الحداد: دفع الأذى عن العباد ونصرة المظلوم «فرض كفاية»

الإمـارات: مواجهــة «داعــــش» عسكرياً خيار أوحد

في الحلقة الأولى من ملف «الإمارات.. الحداثة لمواجهة التطرف والمناصحة لاحتواء الإرهاب»، أمس، نشرت «الإمارات اليوم» تفاصيل 20 عاماً من المناصحة، التي اتبعتها الدولة لإثناء أعضاء «التنظيم السري» عن الفكر المتطرف، وفي هذه الحلقة نتناول تفاصيل انضمام الإمارات إلى تحالف عالمي لمحاربة تنظيم «داعش»، ونتطرق إلى الخيوط المتشابكة بين التنظيمين، وإلى «نهج الإمارات» في دعم مبادئ الاعتدال والتسامح، وصولاً إلى البحث في خطط الحكومة، لتحصين الشباب من الوقوع في براثن «القوى الظلامية».

قدرات الإمارات العسكرية تتميز بنوعيتها وتطوّرها كونها تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة

• الدولة حصلت، بالقانون المعدل للإرهاب، على قوة رادعة في مواجهة التطرف بأنواعه.

• كل قوى الهمجية والتطرف الإقليمية تتدثر بعباءة الدين، بينما في الحقيقة هي تسعى إلى تفتيت المنطقة.

• الجهاز الأمني الإماراتي تميز بكفاءات ذات قدرات مهنية عالية واطلاع على التجارب الدولية.

وتحدث وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور أنور محمد قرقاش، عن أن الحل مع «داعش» «لا يمكن أن يكون إلا عسكرياً وأمنياً، فلا حوار مع منظمات استباحت الحرث والنسل»، فيما أكد خبير العلوم السياسية، الدكتور عبدالخالق عبدالله، أن «الإمارات شاركت في التحالف، دفاعاً عن أمنها واستقرارها».

ورأى كبير المفتين مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، الدكتور أحمد الحداد، أن «مشاركة الإمارات في الحرب على (داعش) واجب، تؤجر عليه»، مضيفاً: «دفع الأذى عن العباد، ونصرة المظلوم فرض كفاية، وحماية بيضة الإسلام فرض عين».


تطرف «داعش»

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/2418302%20(1).jpg

أدعو الإمارات ومصر والسعودية والكويت والبحرين، إلى تبني إنشاء «مجلس عربي لمكافحة الإرهاب والتطرف الفكري». اللواء فؤاد علام
 

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/2418302%20(5).jpg

الإمارات دخلت هذه  المعركة دفاعاً عن أمنها الإقليمي، وأعدت نفسها مسبقاً قبل أن تأخذ هذا المنحى. د. عبدالخالق عبدالله
 

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/2418302%20(3).jpg

«قانون الإرهاب» مكَّن الدولة من الحصول على قوة رادعة في مواجهة التطرف، سواء على مستوى تنظيمي أو فردي. أحمد علي الزعابي

 

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/2418302%20(6).JPG

الإمارات تنبهت إلى «مقاولي الإرهاب»، الذين يتبعون «الإخوان» بصورة أو بأخرى، ويخوضون حروباً بالوكالة عنها. اللواء حمدي بخيت

 

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/2418302%20(4).JPG
 

على الجميع نصرة الإمارات وتأييدها في الحرب على «داعش»، لأنها تقوم بواجبها نحو أمتها وشعبها. الدكتور أحمد الحداد
 

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/2418302%20(2).jpg

المواطنان المتهمان بالانضمام إلى «النصرة – أحرار الشام»، تبين لهما خطأ فكرة المشاركة في الصراع الدائر بسورية. سعيد الزحمي

رأى خبير العلوم السياسية، الدكتور عبدالخالق عبدالله، أن «الحرب ضد (داعش)، والتنظيمات المتطرفة، ينبغي أن تكون حربنا نحن، لا حرب الولايات المتحدة الأميركية والغرب، و50 دولة أخرى، فهي معركة إسلامية سنية عربية، ولابد أن نكون في مقدمة الدول التي تواجه (داعش) عسكرياً، لأنه أكثر خطورة على قيمنا من تنظيم القاعدة المتطرف».

وأضاف أن «الإمارات دخلت هذه المعركة دفاعاً عن أمنها واستقرار المنطقة، وهي واثقة من نفسها في ذلك، مطمئنة إلى أمنها وسلامة أراضيها وحدودها، وأعدت نفسها مسبقاً قبل أن تأخذ هذا المنحى، كما ندرك جيداً أن لا أحد يستطيع أن يستهدف أمن واستقرار الدولة الخليجية الناجحة».

وأكد أن «الحل العسكري أمر كان لابد منه، لأن خروج (داعش) كان قوياً، وهدد عواصم عربية، خصوصاً بغداد، فضلاً عن أنه على مقربة من الحدود السعودية، وكان لابد أن يتخذ قرار المواجهة العسكرية أولاً، والتحالف إقليمياً وعالمياً لمنع تمدد هذه الحركة المتطرفة، ولا أستبعد أن يستمر الحل العسكري عاماً كاملاً».

وللدكتور عبدالخالق عبدالله وجهة نظر لمرحلة ما بعد القضاء على «داعش»، عبر عنها قائلاً: «بمجرد دحر (داعش) عسكرياً، سيظهر ضلع موازٍ يتمثل في الحل السياسي، وضلع ثالث فكري وعقائدي، ولاشك في أن دول الخليج ستتمكن من هزيمة (داعش) ومن على شاكلته، فمنطقة الخليج تعيش مخاطر كبيرة، ففي الماضي كنا نعيش إلى جوار براكين خاملة، بينما الآن هي براكين نشطة، والإمارات دولة تدافع عن الاعتدال، وتواجه التطرف بأنواعه».

 «مجلس مكافحة الإرهاب»

ورأى الوكيل الأسبق لجهاز أمن الدولة المصري، اللواء فؤاد علام، أن «انتشار قضايا التطرف الفكري، وانحراف أفكار الشباب عن مسارها الطبيعي في بعض البلدان العربية، أمران يرجعان إلى معتقدات خاطئة، يتم زرعها في عقول الشباب من قبل تنظيمات وجماعات ظلامية، مثل تنظيم الإخوان، ومن على شاكلتهم، الذين يعتقدون أنهم هم وحدهم المسلمون، ومن ليس منهم أو معهم فهو بالتبعية ليس مسلماً».

وقال علام إن «الالتقاء الفكري بين الجماعات الظلامية أفرز ممارسات خطرة، تمثلت في زيادة مظاهر العنف الاجتماعي، وإرهاب الآمنين، فيما تميز الجهاز الأمني الإماراتي بوجود كفاءات ذات قدرات عالية من المهنية والاطلاع على التجارب الدولية، وهم يبذلون جهوداً كبيرة للحفاظ على مكتسبات الدولة، ووقايتها من المخاطر».

ودعا السلطات في الإمارات ومصر والسعودية والكويت والبحرين، إلى تبني إنشاء مجلس عربي لمكافحة الإرهاب والتطرف الفكري، لمواجهة الأفكار المتطرفة التي تتم تغذية عقول الشباب بها.

 

قانون ضد الإرهاب

وفي أواخر شهر أغسطس الماضي، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، قانوناً اتحادياً رقم 7 لسنة 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية، في خطوة وصفها رئيس اللجنة التشريعية في المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان)، التي أشرفت على مناقشة مشروع القانون، أحمد علي الزعابي، أنها «بمثابة انتباه مبكر من الدولة لمخاطر الإرهاب، وصدر بما يتناسب مع الشخصية الإماراتية».

وقال الزعابي إن «الدولة استطاعت، بموجب القانون المعدل للإرهاب، أن تحصل على قوة رادعة في مواجهة التطرف بأنواعه، سواء على مستوى تنظيمي أو فردي، كما يمكن القانون الجديد مؤسسات الدولة من المواجهة المسبقة لمشروع (الإرهابي المحتمل)، بأن شرع اتحادياً بإنشاء (مراكز مناصحة)، يمكن من خلالها التدخل لاحتواء من ظهرت عليهم بوادر التطرف الفكري والعنف».

وتابع: «تدخل الإمارات عسكرياً، ضمن تحالف دولي ضد إرهاب (داعش)، قرار سياسي يحدده ولي الأمر، ونحن في مجتمع الإمارات ندعم هذا التوجه وندعم قيادتنا، فـ(داعش) يمثل خطراً إقليمياً ينبغي الوقوف والتحالف ضده، ونحن نجحنا في أن نحصن الدولة ضد أي اعتداءات خارجية أو داخلية من خلال قانون الإرهاب، الذي جاء في وقته لمواجهة كل الأفعال المادية التي تحوي مضموناً إرهابياً».

وحسب الزعابي، فإنه «بموجب القانون المعدل، تستطيع الدولة مناصحة الأشخاص ومتابعتهم، من خلال نشاطهم على شبكات التواصل الاجتماعي، كأن ينشر شخص معلومات تحوي تطرفاً فكرياً، أو مخاطر ضد المجتمع، مثل تصنيع القنابل وغيرها، وهدفنا الرئيس أن نقوِّم هذا الشخص ونبعده عن هذه السلوكيات العدوانية، وليس معاقبته».

وقال: «لابد من احترام النظام الاتحادي للدولة وتركيبتها السياسية، فكل من يخرج على هذا النظام، يسعى إلى جرنا إلى اللانظام، وإذ اختار فرد اللانظام، فسرعان ما سينبذه المجتمع، ثم سيجد نفسه في مواجهة أنظمة وقوانين صارمة».

 مقاولو الإرهاب

واعتبر الخبير العسكري المصري، اللواء متقاعد حمدي بخيت، أن «استراتيجية الإمارات في مواجهة التطرف والإرهاب الإقليمي واقعية، مستندة إلى إدراك الدولة أن الإرهاب ليس له وطن وعابر للحدود، كما تنبهت الإمارات جيداً إلى فكرة مقاولي الإرهاب، الذين يتبعون بصورة أو بأخرى جماعة الإخوان، ويخوضون حروباً بالوكالة عنها».

وقال بخيت إن «كل قوى الهمجية والتطرف الإقليمية تتدثر بعباءة الدين، بينما في الحقيقة هي تسعى إلى تفتيت المنطقة على أبعاد دينية وطائفية وعرقية ومذهبية، وتحاول جر القوات المسلحة الإقليمية إلى حروب جانبية، وهؤلاء المقاولون انتشروا في دول كثيرة، ويستهدفون زعزعة الأمن في المنطقة».

وأكد أن «قدرات الإمارات العسكرية تتميز بنوعيتها وتطورها، كونها تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة»، متوقعاً أن «تصل القدرات العسكرية الإماراتية، في وقت قريب، إلى مرحلة تحقق فيها الدفاع الرادع عن قيم الأمن القومي الإماراتي».

تطرف إلكتروني

أدين شباب إماراتيون في القضية المعروفة بـ«جبهة النصرة و أحرار الشام»، بتهمة الانضمام إلى تنظيمات متطرفة تحارب في سورية. وقال محامي متهمين في القضية المستشار القانوني، سعيد الزحمي، لـ«الإمارات اليوم»، إن «موكليه سلما نفسيهما إلى السفارة الإماراتية في العاصمة التركية إسطنبول، وطلبا إعادتهما إلى الوطن، للمثول أمام القضاء».

وأضاف أن «المواطنين اللذين اتهما بالانضمام إلى (النصرة – أحرار الشام)، تبين لهما خطأ فكرة الذهاب إلى سورية، والانخراط في الصراع الدائر هناك»، معتبراً أنهما ضحايا تطرف بعض المحطات الفضائية الخارجية، ومواقع للتواصل الاجتماعي.

وكانت النيابة العامة اتهمت بعض المنتمين إلى ما عرف إعلامياً بقضية «النصرة – أحرار الشام»، بجمع وتحويل أموال للمنظمتين، مع علمهم باستخدامها في أعمال إرهابية، كما صنعوا متفجرات دون الحصول على تصريح من الجهات المختصة في الدولة، وحيازة سلاح ناري صالح للعمل دون ترخيص، إضافة إلى إنشاء وإدارة موقع إلكتروني على الإنترنت، لنشر أفكار تنظيم القاعدة اﻹرهابي.

وتنوعت أحكام دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا، التي صدرت قبل نحو أسبوعين ضد المتهمين بين السجن المؤبد لهاربين منهم، والسجن 15 عاماً لآخرين، والحبس سبع سنوات لغيرهم، وثلاث سنوات لآخرين استقطبوا متهمين جدداً، فضلاً عن غرامات مالية صدرت بحق بعضهم، تراوح بين 15 ألفاً ومليون درهم.

قائمة الإرهاب

أعلنت الدولة، الشهر الماضي، قائمة للتنظيمات الإرهابية تضم 83 تنظيماً، يقاتل القسم الأكبر منها في سورية، ومن هذه التنظيمات: «داعش»، و«جبهة النصرة»، و«الإخوان المسلمين»، وتنظيم القاعدة.

الحداد: مشاركة الإمارات في الحرب على «داعش» واجب

قال كبير المفتين مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، الدكتور أحمد الحداد، إن «فكر تنظيم (داعش) لم تعرف البشرية مثله، وإن كان يتقاطع في بعض صوره مع الخوارج، إلا أن الخوارج لم يصلوا إلى هذا المستوى من الإجرام، لذا أرى ألا يقال لهم خوارج، لأنه سيكون ظلماً للخوارج، فقد كانوا أرحم وأقوم وأعقل وأعلم وأعبد من هؤلاء المارقين، فكانوا يقفون عند الحجج ويرجعون عندها، وما كانوا يعيثون في الأرض فساداً، مثل هؤلاء، فهؤلاء أمة ضلال».

واعتبر الحداد أن «مشاركة الإمارات في الحرب على (داعش) واجب»، مضيفاً: «دفع الأذى عن العباد، ونصرة المظلوم فرض كفاية، وحماية بيضة الإسلام فرض عين على كل مسلم، حسب استطاعته وقدرته، فإذا رأت الدولة قدرتها على الإسهام في إزالة المنكر ونصرة المظلوم، فذلك تقديرها وهي مشكورة مأجورة، وعلى الجميع نصرتها وتأييدها لأنها تقوم بواجبها نحو أمتها وشعبها، لما في ذلك من توضيح للناس عن حقيقة الإسلام، وأن هؤلاء لا يمثلون الإسلام، وليست لهم به دراية».

وأكد أن الإرهاب والتطرف يشكلان خطراً على الإسلام الوسطي، وهذه الجرائم لا تمثل الإسلام، والإسلام بريء منها، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء وغيرهم بإحدى دلائل نبوءاته، فقال: «إن من ضئضئ هذا، أو قال في عقب هذا، قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد)».

«جيش منضبط»

ذكر موقع «بزنس إنسايدر» الأميركي، في تقرير أصدره مطلع الشهر الماضي، أن «الجيش الإماراتي واحد من أفضل الجيوش في العالم، من حيث التنظيم والانضباط، والقدرة على أداء المهام والواجبات القتالية بمهارة عالية، إضافة إلى تزويده بشكل دائم بأحدث صنوف الأسلحة من كل أنواعها».

ووفق التقرير، أظهرت الإمارات قوتها العسكرية، بعد الفوضى التي عمت دولاً عربية في ما سمي بـ«الربيع العربي»، وتحولت إلى واحدة من أكثر الدول تأثيراً في المنطقة والعالم، وفرضت الخدمة العسكرية على الشباب، وبدأت تطوير أسطولها من الطائرات والآليات الحربية. واعتبر أن المشاركة الأبرز للقوات المسلحة الإماراتية كانت مع بداية الحملة الجوية ضد «داعش» في شمال سورية، مشيراً إلى أن الإمارات دعمت توسعها في المجال العسكري بسياسة خارجية حازمة ومستقلة، ومن خلف هذه السياسة اقتصاد متين ومستقر، لم يعد يعتمد فقط على قطاعي النفط والغاز كما في كان السابق، بل تحولت أبوظبي ودبي وبقية الإمارات إلى مقصد سياحي وثقافي من جميع دول العالم.

تويتر