مختصون يحذرون من تأثير مواقع التواصل في زيادة حالات الانفصال الأسري

12 ألف حالة طلاق في الدولة خلال 3 سنوات

بلغ إجمالي عدد حالات الطلاق في الدولة 12 ألفاً و279 حالة خلال ثلاث سنوات، إذ ارتفعت حالات الطلاق التي تم تسجيلها في 2013 على مستوى الدولة إلى 4233 حالة مقارنة بـ3901 حالة في 2012، و4145 حالة في 2011، حسب تقرير للمركز الوطني للإحصاء، أشار إلى أن عدد حالات الطلاق بين مواطنين ومواطنات في 2013 بلغ 1749 حالة، في حين بلغ في 2012 نحو 1704 حالات، مقابل 1849 حالة في 2011، أي ما يعادل 5302 حالة خلال السنوات الثلاث، فيما لم يتم بعد حصر عدد حالات الطلاق التي وقعت خلال العام الماضي.

طلاق المرأة العاملة

بيّنت دراسة أجرتها الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية بعنوان «احتياجات المرأة العاملة في القطاع الحكومي»، أن 16% نسبة المطلقات بسبب عملهن، في عينة عشوائية ضمت 7876 امرأة عاملة، بينهن 96% مواطنات، لأسباب تتعلق بطول ساعات العمل، واختلاف أوقات إجازات الزوجين، وأخرى تعود إلى بيئة العمل.

«الدرع الواقي»

أعلن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أخيراً، عن مشروع «الدرع الواقي للطفل».

ويتضمن المشروع إصدار وثيقة أطلق عليها «اتفاقية العلاقة الوالدية»، وتقرأ على الزوجين قبل وقوع الطلاق ويوقعان عليها، وتلزم الزوجين بشروط تحمي أبناءهما من التشرد والضياع، وإن لم يوافق عليها الطرفان لا يقع الطلاق، وتشمل تحديداً أيام اجتماع الأطفال بوالديهما، وغيرها من الشروط التفصيلية.

وحسب الوثيقة، سيتم تسجيل المنحة السكنية مناصفة بين الزوجين، والأولوية للزوجة والأبناء.


الطلاق والخلع

أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، خلال النصف الأول من العام الماضي، أحكاماً في 21 قضية أحوال شخصية متعلقة بنزاعات بين الأزواج على الحضانة والنفقة، ومطالبات بالطلاق والخلع، وغيرها.

وأكدت المحكمة في حيثيات أحكامها على مجموعة من المبادئ القانونية والقواعد الفقهية، بينها أن نفقة الزوجة واجبة على الزوج بالعقد الصحيح متى سلمت إليه نفسها، وتعد ديناً على الزوج، ولا تسقط إلا بالأداء، ويراعى في تقديرها سعة المنفق والوضع الاقتصادي، على ألا تقل عن حد الكفاية.

وأشارت إلى أن من المقرر في مذهب المالكية أن الحكمَين إذا عجزا عن الإصلاح بين الزوجين، فعليهما أن يتعرفا إلى ممن تصدر الإساءة للآخر، فإذا تبين لهما أن الإساءة من الزوج طلق عليها بغير خلع، وإن كانت الإساءة من جانب الزوجة طلقت بخلع، أي مال تدفعه الزوجة إلى الزوج، وإن كانت الإساءة من كليهما بأن طلقا عليه بغير مال عند أكثر علماء المذهب.

وكان من المقرر أن الزوجة هي التي تلتزم بالغرم المالي وهو بدل الخلع، عندما يكون سبب الشقاق من جانبها، والأصل في ذلك ما قررته الآية الكريمة التي أباحت للمرأة أن تقدم لزوجها مالاً تفدي به نفسها، وأباحت للرجل قبوله عندما يخاف الطرفان ألا يقوما بحقوق الزوجية، وألا تكون العشرة بينهما وفق المنهج الذي رسمته الشريعة الإسلامية.

وأوضح التقرير، الذي حمل عنوان «حالات الزواج والطلاق المسجلة في الدولة عام 2013»، أن عدد حالات الطلاق بين مواطنين وغير مواطنات 694 حالة، وعدد الحالات بين زوج غير مواطن وزوجة مواطنة 162 حالة، بينما بلغت حالات الطلاق بين زوجين غير مواطنين 1628 حالة.

وسجلت إمارة أبوظبي العدد الأكبر في عدد حالات الطلاق بين مواطنين ومواطنات، بعدد 810 حالات بنسبة 71.1% من إجمالي الحالات في الإمارة، وحلت دبي في المرتبة الثانية بعدد 355 حالة بنسبة 70% من حالات الطلاق في الإمارة، ثم حلت الشارقة في المرتبة الثالثة بعدد 224 حالة بنسبة 73.2% من حالات الطلاق في الإمارة.

وسجلت حالات الطلاق بين زوجين غير مواطنين 719 حالة في دبي، ثم أبوظبي بعدد 605 حالات، والشارقة 144 حالة، ثم عجمان 51 حالة.

فيما حذر مختصون في الشؤون الأسرية من تنامي ظاهرة الطلاق في الدولة، وتأثيرها في الاستقرار الاجتماعي، مطالبين بوضع حلول للحد من هذه الظاهرة، عبر تقديم حوافز للزوجة العاملة، وزيادة برامج التوعية للمتزوجين.

كما حذروا من تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في زيادة حالات الطلاق، وارتفاع معدلات الخلافات الأسرية، وظهور الخيانات الزوجية، وكذا تدخل الأهالي في مشكلات الأسرية التي تنشأ بين الأزواج.

وتفصيلاً، شهدت أروقة محاكم الدولة، خلال السنوات الماضية، عدداً كبيراً من دعاوى الطلاق والخلع، لأسباب اجتماعية ومادية وخلافات أسرية، وصلت إلى حد تبادل الضرب بين الأزواج والزوجات، وقضت المحاكم بالطلاق أو الخلع بعد أن فشلت جهود المحكمين في الإصلاح بينهم.

ومن أبرز ما تداولته محاكم الدولة دعوى طلاق أقامها زوج ضد زوجته، للضرر من دون تحمله تبعات مادية أو حقوقاً زوجية ونفقة متعة، أو بقية المهر، أو نفقة العدة، وذلك لخيانتها وقيامها بعلاقة غير شرعية مع آخر.

وقال الزوج في دعواه إنها أضرت به ضرراً لا يمكن معه استمرار الحياة الزوجية بينهما، لأنها أقامت علاقة غير شرعية مع آخر، بأن تبادلت معه رسائل نصية عبر الهاتف، واشتركت معه بطريق الاتفاق والمساعدة بأن مكنته من دخول بيت الزوجية في غيبته. وتمت إدانة الزوجة، وقضت المحكمة الاتحادية العليا بأحقية الزوج في حضانة بناته الثلاث، وتطليق الزوجة طلقة بائنة، وإسقاط حقها في مؤخر صداقها البالغ 30 ألف درهم، وبعدم أحقيتها في نفقة العدة.

هجر في ليلة الدخلة

ومن قصص الطلاق، دعوى طلاق أقامتها عروس ضد زوجها بعد عودتهما من شهر العسل، إثر نشوب خلافات زوجية بينهما، وتمت إحالة القضية إلى قسم التوجيه والإصلاح الأسري لمحاولة الجمع بين الطرفين والإصلاح بينهما، إلا أن الزوجة رفضت الصلح وأصرت على طلب الطلاق، وعدم مواصلة الحياة الزوجية معه.

وفي قضية أقامها زوج ضد زوجته قبل دخوله بها، إذ طلب فسخ عقد زواجه من المدعى عليها، وإلزامها ووالدها بأن يردا له مهره البالغ 125 ألف درهم، ورد الذهب أو قيمته البالغة 13 ألفاً و500 درهم، ومبلغ 38 ألف درهم أنفقها على الزواج.

وقال في دعواه إنه أبرم عقد الزواج، وقبل الميعاد المحدد للزواج رفضت الزوجة ووالدها إتمام العرس، وطلبا الطلاق قبل الدخول.

ورفعت امرأة دعوى طلاق من زوجها، لعدم حصولها على الدخلة الشرعية ليلة الزفاف، موضحة أن الزوج هجرها لمدة عامين منذ اليوم الأول لزواجهما، وعدم تجهيزه منزل الزوجية طوال تلك الفترة.

وقالت الزوجة في مذكرة الدعوى، إنها تزوجت منذ عامين، وهجرها الزوج ليلة الدخلة، وأصبح يمضي معظم وقته لدى زوجته الأولى، وأنها مازالت بكراً، رغم مرور عامين على الزواج.

المرأة العاملة

من جهته، طالب عضو المجلس الوطني الاتحادي، علي النعيمي، بإعادة النظر في مدة الخدمة الوظيفية، وسن التقاعد للمرأة المتزوجة العاملة، خصوصاً عندما تكون معيلة لأطفال، مقترحاً خفض سن التقاعد إلى 15 عاماً بدلاً من 20 عاماً.

وأكد أهمية تقديم محفزات للمرأة، سواء العاملة أو غير العاملة، مشيراً إلى أن أحد مسببات الطلاق الانشغال في العمل، فضلاً عن إجراءات التقاعد التي تدفع الزوجة إلى مواصلة العمل لمدة 20 عاماً.

وطالب بمنح المرأة غير العاملة مكافآت تحفيزية، لتشجيعها على مواصلة دورها الحيوي والمهم على صعيد تربية الأبناء، وتنشئتهم على القيم الأصيلة، معتبراً أن هذا الأمر يحقق الاستقرار الأسري، ويزيد من الترابط الاجتماعي.

ولفت إلى أهمية دراسة الإشكاليات المجتمعية الأخرى المسببة لزيادة حالات الطلاق، ووضع الحلول لها، فضلاً عن ضرورة تكاتف مؤسسات الدولة كافة، خصوصاً وسائل الإعلام المختلفة، للتعاون معاً في توعية أفراد المجتمع بالآثار السلبية للطلاق، سواء على الأبناء أو الأسرة أو المجتمع بوجه عام.

وأشار إلى أن المجلس تبنى مطالبات في وقت سابق بشأن مدة الخدمة للمرأة العاملة، وخفض سن التقاعد، ودراسة الأسباب المؤدية إلى زيادة حالات الطلاق، مؤكداً أن موضوع الطلاق مشكلة اجتماعية، كون الزواج علاقة اجتماعية بين مجموعة من العائلات والأسر داخل المجتمع، فتكثر الانحرافات الاجتماعية، ويقل التواصل الاجتماعي، وما ينتج عنه من زيادة العبء على الميزانيات الاجتماعية.

أسباب وحقوق

وقالت المحامية مضحية المنهالي، إن من أبرز أسباب الطلاق سوء العشرة، واستحكام النفور بين الزوجين، إذ إن سوء العشرة بمعناه الأشمل يطوي تحته الضرر الواقع على أي من الزوجين، سواء كان ضرراً مادياً أو معنوياً، ويتدرج تحته استحكام النفور الذي يؤدي بدوره إلى استحالة استمرار الحياة الزوجية، مشيرة إلى أن غياب المودة والرحمة في العلاقة الزوجية سبب رئيس لاستحكام النفور والبغض بين الزوجين المؤدي إلى الطلاق.

وأضافت أن وقوع الطلاق تترتب عليه مشكلات قانونية واجتماعية، خصوصاً عند تنازع الزوجين في أمور معينة، ومنها حضانة الأبناء، والنفقة، والسكن، وغيرها، موضحة أن تشتت شمل الأسرة يؤثر بشدة في الأبناء، لاسيما مع تقطع أواصر العلاقات مع أحد الوالدين، لأن الأبناء يحتاجون إلى الأب والأم معاً، وغياب أحدهما مشكلة كبرى تؤثر سلباً في حياتهم.

وأوضحت أن الطلاق والخلع يختلفان في بعض الأمور، ويتحدا في إنهاء رابطة الزواج، لكن الزوجة في حالة الطلاق تحتفظ بحقوقها، ومنها مؤخر الصداق، ونفقة المتعة، لكن الخلع معناه الطلاق على مال، وهو أن تطلب الزوجة الطلاق مقابل التنازل للزوج عن حقوقها كلها أو بعضها أو أن تدفع لزوجها مقابلاً مادياً.

ورأت أنه ليس هناك حاجة إلى تعديل قانون أو إصدار تشريع معين، للحد من حالات الطلاق، بل يجب من البداية توعية الزوجين أو المقبلين على الزواج، بداية من حسن اختيار الزوج المناسب فكرياً ومادياً واجتماعياً، وبعد الزواج يجب عدم إدخال الآخرين في المشكلات التي تنشأ بين الطرفين حتى لا تتفاقم، وأن يتم حلها من دون أي تدخل من الأهل أو الأقارب.

وأكدت أن للطلاق فوائد إذا ساءت العشرة بين الزوجين، وتنافرت طباعهما وأخلاقهما، وحلت القطيعة مكان الرحمة والمودة، وصار أمرهما على شقاق دائم، فإن من البر بهما ألا يتركا هكذا، يدبر أحدهما المكايد، ويجلب للآخر الضرر والمصائب، بل الخير كل الخير في أن تُحل رابطة الزوجية، وتنتهي العلاقة بينهما، وذلك بالطلاق حسماً للشقاق، ولم يكن الإسلام شغوفاً بشرعية الطلاق، ولا داعياً إليه، إنما شرعه على كره وبغض له، كعلاج ينهي الخلاف، ويقضي على أسباب النزاع.

الإنترنت والخيانة الزوجية

وقال المستشار الأسري، عيسى المسكري، إن «الحياة الزوجية تتسم بأجواء متقلبة، وتنقسم مشكلاتها المؤدية إلى الطلاق إلى نوعين، داخلية وخارجية، فالداخلية تنطلق من زوايا عاطفية أو نفسية أو شخصية، وتبدأ بطلاق عاطفي، فتكون الحياة بين الزوجين خالية من المشاعر، وتترتب على ذلك آثار نفسية ودوافع دفينة ناتجة عن سوء العلاقات، كالخوف وعدم الإحساس بالأمان، والشك من انعدام الثقة المتبادلة بينهما، وعدم الشعور بالاستقرار، كأن أحدهما أو كليهما مشرد بلا مأوى، يتعرض لكل التقلبات المناخية بلا سقف يحميه، وهذا ما تم ذكره في آية جامعة وكلمة شاملة (سكن) في القرآن الكريم، وهو سكن للأفكار والهواجس، سكن للظنون والخواطر، سكن للشكوك والوساوس».

وأضاف: «من أهم الأسباب المؤدية إلى هذا النوع من الطلاق، الفشل في معرفة الشخصيات، فليس الذكر كالأنثى، وليست مشاعر المرأة كرجل، وهناك فروق متباينة، فالرجل الفاشل هو الذي يتعامل مع الزوجة بنظرته الذكورية، والمرأة الفاشلة هي التي تتعامل مع الزوج بنظرتها الأنثوية، فالرجل له متطلبات شخصية، كالقوامة والتقدير والإحساس بالقوة والسيطرة، والمرأة لها متطلبات شخصية كالاحترام والاحتواء والشعور بكيانها ومملكتها، وأكثر الخلافات التي تحدث ناتجة عن عدم معرفة الفروق الفردية الشخصية، وأثبتت بعض الدراسات بأن معظم الخلافات الزوجية ناتجة عن سوء التفاهم بين الزوجين، إذ يتكلم الرجل بلغة لا تفهمها المرأة، وتتكلم المرأة بلغة لا يفهما الرجل، وتصبح الرؤية معتمة، والحياة مضطربة، يعلوها الصراخ والكلام البذيء والجدال الممقوت، وحب الانتصار في معركة الخلافات المتبادلة بينهما، وتعصب في الرأي والسعي نحو الانتقام، كل واحد يشعر بأنه على الحق، ولا أحد يرغب في التنازل، أو التجاوز عن الهفوات أو التغافل عن الزلات».

وتابع: «أما عن المشكلات الخارجية، فتنطلق من خلال الأسرة وتربيتها للفرد، وتنشئتها على الأخلاق والقيم والمبادئ، فإذا تزوج كان قادراً على مواجهة التحديات، عكس من تربى في أسرة هزيلة مفككة، وتندرج بعد الأسرة البيئة المحيطة، بما فيها من عادات وتقاليد، ويعتمد على المرء في احتكاكه مع البيئة المحيطة، إن كان سلبياً مع صحبة سلبية، سيتلقى منهم بلا شك رسائل سلبية، تسهم في تفكك الأسرة وشتات أفرادها».

وأكمل المسكري: «نحن اليوم أمام تحديات متنوعة ومتطورة، فالتعامل مع التواصل الاجتماعي، والانفتاح عبر وسائل الإنترنت المتاحة أمام الجميع يسهم بلا شك في ظهور الخيانات الزوجية، والممارسات السلبية التي تنهي العلاقات الحميمية، وما لم نتعامل مع هذه الوسائل الإلكترونية بطريقة إيجابية فإن نسبة الطلاق في الفترة المقبلة ستكون مرتفعة، ليس على المستوى المحلي فحسب، إنما على المستوى العالمي أيضاً».

تويتر