تنطبق عليهم قاعدة «الجهل بالقانون ليس عذراً»

أدوية تحول مسافرين مرضى إلى متهمين

صورة

«الجهل بالقانون لا يعد عذراً».. قاعدة قانونية انطبقت على مسافرين مرضى، تم ضبط أدوية بحوزتهم تشتمل على مواد مدرجة في جداول المخدرات والمؤثرات العقلية، دون وصفة طبية، ما جعلهم وفق القانون متهمين بتعاطي وتهريب أدوية تحوي مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية.

الوصفة شرط الإعفاء

نظرت محاكم الدولة عشرات القضايا، التي يتهم فيها مسافرون كانوا يحملون أدوية بين مشتقاتها مواد مدرجة في جداول المخدرات والمؤثرات العقلية، وطالبوا جميعهم بالإعفاء من العقوبة لجهلهم بالقانون، لكن صدرت ضدهم أحكام بعقوبات مختلفة. وقالت المحكمة، في حيثيات أحكامها بوجوب وجود وصفة طبية معتمدة، للإعفاء من عقوبة تعاطي المواد المخدرة، حسب ما نصت عليه مواد قانون مكافحة المخدرات.

وبينت أنه يتعين للإعفاء من العقوبة المقررة لتعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، أن يكون تعاطي المواد المخدرة أو المؤثر العقلي بقصد العلاج، وبموجب وصفة طبية صادرة من أطباء مرخص لهم بمزاولة مهنة الطب البشري في الدولة، وأن تحرر هذه الوصفة الطبية على النموذج المرخص والصادر من وزارة الصحة، وإذا ثبت للمحكمة أن المواد التي تعاطاها الجاني أو استعملها كانت بقصد العلاج، ومما يجوز استعمالها أو تعاطيها بموجب وصفة طبية، ولو لم تكن هناك وصفة طبية أو كانت الوصفة الطبية لم تتوافر فيها الشروط المنصوص عليها في المادتين 34 و33 من القانون، فإنه يجوز إعمال المادة 40/‏‏2 من القانون، والحكم بالغرامة التي لا تقل عن 1000 درهم، ولا تزيد على 10 آلاف درهم.

وحسب تقارير رسمية، ضبطت أجهزة الدولة المعنية في المطارات والمنافذ، خلال السنوات الماضية، حالات عدة لمسافرين يحملون أدوية تحوي مواد مدرجة ضمن جداول المخدرات، دون وصفة طبية، أو يحملون وصفة طبية لكنها غير معتمدة، الأمر الذي عرضهم للمساءلة القانونية.

ومعظم المرضى الذين يتم ضبطهم، يؤكدون جهلهم بأن الأدوية التي يحملونها تحوي مواد مخدرة ممنوعة في دولة الإمارات، خصوصاً أن هذه المواد مسموح بتداولها في بلدانهم، لكنهم يصطدمون بأن الجهل بالقانون لا يعفي من العقوبة.

مدير مكتب ثقافة احترام القانون في وزارة الداخلية، العقيد صلاح عبيد الغول، أكد لـ«الإمارات اليوم»، أن تعاطي بعض العقاقير والأدوية دون وصفة طبية محررة حسب الأصول المتعارف عليها بقصد العلاج، تندرج ضمن الجنح التي نص عليها القانون، الذي حدد غرامة لها تراوح بين 1000 و10 آلاف درهم.

وتضمن القانون الاتحادي لسنة 1995، بشأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية تسعة جداول، أربعة منها لتحديد المواد المخدرة، والأخرى لتحديد المؤثرات العقلية، وبيان الكميات التي يجب على الأطباء عدم تجاوزها في وصفاتهم الطبية.

والمشرع الإماراتي حدد عقوبات مختلفة للتعامل مع هذه المواد، وفق نوعها وخطورتها وجسامة الضرر التي تسببه على المستويين الفردي والاجتماعي، حسب الغول، الذي أوضح أن الجنحة تتحقق إذا تعاطى الشخص أي أدوية تتضمن بعض المواد التي حددها المشرع، ضمن تلك الجداول في قانون مكافحة المخدرات.

وتضم الجداول الأربعة (المفسرة للمواد المخدرة) المئات من المركبات والمستحضرات بأسمائها العلمية وليست التجارية، والتي يعي العاملون في المجال الطبي احتواءها على هذه المواد والنسب الموجودة فيها، علماً بأن هذه المواد المدرجة في الجداول قابلة للتعديل من قبل السلطات التشريعية، حسب متطلبات الحال.

ووفق الغول، فإن حصر هذه المواد والتركيبات العلمية، التي تحمل أسماء تجارية مختلفة، حسب البلد المنتج أو الشركة التي تصنع هذه الأدوية، أمر غير ممكن على المستوى الدولي، وكل ما يمكن ضبطه أو السيطرة عليه في دولة الإمارات هو عدم السماح للجهات الطبية المختصة، مثل المستشفيات والصيدليات، بصرف أدوية تشتمل على هذه المواد إلا بوصفة طبية معتمدة وفق الضوابط والأصول الطبية والقانونية، بحيث لا يمكن شراؤها بقصد العلاج، إلا ضمن الشروط المحددة والمعروفة لدى الجهات الصحية.

و«إذا انصرفت نية هذا الشخص إلى تعاطيها لإدمانه على المؤثر العقلي الموجود فيها، أي ليس بقصد العلاج ودون وصفة طبية، فإنه سيعرض نفسه لعقوبة الحبس، ورغم ذلك فإن الجهات التوعوية في الدولة، ومن ضمنها مكتب ثقافة احترام القانون لا تألو جهداً في نشر الثقافة القانونية بين الأفراد، لاسيما المسافرين من داخل الدولة أو خارجها، إذ يسعى المكتب إلى توعيتهم بعدم إدخال بعض المواد المشار إليها في القانون، وبأسمائها التجارية المتعارف عليها بين الناس، كـ«الترامادول»، خصوصاً مع تكرار الحالات التي تضبط في منافذ الدولة نتيجة الجهل بالقانون، أو حتى بمعرفة أحكامه، وذلك ليتجنب الفرد التبعات القانونية لهذا الأمر»، حسب الغول.

ونصح من يحملون أدوية أثناء دخولهم الدولة بالتأكد من الجهات الصحية في الدولة القادمين منها، حول ما إذا كانت هذه المواد تحتوي على مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية، وتالياً اتخاذ الإجراءات المطلوبة، لتحرير الوصفة الطبية وتصديقها من الجهات الرسمية حسب الأصول، لتلافي أي عقوبات، لاسيما في ظل القاعدة القانونية المتعارف عليها عالمياً «لا عذر بالجهل بالقانون».

حياز وتعاطٍ

أحالت النيابة العامة شخصاً إلى المحاكمة، بتهمة حيازة وتعاطي مؤثر عقلي، في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وقضت محكمة أول درجة بمعاقبته بالحبس سنة عن الاتهام المسند إليه، وأمرت بإبعاده عن البلاد، بعد تنفيذ العقوبة وإتلاف المضبوطات.

وقضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم، والقضاء بتغريم المتهم 5000 درهم، عن الاتهام المسند إليه وتأييد الحكم في ما عدا ذلك، ولم يلق الحكم قبولاً لدى المتهم فطعن عليه، وتمسك المتهم في دفاعه بأن حيازته وتعاطيه للحبوب كان بموجب وصفة طبية أرفقت بالأوراق، إذ إنه مريض ويعالج بهذه الحبوب، وقد تقدم بتلك الوصفة.

وأيدت المحكمة الاتحادية العليا طعنه، مبينة أنه إذا ثبت للمحكمة أن المواد التي تعاطاها الجاني أو استعملها كانت بقصد العلاج، ومما يجوز استعمالها وتعاطيها بوصفة طبية، فإنه يعفى من العقوبة. وكان الثابت من الأوراق أنه قد ثبت تعاطي المتهم وحيازته للحبوب، وأن حيازته وتعاطيه كانا نتيجة وصفة طبية، وفق الأصول المقررة بالقانون، وأن ما تعاطاه موصوف له بوصفة طبية وبقصد العلاج، وأن تلك الأقراص مما يجوز تعاطيها واستعمالها بموجب بوصفة طبية. ونقضت المحكمة الاتحادية العليا، في قضية أخرى، حكماً قضى على متهمين بالحبس سنة لحيازة وتعاطي مؤثرات عقلية.

وقال المتهم الأول إن تعاطيه للمؤثر العقلي كان بقصد العلاج، إذ إنه مريض ويعالج من الأمراض النفسية، وقدم الأوراق الطبية التي تثبت ذلك، وأن جميع العيادات الصادرة منها التقارير الطبية مرخص لها بالعمل في دولة الإمارات.

وتمسك المتهم الثاني في دفاعه بأن تعاطيه بوصفة طبية أمام محكمة أول درجة، وقدم الوصفة الطبية التي رفضتها المحكمة، بحجة أنها غير معاصرة للواقعة، في حين أنه قدم لمحكمة الاستئناف وصفة طبية تعاصر الواقعة، وقد التفتت عن ذلك محكمة الاستئناف.

تويتر