جلسة «ماراثونية» استمرت ‬6 ساعات للاستماع إلى إفادات الشهود في «القضية»

شهود الإثبات يؤكّدون وجود تنظيم ســري بهياكله وموارده المالية

أكد شهود الإثبات، في قضية «التنظيم السري»، في إفاداتهم أمام المحكمة الاتحادية العليا أمس، بقيام المتهمين بتأسيس التنظيم الذي يتبع التنظيم العالمي لـ«الإخوان المسلمين»، «هياكل تنظيمية واضحة المعالم، تحاكي الدولة داخل الدولة».

كما أكد الشهود في جلسة «ماراثونية» استمرت ست ساعات استمعت فيها المحكمة إلى ثلاثة شهود من ضباط وعناصر الأمن، وجود موارد مالية للتنظيم، تضم شركات ومحال تجارية وعقارات وأسهماً، إضافة الى إيرادات الزكوات والتبرعات والصدقات، واشتراكات شهرية من الأعضاء سعى التنظيم إلى استثمارها، لدعم برامجه ونشاطاته داخل الدولة وخارجها.

وأكد الشهود في الجلسة الثالثة لمحاكمة المتهمين في قضية التنظيم السري التي عقدت برئاسة القاضي فلاح الهاجري، وجود واجهات ومنابر تضم شركات تدريب للاستقطاب والتأهيل، وواجهات أخرى للتواصل مع المنظمات الخارجية وسفارات الدول في الدولة، لتقديم معلومات مغلوطة عن الامارات، لتأليب الرأي العالمي عليها.

وتستأنف المحكمة جلساتها، صباح اليوم، بالاستماع الى بقية الشهود بحضور محامي الدفاع وأهالي الموقوفين على ذمة القضية، وممثلي جمعيات النفع العام وحقوق الانسان وعدد من ممثلي الصحف المحلية.

وكان القاضي فلاح الهاجري طلب ـ في بداية جلسة أمس التي بدأت في الساعة الحادية عشرة صباحا ـ من الاعلاميين الحاضرين الجلسة والجلسات المقبلة عدم نشر أسماء المتهمين، والاكتفاء بما نشر سابقا، إضافة الى الامتناع عن نشر التفاصيل الدقيقة للجلسات التي تستمع فيها المحكمة لشهود الاثبات، لعدم التأثير في سير القضية، والحفاظ على سرية وخصوصية بعض المعلومات.

مشاهدات من جلسة المحاكمة

-- كرر متهمون طلب التواصل مع محاميهم، قائلين إن ادارة السجون لاتزال لا تسمح لهم بالتواصل، الأمر الذي نفته النيابة العامة، مؤكدة صدور التعليمات لإدارة السجون بالسماح للأهالي والمحامين بالتواصل مباشرة، دون الحاجة الى إذن النيابة مع المتهمين، حسب الاجراءات التنظيمية المتبعة، وأكد القاضي ذلك، وطلب مرة أخرى من النيابة التأكد من تنفيذ الأمر، باعتبار ذلك حقاً من حقوق المتهمين، وشدد على ذلك.

-- بدا المتهمون قبل الجلسة بروح معنوية جيدة، وأخذوا يرددون بصوت عالي أناشيد جماعية يحفظونها، ثم ما لبثوا أن رددوا النشيد الوطني لكن بأخطاء كبيرة، ولم يكملوا سوى مقطع بسيط، وبدا واضحا أن معظمهم لا يحفظونه!

-- صرخ أحد المتهمين قبل الجلسة، قائلا: «أنا احترم الدولة، وأحترم العلم، ولا أخون دولتي ولا رئيسي، ومن يقل غير ذلك فليشرب من ماء البحر»!

-- حلف جميع الشهود اليمين القانونية، قبل الإدلاء بالشهادة، وهي «أقسم بالله العظيم أن أقول الحق، كل الحق، ولا شيء غير الحق».

-- قال أحد شهود الإثبات إن أعضاء التنظيم «يبايعون» بصيغة واضحة، ومن يخالف منهم تعليمات التنظيم تتخذ ضده إجراءات وجزاءات ويعزل من الجماعة، والأعضاء يدفعون اشتراكات شهرية، تراوح نسبتها بين ‬5 و ‬7٪، حسب راتب العضو!

-- اعترض أحد الشهود، وبشدة، على تعبير المحامي عبدالحميد الكميتي، إذ قال «البعرة تدل على البعير»، وطلب من القاضي تفسيراً لذلك، إلا أن القاضي هدأ الأمر، وذكر أنه مجرد استشهاد لا يقصد به شيئا!

-- قدم المحامي عبدالحميد الكميتي مذكرة ادعى فيها أن هناك توقيعا مزورا لأحد المتهمين، الأمر الذي اثار غضب النيابة العامة، التي اعتبرت ذلك اتهاما وطعنا موجها إليها، فطالبت بتحريك دعوى ضد المحامي، ولولا حكمة القاضي فلاح الهاجري وتدخله واستسماحه من النيابة سحب الدعوى ورفض الطلب، لسارت الأمور نحو التصعيد بين النيابة والمحامي!

-- وجه محامون، خصوصا عبدالحميد الكميتي، أسئلة متكررة بشكل لافت إلى الشهود، ما حدا بالقاضي إلى التدخل مرات عدة، وتذكير المحامين بضرورة طرح اسئلة تفيد القضية، وتفيد الموكلين، وقال للكميتي «موكلوك في ذمتك، فاسأل اسئلة تفيدهم بها، أنا ما عندي مانع أسمع اسئلتكم ليومين متواصلين، لكن شريطة أن تكون جوهرية ومفيدة»، عندها صرخ أحد المتهمين: «يا حضرة القاضي، إذا استمرت هذه الأسئلة من المحامي، فاسمح لي بأن أدافع عن نفسي وأعزل المحامي».

-- لدى اعتراض القاضي على بعض أسئلة محامي الدفاع، قال المحامي عبدالحميد الكميتي إن في حوزته ‬400 سؤال، سيقدمها للشهود، فرد عليه القاضي: كلمني في القانون، وليس في لغو الكلام.

-- أكد القاضي إحضار جميع المتهمين إلى قاعة المحكمة، باستثناء اثنين مسجلين هاربين، وأعطى بعض المتهمين حق توجيه أسئلة إلى الشهود والاستماع الى إفاداتهم.

-- قبل بدء الشاهد الأول بتقديم إفادته، طلب القاضي من الحضور التزام الهدوء واحترام المحكمة، وإلا فإنه سيضطر الى اتخاذ إجراءات قانونية بحق المخالفين.

-- انتقد رئيس المحكمة تقطع مكبرات الصوت وعدم وضوح الصوت داخل قاعة المحكمة، وطالب المسؤول عن نظام الصوت أكثر من مرة بالتصرف لمعالجة الخلل، قائلا «حلوا لنا هذا الإشكال».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/03/2135214444444.jpg

وفي التفاصيل، أكد شاهد الاثبات الأول في القضية، أن التحريات أثبتت وجود تنظيم سري يتبع تنظيم «الإخوان المسلمين» العالمي، بدأ العمل في الدولة عقب ظهور ما يعرف بـ«الربيع العربي»، وأسس هيكلا تنظيميا واضح المعالم يحاكي الدولة بكامل هياكلها داخل الدولة، حيث يضم مجلس شورى (الجمعية العامة) مكونا من ‬30 عضواً من قيادات التنظيم، إضافة الى مكتب مجلس ادارة التنظيم تتبعه مكاتب عدة، بينها أمانة المناطق، وتضم جميع مناطق الدولة (مكتب أبوظبي، ومكتب بني ياس، ودبي، والشارقة، وعجمان، والساحل الشرقي الفجيرة، وخورفكان، وما جاورهما)، وتعمل هذه المكاتب الادارية على تسهيل العمل والتواصل بين الأعضاء، ورفع التقارير الى مكتب أمانة المناطق الذي يتبع مجلس الادارة. وكشف الشاهد وجود لجان مركزية تتبع التنظيم، منها لجنة التخطيط التي تضع الخطط للنفاد إلى المجتمع، ولجنة الجاليات التي تسعى إلى استقطاب الجاليات المختلفة للتنظيم، وركزت في الآونة الأخيرة على بعض الجنسيات الآسيوية لاستقطابها لهذا الفكر، ولجنة الحقوق التي تضم قانونيين مختصين، ومهمتها التواصل مع الجمعيات الحقوقية في الخارج والمنظمات، لشرح وجهة نظر التنظيم وموقف الدولة منه، والدفاع عن الأعضاء داخل الامارات، وإرسال التقارير المغلوطة عن الدولة، بهدف الضغط عليها خارجيا، وتأليب الرأي العام الدولي على الامارات.

وأضاف: «هناك ايضا اللجنة المالية المعنية بشؤون الموارد المالية، التي تجمع الأموال، وتراقب الإنفاق، وتحول فائض الأموال الى لجنة الاستثمار، التي تتركز مهمتها في ادارة استثمارات التنظيم، وتشمل عقارات وأراضي وشركات تجارية»، مشيرا الى وجود اللجنة الخيرية، ومهمتها جمع التبرعات والصدقات والزكاة، من الأعضاء والمحسنين، وإنفاقها وتوزيعها للجمعيات الخيرية خارج الدولة، التي تنتهج فكر «الإخوان المسلمين» ذاته، واللجنة الاعلامية التي تعمل على إبراز عناصر التنظيم إعلاميا، وتستخدم وسائل الاتصال المسموعة والمرئية، ووسائل التواصل الاجتماعي، إضافة الى التنسيق مع بقية أعضاء التنظيم، في إثارة بعض القضايا على الشبكة العنكبوتية، ومواقع التواصل الاجتماعي، بهدف تأجيج الرأي العام، والضغط على الدولة.

ولفت إلى وجود لجنة العلاقات، التي تتواصل مع التنظيمات «الإخوانية»، إقليميا ودوليا، وتتولى كذلك طرح بعض الأفكار، والحصول على المساندة من عناصر «الإخوان» خارج الدولة، ولجنة التعليم التي تتولى الإشراف والمتابعة على التعليم بشكل عام، والمدارس الخاصة المملوكة لأعضاء في التنظيم بوجه خاص، وعلى استهداف طلبة المرحلة الاعدادية وما فوق، لتنشئتهم وزرع افكار التنظيم فيهم، إضافة الى جلب المعلمين من اعضاء التنظيم إلى داخل الدولة.

وكشف الشاهد أن التنظيم يعمل وفق مسارين وبكفتين، كفة العلانية وفيها يركز على الدعوة الى الله والإصلاح، ومن أجل صلاح المجتمع، وكفة سرية هي العمل من اجل الاستيلاء على الحكم، مشيرا الى أن العمل ايضا مقسم إلى شقين، شق علني واجهته المساجد والجمعية والعمل الخيري وتحفيظ القرآن، وآخر سري وهو التنظيم الداخلي بما يحويه من قيادة وأعضاء، لافتا الى انهم يفرزون وينتقون الأعضاء من العمل العلني، ويخضعونهم لمراحل تأهيلية مختلفة، لنقلهم الى التنظيم السري.

وأضاف أن التنظيم أنشأ كذلك لجنة الحوار، بهدف التحاور مع فصائل المجتمع وقيادات الدولة، والتواصل مع فئات المجتمع من أجل تحسين الوجه العام للتنظيم، والتواصل مع الأكاديميين، والكتاب، وكل من يخالفهم الرأي، ثم التواصل مع أصحاب السمو حكام الامارات. موضحا ان التنظيم أنشأ ايضا تنظيما موازيا، يعرف بـ«التنظيم النسائي»، يتبع مجلس الادارة ويقوده مجلس شورى للنساء، يعرف بمجلس «الأمينات»، ويعمل على تهيئة العمل النسائي، ويضم ست عضوات من مختلف امارات الدولة، إضافة الى مجلس المناطق ولجان مختلفة، خاصة بالتنظيم النسائي.

وأضاف الشاهد ان مجلس الادارة أنشأ كذلك ثلاث لجان تابعة له مباشرة، هي لجنة المساندة، ومهمتها السفر للخارج والطلب من التنظيمات الاقليمية والدولية الدعم والمساندة، بعد تصاعد ازمته مع الدولة، ولجنة اعلامية مهمتها التواصل من خلال الانترنت، والعمل على تأجيج المجموعات الخارجية ضد الامارات، وتهديد أمنها وتأليب الرأي العام عليها، إضافة الى اللجنة القانونية ومهمتها التواصل مع اللجان القانونية والحقوقية، والجمعيات والمنظمات في الخارج، والتواصل مع السفارات داخل الدولة، وتكوين رأي عام دولي ضد الدولة، كل ذلك بهدف إرغام الدولة على التسليم والاعتراف بالتنظيم السري.

وأوضح الشاهد ان التنظيم بدأ العمل عقب ثورات ما يعرف بـ«الربيع العربي»، للتحضير لأعمال تهدف إلى الاستيلاء على السلطة، واستغلال الظروف المواتية، وبدأ عقد اجتماعات سرية في أم القيوين ورأس الخيمة وخورفكان، في منازل قادة التنظيم، أخبرهم فيها أحد القادة بأن «(الجماعة) تناضل في كل مكان، وارتأت أنه لابد من قيادة العمل في الامارات، والتغيير نحن فرسانه»، وتمت مناقشة الخطة الاستراتيجية لعمل التنظيم والتحرك الاعلامي ضد الدولة، تحت شعار «حقوق أهل الإمارات»، ووضع المحاور للتحرك، وهي المنتديات الإلكترونية، و«تويتر»، وبدء التهجم على الدولة من خلالها، ومن خلال المجالس العامة لطرح أفكارهم وتحريض الطلبة.

وأفاد الشاهد الثاني بأن التحريات أثبتت وجود موارد مالية للتنظيم، هي عبارة عن شركات ومحال تجارية وعقارات وأسهم، إضافة الى اشتراكات وزكوات وتبرعات، مشيرا الى تشكيل لجنة للاستثمار، بعد ان تضاعفت رؤوس الأموال وكثرت أموال التنظيم، لاستثمار هذه الأموال وإدارتها.

وأوضح ان الاستثمارات اشتملت على شركات عقارية ومدارس خاصة ومحال للشوكولاتة والمواد الغذائية واللحوم، ودخول شراكات بنسب ‬20٪ مع شركات عقارية أخرى، واتبع التنظيم نهج تسجيل العقارات والأراضي بأسماء مواطنين وأعضاء في التنظيم لإبعادها عن المراقبة الأمنية، فيما أكد الشاهد الثالث وجود واجهات ومنابر للتنظيم السري، تهدف إلى خدمة أهداف التنظيم في عمليات الكسب والاستقطاب، وتعمل هذه الواجهات التي هي في الأغلب مراكز للتدريب والاستشارات لتدريب وتأهيل العناصر والافراد، إضافة الى التوغل في المجتمع.

تويتر