النقض: تقاضي الحاضنة «بدل سكن» لا يعفي طليقها من نفقة السكن.. ما دام لا دليل علـى كفايته

تطليق زوجة اعترف الزوج بضربها قبـل سنة من الطلاق

قانون الأحوال الشخصية يوجب النفقة والسكن للمعتدة من طلاق رجعي. تصوير: إريك ارازاس

رفضت محكمة النقض طعناً تقدم به زوج مطالباً بإلغاء حكم استئنافي يقضي بتطليق زوجته، وإسناد حضانة طفلتهما إليها، إضافة إلى النفقة والمؤخر وغيرها.

وقال إن واقعة الضرب التي اتخذتها المحكمة سبباً للطلاق تمّت قبل عام، تبعتها معاشرة بينه وبين زوجته، إلا أن المحكمة رفضت هذا الطعن، واستندت إلى أقوال الزوج في محاضر الجلسات التي أكد فيها أنه كان يقيم في سكن الشركة بعيداً عن زوجته، في الفترة التي تلت واقعة الضرب، ما ينفي إمكانية المعاشرة.

وكانت الزوجة قد أقامت دعوى لدى محكمة أبوظبي الابتدائية ضدّ زوجها، تطلب فيها الحكم بتطليقها من زوجها الطاعن للضرر، وبدفع نفقة، وأجرة حضانة، ونفقة متعة، ونفقة عدة، ومؤخر صداقها.

كما طالبت في الدعوى بتوفير مسكن مع دفع إيجاره، وإثبات حضانتها لابنتهما، وأجرة خادمة، ونفقة زوجية سابقة على رفع الدعوى، وكذلك توفير سيارة وسائق.

وقالت في دعواها إنها تزوجت وأنجبت بنتاً تبلغ سنة وثمانية شهور، إلا أن زوجها كان دائم الضرب لها، وسبّها وسبّ أهلها. كما أنه دائم الخيانة لها، ولا يسدد قيمة إيجار المنزل المخصص للزوجة، ما دفعها إلى رفع الدعوى.

وأنكر الزوج ما جاء في عريضة الدعوى. وقال إنه حاول الصلح مع زوجته إلا أنها رفضت، واشترطت عليه شراء بيت لها في مصر، وتسجيله باسمها. وباعتباره فلسطينياً، فهو لايتمكن من دخول مصر، كما أنه لا يرغب في تطليقها. وقضت المحكمة بتطليق الزوجة طلقة واحدة بائنة بينونة صغرى للضرر، لا تحلّ له إلا بعقد جديد، وعليها إحصاء عدتها من تاريخ تحول هذا الحكم إلى حكم باتّ.

كما ألزمت الزوج بأن يؤدي لطليقته نفقة متعة 12 ألف درهم، ونفقة مسكن خلال العدة مقدارها 2000 درهم شهرياً لمدة ثلاثة أشهر، وأجرة حضانة مقدارها 1000 درهم شهرياً، تسري من تاريخ انتهاء عدتها، ومؤخر صداق 30 ألف درهم، ونفقة ابنتها 1000 درهم شهرياً و2500 درهم بدل سكن، إلى حين توفير سكن مناسب، وإثبات حضانة الأم للابنة.

كما قضت بعدم قبول طلب الوثائق الخاص بالابنة، ورفض بقية الطلبات وتحميل الطاعن الرسوم والمصروفات.

واستأنف الطرفان الحكم، وقضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم في الشق المتعلق بالمسكن، إذ ألزمت الزوج بأن يؤدي لطليقته أجرة مسكن حاضنة مقدارها 5000 درهم شهرياً الى حين توفيره مسكناً للحضانة، مكوناً من غرفة وصالة وحمام ومطبخ مؤثث ومناسب في مدينة أبوظبي. وألغى حكم نفقة المتعة، وهو ما دفع الزوج للطعن على الحكم بطريق النقض. وقال الزوج في أسباب طعنه إن الحكم الصادر بحقه خالف القانون والشريعة الإسلامية، إذ قضى لطليقته ببدل سكن قدره 5000 درهم شهرياً، على الرغم من أنها تحصل من جهة عملها على بدل سكن 70 ألف درهم سنوياً، وكذلك تحديد نفقة لابنته المحضونة مبالغ فيها، على الرغم من أنها لاتزال في طور الرضـاع، وليس لديها متطلبات أو رسوم مدرسية أو غيرها.  والتمس تخفيض المبالغ المحكوم بها، وردت محكمة النقض بأن المادة 148/2 من قانون الأحوال الشخصية أعفت والد المحضون من توفير مسكن حضانة في حال وجود مسكن تملكه الحاضنة، أو مخصص لسكناها، وفي الوقت نفسه لا يكفي أن تتقاضى الحاضنة بدل سكن من جهة عملها للقول بإعفاء الطاعن من مسكن الحضانة، ما دام أنه لم يَقم دليل على كفاية هذا البدل لتوفير سكن مناسب لها. واعتباراً لذلك، فإن ما تتقاضاه المطعون ضدها من بدل بهذا الشأن لا يعدو أن يكون أحد المؤشرات التي تهتدي بها المحكمة فيما تنتهي إليه من تقدير، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رفع قيمة أجرة السكن من 2500 درهم شهرياً إلى 5000 درهم شهريا من دون أن يورد في تعليلاته أيّ سند لتبرير هذه الزيادة، وبما أن الأب يتقاضى راتباً شهرياً 10 آلاف درهم، يسدد نحو 5424 درهماً منها لأحد البنوك، يكون الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه في هذا الجزء على غير سند، مما يستوجب نقضه والقضاء مجدداً بتحديد أجرة المسكن بمبلغ 2500 درهم.  ورفضت المحكمة الطعن على الشق المتعلق بمبلغ النفقة، الذي قال الأب إنه مبالغ فيه، وقالت إن لمحكمة الموضوع كل السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وتقدير ما تراه مناسباً من دون رقابة عليها.

وقال الزوج كذلك إن الضرب الذي تحدثت عنه طليقته كسبب للطلاق وقع منذ سنة، وقد عادت العشرة بينهما إلى طبيعتها بعد ذلك، وتالياً فإن اعتباره سبباً للطلاق ليس له أساس قانوني ما دام أن الزوجة عاشرته معاشرة الأزواج. ورفضت المحكمة هذا النعي، قائلة إن من الثابت من إقراره في إحدى جلسات المحكمة أنه ضرب المطعون ضدها مرتين أمام الخادمة، وأنه خرج من بيت الزوجية الذي تدفع إيجاره الزوجة، ولاتزال فيه، مضيفاً أنه طُرد من هذا السكن، ويقيم في سكن الشركة التي يعمل بها منذ شهر، وأنه لا ينفق عليها لكونها منعته، وهنا قالت المحكمة أنه يتضح استحكام النزاع وعدم إقامة الطاعن مع المطعون ضدها في المنزل نفسه، مما لا يعقل معه أن يكون قد عاشرها معاشرة الأزواج، ويبقى كلامه هذا مرسلاً بغير دليل، ما يجعله حرياً بالرفض. وفي ما يتعلق بما قاله الطاعن حول الشقّ الخاصّ بتحديد أجرة مسكن للزوجة أثناء العدة، لأنه كان ينفق على المطعون ضدها ويسدد أجرة مسكن الزوجية من ماله الخاص في بداية كل عام، ما يجعل الحكم المطعون فيه حرياً بالنقض، قالت المحكمة إن هذا النعي غير صحيح، لأن المادة 69 من قانون الأحوال الشخصية توجب النفقة والسكنى للمعتدة (من هي في أشهر العدة) من طلاق رجعي، والمعتدة من طلاق بائن وهي حامل، كما يجب للمعتدة من طلاق بائن وهي غير حامل السكنى فقط.

وجاء في المذكرة الإيضاحية لهذه المادة أن هذه النفقة هي مقابل الاحتباس، والمرأة في العدة محتبسة لزوجها، وعليه فإن الزوج إذا طلق زوجته أو فرق القاضي بينهما بطلقة رجعية أو بطلاق بائن وهي حامل، فمن الواجب أن ينفق الزوج عليها ما دامت في العدة نفقة الغذاء والكساء والمسكن والدواء والتطبيب.

وبما أن الطاعن قد أقر بأن المطعون ضدها هي التي تدفع أجرة المسكن، فإن الحكم المطعون فيه إذ فرض لها بدل سكن الى حين توفيره سكناً مناسباً للحضانة، يكون متفقاً مع القانون والشريعة الإسلامية، ما يجعل من هذا الوجه حرياً بالرفض.

 
 

تويتر