شرطة دبي احتوت غضب الآباء وتمرد الفتيات

صور ومقاطع فيديو على مواقــع التواصل تفرِّق بين مراهقات وآبائهن

صورة

تجاوز «الخطوط الحمراء» على مواقع التواصل الاجتماعي كان سبباً لمشكلات بين آباء وبناتهم المراهقات، رصدتها إدارة حماية المرأة والطفل بالإدارة العامة لحقوق الإنسان في شرطة دبي، التي تمكّنت من احتواء الأطراف، وانتهت الخلافات بلقاءات لم تخلُ من الدموع، حيث كان يجلس الطرفان معاً، ويدركان مدى ارتباط كل منهما بالآخر.

ومن هذه الحالات أب قاسى خلال غياب ابنته المراهقة التي لم يتجاوز عمرها 17 عاماً عن المنزل، وإصرارها على عدم العودة، بدعوى أنه هو الذي طردها.

الأب فعل ذلك في لحظة انفعال، بعد أن استشعر جنوح ابنته، وإصرارها على التمرد، وطرح نفسها بطريقة اعتبرها غير لائقة على وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال نشر صور ومقاطع فيديو.

ولم تكن هذه الواقعة الوحيدة من هذا النوع التي عاينتها الإدارة، فهناك وقائع أخرى أكثر حدة، كانت لأسرة أوروبية محافظة، فوجئ عائلها بأن ابنته التي لم تكمل عامها الـ14 تظهر بصورة اعتبرها فاضحة على وسائل التواصل الاجتماعي، وحين حاول إثناءها فوجئ برد فعل حاد، وإصرار من جانبها على أن هذه حياتها الشخصية التي يجب ألا يتدخل فيها.

وفي التفاصيل، قال مدير الإدارة العامة لحقوق الإنسان، العميد محمد المر، لـ«الإمارات اليوم»: «لا شك في أن هذه النوعية من المشكلات ذات حساسية كبرى، فالآباء يدركون جيداً تبعات الاعتداء أو إيذاء أبنائهم، والأبناء في هذه السن الحرجة يتصرفون بقدر كبير من التمرد، وتواجه الإدارة هذا الأمر بمحاولة تقريب وجهات النظر، واحتواء الخلافات ودياً، طالما لم تصل إلى درجة العنف».

الحالات متنوعة، لكن أحدثها، حسب المر، كانت لمراهقة (17 عاماً) غادرت منزل والدها، بسبب خلافات معه ناتجة عن جنوحها وتمردها وإصرارها على التأخر ليلاً، وعدم التصرف باعتدال على شبكات التواصل الاجتماعي.

الأب حاول مراراً التفاهم مع ابنته، وإقناعها بأن ما تفعله يتنافى مع تقاليد وعادات المجتمع، لكنها اعتبرت نصائحه انتهاكاً لحريتها الشخصية، وتصرفت بحدة معه، وذات ليلة عادت متأخرة إلى المنزل، فأبلغها بعدم رغبته في وجودها بالمنزل، ما اعتبرته نوعاً من الطرد، وانتقلت للإقامة في منزل إحدى صديقات والدتها المتوفاة، وحين علم الأب مكانها ذهب إليها، وطلب منها العودة إلى المنزل، لكنها رفضت، وأصرت على موقفها، ما دفعه إلى اللجوء للإدارة.

وحسب المر، فإن فريقاً من الإخصائيين الاجتماعيين تناول الحالة، وتواصل مع الفتاة التي شكت سوء معاملة والدها وقسوته، لدرجة أنه ضربها أكثر من مرة.

وبمناقشة شكوى الابنة مع الأب، نفى ضربها، وأقر بأنه فقط كان ينفعل عليها أحياناً، بسبب إصرارها على التصرف بما اعتبره طريقة غير لائقة على شبكات التواصل الاجتماعي، مستنداً إلى إفادة ابنه الذي دعم رواية والده، مؤكداً أنه (أي الأب) يمنحها مساحة من الحرية الشخصية، لكن شقيقته كانت تتمرد وتصر على السهر، والتأخر ليلاً خارج المنزل، ما زاد من حدة خلافاتهما.

المشكلة كانت قابلة للاحتواء، كما يفيد المر، في ظل عدم إثبات وقوع اعتداء على الفتاة، لذا ركز الإخصائيون على الجوانب الإيجابية، وعقدوا جلسات عدة مع الابنة لتوعيتها بالجوانب السلبية لشبكات التواصل، وكيفية الوصول إلى «منطقة وسط» تتصرف فيها بحرية، وفي الوقت ذاته لا تغضب والدها الذي يخاف عليها ويحاول حمايتها.

كما تم الجلوس مع الأب، ومناقشة أساليب مختلفة معه للتعامل مع ابنته، بما يتناسب مع المرحلة العمرية الحرجة التي تمر بها، وإقناعه بتغيير طريقة تعاطيه معها، حتى يستطيع احتواءها.

الطرفان وافقا أخيراً على اللقاء في إدارة حماية المرأة والطفل، وفور أن رأت الفتاة والدها ارتمت بين ذراعيه، فبكى متأثراً، ودار حوار حميمي بينهما، انتهى بعودتها إلى المنزل.

مدير إدارة حماية المرأة والطفل، العقيد أبوبكر الجسمي، يفيد بأن حالات أخرى مماثلة تعاملت معها الإدارة، خلال العام الماضي، أحدها لفتاة أجنبية لم يتجاوز عمرها 14 عاماً، كانت تبالغ في نشر صور وفيديو لها على شبكات التواصل الاجتماعي، لدرجة لم تقبلها أسرتها.

وقد عرف الأب بسلوكيات ابنته عندما أبلغته إدارة المدرسة بتراجع مستواها الدراسي، رغم أنها كانت متفوقة، وحين راقب سلوكياتها صدم عندما وجدها تنشر صوراً غير لائقة بسن الفتاة على مواقع التواصل الاجتماعي.

قرر الأب إعادة الفتاة إلى مسقط رأسه، خصوصاً بعد أن بدأت تظهر علامات مقلقة على جسدها، مثل النحول وهالات سوداء حول عينيها، نتيجة السهر، لكنها رفضت، وبدأت خلافات حادة بينهما، حتى فقد السيطرة عليها.

الجسمي يشير إلى أن الإدارة تدخلت بعد تلقيها معلومات في هذا الخصوص، وعقدت جلسات بين الطرفين، وتعاملت الإخصائيات الاجتماعيات بقدر كبير من الاحترافية مع الفتاة، حتى تم احتواؤها مجدداً، وأعيد الدفء إلى علاقتها مع والدها.


محمد فودة

mfouda@emaratalyoum.com

تويتر