة والمشعوذين للهروب من الملاحقة القانونية لأعمالهم المحرمة شرعاً والمؤثمة قانوناً، لكن المشرع كان لهم بالمرصاد؛ حفاظاً على أمن وسلامة المجتمع، لاسيما أن أساليبهم في المكر والخداع تنطلي على البسطاء، كما ينخدع فيهم عدد ليس بقليل.

لذلك تم تغليظ وتشديد العقوبة المقررة لأفعال السحر والشعوذة للقائم بهذه الأفعال، وشملت العقوبة أيضاً الشخص الذي يستعين بالساحر أو المشعوذ، وقد أورد المرسوم بقانون اتحادي رقم 7 لسنة 2016 صوراً جديدة لم يسبق أن شملتها المادة 316، إذ تضمن المرسوم بقانون خمس صور بالفقرتين 1 و2 مكرر للقائم بهذه الأفعال، سواء كانت بمقابل أو بدون - ومنها القول أو الفعل المخالف للشريعة الإسلامية إذا قصد به التأثير في بدن الغير أو قلبه أو عقله أو إرادته مباشرة أو غير مباشرة حقيقة أو تخيلاً،والتمويه على أعين الناس أو السيطرة على حواسهم أو أفئدتهم بأي وسيلة لحملهم على رؤية الشيء على خلاف الحقيقة بقصد استغلالهم أو التأثير في معتقداتهم أو عقولهم، أو ادعاء علم الغيب أو معرفة الأسرار أو الإخبار عما في الضمير بأي وسيلة كانت بقصد استغلال الناس.

ولمزيد من الردع تقرر عقوبة الإبعاد على الشخص الأجنبي أياً كان نشاطه في هذه الأفعال، وجاء النص عاماً بمعنى شموله للشخص القائم بهذه الأفعال أو الشخص الذي يستعين بالساحر، ونحن من جانبنا نؤيد هذا التغليظ بشدة ونثمنه، وحتى يتحقق الردع العام لدى الجميع وحتى تبطل تماماً البضاعة الواهية التي بيد الساحر، لأنه دون وجود طالبين للخدمات الوهمية التي يؤديها للبسطاء المنخدعين فيه.. ستبور بضاعته؛ لذا غلظ المشرع العقوبة للقائمين بأعمال السحر والشعوذة وشمل العقاب أيضاً طالبي هذه الأفعال.

(يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استعان بساحر بقصد التأثير في بدن الغير أو قلبه أو عقله أو إرادته، أو جلب أو استورد أو أدخل إلى الدولة أو حاز أو أحرز أو تصرف بأي نوع من أنواع التصرف في كتب أو طلاسم أو مواد أو أدوات مخصصة للسحر والشعوذة).

والمستفاد من النص القانوني السابق عرضه هو مواجهة المرسوم بقانون لكل أعمال السحر والشعوذة، وقد توسع المرسوم ليشمل مجموعة صور لم يشملها التأثيم سابقاً للقضاء على هذه الظاهرة تماماً ومحوها نهائياً، وردع الممارسين لهذه الأعمال حتى يعودوا إلى جادة الصواب، ويكفوا عن أذى الناس مادياً وأدبياً

لذلك لم يكتفِ المرسوم بقانون بمواجهة الأشخاص القائمين بهذه الأعمال فقط بل أيضاً أفرد عقوبتي الحبس والغرامة للأشخاص الذين يلجؤون لهؤلاء السحرة والمشعوذين، ومنح المرسوم للقاضي حرية الاختيار بشأن إيقاع عقوبة الحبس أو الغرامة تبعاً لظروف وطبيعة الشخص المتعامل مع الساحر، وللتفرقة كذلك بين مدى تأثير هذه الأفعال عليه شخصياً أو انصرافها للغير، وكما أسلفت فإني أؤيد هذا التشديد والتغليظ في العقوبة، تحقيقاً للردع العام.

لذا يجب أخذ الحيطة والحذر وتجنب الأشخاص الذين قد يصبغون أعمالهم تلك بصبغة دينية للهروب من المساءلة القانونية، كونهم أناساً بعيدين كل البعد عن الدين، وإنما يتخذون من تلك الصبغة ستاراً لأعمالهم، لاسيما أن المرسوم قد شمل بالتأثيم والعقاب الساحر والمشعوذ ومن يلجأ إليهما.

تويتر