اكتشفوا عملهن في منازل أخرى بـ «الساعة»

كفلاء: مكاتب عمـالة تحرض خادمـات على الهرب بعد انتهاء «الضمان»

صورة

اتهم مواطنون ومقيمون في إمارتي الشارقة والفجيرة مكاتب استقدام عمالة مساعدة بتحريض الخادمات على الهروب من منازل كفلائهن، بعد انتهاء فترة الضمان، التي تحدّدها المكاتب، وتراوح عادة ما بين ثلاثة وستة أشهر، بحسب الاتفاق مع الكفيل.

وقالوا إن المكاتب تستقطب الخادمات بعد هروبهن، للعمل في منازل أخرى بنظام الساعة، على أن تحصل منهن على نسبة محددة من الأجر، موضحين أن المستهلك هو الضحية، لعدم وجود أي جهة تعيد ليه حقه.

في المقابل، أكدت مكاتب جلب عمالة مساعدة أنها لا تتحمل مسؤولية هروب الخادمة بعد انتهاء فترة الضمان المتفق عليها مع الكفيل.

وقالت إن تشغيل خادمات بنظام العمل المؤقت هو حق متاح لها، وليس من حق طالب الخدمة التأكد من وضع إقامة الخادمة في الدولة.

وفيما لم يستبعد مستشاران قانونيان تورط أصحاب مكاتب توريد عمالة في تهريب خادمات من منازل كفلائهن، وتشغيلهن بنظام العمل المؤقت، شددت إدارات الجنسية وشؤون الإقامة على ضرورة إبلاغ كفيل الخادمة عن هروبها من منزله حتى يخلي مسؤوليته، موضحة أن «من يشغل خادمة ليست على كفالته - بما في ذلك مكاتب توريد الأيدي العاملة - يلزم بدفع 50 ألف درهم».


قالت المواطنة «أم عمر»، من مدينة الشارقة، إنها أحضرت خادمتين من الجنسية الإندونيسية من مكتب جلب أيدٍ عاملة، في الإمارة. ودفعت مقابل ذلك مبلغ 40 ألف درهم للمكتب (20 ألف درهم عن كل منهما)، فضلاً عن رسوم إضافية أخرى تتعلق بالتأمين الصحي، ومعاملات الإقامة، وغيرهما من المتطلبات الأخرى.

50 ألف درهم

أكد المحامي إبراهيم الحوسني أنه لا يوجد نص قانوني واضح يحدد فترة الضمان التي تخصصها مكاتب استقدام العمالة، إلا ما يتم الاتفاق عليه في العقد المبرم بين المكتب والكفيل. أما في حال هروب الخادمة وعملها مع أشخاص آخرين، فإن الكفيل السابق يغرم 50 ألف درهم، في حال عدم تبليغ الجهات المختصة عن هروبها.

وأضاف: «في حال أبلغ الكفيل عن الخادمة الهاربة، وعثر عليها تعمل لدى آخرين، يغرم هؤلاء الأشخاص 50 ألف درهم، وتسدد 5000 درهم منها تعويضاً لكفيلها السابق، الذي هربت منه، وتطبق هذه العقوبة على أصحاب المكاتب الذين يشغلون خادمات هاربات».


وأضافت أنها قضت وقتاً طويلاً في تدريبهما على أداء مهامهما في المنزل، إلا أنها فوجئت بهروبهما بعد مرور نحو أربعة أشهر على إحضارهما إلى المنزل.

وقالت إنها توجهت إلى المكتب الذي جلبتهما منه وأخبرته بهروبهما، طالبة منه استرجاع العمولة التي دفعتها له مقابل الحصول عليهما، إلا أنه رفض ذلك، وأخبرها بأن العقد المبرم بينهما لا ينص على إعادة العمولة في حال هروب الخادمة من منزلها، بل هي مجرد ضمان على مهارة الخادمة، وخلوها من الأمراض، وقدرتها على العمل.

وتابعت أن المكتب أخبرها بأنها كانت تستطيع إعادة الخادمتين إلى المكتب طوال فترة الضمان، ومطالبته بأن يخصص لها خادمتين غيرهما، لافتاً إلى أنه لم يعد مسؤولاً عنهما بعد انتهاء فترة الضمان.

وأكدت «أم عمر» أنها فوجئت بإحدى الخادمتين الهاربتين مع امرأة مواطنة في أحد المحال التجارية، بعد مرور بضعة أسابيع على هروبهما من منزلها. وحين استفسرت عن الأمر، علمت أنها تعمل لديها مؤقتاً، وأنها جلبتها من المكتب نفسه الذي أحضرتها منه، وهو ما جعلها متأكدة، كما تقول، من تورط المكتب في تهريب العمالة المساعدة من المنازل بعد انتهاء فترة الاختبار بالاتفاق معها مسبقاً، لتشغيلها عند أسر أخرى بنظام الساعة، أو براتب شهري.

وأفادت المواطنة، موزة علي، من مدينة الذيد، بأنها ارتابت في سلوك خادمتها الآسيوية، بعد أشهر قليلة على تشغيلها في منزلها، خصوصاً مع استمرار اتصالاتها الهاتفية ساعات عدة، على الرغم من أنها أخبرتها بأنها لا تعرف أحداً داخل الدولة، ما جعلها تبحث في هاتفها، لتجد أرقاماً كثيرة محفوظة بأسماء أشخاص.

وأضافت: «حين سألتها عن معنى ذلك، أخبرتني بأن الأرقام المحفوظة في هاتفها تخص أشخاصاً يعملون في مكاتب عمالة مساعدة، وأن هؤلاء أخبروها بأنها تستطيع الهروب من منزل كفيلها بعد فترة الضمان، وأنهم سيوفرون لها عملاً براتب أكبر».

وتابعت أنه على الرغم من أن خادمتها كانت مستقرة في عملها ولا تواجه أي متاعب، إلا أنها هربت بعد انقضاء فترة الضمان التي حددها مكتب الوساطة. وعندما توجهت إلى المكتب لاسترداد العمولة، قيل لها إن المكتب لا يتحمل المسؤولية عن هروب الخادمة من منزلها.

وطالبت موزة علي باستحداث عقد موحد ينظم العلاقة بين الكفيل والعامل وصاحب المكتب، لحماية حقوق جميع الأطراف، والقضاء على مشكلة هروب الخادمات.

ووافقتها الرأي المواطنة عائشة الحمادي، من مدينة خورفكان، التي مرّت بتجربة مشابهة، إذ أكدت أنها جلبت خادمة من أحد المكاتب. وبعد مرور نحو ثلاثة أشهر على عملها في منزلها، قررت الهروب من دون أن يكون هناك سبب واضح لذلك، كما تقول.

وتضيف: «بعد مرور أكثر من عام، انتقلت الى مسكن جديد، وطلبت خادمة من مكتب يجلب الخادمات بشكل مؤقت ويومي، وعندما حضرت فوجئت بأنها الخادمة نفسها التي هربت من منزلي، وحين سألتها عن كفيلها الحالي، أخبرتني بأنها مستاءة من وضعها، لأن المكتب يستغلها للعمل بشكل متواصل، ولساعات طويلة».

من جانبها، أكدت مديرة مكتب استقدام عمالة مساعدة في الشارقة، آسيا زمردي، توافر خادمات للعمل المؤقت في المنازل، مضيفة أن الأسر هي التي تحدد مدة عمل الخادمة، والأوقات التي تحتاجها فيها للعمل في بيوتها.

وشرحت أن من شروط الحصول على هذا النوع من العمالة المساعدة دفع مبلغ تأمين للمكتب 500 درهم غير مسترد، فضلاً عن تحديد الراتب الشهري لها، وهو لا يقل عن 1800 درهم. أما عملها فيتضمن تنظيف البيوت، وغسل الملابس، والاهتمام بالأطفال في ساعات النهار أثناء وجود الأم في عملها.

وأضافت: «بخصوص إقامة الخادمة التي تعمل بالنظام المؤقت، فإننا لا نعطي جواز سفرها أو الأوراق الرسمية الخاصة بإقامتها إلى من تعمل لديه، كونها تعمل بشكل مؤقت، لذا لا يحق للكفيل طلب أوراقها الرسمية».

وأشارت إلى أن الخادمات يفضلن العمل بنظام الساعات في المنازل، الذي توفره لهن مكاتب استقطاب الأيدي العاملة، كونهن يكسبن مبلغاً يصل إلى 3500 درهم شهرياً (50 درهماً في الساعة)، أي أن دخلها الشهري يصل إلى 7500 درهم، يأخذ المكتب نصفه.

وقال المواطن (س.ح.م) من إمارة الفجيرة، وهو صاحب مشروع سابق خاص بتوفير الخادمات المؤقتات، إنه كان يجلب الخادمات عبر اتفاقه مع مكاتب استقطاب الأيدي المساعدة، وعن طريق امرأة من جنسية آسيوية، لافتاً إلى أن المرأة كانت تعمل على جلب خادمات من جنسيتها، وتوهم الكفلاء بأن فترة الضمان ثلاثة أشهر، إلا أنها تتفق مع الخادمة مسبقاً على موعد لهروبها من منزله والرجوع إليها، حتى تستفيد من تشغيلها بنظام الساعات، أو لدى عائلة أخرى.

وأشار إلى أنه استفاد من هذا المشروع بشكل كبير، نظراً للإقبال الشديد عليه من الأسر الراغبة في الحصول على خادمات مؤقتات بشكل سريع، دون اهتمام بمصدرهن، مؤكداً أنه لم يستطع مواصلة عمله لإحساسه بالخطر، بعدما قدمت مواطنة شكوى على خادمة أخذتها عن طريقه متهمة إياها بسرقة مصوغاتها الذهبية.

وذكر المحامي إبراهيم الحوسني أن على الكفيل معرفة جميع حقوقه، والأخطار الناتجة عن استغلال مكاتب جلب العمالة المساعدة لكفالته بشكل خاطئ.

وأوضح أن الخادمة في حال هروبها وعملها لدى غير كفيلها دون علمه، وارتكابها أي سلوك إجرامي مخالف للقانون، فإن المسألة القانونية ستقع على كفيلها الأساسي، لافتاً إلى أن التصرف السليم هو إلغاء كفالتها كحل مبدئي ليعفي نفسه من أي مسؤولية عنها.

وأكد مستشار قانوني - فضل عدم نشر اسمه - أن هناك ثغرة قانونية، تتمثل في عدم وجود ما ينصف الكفيل بعد هروب خادمته. ونتيجة لذلك، يلجأ كثير من أصحاب مكاتب توريد العمالة إلى تشغيل خادمات هاربات بنظام العمل المؤقت، على الرغم من المخاطر القانونية المترتبة على ذلك.

من جانبه أفاد مدير عام إدارة الإقامة وشوؤن الأجانب بالفجيرة ،العميد مبارك ربيع بن سنان، بأن التصرف السليم الذي يتبعه الكفيل في حال هروب الخادمة أن يقوم بـ" بلاغ هروب" ويسلم جواز السفر الخاص بها للجهات المعنية، كما يتم بموجب هذا البلاغ إلزام من تعمل الخادمة الهاربة لديه دون كفالته بدفع مبلغ 50 ألف درهم ويعمل له (حظر ملف)، لا يسمح له بعمل أي إقامات لعمالة وافدة، أما في حال تنازل كفيلها السابق لآخر وهي لا زالت داخل الدولة فإنه يُعمل لها "نقل كفالة" و "تعديل وضع"، أما المكتب الذي تثبت عليه تشغيل خادمة هاربة من كفيلها بنظام العمل المؤقت فيتعرض للمساءلة القانونية.


وأكد "عدد كبير من مكاتب استقدام العمالة المساعدة قد تكون متعاونة مع الخادمات الهاربات، إلا أن الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب عملت على توعية المكاتب بالمخاطر والغرامات المترتبة عليها إذا تم اكتشاف ذلك، كما أنها تنفذ حملات توعوية مستمرة تهدف إلى توعية أصحاب المكاتب بأهمية الالتزام باللوائح والقوانين لتجنب أي مساءلة قانونية".


وكان قانون تنظيم العمالة المنزلية الذي أقره المجلس الوطني الاتحادي سابقا، يضمن جميع حقوق العمالة المنزلية الصحية والمعيشية، كذلك حق الحصول على الأجر في مواعيد محددة، وتذاكر السفر وأوقات الراحة وساعات العمل والإجازات الدورية".


ويشار إلى أن الإدارات العامة للإقامة وشؤون الأجانب في مختلف الإمارات تبذل جهوداً في تنظيم حملات تفتيشية لضبط الخادمات الهاربات، وتنظيم أخرى توعوية للتحذير من إيوائهن وتشغيلهن.

فيما أفادت مصادر في الإدارة العامة للجنسية والإقامة بأن التصرف السليم، الذي يتبعه الكفيل في حال هروب الخادمة، أن يعمل لها «بلاغ هروب»، ويسلم جواز السفر الخاص بها للجهات المعنية. كما يتم بموجب هذا البلاغ إلزام من تعمل الخادمة الهاربة لديه دون كفالته بدفع مبلغ 50 ألف درهم، ويعمل له (حظر ملف)، ولا يسمح له بعمل أي إقامات لعمالة وافدة. أما في حال تنازل كفيلها السابق لآخر، وهي لاتزال داخل الدولة، فيُعمل لها «نقل كفالة»، و«تعديل وضع»، أما المكتب الذي يثبت أنه شغل خادمة هاربة من كفيلها بنظام العمل المؤقت فيتعرض للمساءلة القانونية.

وقالت إن «مكاتب استقدام العمالة المساعدة قد تكون متعاونة مع الخادمات الهاربات، إلا أن الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب عملت على توعية المكاتب بالمخاطر والغرامات المترتبة عليها، إذا ثبت عليها ذلك، كما أنها تنفذ حملات مستمرة لتوعية أصحاب المكاتب بأهمية الالتزام باللوائح والقوانين، لتجنب أي مساءلة قانونية».

ولفتت إلى وجود بلاغات عدة تقدم يومياً بشأن هروب خادمات أو شكاوى من خادمات يرغبن في المغادرة وترك العمل، منوهة بقانون تنظيم العمالة المنزلية الذي أقره المجلس الوطني الاتحادي سابقاً، إذ يضمن جميع حقوق العمالة المنزلية الصحية والمعيشية، وحق الحصول على الأجر في مواعيد محددة، وتذاكر السفر، وأوقات الراحة، وساعات العمل، والإجازات الدورية.

تويتر