ذرات رمال تكشف سارقي ماكينة صراف آلي.. وشظية تدين لصّاً

آثار دقيقة تحل غموض جرائم معقدة

مبنى الأدلة الجنائية الذي دشنته شرطة دبي أخيراً. من المصدر

قال مدير الإدارة العامة للأدلة الجنائية في شرطة دبي العقيد أحمد مطر المهيري، إن آثاراً دقيقة للغاية أسهمت في كشف غموض جرائم معقدة، مشيراً إلى وجود قسم متخصص بالمختبر الجنائي العالمي الذي دشنته شرطة دبي أخيراً، يتولى فحص هذا النوع من الآثار. وحسب سجلات الإدارة أسهم خبراء فحص هذه الأدلة في قضية سرقة ماكينة صراف آلي وجهاز دفع تابع لإحدى شركات الاتصالات بإمارة أخرى ورميهما بعد السطو على ما بهما من أموال في منطقة رملية.

بالإضافة إلى قضية سرقة، اكتشف فيها الخبراء شظايا دقيقة بملابس المتهم، وتم مقارنتها بأدلة في مسرح الجريمة، رغم أنها لم تكن مرئية ولم يلاحظها المتهم أو يتخيل الوصول إليه من خلالها.

فيما ذكر مدير الشؤون الفنية بالإدارة العامة للأدلة الجنائية العقيد خالد السميطي، أن «القائد العام لشرطة دبي اللواء خميس مطر المزينة قرر تشكيل فريق مسرح الجريمة، الذي يضم نخبة من خبراء الأدلة والبحث الجنائي حتى يستطيعوا رصد والتقاط هذه الآثار الدقيقة»، مؤكداً أن هذا دور بالغ الأهمية، لأنهم يرون الأمور بعين مختلفة، ويمثلون حلقة الاتصال بين مكان الجريمة والمختبر الجنائي.

وفي التفاصيل، قال العقيد أحمد مطر المهيري، إن المختبر الجنائي العصري الذي دشنته شرطة دبي أخيراً يحوي تخصصات متطورة في هذا المجال، تشمل الآثار الدقيقة والفيزياء الجنائية والأدلة الجنائية النووية.

وقال إن رفع الدليل أو تحديده في مسرح الجريمة يعد أمراً بالغ الدقة ويستلزم خبرة كبيرة، إذ يتحمل فقدان العشرات من الآثار في الموقع، مثل البصمات أو الشظايا غير المرئية أو الألياف أو الشعر.

وأضاف أن آثاراً دقيقة حددها خبراء الأدلة أسهمت في إيجاد قرائن ضد متهمين، مثل واقعة سرقة ماكينة صراف آلي وجهاز دفع ذاتي لإحدى شركات الاتصالات من إحدى الإمارات، لافتاً إلى أن العصابة كسرت الماكينتين في منطقة صحراوية وسرقت ما بها من نقود، وتبين من خلال الفحص أن عناصرها تصرفوا بحرفية كبيرة ولم يتركوا وراءهم بصمات تثبت إدانتهم.

وأشار إلى أن خبراء الأدلة الجنائية تعاملوا بشكل غير تقليدي مع الواقعة التي تعد جديدة نوعياً، وفحصوا سيارة «بيك آب» استخدمت في نقل ماكينة الصراف الآلي، واستطاعوا رفع عينات من الرمال التي علقت بها، ثم اتجهوا إلى موقع العثور على الماكينة وقارنوا تلك العينات بالرمال الموجودة هناك واكتشفوا تطابقها، بالإضافة إلى مقارنة آثار صبغ على أرضية السيارة بلون الماكينة، وتأكدوا من تماثلها كذلك، واضطر صاحب السيارة إلى الاعتراف بعد أن أنكر كلياً علاقته بالجريمة.

وأسهمت الآثار التي توصل إليها الخبراء في إدانة العصابة التي حصل أفرادها على النقود وأنفقوها ببذخ على صديقاتهم، بل إن أحدهم اشترى سيارة لصديقته.

وأشار إلى واقعة أخرى لشخص ركب سيارة نقل غير مرخصة «كار لفت» مع عدد من الأشخاص من إحدى الإمارات إلى دبي، وتوقفوا بإحدى محطات البترول، واشتروا له مشروباً منها، ودسوا له منوماً بالمشروب، وحين استيقظ وجد نفسه ملقى على جانب الطريق وإلى جواره كوب الشاي الذي اشتروه له، فيما سرقت أمواله. وأوضح أن المتهمين اعتقدوا أنهم أفلتوا بجريمتهم نظراً لأنهم اصطادوا الضحية من الطريق، لكن استطاع خبراء الأدلة الجنائية فحص الكوب وفرز البصمات الموجودة عليه، وإثبات إدانتهم في القضية.

إلى ذلك، قال مدير الشؤون الفنية العقيد خالد السميطي لـ«الإمارات اليوم»: «يلعب فريق مسرح الجريمة دوراً مهماً في العثور على هذه الأدلة وإحالتها إلى المختبر الجنائي»، مؤكداً أن هذه مهمة معقدة، إذ يجب أن يتمتع الخبير بقدر كبير من الاحترافية والخيال، حتى يستطيع رصد أي أدلة تفيد في حسم القضية وإدانة المتهمين، مشيراً إلى أن أعضاء هذا الفريق يحظون بشهادات أكاديمية وخبرات عملية عالية.

وأضاف أن إحدى القضايا التي اعتمد فيها الخبراء على فحص الآثار الدقيقة كانت عبارة عن جريمة سرقة، ولم يترك اللص أدلة تقود إليه، حتى عثر فريق الفحص على شظايا غير مرئية في ملابسه من زجاج مكسور، واستطاعوا مقارنتها بعينات من مسرح الجريمة وإثبات إدانته.

وأوضح أن الأدلة لا يجب أن تدين المتهم بالضرورة، لكن يمكن استخدامها في المحكمة كقرائن تؤكد تواجده في المكان، وتدعم جهود رجال المباحث الجنائية في كشف غموض الجرائم، لافتاً إلى واقعة أخرى حدد فيه الخبراء أليافاً دقيقة عثر عليها في سيارة استخدمت في الجريمة، وتبين أنها خيوط بنية من ملابس المجني عليه.

تويتر