عمال نظافة عثروا عليها.. ورسائل نصية كشفت علاقة غرامية بين القتيل والمتهم

3 سنوات والدية لعامل قتل «عشيقه» ودفن جثته

أصدرت محكمة الجنايات في أبوظبي برئاسة القاضي سيد أحمد عبدالبصير، وعضوية القاضيين أكثم عبدالمنعم السعيد وناصر سالم سعيد الزحمي، وبحضور وكيل النيابة محمد راشد، وأمين السر محسن بوفطيم، حكماً بإدانة عاملين بقتل زميل لهما عمداً، وقضت بإلزامهما بدفع قيمة الدية الشرعية (200 ألف درهم) والسجن ثلاث سنوات، فيما قضت ببراءة ثالث من جريمة القتل، ودانته بجريمة عدم الإبلاغ عن جريمة علم بوقوعها، وغرمته 1000 درهم.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، إن «كلاً من المجني عليه والمتهم الثاني في القضية، وهما يعملان في شركة واحدة، وارتبطا ببعضهما بعضاً بعلاقة صداقة، قد استحوذ عليهما الشيطان فمارسا فاحشة اللواط، ولسوء عملهما أوقعهما الشيطان في بعضهما بعضاً، فتشاجرا في 13 سبتمبر 2012 وافترقا، إلا أن المجني عليه لم يستطع الإقلاع عن ممارسة الفاحشة مع المتهم، فحاول التقرب منه، والاتصال به أكثر من مرة، وأرسل إليه رسائل نصية تحتوي على عبارات حب وغرام، لكن المتهم الثاني ضاق ذرعاً بمحاولات المجني عليه، فسهل له الشيطان طريق الجحيم، وأرشده إلى ما هو أشد عند الله من زوال الدنيا، ألا وهو قتل النفس، فعقد العزم على التخلص منه، وأبلغ بذلك صديقه الحميم (المتهم الثالث) طالباً مساعدته على تنفيذ جريمته، فوافق. ورد المتهم الثاني على اتصال المجني عليه بعد يومين من تاريخ المشاجرة بينهما، واتفق معه على مقابلته في منطقة السمحة شرق، وظن المجني عليه أن المتهم سيعاود ممارسة اللواط معه، فقبل على الفور، وتوجه سعيداً إلى المكان في السادسة و20 دقيقة مساء، وتبعه المتهمان الثاني والثالث. وعندما التقيا، عاجله المتهم الثاني بطعنات عدة أودت بحياته، ثم وارى المتهمان جثة المجني عليه التراب وانصرفا عن مكان الجريمة في نحو العاشرة و27 دقيقة. وعندما عادا، أخبرا المتهم الأول بما فعلاه، فتوجه إلى مكان الجريمة فوراً للتأكد من ادعائهما، ثم عاد إلى محل سكنه، وأخفى الأمر عن السلطات العامة حتى تمكن المتهم الثاني من مغادرة الدولة نهائياً في اليوم التالي مباشرة، وأعقبه المتهم الثالث بعدها بنحو ثلاثة أشهر.

واكتشفت الواقعة مصادفة عند قيام بعض عمال النظافة بنقل القمامة من مكان الواقعة الذي دفن فيه المجني عليه المتهمان إلى مكان آخر، حيث ظهر لهم رأس وعظام لجثة آدمية، فأبلغوا الشرطة. وثبت من خلال إحداثيات خطوط الهاتف والاتصالات وجود كل من المجني عليه والمتهمين الثاني والثالث في المكان الذي عثر فيه على جثة الأول خلال الفترة من السابعة حتى العاشرة والنصف تقريباً يوم 15 سبتمبر. كما ثبت وجود المتهم الأول في المكان نفسه في نحو العاشرة و27 دقيقة.

واعترف المتهم الأول بأن المتهمين الآخرين قتلا المجني عليه. ومن خلال مراجعة أنظمة الدخول والخروج في إدارة الجوازات، تبين أن المتهم الثاني غادر الدولة في 16 سبتمبر، فيما غادرها المتهم الثالث بعد ثلاثة أشهر من الواقعة.

وأضافت المحكمة في حيثيات حكمها، أنه من الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها أنها خلت من أي دليل أو قرينة على مشاركة المتهم الأول بأي دور في تنفيذ الجريمة، طبقاً لخطتها الموضوعة، أو إسهامه في قدر منها، وهو ما أكده محامي المتهم عبدالله الحمداني في دفاعه.

كما أن المتهم الأول تمسك بالإنكار منذ بداية الدعوى، نافياً إتيانه أي فعل من الأفعال المادية المكونة للجريمة، ولم يثبت وجوده في الوقت التقريبي الذي حدثت فيه الجريمة، بينما أثبت تحليل الإحداثيات وجوده في المكان بعد انتهاء الجريمة ومغادرة المتهم الثاني المكان، بدليل وجود اتصال من المتهم الأول للثاني من مكان الجريمة نفسه، في هذا التوقيت، ما يدل على أنهما ليسا في مكان واحد. وتوصل الضابط الذي أجرى التحريات إلى كيفية ارتكاب الجريمة من دون أن يجزم بمشاركة المتهم الأول فيها، وتالياً توصلت المحكمة إلى أن المتهم ليس فاعلاً أصلياً في الجريمة، ولا شريكاً فيها، ومن ثم قضت ببراءته من تهمة القتل العمد، عملاً بالمادة 211 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي.

كما قضت ببراءته من تهمة إخفاء أدلة الجريمة، وجثة المجني عليه، وعدلت الاتهام المسند إليه إلى عدم الإبلاغ عن الجريمة على الرغم من علمه بوقوعها.

وفي ما يتعلق بالاتهامات المسندة إلى المتهمين الثاني والثالث، قالت المحكمة إنه وفقاً لأوراق الدعوى وشهادة الشهود وما تبين من خلال تحليل إحداثيات خطوط الهاتف الخاصة بالمجني عليه والمتهمين، وما استخلصته المحكمة من وقائع، وما توافر من عناصر قانونية للجرائم المسندة للمتهمين، ومن خلال أدلة الثبوت التي سبق إيرادها في حق المتهمين الثاني والثالث، استقر في عقيدة المحكمة ويقينها أنهما قتلا المجني عليه مع سبق الإصرار، بأن بيتا النية على قتله وعقدا العزم على ذلك، وما إن ظفرا به حتى أمسك به الثالث وانهال عليه الثاني طعناً بأداة حادة (سكين) مرات متتالية بقصد قتله، وأخفيا أدلة الجريمة بأن دفنا جثة المجني عليه وتخلصا من الأداة المستخدمة في القتل. وحيث إن الجريمتين المسندتين للمتهمين الثاني والثالث مرتبطتان ببعضهما وارتكبتا لغرض واحد، فقد وجب اعتبارهما جريمة واحدة، والحكم بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد، وهي القتل العمد.

وأضافت المحكمة بأنه عملاً بالمادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي، تسري في شأن جرائم الحدود والقصاص والدية أحكام الشريعة الإسلامية. وكان من المقرر أن جريمة القتل العمد حدية، تثبت شرعاً بإقرار الجاني أو شهادة شاهدين ذكرين عدلين أو بالقسامة.

وبما أن المتهمين قد غادرا البلاد ولم يمثلا أمام المحكمة، كما خلت أوراق القضية من البينة الشرعية الموجبة لتطبيق القصاص، ولم يطلب ورثة المجني عليه أداء يمين القسامة، وإنما طلبوا - من خلال وكيلهم - أداء الدية الشرعية فقط، بما يمتنع معه تطبيق القصاص إعمالاً لمبادئ الفقه المالكي المعمول به في الدولة، فقد حكمت المحكمة بمعاقبة المتهمين عن جريمتي القتل وإخفاء جثة المجني عليه بالحبس مدة ثلاث سنوات وإبعادهما عن الدولة بعد تنفيذ العقوبة، وألزمتهما بأن يؤديا الدية لورثة المجني عليه.

 

تويتر