شرطة أبوظبي تدعو إلى عدم الانسياق خلف الجوائز الوهمية

الباكستانيون يتصدّرون ضحايــــا الاحتيال الهاتفي.. والإماراتيــون رابعاً

أفراد من 25 جنسية مختلفة وقعت جميعها ضحايا لعمليات الاحتيال الهاتفي.أ الإمارات اليوم

أكدت شرطة أبوظبي، في دراسة تحليلية أمنية حديثة، أن الإطاحة بمجرمي النصب والاحتيال الهاتفي محلياً أو دولياً لا تكتمل إلا بتكاتف المجتمع، داعيةً الأفراد والأسر إلى التصدّي لهذه الممارسات غير القانونية، ومكافحتها بعدم الانسياق خلف الجوائز «الوهمية»، والإبلاغ عنها مبكراً، مؤكدة أن الجهات الشرطية تتعقب وتلاحق هؤلاء المجرمين، وتدهم أوكارهم التي تفرّخ هذه العمليات الإجرامية.

وكشف نائب مدير عام العمليات الشرطية في شرطة أبوظبي العميد عمير المهيري، أن عمليات النصب والاحتيال الهاتفي استنزفت خلال العام الماضي والربع الأول من العام الجاري (15 شهراً)، مدخرات 25 جنسية مختلفة في أبوظبي، وقع عليهم الاحتيال، وأن الجاليات الأكثر استهدافاً لعمليات النصب، هم الباكستانيون، ثم الهنود، فالجنسية البنغالية، فيما يأتي الإماراتيون في المرتبة الرابعة.

غرامات مالية على بائعين

أبلغ المقدم طارق الغول، الضابط المعني بمتابعة ملف جرائم النصب والاحتيال الهاتفي في إدارة التحريات والمباحث الجنائية في شرطة أبوظبي، «الإمارات اليوم»، بأن «إدارة التحريات عملت على التنسيق المشترك مع الجهة المعنية لفرض غرامات مالية على التجّار والموزعين الذين يبيعون أرقام الهواتف المتحركة لأشخاص غير موجودين في الدولة، وذلك منعاً لاستخدامها في عمليات النصب الهاتفي على المواطنين والمقيمين».

وأشار إلى تجهيز شرطة أبوظبي كشوفاً بأرقام الهواتف التي وردت بلاغات باستخدامها لعمليات النصب على الضحايا واستنزاف مدخراتهم، وتمريرها إلى الجهات المعنية بغرض قطع الخدمة عنها، حتى لا يُعاود الجناة استخدامها مرة أخرى في عمليات النصب الهاتفي.

وكشف الغول عن تطور أساليب المتهمين في عمليات النصب الهاتفي أخيراً بهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا، إذ يقومون بإرسال رسائل نصية «وهمية» في صيغة تحويل أرصدة هاتفية إلى المستهدفين، ثم يقومون بالاتصال بهم وخداعهم بأسلوب مقنع، بأنهم قاموا بتحويل هذه الأرصدة عن طريق الخطأ، ويطلبون إعادتها مرة أخرى، فيقوم الضحية تلقائيا، ومن دون التأكد من حقيقة الأمر، بإعادة الرصيد الهاتفي إلى النصابين.

أحمد عابد ــ أبوظبي

 «اتصالات» تحذّر مشتركيها

 حذرت شركة الإمارات للاتصالات «اتصالات»، أمس، مشتركيها من الوقوع ضحية لمكالمات هاتفية مضللة تبلغهم فيها بفوزهم بجوائز مالية من «اتصالات».

وأكدت «اتصالات» في رسائل نصية قصيرة بعثت بها إلى مشتركيها عبر الهواتف المتحركة أنها ليس لها أي صلة بهذه الاتصالات، وأن المتصلين لا يمثلون الشركة على الإطلاق. وأوضحت الرسالة «سيخبرك المحتالون بالأرقام المطبوعة على شريحة الهاتف المتحرك، لإيهامك بأن المكالمة حقيقية، علماً بأن بطاقات الهواتف كافة في دولة الإمارات تحمل الرقم الأول نفسه المكون من ثمانية أرقام، هي 89971122».

وطلبت «اتصالات» من المشتركين إبلاغ أقرب مركز للشرطة عند تلقي أي من هذه المكالمات، وعلمت «الإمارات اليوم» أن «اتصالات» تلقت عددا كبيرا من الشكاوى من مشتركيها خلال الأسابيع القليلة الماضية، تفيد بأنهم تلقوا هذه الرسائل، كما أفاد بعضهم بأنهم وقعوا ضحية لها،أ ما دفعها إلى إرسال هذه الرسالة للمشتركين.

وأوضح خبير في قطاع «اتصالات» لـ«الإمارات اليوم» أن بعض هذه الاتصالات تأتي من داخل الدولة وبعضها من خارجها، وقال إن «اتصالات» لا تستطيع بمفردها الاطلاع على بيانات العملاء لديها، وان القيام بذلك يتطلب الحصول على موافقة رسمية من الشرطة أولاً. وأوضح أن «عدم القدرة على تتبع أصحاب هذه الرسائل يرجع إلى أن بعض المشتركينأ يقومون بشراء أرقام واستخدامها لفترة ثم التخلص منها، وبعضهم يقوم بإلغاء الإقامة ومغادرة البلاد بعد ذلك، كما يترك شخص ما رقمه لآخر ويسافر، ما يصعب الوصول إلى الأشخاص المتورطين في عمليات النصب»، لافتاً إلى أن بعض الأشخاص من دول آسيوية اعتادوا عدم شراء رقم جديد أو شراء بطاقات جديدة عند دخولهم البلاد، بل يأخذون شريحة قديمة من زميل آخر ينتمي للجنسية نفسها.

عبير عبدالحليم ــ أبوظبي

 189 بلاغ نصب في 15 شهراً

 كشف المقدم طارق الغول أن إجمالي عدد بلاغات جرائم النصب والاحتيال الهاتفي التي وردت إلى إدارة التحريات والمباحث الجنائية في شرطة أبوظبي، منذ مطلع 2009 الماضي، والربع الأول من العام الجاري - أي في غضون 15 شهراً - وصل إلى 189 بلاغاً، منها 142 بلاغاً في العام الماضي، و47 بلاغاً في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، معلناً أن المبالغ التي تم استنزافها من الضحايا فاقت ملايين الدراهم.

ووفقاً لتعبير العميد المهيري، فإن «غول» عمليات النصب والاحتيال الهاتفي لم يقتصر على فئة غير المتعلمين فقط، بل طال فئة المتعلمين وحملة الشهادات ومن يقرأ ويكتب، والغريب أن الفئة الأخيرة هي الأكثر استهدافاً والأكثر استنزافاً لأرصدتهم.

وأكد أن بيع البطاقات المدفوعة مقدماً، المستخدمة في الاتصالات الهاتفية في المحال التجارية، وغيرها من المنشآت التجارية خارج مكاتب مزودي الخدمة، أسهم بشكل لافت للنظر في زيادة عمليات النصب والاحتيال الهاتفي، مشيراً إلى أن بعض تلك المنشآت لا تتحرّى الدقة والصدقية في عملية صرف البطاقات وأتمتة المعلومات والبيانات الشخصية لحامليها، ما يعرّض المشتركين الآخرين لاستمرار عمليات النصب والاحتيال الهاتفي.

وقال الضابط المعني بمتابعة ملف جرائم النصب والاحتيال الهاتفي في إدارة التحريات والمباحث الجنائية في شرطة أبوظبي، معد الدراسة، المقدم طارق الغول: «استطعنا من خلال كشفٍ أعدته شرطة أبوظبي، والاستناد إليه في معلومات الدراسة، تحديد انحصار صرف معظم بطاقات الاتصالات الهاتفية التي تمّ من خلالها عمليات النصب الهاتفي في محال تجارية مختلفة في ثلاث إمارات في الدولة، في المناطق الأكثر كثافة سكانية».

ضبط المجرمين

ووعد المقدم الغول باستمرار جهود ضبط المجرمين، وتقديمهم للعدالة، موضحاً أن أجهزة الشرطة ستبقى دوماً إلى جانب الضحية على أمل أن تراجع موقفها وتستجيب لنداءات الشرطة المستمرة بعدم الوقوع فريسة للنصابين.

وطالب بوضع تدابير قانونية وأمنية ملائمة للحد من هذه الظاهرة، التي يستمر مؤشرها في الارتفاع عالمياً وتشيع محلياً، خصوصاً مع سهولة الحصول على الخدمات الهاتفية، منوهاً بأن الاستجابة للمغريات الوهمية بربح جوائز مالية، التي تشترط تحويل مبلغ معين قبل حصول الضحية على الجائزة الموعودة، هي صورة من صور الاحتيال المتعددة التي تهدف إلى استنزاف مدخرات تلك الضحية، وتتسبب في تدهور حياته الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن تأثيرها سلباً في المجتمع، ما يؤدي إلى إرباك الرأي العام والشرائح المجتمعية التي تقع ضحية لهذا الاحتيال.

واستغرب تكرار حدوث عمليات النصب على الضحايا، ومن مختلف الفئات العمرية، ومستويات التعليم، مؤكداً أن الإغراء بالحصول على مبالغ مالية يجعلهم يرسلون الأموال إلى الأشخاص الذين يمارسون النصب والاحتيال الهاتفي بمجرد أن يذكر الجناة لهؤلاء الضحايا أنهم فازوا بجوائز مالية تشترط تحويل مبلغ معين من المال لاستكمال الإجراءات، ومن دون أن يفكر الإنسان بأنه من المستحيل أن يفوز بجائزة مالية في مسابقة لم يقم بالاشتراك فيها أساساً.

وأوضح أن صور وأشكال النصب والاحتيال الهاتفي التي وقعت أخيراً تعدّدت، وأصبح مجال تقنية المعلومات والاتصالات بيئة خصبة للمحتالين لممارسة عمليات النصب على مستخدمي الهواتف المتحركة، خصوصاً أن مزودي خدمات الاتصالات يتعاملون بمرونة مع العملاء التجاريين الذين يسوّقون البطاقات، فبعض الجُناة يحاولون الاحتيال الهاتفي للحصول على أموال من المجني عليهم، فيستخدمون بطاقات هاتف أشخاص خارج الدولة حتى لا يتم التوصّل إليهم، من واقع البيانات المسجلة لدى مزوّد الخدمة، من الأشخاص الذين يمتلكون الهواتف ذات الأرقام المستخدمة في الاحتيال، مشيراً إلى أن سهولة استخراج بطاقات الهاتف المتحرك بأنواعها المختلفة سواء للمقيمين أو للزائرين سهّلت أيضاً تلك العمليات الإجرامية.

وتابع الغول أن ثقافة منح الجوائز موجودة لدى الكثير من المؤسسات التجارية، ما خلق جواً من الترقّب والانتظار لهذ الجوائز، وحتى شركات مزودي خدمة الاتصالات نفسها تعلن، بين الحين والآخر، عن تقديم جوائز لمشتركيها، وهذا ساعد أيضاً على وقوع البعض ضحايا لعمليات النصب والاحتيال الهاتفي.

على صعيد متصل، كشف الغول أن أكثر الجاليات استهدافاً لعمليات النصب والاحتيال الهاتفي، خلال عام 2009 الماضي والأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، هم الباكستانيون، ثم الهنود، فالجنسية البنغالية، يلي ذلك في المرتبة الرابعة، الإماراتيون، ثم الإيرانيون، والمصريون، وصولاً إلى إجمالي 25 جنسية مختلفة وقعت جميعها ضحايا لعمليات النصب الهاتفي.

توعية المجتمع

وأعرب الغول عن أمله أن يبقى الإعلام مواصلاً لدوره المؤثّر في توعية أفراد المجتمع بظاهرة النصب والاحتيال الهاتفي، للقضاء عليها وتحصين المجتمع من آثارها، محذراً في المقابل مستخدمي الهواتف المتحركة من عدم الانقياد وراء الخدع عبر الرسائل بنوعيها الهاتفية، التي يوهم أصحابها المستخدمين بفوزهم بجوائز مالية قيّمة من غير مرجعية أساسية لها، فقد بيّنت بلاغات عديدة أنها جوائز وهمية تستهدف إمّا الاستيلاء على الرصيد المالي أو الدخول في «شبكة معقدة» من الاتصالات والرسائل الهاتفية الخادعة، التي تنتهي في النهاية باستنزاف مبالغ مالية من غير عائد حقيقي.

ودعا جميع أفراد الجمهور إلى عدم الوقوع ضحايا لتلك العمليات، وأن سرعة الإبلاغ عن مدبريها تسهم بشكل كبير في إلقاء القبض عليهم، مشيراً في الوقت نفسه إلى إمكانية الإبلاغ عن أرقام هواتف الجُناة التي ترد إلى هواتفهم، ويكون غرضها ارتكاب فعل إجرامي، وسواء كانت هذه الاتصالات أو الرسائل محلية أم دولية، إما بالاتصال بإدارة التحريات والمباحث الجنائية على الرقم التالي (5088888-02)، أو الاتصال بغرفة العمليات على الرقم (999) الذي يقوم بدوره بتحويل المكالمة إلى إدارة التحريات.

وأضاف: تتلقى خدمة «أمان» الإلكترونية، للإبلاغ عن الظواهر السلبية، اتصالات هاتفية ورسائل نصية، تهدف إلى فتح قنوات اتصال مباشرة للمتعاملين مع القيادة العامة لشرطة أبوظبي، والمستفيدين من خدماتها للإسهام في وقاية المجتمع وحمايته من أخطار الجرائم، آخذة في الاعتبار تنوّع ثقافة ومستويات جمهور المتعاملين مع الشرطة، وذلك بالاتصال باللغات العربية والإنجليزية والأوردو على مدى 24 ساعة، على هاتف رقم (8002626)، أو إرسال رسالة نصية على الرقم (2828).

وأكد المقدم الغول أهمية تعاون جميع الجهات المعنية في عقد الندوات والورش التثقيفية بلغاتٍ عدّة، للتوعية والتعريف بأشكال النصب والاحتيال الهاتفي، وسبل الوقاية منه، وحماية أفراد المجتمع من الوقوع ضحايا لتلك العمليات «غير السوية».

يشار إلى أن الأمانة العامة لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، أطلقت أخيراً حملة إعلامية لمكافحة النصب الهاتفي والإلكتروني، استمرت 20 يوماً، وقد شهدت تجاوباً كبيراً من المواطنين والمقيمين.

تويتر