«النقض»: يحق للزوجة تطليق نفسها إذا اشترطت ذلك في العقد

امرأة «تطلّق» زوجها بعد حلف اليمين بتعرضها للضرر

«النقض»: لمحكمة الموضوع مُطلق السلطة في تقدير النفقة الواجبة على المنفق.تصوير: إريك أرازاس

أفادت محكمة النقض في حيثيات حكم أصدرته أخيراً بأن للزوجة الحق في تطليق نفسها، إذا كان الزوج قد ملكها أمر نفسها في عقد الزواج، أو في اتفاق كتابي بينهما.

وأشارت إلى أن المادة (100) من قانون الأحوال الشخصية تنصّ على أن الطلاق يقع من الزوج، أو وكيله بوكالة خاصة، أو من الزوجة إن ملكها الزوج أمر نفسها، ورفضت المحكمة طعناً تقدم به زوج يطلب فيه نقض حكم بتطليق زوجته، وإسناد حضانة الأبناء إليها، وقالت إن الحكم جاء سليماً ومطبقاً لأحكام الشريعة والقانون.

وكانت الزوجة قد أقامت دعوى ضد زوجها لدى محكمة أبوظبي الابتدائية، تطلب فيها الحكم بتطليقها منه للضرر، وإثبات حضانتها لأولادها الخمسة، وإلزامه بأداء نفقتهم بقيمة 2000 درهم لكل منهم، ابتداء من تاريخ رفع الدعوى، وإلزامه بتوفير مسكن شرعي مستقل ومؤثث بشكل مناسب، أو سداد أجرة منزل لا تقلّ عن 120 ألف درهم سنوياً، وبدل أثاث لا يقلّ عن 20 ألف درهم، وإلزامه بتوفير خادمة، وسداد أجرها، أو سداد 7000 درهم تكاليف استقدامها من الخارج، وسداد 700 درهم أجرتها الشهرية، وإلزامه بدفع أجرة حضانة للأم لا تقلّ عن 1000 درهم شهرياً، إضافة إلى تكاليف استهلاك الماء والكهرباء شهرياً.

كما طالبت بصفة مستعجلة بفرض نفقة مؤقتة إلى حين الفصل في الدعوى، وتحميله الرسوم والمصروفات وأتعاب المحاماة.

وأوضحت في دعواها أنها زوجة للمدعى عليه بمقتضى عقد شرعي، وأنها أنجبت منه على فراش الزوجية خمسة أبناء، لكنه أساء إليها بالضرب والسبّ. وسبق لها أن أقامت دعوى للطلاق وتم الصلح بينهما على شرط أن يكون الطلاق بيدها إذا حلفت اليمين على وقوع ضرر منه، وقالت إنه اعتدى عليها أخيراً.

وأحيلت الدعوى إلى المحكمة الجزائية وانتهت ببراءته، فقامت المحكمة بتحليفها اليمين على صدقها عوضاً عن إلزامها بإثبات اعتدائه عليها لتطليق نفسها، بعدما رفضت الصلح أمام التوجيه الأسري، ورفضته أمام المحكمة.

وأقام الزوج المدعى عليه دعوى مقابلة طلب فيها الحكم بإلزام زوجته بالدخول في طاعته في المسكن الشرعي المعدّ لها، وإلزامها بالمصروفات والأتعاب.

وقضت محكمة البداية بتطليق المدعية طلقة بائنة للضرر، على أن تحصي عدتها من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً، وإثبات حضانتها للأولاد إلى أن تنتهي هذه الحضانة رضاء أو قضاء، وإلزام المدعى عليه بأن يؤدي لها مبلغ 8000 درهم شهرياً نفقة لأولاده، شاملة المأكل والملبس بالتساوي بينهم، على أن تبدأ من تاريخ المطالبة القضائية، وإلزامه بتوفير مسكن لحضانة الأولاد على أن يكون مسكناً شرعياً ومؤثثاً بالأغراض والأدوات اللازمة للحياة، وإلزامه بتوفير خادمة لأولاده المحضونين، ودفع أجرتها شهرياً، وإلزامه بأن يؤدي مبلغ 500 درهم شهرياً أجرة حضانة المدعية.

وأيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم، وهو ما دفع المدعى عليه إلى الطعن على الحكم أمام محكمة النقض.

وأفاد في طعنه على الحكم بأنه جاء خالياً من الأسباب التي بني عليها، إذ لم يشتمل لا على عرض مجمل لوقائع الدعوى، ولا طلبات الخصوم، ولا على خلاصة موجزة لدفاعهم. وهوما رفضته محكمة النقض، وقالت إنه بصرف النظر عن كون الحكم المطعون فيه يشتمل على عرض شامل لوقائع الدعوى وطلبات الخصوم، فإن الطاعن لم يبين ما الطلبات والدفوع التي أغفلها الحكم، ولم يتعرض لها، ما يكون معه ما أثير غير سديد.

كما نعى الطاعن على الحكم - كونه استند إلى الاتفاق الموقع بينه وبين زوجته، متضمناً أنه إذا عاد إلى إلحاق أي ضرر بها فإنها تؤدي اليمين ويكون الأمر بيدها، بحسب الاتفاق، وهو ما يخالف قانون الأحوال الشخصية، لأن إسناد الطلاق إلى الزوجة وحلفها اليمين بوقوع الضرر من دون إثباته بالطرق المقبولة قانوناً وشرعاً يعدّ مخالفة للقانون وللنظام العام، الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم.

ورفضت محكمة النقض هذا النعي، وقالت إن الطلاق، كما عرفته الفقرة الأولى من المادة (99) من قانون الأحوال الشخصية، هو حل عقدة الزواج الصحيح بالصيغة الموضوعة شرعاً.

وجاء في المادة (100) من القانون نفسه أنه «يقع الطلاق من الزوج أو وكيله بوكالة خاصة، أو من الزوجة إن ملكها الزوج أمر نفسها». وأضافت أن المذكرة الإيضاحية لقانون الأحوال الشخصية بينت - تعليقاً على هذه المادة - أن للزوج أن يفوض الزوجة في الطلاق إذا ملكها أمر نفسها بعد العقد، أو اشترطت ذلك في العقد.

 وبالرجوع إلى وثيقة الاتفاق المبرمة بين الطرفين أمام محكمة أبوظبي الابتدائية، الموجودة ضمن مستندات الملف والمعتمدة من الحكم المطعون فيه، يتجلى من بندها التاسع أن الطاعن تعهد والتزم للمطعون ضدها بأنه في حال إخلاله بالبندين السادس والسابع، أو بأي جزء منهما، بأن يضر بها بشتم أو ضرب أو عدم حسن معاشرة أو قبول تدخّل أهله أو أقاربه أو معارفه في شؤونهما الزوجية، يكون من حق المدعية أن تطلق نفسها أمام المحكمة طلقة واحدة بائنة، إذا حلفت على إخلال المدعى عليه بالتزامه المذكور.

وقد تعرضت المطعون ضدها، كما هو واضح من وثائق الملف، لاعتداء - حسب ادعائها - من طرف الطاعن، وأحيلت الدعوى إلى المحكمة الجزائية، وانتهت ببراءته، ومادام قد ثبت ما ذكر أعلاه فإن دعوى التطليق للضرر لا يشترط لإقامتها تكرر الشكوى، كما هو منصوص عليه فقهاً.

وحول الطعن الذي قدمه بشأن كون محكمة الاستئناف التي أيدت الحكم الصادر بحقه لم ترد على أسباب استئنافه في بقية الطلبات، ولم تناقش ما ورد فيها، واعتبرت كل ما جاء في هذا الحكم سليماً، قالت محكمة النقض إنه عملاً بنصوص المذهب المالكي المعمول به في الدولة فإن لمحكمة الموضوع مطلق السلطة في تقدير قدر النفقة الواجب على المنفق أن يدفعه لمن تجب عليه نفقته انطلاقاً من مدى يسار المنفق، وحاجة المنفق عليه من دون رقابة عليها في ذلك، متى قام قضاؤها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وبما أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن المبالغ التي قدرت في نفقة الأولاد أكلاً وشرباً وكساء وتطبيباً مناسبة لحال الطاعن المادية والتزاماته الأخرى، من كون له راتباً شهريا قدره 35 ألف درهم، ويملك ست رخص تجارية، وله عقارات حسب مستندات الملف، فإنه يكون مصيباً في ما ذهب إليه.

تويتر