آراء

التبرعات بين المأمول والمحظور

انتشرت في الآونة الأخيرة حملات لجمع التبرعات المالية عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وذلك لأغراض عدة، إذ غالباً ما توجّه للجمهور رسائل استعطافية للقيام بالتبرع بجزء من المال لمساعدة المرضى والفقراء أو لبناء المساجد والمدارس أو المساهمة في دعم اللاجئين في مختلف الدول المنكوبة.

• يحرص أصحاب حملات التبرع الوهمية على خداع المتبرعين من خلال إثارة عواطفهم.

ونظراً لأن الفطرة الإنسانية تكافلية تسعى للخير، فقد استغل البعض هذه الفطرة السليمة لتحقيق غايات غير مشروعة كالاحتيال على المتبرعين من خلال حملات تبرع، ويقوم جامعو التبرعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بوضع آلية لإيصال واستلام التبرعات التي غالباً ما تكون عبارة عن حوالات بنكية أو مصرفية لحسابٍ ما.

ويحرص أصحاب حملات التبرع الوهمية على خداع المتبرعين من خلال إثارة عواطفهم كنشر إعلانات لراغبي المساهمة في الأعمال الخيرية كبناء مسجد في دولة غير إسلامية أو لشراء مصاحف أو كراسي تساعد العجزة على أداء الصلاة أو لإنقاذ حياة مريض، وذلك كله بإرفاق عبارات استعطافية وتحفيزية توهم المتبرع بحقيقة حملة جمع التبرعات الخيرية، ما يدفعه للتواصل مع القائم أو المشرف على هذه الحملة للاتفاق على طريقة تسليمه المال.

ولأن التبرع العشوائي عبر وسائل التواصل الاجتماعي لا يعرف من خلالها المتبرع حقيقة مع من يتعامل وإلى أين ستؤول أمواله، وهل هناك حالة إنسانية حقيقية تستدعي ذلك أم أن كل هذا وهم واحتيال! الأمر الذي كان لابد أن يتم معه وضع آلية بشأنه لتنظيم عملية جمع التبرعات في الدولة من خلال هيئات ومؤسسات مرخصة تعنى بجمع التبرعات الخيرية وتجريم جمعها بأي وسيلةٍ كانت دون ترخيص، وذلك لحماية أموال المتبرعين وضمان وصولها للمحتاجين من خلال قنوات قانونية آمنة ومرخصة من جهات الاختصاص في الدولة.

وفي ذلك جرمت المادة (27) من المرسوم بقانون اتحادي بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات جمع التبرعات - دون ترخيص - متى ارتكبت عبر وسيط إلكتروني، حيث نصت على: «يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم ولا تجاوز خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو أشرف عليه أو نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات أخرى للدعوة أو الترويج لجمع التبرعات بدون ترخيص معتمد من السلطة المختصة».

هذا بالإضافة إلى العقوبات التبعية والتدابير الاحترازية المنصوص عليها في المرسوم بقانون اتحادي بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، إذ يتم مصادرة الأموال التي تم جمعها على سبيل التبرع دون ترخيص، كما يتم إبعاد الأجنبي جامع تلك التبرعات دون ترخيص، بالإضافة إلى إغلاق حساب المستخدم الذي ارتكبت من خلاله تلك الجريمة، وللمحكمة أن تضع المحكوم عليه تحت الإشراف أو المراقبة أو حرمانه من استخدام شبكة الإنترنت، وفي حال الشروع في تلك الجريمة فإنه يعاقب بنصف العقوبة المقررة للجريمة التامة.

تويتر