6 أشهر مع وقف التنفيذ بحق 3 موظفين ركبوا كاميرات في أقسام مخصصة للنساء

قضت محكمة استئناف أبوظبي، اليوم، بحبس ثلاثة موظفين بإحدى الهيئات الحكومية، بينهم مواطنان، أحدهم مدير عام الهيئة والثاني رئيس احد الافرع، لمدة 6 اشهر مع ايقاف التنفيذ، وإبعاد المتهم الثالث (يحمل جنسية دولة عربية) إلى خارج الدولة، وذلك لإتهامهم بتركيب كاميرات في احد الاقسام المخصصة للنساء.

وكانت محكمة نقض أبوظبي قضت في جلستها يوم 11 من أكتوبر الماضي بنقض واحالة قضية إلى محكمة الاستئناف لنظرها بهيئة مغايرة، وذلك بعد نقضها لقرار محكمة استئناف أبوظبي والتي برئت فيه المتهمين من التهم المسندة إليهم، فيما كانت محكمة جنح أبوظبي، قد قضت نهاية شهر مارس الماضي، بمعاقبة المتهمين الثلاثة، بالحبس 6 أشهر مع إيقاف التنفيذ وإبعاد المتهم الثالث، الذي يحمل جنسية دولة عربية، إلى خارج الدولة، مع تبرئتهم من تهمة الإخلال بالأمن العام.

وتعود تفاصيل القضية إلى إتهام النيابة لـ 3 موظفين بإحدى الهيئات الحكومية، بالتعدي على الخصوصية، باستخدام إحدى وسائل تقنية المعلومات في الاعتداء على خصوصية الأشخاص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، والحصول على مواد صوتية ومرئية في الغرفة المخصصة لخدمة العملاء من السيدات، بأحد الفروع التابعة للهيئة، بحسب قرار الإحالة الوارد من النيابة العامة بحق المتهمين الثلاثة، وهو ما يؤدي إلى الإخلال بالأمن والنظام العام.

وطالبت النيابة بتطبيق أحكام رادعة على المتهمين، كونهم موظفين كباراً في إحدى المؤسسات الحكومية، مؤكدة في الوقت نفسه تمسكها بما جاء في أمر الإحالة.
ولم يلقى الحكم الصادر عن محكمة الإستئناف قبول لدى النيابة العامة، حيث قضت بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانت المتهمين الثلاث، وببراءتهم مما هو منسوب اليهم، فطعنت النيابة العامة على الحكم، مطالبة بنقض الحكم المطعون فيه.

وفي أوراق الدعوى، نعت النيابة العامة على الحكم المطعون فيه المخالفة للقانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره والفساد في الاستدلال، وتقول بيانا لذلك ان الحكم المطعون فيه قد خلص على نحو ما اورده بمدوناته الى خلو اوراق الدعوى من اي دليل يقطع بتوافر اتجاه ارادة المطعون ضدهم الى انتهاك خصوصيات الموظفات العاملات في مكتب الهيئة حال كون هذه الخصوصية لا وجود لها في مكان عام، وان ما قام به المطعون ضدهم من قبيل الاجراءات الادارية المناسبة لطبيعة العمل الموكول الى موظفات مكتب الهيئة بالعين ،وان وضع الكاميرا لا يشكل انتهاكا للخصوصية ،ورتب على ذلك قضاءه ببراءة المطعون ضدهم مخالفا بذلك مقتضيات المادة 21/1 بند 1،41 ، 42 من المرسوم الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 والذي جاءت عباراتها صريحة وواضحة في بيان الافعال التي جرمتها، ومطلقة عامة دون دليل لتخصيص مكان ارتكاب هذه الافعال ،فلم تشترط وقوع الافعال المجرمة في مكان خاص .بل جرمت كل تعرض لخصوصية الانسان وحريته المنصوص عليها والمكفولتين في دستور الدولة.

واضافت ان ما ساقه الحكم المطعون فيه من اسباب تساند اليها في قضائه بالبراءة قد جاءت مجملة غامضة في نفيه للجريمة ويشوبها الاضطراب الذي ينبئ على اختلال فكرة الحكم من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى او بالتطبيق القانوني ،فذهبت اسبابه تارة الى نفي القصد الجنائي للجريمة ، وتارة أخرى تذهب أسبابه إلى اخراج الافعال المنسوبة الى المطعون ضده الاول من نطاق التجريم وينسحب ذلك لباقي المطعون ضدهم ، بما لا يبين منه على وجه الوضوح على اي اساس قضت المحكمة ،مما يعرض الحكم المطعون فيه للنقض.

وأشارت المحكمة في حيثيات حكمها، إلى أن الحكم المطعون فيه قد اعتبر ان" خصوصيات الإنسان تدور وجودا وعدما مع حياته الشخصية"، واستثنى من بينها حياته الوظيفية اثناء وبسبب وظيفته وقيامه بأدائها في مكان أدائها، وأن "الخصوصية محل الحماية كالخلوة الشرعية "، وذلك دون أن يستظهر بصفة واضحة وجلية هذه الخصوصية محل الحماية الجنائية ، والتي باعتبارها شخصية فهي تلازم الفرد ، فضلا على ان الحكم المطعون فيه استند للحكم ببراءة المطعون ضدهم على أساس أن الأفعال المسندة إليهم موضوع أمر الإحالة أفعالا مباحة لأنها إجراءات إدارية فلا تشكل تجريما لفعلهم.

وأضافت، ثم عاد واستند للحكم بالبراءة على أساس انعدام احد أركان الجريمة ، مخالفا بذلك المادة 211 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي ومؤداها أن المحكمة تحكم بالبراءة إذا كانت الواقعة غير ثابتة، أو كان القانون لا يعاقب عليها، وكان الحكم المطعون فيه لم يوضح في شكل جلي الأساس القانوني الذي اعتمده للقضاء بالبراءة ، وتناقضت اسبابه فلا يعرف اي الامرين قصدته المحكمة، مما يتعذر معه على محكمة النقض رقابة مدى حسن تطبيق القانون ، ويعرض بالتالي الحكم المطعون فيه للنقض على أن يكون مع النقض الإحالة .

تويتر