«حماية المرأة والطفل»: العنف اللفظي أبرز أسباب الخلافات الزوجية

شاب يعتدي على أمه لفظياً.. وفتاة تحاول الانتحار بسبب انفصال والديها

قال مدير إدارة حماية المرأة والطفل في الإدارة العامة لحقوق الإنسان، الرائد شاهين إسحاق المازمي، لـ«الإمارات اليوم» إن العنف اللفظي أبرز أسباب الخلافات الأسرية، لافتاً إلى أنه لا يقتصر فقط على الأزواج، ولكن هناك حالات تعاملت معها الإدارة لأبناء استخدموا العنف اللفظي ضد أمهاتهم.

وأكدت رئيس قسم الدعم الاجتماعي في الإدارة، فاطمة الكندي، أن الأبناء هم أول المتضررين من الخلافات الأسرية، لافتة إلى أنهم من يدفعون الجزء الأكبر من ثمن الطلاق أو الانفصال، وتابعت أن فتاة تبلغ 19 عاماً حاولت الانتحار بسبب الضغوط النفسية التي وقعت عليها نتيجة انفصال والديها، وإجبارها على تحمل مسؤوليات لم تكن مستعدة لها.

وتفصيلاً، قال المازمي إن الأطفال يتحولون في الخلافات الأسرية إلى أداة ضغط يستغلها طرف ضد آخر، لافتاً إلى أن إدارة حماية المرأة والطفل تتلقى حالات كثيرة يشكو فيها أحد الزوجين حرمانه حق الرؤية.

وأضاف أن الإدارة تحرص على احتواء المشكلات، والوصول إلى حلول ودية لها، قبل أن تصل إلى المحاكم، مؤكداً أن هذه «المشكلات تثير الكراهية والحقد في نفوس أطرافها، وتسبب لهم ألماً كبيراً، خصوصاً عندما يصل العناد إلى مراحل متقدمة».

وأشار المازمي إلى أن الخبراء والأخصائيين الاجتماعيين في الإدارة يحرصون على الجلوس مع الزوجين، وإقناع كل منهما بحق الآخر في رؤية الأبناء، وتقديم نوع من التنازل لمصلحة أطفالهما، لافتاً إلى أن قسم الدعم الاجتماعي في الإدارة تلقى 113 حالة، وحل 93 منها ودياً.

وذكر أن الخلافات التي تحاول الإدارة معالجتها لا تقتصر على الأزواج، بل تشمل كل أفراد الأسرة، لافتاً إلى وجود حالة لابن دأب على التطاول على أمه، والاعتداء عليها لفظياً، ودفعها بيديه، إذ «استدعته الإدارة، وناقشته ودياً في هذا السلوك، وتمكنت من إقناعه بضرورة تعديل تصرفاته»، مضيفاً أن «الخبراء تابعوا الحالة لمدة ستة أشهر، حتى يتأكد الابن من مدى حرصنا على رعاية أمه، وضمان عدم تعرضها للإيذاء».

إلى ذلك، قالت الكندي إن الأبناء أول من يدفع فاتورة الخلافات الزوجية، بسبب عناد الأب أو الأم، وتصرفهما بأنانية، من دون النظر إلى مصلحة الأبناء. وأضافت أن هناك مشكلات كثيرة تنتج عن انفصال الأبوين، منها تعرض الأبناء لأذى نفسي بالغ، وصعوبة تربيتهم والتعامل معهم، لافتة إلى أن بعض الأبناء يستغلون انفصال الوالدين لتحقيق مطالبهم الشخصية بطريقة انتهازية، تؤثر مستقبلاً في سلوكياتهم.

وشرحت أن نماذج الأطفال الذين يستغلون خلافات الأبوين لمصلحتهم تبرز بوضوح في الحالات التي يتحول فيها الانفصال إلى نوع من الصراع بين الأبوين، فلا يكتفيان بمجرد الطلاق، بل ينقلان مشاعرهما وخلافاتهما إلى الأطفال أنفسهم.

وأشارت الكندي إلى أن هناك نسبة قليلة من الأزواج ينفصلون بطريقة ودية، ولا يهملون أبناءهم بعد الطلاق، معربة عن أملها أن يلتزم الآباء برعاية أبنائهم بعد الانفصال بالقدر نفسه الذي كانوا يقومون به أثناء الارتباط، حتى لا تتأثر نفسية الطفل ويصاب بالانفصام أو ينحرف.

وتابعت أنها تعاملت أخيراً مع شابة أحيلت إليها بعد تلقي بلاغ عبر شرطة دبي، حول فتاة إيرانية تهدد بالانتحار، بعد لجوء أمها إلى الشرطة لثنيها عن قرارها، مضيفة أنها توجهت إلى منزل الفتاة مباشرة لمعرفة مشكلتها، وحرصت على الحديث معها عبر الهاتف طوال الوقت الذي استغرقه وجودها على الطريق، لإقناعها بالعدول عن قرارها، مؤكدة أنها استطاعت تهدئتها فعلاً.

وبعد وصولها إلى المكان، جلست معها، وأدركت من خلال الحديث أنها تتعرض لضغط نفسي كبير منذ انفصال والديها، بسبب تجاهل الأب متطلباتها هي وشقيقتها، سواء مالياً أو معنوياً، وعجز الأم عن تلبية هذه المطالب بسبب تراكم الديون عليها،

وشرحت الكندي أن الفتاة اضطرت إلى ترك دراستها، والتوجه إلى العمل في إحدى المؤسسات وهي في سن الـ17 حتى تساعد على سد التزامات الأسرة، ما راكم الضغوط النفسية عليها، كما أن الأم بدورها باتت تعتمد عليها كلياً. وفي ظل عدم نضجها بادرت الفتاة بشراء سيارة، وحررت شيكات على نفسها، ثم عجزت عن سدادها، فتراكمت عليها الديون، وحرر ضدها بلاغ جنائي، وباتت متهمة في هذه السن المبكرة.

وقالت الكندي إن الفتاة، التي أنهت لتوها مرحلة الطفولة، لم تستطع تحمل كل هذه الضغوط، فتأثرت نفسيتها جداً، وباتت تعاني الاكتئاب والهمّ، وتولدت لديها أحقاد على شقيقتها التي واصلت تعليمها الجامعي، وكانت المدللة دائماً من جانب أمها، مضيفة أنها واجهت كل هذه المشكلات والضغوط النفسية بطريقة أكثر سلبية، إذ أقدمت على محاولة انتحار سابقة، ما أدى إلى تدخل إدارة حماية المرأة والطفل في الإدارة العامة لحقوق الإنسان، التي تواصلت بدرها مع الأب، وفرضت عليه الالتزام بواجباته تجاه أسرته، كما حرصت على التواصل مع البنك، الذي استدانت منه الفتاة ثمن السيارة، فأعاد جدولة ديونها بطريقة مريحة، كما دفع الأب جانباً من الديون المتراكمة على الأم والابنة.

وأوضحت الكندي أنه على الرغم من الحلول الجذرية التي توافرت لمشكلاتها المالية، إلا أن الفتاة أصيبت بنوع من الإنكار تجاه أسرتها، بسبب استمرار شعورها بأن أمها تفضل شقيقتها عليها، ما ولّد لديها شعوراً دائماً بالسخط على أمها، ورغبة في الانتقام، فدأبت على الحصول على سيارة أمها، والسهر حتى وقت متأخر، والتهديد بالانتحار إذ اعترضت الأم على سلوكها.

وأفادت بأنها تلقت اتصالاً أخيراً من الأم يفيد بأن ابنتها هددت مجدداً بالانتحار، وحاولت القفز من النافذة، لولا أنها أمسكت بها ومنعتها من ذلك، مضيفة أن الأم باتت عاجزة عن التعامل مع ابنتها، أو إقناعها بأن تتعامل بطريقة مناسبة مع شقيقتها الصغرى، فلجأت إلى طليقها لمساعدتها على تربية ابنتهما، لكن الفتاة أصرت على التصرف بعدوانية، ومواصلة التهديد بالانتحار.

وأكدت الكندي أن القسم يحاول التواصل مع الفتاة، وتقديم الدعمين النفسي والاجتماعي لها، مع أنها لاتزال مصرة على التصرف بهذه الطريقة، لافتة إلى أن «هذه هي عينة المشكلات التي تقع بسبب الطلاق وتجاهل أحد الأبوين أسرته بعد الانفصال»، محملة الأب والأم الجانب الأكبر من المسؤولية، بسبب عدم التزامهما بواجبهما في مواصلة رعاية ابنتيهما.

 

تويتر