مختصون: عزوف أسر عن الإبلاغ يزيد عدد الضحايا

‬11 طفلاً تعرضوا لهتك عرض العام الجـاري

تعرض ‬30 طفلاً وطفلة على الأقل، من جنسيات وأعمار مختلفة، لحوادث هتك عرض وتحرشات جنسية على مستوى الدولة خلال السنوات الثلاث الماضية، بينهم ‬11 طفلاً تعرضوا لهتك عرض العام الجاري، وفقاً لإحصائية تقديرية مجمعة من واقع البلاغات المعلنة والقضايا التي نظرتها المحاكم خلال تلك الفترة، فيما أكد مختصون أن عدد ضحايا حوادث التحرش من الأطفال يزيد على ذلك بكثير، إذ تعزف أسر عن إبلاغ الشرطة عن الجرائم التي يتعرض لها أبناؤهم خوفاً من الفضيحة وحساسية الجريمة، وطالبت وزارة الداخلية ذوي الأطفال بالإبلاغ عن حوادث التحرش بأبنائهم.

وبينت وقائع حوادث الاعتداء على الأطفال أن معظم الضحايا تقل أعمارهم عن ‬10 أعوام، وقد تعرضوا لها في أماكن مختلفة، داخل مدارس ومنازل وحافلات وحدائق وأماكن عامة، ومصاعد وبقالات، مبينة أن «المتهمين انتهزوا براءة الأطفال وضعف إدراكهم، وقلة حيلتهم، في هتك عرضهم»، كما أظهرت أن معظم المتهمين من جنسيات دول آسيوية ويعملون في مجالات مختلفة مثل الخدم، عمال توصيل المنازل، نواطير، سائقي ومشرفي حافلات، معلمين، بائعين، عاملين في أماكن ترفيهية وغيرها.

وطالب مختصون نفسانيون وتربويون وأهالٍ، بتشديد العقوبة على المتحرشين جنسياً خصوصاً بالأطفال، حتى يكون ذلك رادعاً للحد من هذه الجرائم، وتأنيث الأعمال المرتبطة بالأطفال وتقليل الاعتماد على الذكور وعدم السماح للأطفال بالوجود بمفردهم في الأماكن العامة، ومراقبتهم خلال وجودهم خارج المنزل لحمايتهم من التعرض للاعتداءات والتحرشات، فضلاً عن ذلك فقد طالبوا بإخضاع العاملين في المجال التربوي لاختبارات نفسية قبل إلحاقهم بالعمل في المدارس، لتجنب تكرار حوادث التحرش.

حوادث العام الجاري

سجلت خلال العام الجاري ‬11 قضية هتك عرض طفل نظرتها محاكم الدولة، كان أحدثها إقدام فراش مدرسة، هندي الجنسية، يبلغ (‬56 عاماً) ويعمل مراسلاً في مدرسة خاصة في أبوظبي بالاعتداء على طفلة «سبع سنوات»، طالبة في الصف الثاني الابتدائي.

ومن هذه الحوادث هتك متهم (‬31 عاماً) عرض طفلة لم تتجاوز الثامنة من العمر، في إحدى الحدائق الخاصة في مدينة أبوظبي، بعدما تم رصده بكاميرات المراقبة المنتشرة في الحديقة. وسجلت في مارس الماضي حالة اتهم فيها مشرف حافلة مدرسية بهتك عرض طفل (ست سنوات)، في الصف الأول الابتدائي في مدرسة خاصة، وتمت إحالة القضية إلى الجهات المختصة التي واصلت التحقيقات الموسّعة في ملابساتها.

وأدين أخيراً خمسة شبان بتهمة هتك عرض بالإكراه لفتاة في الـ‬14 من العمر تعرفوا عليها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وقضت المحكمة على ثلاثة منهم بالحبس ستة أشهر لكل منهم، وقضت في أخرى بحبس لاعب رياضي سنتين أدين بانتهاك عرض طفل في الـ‬12، بعد أن تصيده من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، مستغلاً نجوميته في التأثير على المجني عليه.


‬12 حادث هتك عرض العام الماضي

- سائق سريلانكي يغرر بطفلة (ست سنوات)، وتحرش بها جنسياً أثناء لهوها بلعبة «مصاصي الدماء».

- خادمة آسيوية تهتك عرض طفل مخدوميها الذي لم يتجاوز العام من عمره.

- سائق آسيوي (‬34 عاماً) يهتك عرض ابنة شقيقه (تسعة أعوام)، أثناء وجودها معه في السيارة بأن تحسس جسدها، وجثم بجسده فوقها.

- سائق حافلة يهتك عرض طفل في العاشرة من عمره في أحد الأندية الرياضية، مستغلاً وجوده بمفرده في الحافلة.

- حبس مشرف ألعاب ترفيهية من الجنسية الآسيوية، متهم بهتك عرض طفلة بالإكراه، لمدة ستة أشهر، والإبعاد عن البلاد عقب تنفيذ العقوبة.

- معاقبة بائع خبز آسيوي سنة واحدة بتهمة استدراج طفلة إلى المركبة التي يوزع بها الخبز، وإمساك يديها والتحرّش بها وملامسة مناطق عفتها.

- اتهام حارس أمن (‬26 عاماً)، بهتك عرض فتاة بالإكراه. إذ اعترض طريقها أثناء عودتها إلى منزلها.

- محاكمة محفظ قرآن هتك عرض تلميذه داخل منزل ذويه في أبوظبي، أثناء غياب بقية أفراد الأسرة.

- تحرش سائق تاكسي، بطفلة تبلغ من العمر ‬12 عاماً، أثناء ايصالها إلى مدرستها، إذ تحسس صدر ومنطقة العفة لدى الفتاة، أثناء ركوبها معه.

- اتهام آسيوي ‬25 عاماً، بهتك عرض فتاة عربية تبلغ من العمر ‬14 عاماً بالإكراه في المصعد.

- اتهام مخالف لقوانين الإقامة في الدولة بهتك عرض طفلة تبلغ ثماني سنوات، بالإكراه.

  -محاكمة شاب عربي بهتك عرض حدث، من خلال إجباره على خلع ملابسه وتصويره ونشر صوره على شبكة مستخدمي جهاز «بلاك بيري».

وتفصيلاً، طالبت وزارة الداخلية عقب حادثة إقدام فراش مدرسة، هندي الجنسية، يبلغ (‬56 عاماً)، بالاعتداء على طفلة «سبع سنوات»، طالبة في الصف الثاني الابتدائي الأسبوع الماضي، بأهمية الإبلاغ عن حوادث التحرش بالأطفال ، وتكثيف الرقابة من إدارات المدارس لحماية الأبناء من الاعتداء، ووقايتهم من وقوع مثل هذه الحوادث الأليمة والغريبة على مجتمع الإمارات، المعروف بتمسكه الشديد بالقيم الاجتماعية، ورفضه الشديد لمثل هذه الممارسات غير الأخلاقية، خصوصاً بحق الأبناء، داعية إلى المراقبة اللصيقة والمستمرة للأطفال في جميع الأوقات، سواء من خلال أولياء الأمور أو الإدارات المدرسية.

وتنص المادة (‬356) من قانون العقوبات الاتحادي «أنه يعاقب على جريمة هتك العرض بالرضا بالحبس مدة لا تقل عن سنة، فإذا وقعت الجريمة على شخص ذكراً كان أم أنثى تقل سنه عن ‬14 عاماً، أو إذا وقعت الجريمة بالإكراه كانت العقوبة السجن المؤقت».

وحسب المادة (‬354)، فإنه يعاقب بالإعدام كل شخص استخدم الإكراه في مواقعة أنثى أو اللواط مع ذكر، كما يعتبر الإكراه قائماً إذا كان عمر المجني عليه أقل من ‬14 عاماً وقت ارتكاب الجريمة.

خطورة التحرش

وأكد أخصائي الطب النفسي الدكتور علي الحرجان، خطورة ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال، لما لها من تأثيرات نفسية واجتماعية سلبية في الضحايا وذويهم وفي المجتمع بصفة عامة، لافتاً إلى «أهمية دراسة هذه الظاهرة من جوانبها كافة ووضع الحلول الناجعة للحد من تكرارها وتوفير الرعاية النفسية لضحايا هذه الحوادث، وتشديد العقوبة على المتحرشين وإخضاعهم للفحوص النفسية لمعرفة دوافع ارتكابهم هذه الجرائم».

وأوضح أن طبيعة المجتمعات التي يغلب عليها الطابع الذكوري في العمل غالباً ما تفرز سلوكيات شاذة من بعض أفرادها خصوصاً إذا كانت هذه المجتمعات تضم بداخلها خليطاً من جنسيات متعددة تنتمي لثقافات مختلفة ومتباينة، مشيراً إلى أن «هناك عوامل اجتماعية ونفسية تتداخل في تكوين شخصية المتحرش جنسياً بالأطفال، من بينها التنشئة الاجتماعية، والطبيعة الجسمانية والنفسية، والحالة الاجتماعية إذ يكون المتحرش في الغالب يعيش عازباً او يعمل في الدولة وحيداً بعيداً عن زوجته وأسرته لسنوات طويلة، فضلاً عن ذلك هناك نوع من المتحرشين يعانون اضرابات عقلية تدفعهم للاعتداء على أجساد الأطفال بهدف إشباع رغباتهم الجنسية، وهم مرضى نفسيون بالفعل يحتاجون لعلاج من هذا السلوك المنحرف».

ظاهرة عالمية

وأشار الحرجان إلى أن الاعتداء على الأطفال جنسياً ظاهرة عالمية منتشرة في كثير من المجتمعات، إذ يجد المتحرشون في الأطفال وسيلة سهلة لإشباع رغباتهم الجنسية الشاذة بعيداً عن الملاحقة الجنائية، خصوصاً أن الطفل سهل ما يتم إخضاعه أو تهديده وخداعه واستدراجه بوسائل مختلفة من قبل المتحرشين بعيداً عن عيون أسرته لصغر سنه وعدم قدرته على التعبير أو فهم الفعل الذي يرتكب فيه.

وأكد الحرجان أن خطورة المتحرش لا تتوقف عند ارتكابه جريمة هتك عرض طفل وإنما في تكرار هذا الفعل في حال عدم الإبلاغ عن الجريمة، مشيراً إلى أن هناك كثيراً من الحالات التي تستقبلها عيادات الطب النفسي للعلاج من آثار التحرش الجنسي لم يقم ذوو الضحايا بالإبلاغ عنها خوفاً من تشويه السمعة أو لأسباب اجتماعية تمنعهم من ذلك، مؤكداً أهمية إبلاغ الجهات الشرطية في حال وقوع اعتداء على أي طفل للحد من هذه الظاهرة، وفي الوقت ذاته فإن الإبلاغ يعد جزءاً من العلاج النفسي للضحية وذويه، إذ يشعرون بعد معاقبة المتحرش أنهم استردوا كرامتهم التي سلبت منهم.

وذكر أن هناك عوامل أخرى توفر البيئة المناسبة للمتحرش لارتكاب جريمته، مثل مشاهدة المواد الإباحية عبر الوسائل المختلفة، وغياب الوازع الديني والأخلاقي، وغياب الرقابة الأسرية على الأطفال بإعطائهم حرية التوجه إلى بعض أماكن بمفردهم، مثل البقالة أو المصاعد أو تركهم بمفردهم في الأماكن الترفيهية بما يعرضهم لخطر التحرش، وغياب الرقابة على استخدامهم وسائل الاتصال الحديثة ما يجعلهم عرضة للاستدراج من قبل المتحرشين، فضلاً عن غياب الرقابة والإشراف في بعض مؤسسات الرعاية التي قد يوجد بداخلها الطفل، مثل المدارس أو داخل الحافلات المدرسية.

ولفت إلى أن المتحرش غالباً ما يكون خاضعاً لتأثير ما يمكن تسميته بالجوع الجنسي فيجد في ملامسة جسد الطفل أو معاشرته لذة في إشباع هذا الجوع، وفي حال لم يتم اكتشافه فإنه يتمادى حتى يرتكب فعل الاعتداء الجنسي على الضحية.

وأكد أهمية تقليل الاعتماد على العنصر الذكوري في الأماكن التي يوجد فيها الإناث والأطفال مثل المؤسسات التعليمية أو البقالات والأماكن الترفيهية وحراسة البنايات، مطالباً بفتح المجال للعنصر النسائي للمشاركة في تأدية هذه الأعمال للحد من حالات التحرش بحق الأطفال، فضلاً عن أهمية الحد من سكن العزاب في الأماكن المخصصة للعائلات وتشديد الرقابة على وجودهم في الأماكن الترفيهية والتسوق، ورفع مستوى الوعي لدى الأطفال بأمور التحرش من دون خوف وبيان السلوكيات الخاطئة التي قد يرتكبها الغرباء بحقهم.

الاعتداء اللفظي والجنسي

وطالب ذوو طلبة بضرورة وضع شرط الخضوع للاختبارات النفسية قبل إلحاق العاملين في المجال التربوي بالعمل في المدارس، وذلك لضمان سلامة الطلاب بعد تكرار حوادث الاعتداء اللفظي والجنسي على الطلاب، مؤكدين لـ «الإمارات اليوم»، أن تكرار حالات التحرش والاعتداء داخل المدارس سببه الرئيس توظيف اشخاص منحرفي السلوك ووضعهم وسط الطلبة.

وقالت والدة لستة طلبة في المراحل المختلفة، المواطنة (أم صالح): «أصبحنا نسمع عن أشياء مشينة لا يتصورها عقل تحدث في المدارس بسبب سلوكيات بعض المقيمين، ما يعرض اولادنا للخطر، ويشعرنا بعدم وجود أمان داخل اسوار المدارس»، مشيرة إلى «ضرورة الكشف النفسي على العاملين في المدارس، قبل إلحاقهم لاستبعاد أي شخص يتسم بالسلوك المنحرف أو العدواني».

وأيدها في الرأي المهندس ماجد سلطان، مشيراً إلى «ضرورة أن تضمن شروط الحصول على وظيفة في المجال التربوي الخضوع للكشوفات الطبية والنفسية، وأن تكون هذه الكشوفات تحت اشراف مختصين تابعين للجهات الحكومية المسؤولة».

وأفاد الاختصاصي الاجتماعي، محمد عبدالله، بأن «الاختبارات النفسية تستطيع تقديم معلومات حول الشخص بصورة كبيرة خصوصاً في مجال الإرشاد النفسي، ويمكن عن طريقها مقارنة مهاراته وإمكاناته مع أشخاص آخرين، في إطار اختيار المتقدمين إلى مهنة محددة»، مقترحاً تطبيق الاختبارات النفسية على كل من يتقدم للحصول على وظيفة في المجال التربوي لبيان إلى أي مدى يمتلك الإنسان المهارات اللازمة التي تطلبها المهنة وكفاءة الفرد لها وملاءمتها لشخصيته وطبيعته، واظهار أي خلل نفسي في شخصيته لا يظهر للأشخاص العاديين.

وذكر مدير مدرسة النهضة الوطنية، عدنان عباس، أن هذا الاقتراح من المفروض أن يطبق على جميع العاملين في المدارس، مشيراً إلى «ضرورة وجود آلية واضحة وموحدة لتطبيقه، وأن تكون تحت مظلة حكومية تكون هي المسؤولة عن إعطاء شهادة السلامة النفسية للعاملين، مثلها مثل جهات فحص الدم، وأن تلتزم جميع المدارس بإرسال العاملين لديها للخضوع للاختبار».

وأكدت مديرة مدرسة اشبال القدس الخاصة، أمية علوان أن اقتراح ذوي الطلبة جيد وجدير بالتنفيذ، خصوصاً أنه يصب في مصلحة الطالب وأمنه، مشيرة إلى «ضرورة تطبيقه من جانب المختصين خصوصاً أن المدارس لا تفهم في هذا العلم ولا يوجد حرج في إرسال العاملين لديها للخضوع للاختبارات النفسية».

تويتر