أكدوا تعرضهم لتطاول لفظي واعتداء من مراجعين

موظفو خدمة عملاء: العميل ليس دائماً على حق

صورة

«العميل دائماً على حق»، مقولة ليست صحيحة في كل الأحوال، حسبما يرى موظفو خدمة عملاء الذين يتعرضون في مواقف عدة للتطاول والاعتداء اللفظي غير المبرر ـ حسب وصفهم ـ من قبل مراجعين يتسمون بالعصبية وعدم ضبط النفس.

مراقبون لرصد الاعتداءات

شدد أخصائي الطب النفسي، الدكتور محمد سامح طالب، على ضرورة وجود مراقبين في أماكن العمل المختلفة، لرصد أي اعتداء قد يصدر من المراجع ضد الموظف، من أجل معرفة الضغط النفسي الذي تعرض له هذا الموظف، وتالياً التعامل معه بما يتوافق مع ما أصاب نفسيته من ضغوط تتطلب منحه إجازة تكون بمثابة فترة راحة أو تغيير لمكان عمله، من أجل تلاشي أي تبعات نفسية قد تحدث لهذا الموظف جراء الموقف الذي تعرض له.

ولفت إلى أن بعض الوظائف يوجد بها تعامل مباشر مع الجمهور، كمهنة الطب واستقبال المراجعين في المؤسسات والهيئات المختلفة، وأيضاً خدمة العملاء، وهذا الاحتكاك المباشر مع المراجع أو المتعامل قد تنتج عنه إشكاليات، قد يكون الموظف هو سببها أو العميل نفسه، لذا فإن مثل هذه الوظائف تتطلب من الموظف أن يتسم بصفات، أهمها الصبر وسعة الصدر، من أجل تحمل الضغوط اليومية التي قد تنتج من تعامله مع العملاء.

وفي هذه الحالة لا سبيل أمام الموظف سوى القانون العام، المتمثل في إبلاغ الموظف للجهات الأمنية في حال توافر دليل مادي، الأمر الذي يتطلب تركيب كاميرات مراقبة في الأقسام التي يتم فيها التعامل المباشر مع الجمهور، وفق الموظفين.

الهيئة الاتحادية للموارد البشرية أوضحت أن من التشريعات الصادرة في هذا الشأن وثيقة «مبادئ السلوك المهني وأخلاقيات الوظيفة العامة»، التي تؤمن للموظفين حق الحماية والاحترام والإنصاف، وتوفر لهم ظروف عمل آمنة.

المواطنة (أم عبيد) ـ التي تعمل موظفة خدمة عملاء في أحد مركز صحي بالشارقة ـ تعرضت مرتين لاعتداء لفظي من مراجعين، حسب قولها، مشيرة إلى أنها لم تجد من يرد إليها حقوقها، رغم أنها توجهت بشكوى إلى وزارة الصحة ووقاية المجتمع بهذا الخصوص.

وعن إحدى المرتين، قالت «دخل مبنى المركز مقيم عربي، كان يتكلم بصوتٍ عالٍ، موجهاً إليها ألفاظاً غير مقبولة، لأن طفله الرضيع تعرض لحساسية جلدية طفيفة، بسبب جرعة التطعيم التي تلقاها في اليوم السابق، ولم يصرف المركز دواءً ضد الحساسية التي قد تحدث، كون الدواء لا يصرف من صيدلية المركز إلا للمواطنين، ووجه إليها ألفاظاً غير مقبولة، وكان يتكلم بانفعال حاد».

ورأت أن تعرض موظفي خدمة العملاء لهذه المواقف دون مبرر مقنع يقلل من قدرهم، كما أن غياب العقاب للطرف الآخر يجعله يتمادى في تطاوله.

وتابعت «موظفو الإدارة يتدخلون لحل أي إشكالية أو خلاف قد يحدث بين الموظف والمراجع خلال دوامنا الصباحي، إلا أنه في حال تعرض موظف خدمة العملاء لتطاول من أي عميل، سواء كان لفظياً أو جسدياً، خلال الدوام المسائي، فإن الأمر قد يتفاقم ليصل إلى مشاجرة بينهما، نظراً لعدم وجود إدارة أو طرف ثالث في جهة العمل يتدخل لحل المشكلة».

أما زميلتها في العمل (أم علي) فطالبت بقانون رادع للعميل الذي يتطاول على الموظف بغير وجه حق، لتجنيب موظف خدمة العملاء التعدي اللفظي المتكرر الذي يشعره بالإهانة.

وروت أن «عميلاً طلب جرعة تطعيم خاصة بالمسافرين لأداء الحج، وحين طلبت منه دفع رسوم الخدمة إلكترونياً، رفض وأصرّ على الدفع نقداً، وحين أبلغته بأن هذا الأمر غير مطبق، رفع صوته، وتلفّظ بألفاظ غير لائقة، وكان يضرب الطاولة بيديه بقوة تدل على غضبه، ولم يكن أمامها إلا الصمت تداركاً للموقف».

فيما رأى الموظف في إحدى الدوائر الاتحادية في الشارقة، خالد بدر، أن من الضرورة تركيب كاميرات مراقبة في أقسام خدمة العملاء أو الأقسام التي يتعامل فيها الموظف بشكل مباشر مع المراجعين، لتوثيق هذه المواقف، والحفاظ على حقوق العميل والموظف في حال حدث خلاف بينهما حول معاملة أو غيرها، والتي تكون مرجعاً لكليهما، لافتاً إلى وجود دورات تعطى لموظفي خدمة العملاء بطرق التعامل مع المراجعين، إذ تعتبر جهة العمل هي المسؤولة عن محاسبة الموظف عن أي سلوك غير مقبول يصدر عنه تجاه العميل، وفي المقابل لا توجد جهة تحاسب العميل في حال تطاوله على الموظف سوى القانون العام، المتمثل في إبلاغ الموظف لمركز الشرطة في حال توافر دليل مادي يدين هذا العميل.

وناشد الجهات التي تخدم بشكل مباشر مع العملاء، وضع لائحة عند البوابة الرئيسة، تضم حقوق وواجبات العميل والموظف الذي يتعامل معه، من أجل أن يعي كل طرف حقوقه وواجباته.

مدير عام الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، الدكتور عبدالرحمن العور، قال إن وثيقة مبادئ السلوك المهني وأخلاقيات الوظيفة العامة الصادرة بقرار من مجلس الوزراء، تعد مصدراً مهماً ومرجعاً لخلق ثقافة مؤسسية تدعم القيم المهنية للموظف الحكومي، وتنمي فيه روح المسؤولية والتمسك بالأخلاق في التعامل مع مرؤوسيه وزملائه في العمل أو جمهور المتعاملين.

وتهدف الوثيقة إلى غرس وتنمية مجموعة من القيم الأساسية في بيئة العمل، والحفاظ على السمعة الطيبة للدولة، وتعزيز روح المسؤولية لدى الموظف العام، وتدعيم القيم المهنية لديه، وترسيخ نهج للتعامل بين الموظفين أنفسهم من جهة، ومتلقي الخدمة من جهة أخرى، وتقديم أفضل الخدمات للمستفيدين لتعزيز الثقة والصدقية، وفق العور، الذي أضاف «مما لا شك فيه أن المشرع وازن بين حقوق الموظف وواجباته، فكما أنه مطالب بتأدية واجباته الوظيفية بأمانة ونزاهة وموضوعية، له حق الحماية والاحترام والإنصاف، وتوافر ظروف عمل آمنة وعادلة وصحية، تلبي المتطلبات الأساسية له واحتياجاته وأهدافه الشخصية والعملية».

وجاء في اللائحة أنه إذا تعرض الموظف العام لأي إجراء، سواء من قبل رئيسه المباشر أو أحد زملائه أو أي شخص من العامة أثناء تأدية وظيفته، وكان يتعارض مع قواعد السلوك الوظيفي، يجب على الموظف إبلاغ رئيس الجهة أو أي شخص آخر في إدارة الجهة بشأن المسألة كتابياً، من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة وفق الأصول.

والأصل في العلاقة بين الموظف والمتعاملين ــ والكلام مازال على لسان العور ــ أن تكون قائمة على أساس الاحترام المتبادل، وأن تحكمها الثقافة الاجتماعية والأخلاقيات، لما فيه تحقيق المصلحة العامة، وبما يلبي تطلعات وطموحات الحكومة الساعية إلى تحقيق أعلى مستويات السعادة لدى جمهور المتعاملين، من خلال تصنيف مراكز الخدمة في الوزارات والجهات الاتحادية، وفق معايير النجوم السبع، التي حددها مكتب رئاسة مجلس الوزراء.

وعالج قانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لسنة 1987 وتعديلاته في قانون اتحادي رقم (34) لسنة 2005، والقانون الاتحادي رقم (52) لسنة 2006، موضوع التعدي في نصوص عدة منصفة للطرف المتضرر.

المستشار القانوني هشام عبدالموجود، أكد أنه في حال تعرض موظف خدمة عملاء لاعتداء لفظي من قبل أحد المراجعين، فإن من حقه فتح بلاغ وشكوى بهذا الخصوص لدى جهة عمله، التي تتوجه إلى النيابة العامة، وبدورها توجه إليه تهمة التعدي على موظف أثناء تأدية عمله، وتتم معاقبته في حال ثبوت التهم الموجهة إليه.

ووفق المادة (248) من قانون العقوبات الاتحادي، فإنه يعاقب بالحبس أو الغرامة كل من استعمل القوة أو العنف أو التهديد مع موظف عام أو مكلف بخدمة عامة، بنية حمله بغير حق على أداء عمل من أعمال وظيفته، أو على الامتناع عنه ولم يبلغ بذلك مقصده، أما في حال بلغ مقصده فإن العقوبة تكون الحبس مدة لا تقل عن سنة.

أما من تعدى على موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة أو قاومه بالقوة أو بالعنف، أثناء أو بسبب تأدية وظيفته أو خدمته، فيعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، أو بغرامة لا تزيد على 20 ألف درهم وفق نص المادة (249)، ويضاف إلى هذه العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، إذا حدث مع التعدي أو المقاومة ضرب للموظف، مضيفاً «ويعد ظرفاً مشدداً وقوع إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة مع سبق الإصرار أو من أكثر من شخص».


سلامة الكتبي

sAlKitbi@emaratalyoum.com

تويتر