رفضوا اعتباره ضرباً من الفن وحرية الرأي

مسؤولون أمنيون: شريط «دنجور» يخرق أمـن المجتمع

تفاعل الجمهور مع الحادثة وإبلاغ الجهات المعنية سهلا تحجيم آثار الشريط. غيتي

قال مسؤولون أمنيون في أجهزة الشرطة، إن الشريط المصور الذي بثه شاب أطلق على نفسه اسم «دنجور» عبر شبكة الإنترنت أخيراً، لإظهار جرائم وهمية نسب ارتكابها إلى نفسه، يمثل خرقاً لأمن المجتمع، وعبثاً بطمأنينتهم، رافضين اعتباره نوعاً من الفن، أو التعامل معه كنوع من حرية التعبير عن الرأي.

وكان الشريط قد أثار حفيظة من شاهده من مستخدمي الشبكة، وأحدث حالة من الهلع لدى كثيرين، ولم يدركوا أنه غير حقيقي.

وأبلغ قائد عام شرطة الشارقة، اللواء حميد الهديدي، «الإمارات اليوم»، أن الشرطة انتهت من جمع الاستدلالات اللازمة، وأخذ أقوال المشتبه فيه (ر.ع.أ) (دنجور)، بعد القبض عليه، أول من أمس، على خلفية إعداده الشريط المصور، لافتاً إلى أنه سيحال إلى النيابة حتى تتولى بدورها إسناد التهم، وتقديمه إلى القضاء.

وأكد مدير مكتب ثقافة احترام القانون في الأمانة العامة لمكتب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، المقدم الدكتور صلاح عبيد الغول، أن «هذا السلوك يعد خرقاً واضحاً للأعراف السائدة في المجتمع، وانتهاكاً صارخاً لقوانين الدولة، الساعية في جوهرها إلى تحقيق الأمن والحماية للمجتمع، من كل ما يهدد أمن أفراده وسلامتهم».

وجاءت إجراءات القبض على «دنجور»، على خلفية شريط فيديو متداول على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، يستعرض فيه قدرته على ارتكاب جرائم التعذيب والابتزاز بحق ضحاياه، مصحوباً بأصوات استغاثاتهم على نحو تقليدي لفن الـ«راب».

ورصدت «الإمارات اليوم» ردود فعل مختلفة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر» باللغتين العربية والإنجليزية، تفاعلت بشكل إيجابي مع نشر قضية القبض على «دنجور»، مشيدة بجهود الشرطة في سرعة القبض عليه.

وأكدت الآراء أهمية مكافحة الظواهر الاجتماعية السلبية، الفردية والجماعية، التي تمس باستقرار المجتمع وسلامة أفراده.

وقالت والدته لـ«الإمارات اليوم»، إن ابنها من مواليد الدولة، وكان من بين المتفوقين دراسياً، وقد أكمل دراسته حتى المرحلة الثانوية، وحصل على مجموع 64٪، ثم سافر إلى ماليزيا لاستكمال دراسته، وقضى هناك ثلاث سنوات، تخصص خلالها في تكنولوجيا المعلومات، ثم عاد إلى الدولة، والتحق بالدراسة في المعهد البريطاني في تخصص الموارد البشرية.

وحسب روايات مقربين من المشتبه فيه، فقد انفتح على حياة موسيقى «الراب» بعد سفره إلى ماليزيا، وبدأ تسويق أغانيه باللغة الإنجليزية في الحفلات حول دول شرق آسيا، واشتهر هناك، وحصل على مبالغ مرتفعة، وعاد مرة أخرى إلى الدولة، وأنشأ نادياً صغيراً مع أصدقاء له، لإحياء حفلات «الراب»، وعرف عنه أنه يفضل الظهور مرتدياً نظارة شمسية كبيرة، وله أصدقاء كثر من الشباب في مناطق متفرقة في الفجيرة.

إلى ذلك، رفض الهديدي أن يكون المشتبه فيه «غير واعٍ إلى أن ما أقدم عليه من فعل لا يدخل ضمن مجال الفن، أو حرية التعبير، وحسن النوايا، بأي شكل من الأشكال»، مؤكداً أن «أمن الجمهور وطمأنينتهم خطّ أحمر، لا يمكن تجاوزه تحت أي ذريعة».

وثمّن الهديدي تعاون الجمهور مع جهود الشرطة، مؤكداً مواصلة الرصد والترقب لأي عمل يمكن أن يشكل تهديداً أو باعثاً على إفساد أخلاق النشء «ليبقى مجتمعنا آمناً مستقراً».

وقال الغول، إن أمن الوطن والمواطنين والمقيمين فوق كلّ اعتبار، إذ كفل المشرّع الإماراتي حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة، وسائر وسائل التعبير، لكن في حدود القانون، أي أن احترام القانون وعدم المساس بأحكامه هما الأساس القانوني الذي تحدّد على أساسه قانونية كل الأفعال والممارسات التي تعدّ من قبيل الحريات الشخصية للأفراد.

وأشار الغول إلى أن «دستور الدولة، اعتبر أن الأسرة أساس المجتمع، وأن قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، ويكفل القانون كيانها، ويصونها ويحميها من الانحراف، وعليه فقد جرّمت القوانين الاتحادية كل هذه التصرّفات الشاذة التي تعطي مثلاً سيئاً لأبنائنا، وتلحق الأذى النفسي والتربوي بنفوس النشء في مجتمعنا، بحيث يعاقب بأشد العقوبات من استعمل أية وسيلة في نشر معلومات أو أخبار أو التحريض على أفعال من شأنها تعريض أمن الدولة للخطر، أو المساس بالنظام العام، أو كان من شأنها أن تجعل السلم العام في خطر. كما يعاقب كل من حرض غيره على عدم الانقياد للقوانين أو حسّن أمراً يعد جريمة، بغض النظر عن التكييف القانوني لمثل تلك الأفعال، كإثارة الرعب أو التهديد والابتزاز وغيرها من الجرائم التي تتولى سلطات التحقيق تحديد طبيعتها القانونية، ومن ثم تحديد العقوبات المقررة لها في القانون».

أما مدير إدارة الشرطة المجتمعية في شرطة أبوظبي، المقدم مبارك بين محيروم، فشدد على ضرورة مراقبة سلوك الأبناء، «خصوصاً المراهقين، ومعرفة طبيعة الأصدقاء الذين يرافقونهم، إذ إن الصاحب يمكن أن يكون ساحباً للهلاك»، مضيفاً أنه «يجب أن تكون هناك جلسات حوار بين الأهل والأبناء، بترشيدهم وتوعيتهم إلى المخاطر المحتملة من رفقاء السوء والتقليد الأعمى، وتمكينهم من رؤية الأمور في نصابها الصحيح».

واعتبر أن الغيرة الصادقة للمبلغين عن الظواهر الأمنية، وحسهم الإنتمائي لدولة الإمارات، يعدان دليلاً واضحاً على مدى الوعي والتكاتف والترابط بين مختلف شرائح المجتمع وجهاز الشرطة، للوقوف صفاً واحداً في وجه أي خرق يهدد الأمن والاستقرار الاجتماعي، مهما بلغ حجمه أو تدنى مستواه.

وأضاف بن محيروم أن الشرطة استطاعت، وخلافاً للعديد من أجهزة الشرطة في العالم، أن تنجز هدفاً مهماً، وهو تحقيق أمن المجتمع كغاية بحد ذاته، وتبني مجموعة من القيم العامة التي عملت على تعزيزها والحفاظ عليها، وهي النزاهة والأمانة والشفافية في أعلى المستويات وفي جميع الأوقات والظروف، مراعية بذلك حقوق الإنسان والمواثيق الدولية الخاصة والشريعة السمحة، والموروث الحضاري الأصيل للمجتمع المحلي والعادات والتقاليد العربية، وملتزمة بتقديم خدمات عادلة ومتطورة لكل فئات المجتمع.

تويتر