محـامٍ يطالب ببراءة 5 متهمين بالاتجار في البشر

دفع وكيل خمسة متهمين في قضية اتجار بالبشر وتزوير تنظرها محاكم دبي حالياً، ببطلان التحريات وخلوها من المراقبة الضرورية في مثل تلك القضايا، علاوة على بطلان القبض والتفتيش وما أسفر عنهما من أدلة وقرائن، معتبراً أن «ما بني على باطل فهو باطل»، مطالباً ببراءة المتهمين.

وأضاف المحامي هارون تهلك، أثناء مرافعته نهاية الأسبوع الماضي في جنايات دبي برئاسة القاضي حمد عبداللطيف، أن «تبنى المجني عليهما حنين (19 عاماً) وشهد (13 عاماً) لا يعني بالضرورة وجود دلائل على أن أحد المتهمين يستغلهما في الدعارة، بل التبني واجب إنساني».

وطالب ببراءة موكليه من التهم المنسوبة إليهم، وحجزت المحكمة القضية للحكم فيها بتاريخ 14 مارس المقبل، لافتاً إلى أن «القضية برمتها لم تقم على أسس ومقومات سليمة منطقية واعتمدت على أدلة قولية لم تسلم من الشوائب والشبهات ولم تصل لسلم اليقين والاطمئنان».

يشار إلى أن «نيابة دبي» اتهمت في القضية خمسة أشخاص يحملون الجنسية العراقية، وهم (ق.د) 47 عاماً وهو الأب، والثانية زوجته الأولى (الأم) وتدعى (ع.س) 45 عاماً، والثالثة (هـ.ص) 24 عاماً وهي الزوجة الثالثة للمتهم الأول، والمتهم الرابع (و.ق) 30 عاماً، وهو ابن الأول، وزوجته المتهمة الخامسة (ر.ع) 22 عاماً.

ووجهت «نيابة دبي» للأول والرابع ارتكابهما جريمة اتجار في البشر بحق كل من المجني عليهما حنين وشهد، واتهمت الأول بتزوير تأشيرة الإقامة المنسوبة إلى إدارة الجنسية والإقامة بناء على جوازي سفر مزورين صادرين من العراق، جاء فيهما أن المجني عليهما ابنتاه مستعملاً الأوراق المزورة مع علمه بالتزوير، واتهمت الأول والثانية والرابع والخامسة باستغلال بغاء المتهمة الثالثة والمجني عليها حنين، واتهام الثالثة بالاعتياد على ممارسة الدعارة مع الرجال واتخاذها من ذلك مصدراً للدخل لها.

وقال محامي المتهمين إن «أوراق الدعوى خلت من أن ظاهر حال المتهمين خصوصاً الأول أنه زور وتاجر في البشر فبمجرد التبليغ من مصدر سري لا يعني وجود دلائل كافية ضدّه، وكون أن المتهم الأول تبنى المجني عليهما حنين وشهد لا يعني بالضرورة وجود دلائل على أنه يستغلهما بالدعارة بل التبني واجب إنساني لدى الغالبية العظمى من الدول، فهو عقد ينشئ (علاقة صورة ومدنية محضة لأبوة وبنوة مفترضة) يحق للمتبنِي أن يحمل اسم المتبنَى ويستخرج الأوراق الرسمية وتعتبر صورة لا مزورة».

ولفت إلى أن «التبني جائز في القانون العراقي وقد ضمّت أوراق الدعوى بأن التبني كان وفقاً للأوراق الرسمية المعتمدة، وبناء على هذا تم استخراج الجوازات لهما وتالياً التأشيرات». وأضاف أنه «ليس في قانون الجنسية والإقامة الاتحادي أو لوائحه ما يمنع من أن يتقدم شخص بطلب تأشيرة إقامة لابن تبناه أو بنت تبناها، وأن قسائم استمارة التأشيرة ليس فيها خانة مضمونها هل المكفول ابن حقيقي أم متبنَى».

واعتبر أن ذلك يؤكد انه «ليس هناك جريمة تزوير واتجار في البشر، بل ليست هناك جريمة إدلاء بمعلومات كاذبة إذ لم يطلب من المتهم الأول ولم يوجه إليه سؤال واحد هل الاثنتان ابنتاك حقيقة أم بالتبني». واعتبر أنه «طالما ان الدلائل غير كافية بحق الأول فمن باب أولى أن تكون كذلك بالنسبة للمتهمين الأربعة الباقين».

وذكر المحامي أنه «وفقاً لأوراق الدعوى فإن إذن النيابة لم يرفق بها، ولابد من أن ترفق حماية للحريات وعدم العبث بها» دافعاً ببطلان الإذن لصدوره بناء على تحريات غير دقيقة وكافية وجدية. وقال إن «محضر التحريات لم يرفق بالأوراق، وحينما تكون الأمور غير صحيحة فحتماً تكون أوراق الدعوى خالية منها، وستحرص تلك الجهات على عدم إبرازها في حالة وجودها»، موضحاً أن «المصدر المبلغ هو رجل عراقي على خلاف دفين مع المتهم الأول، وعليه بلاغات عدة وكذا المتهم فتح ضدّه بلاغاً في مركز الشرطة عن تهمة السرقة، وهو الذي سرق الجوازات وأودعها للجهات المختصة، فكيف يكون مصدر ثقة؟». وأكد المحامي أن «قضايا الاتجار في البشر بحاجة للمراقبة وهي ركن من أركان التحريات الجدية، للقبض على المتهمين متلبسين أو إعداد كمين لهم»، مدللاً على قوله بأن أحد القائمين بالضبط قال في التحقيقات «راقبتهم وأسفر ذلك عن دخول وخروج المتهم الأول وزوجته المتهمة الثانية»، واصفاً المراقبة بـ«الهزيلة» كونها لم تسفر عن أي شيء مشبوه. كما دفع المحامي ببطلان التحريات لخلوها من المراقبة وكونها لم تتعد غرفة شعبة التحقيق التابعة لإدارة الجنسية والإقامة، ودفع ببطلان اعترافات المتهمين كونها كانت نتيجة قبض وتفتيش باطلين «كانت نتيجة للإكراه المعنوي والمتمثل في المداهمة بما لا يقل عن 15 رجلاً من شعبة التحقيق التابعة لجنسية دبي، علاوة على تأخير التحقيق معهم لساعات طويلة، فقد طُلب منهم الاعتراف وإلا سيمكثون في الحبس لمدة يومين»، وفق ما جاء في مرافعته.

شتائم تقود إلى جريمة

وُقّف أربعة متهمين إماراتيين وعماني واحد (طلبة) أمام قاضي محاكم دبي لاقترافهم جناية الشروع في القتل العمد بحق شخصين إماراتيين، وجنحة الاعتداء على سلامة الغير ضمن عصبة مؤلفة من أكثر من خمسة أشخاص توافقوا على التعدي باستعمال سلاح من أحدهما. وكان المتهمون حضروا إلى منزل أحد الأشخاص وطلبوا شقيقه الأصغر للاعتداء عليه، نتيجة خلافات حصلت في المدرسة بينه وبين أحد المتهمين الهاربين، وكان المجني عليهما واقفان برفقة شقيق المطلوب أمام منزله في الراشدية، إذ انسحب عليهما الاعتداء، على خلفية شتائم متبادلة. وشرع أحد المتهمين ويدعى (أ.م) تجاوز 18 عاماً، عمداً في قتل المجني عليه (م.إ) بأن طعنه بسكين أسفل صدره أثناء مشاركة بقية المتهمين وآخرين هاربين بالتعدي عليه، وكذا شرع المتهم (ح.هـ) عماني 24 عاماً، عمداً بقتل المجني عليه الثاني (ع.م) بالطريقة نفسها، أما المتهمان الباقيان وهما (أ.خ) 22 عاماً، و(ن.م) فقد اعتديا على سلامة المجني عليهما وألحقا بهما إصابات عدة.

القضاء اليوم

الارتباط

 

لحظة انتظار المجني عليه للمصعد بإحدى العمارات السكنية الموجودة في إمارة دبي في الطابق الثالث للنزول إلى الطابق الأرضي، إذ تقع شقته وبيده حقيبة يدوية بداخلها 50 ألف درهم وستة شيكات بنكية تدفع نقداً بقيمة 60 ألف درهم وعند وصول المصعد صعد برفقته المتهم الأول، وبمجرد النزول إلى الطابق الأرضي وفتح باب المصعد فوجئ بالمتهم الثاني إذ نثر الأخير مسحوق الفلفل الأحمر على عينه ثم اعتدى الاثنان عليه بالضرب، ووجه أحدهما لكمة قوية على فمه فأحدث به عاهة مستدامة تقدر بنحو 2٪ نتيجة فقدانه أسنان القاطعتين السفليتين الأمامية، أما بقية إصاباته فتشفى عادة في أقل من 20 يوماً من دون أن تخلف عجزاً وبعدها تمكنا من سحب الحقيبة من يده بقوة والفرار بها، وبالبحث والتحري تم إلقاء القبض عليهما.

وتمت إحالتهما إلى المحكمة بأنهما:

أولاً: سرقا بالإكراه أموالاً منقولة (50 ألف درهم وستة شيكات بنكية تدفع نقداً بقيمة 60 ألف درهم).

ثانياً: اعتديا على المجني عليه عمداً بغية السرقة وأحدثا به عاهة مستدامة تقدر بنحو 2٪ نتيجة فقدانه أسنان القاطعتين السفليتين الأمامية.

وبجلسة المحاكمة مثل المتهمان واعترفا بما أسند إليهما من اتهام (السرقة بالإكراه والاعتداء) وطلبا استعمال الرأفة.

وبما أن المادة (88) من قانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لسنة 1987 وتعديلاته نصت على أنه «إذا وقعت جرائم عدة لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم».

وعليه ترى المحكمة أن الجريمتين السالفتين قد وقعتا لغرض إجرامي واحد، وارتبطتا ارتباطاً لا يقبل التجزئة، ومن ثم يتعين الحكم بعقوبة الجريمة الأشد، عملاً بالمادة (88) من القانون الآنف.

فحكمت المحكمة حضورياً بمعاقبتهما بالسجن مدة خمس سنوات وبإبعادهما عن الدولة عما أسند إليهما.

القاضي الدكتور علي حسن كلداري

 الحدود القانونية لحقوق المتهم

أكد المحامي هارون تهلك أنه «من الحقوق والضمانات الأساسية للمتهم ولو كان مشتبهاً فيه ألا تؤخذ إفادته أو لا يتخذ ضدّه أي إجراء مسطر بمرحلة الاستدلال إلا بحضور محامٍ»، على اعتبار أن «تلك المرحلة تفتقد للحيادية والدقة وتمتاز بجمع الأدلة على وجه السرعة وتتسم بالقهر والإكراه، كما أن ثقافة حق الصمت لم تدخل في قاموسها، فالطبع غالب والاستبداد ظاهر والواقع العملي خير شاهد».

ورأى أن «المتهم في تلك المرحلة فاقد التركيز قلق متخوف من رهبة المكان، فربما قوّل ما لم يقله أو بُصّم على ما لم يقرأه أو خوطب بما لا يفهمه»، معتبراً أن «حرمانه من هذا الحق بحجة تعطيل إجراء مردود لأن في الحضور- طمأنينة للمتهم ورقابة لتلك المرحلة التي تعتبر حجر أساس لبناء الاتهام وصولاً لتحقيق العدالة لجميع أطرافها- أو حرمانه بحجة أن هذا الحق خاص بمرحلة التحقيق دون الاستدلال». وتابع أن المادة (100) من قانون الإجراءات الجزائية نصت على أنه «يجب أن يمكّن محامي المتهم من حضور التحقيق معه والاطلاع على أوراق التحقيق»، ولم تنص على أن هذا الحق في مرحلة الاستدلال مرفوض، كون هذا الحق أنشأته نواميس الطبيعة ومقتضيات العدالة فغير محتاج للنص عليه، فإن نص عليه فمن باب تأكيد الحق لا إنشائه، كما أن الاحتراز وعدم القياس وإهمال المفاهيم بين المواد الواردة لكلا مرحلتي الاستدلال والتحقيق هو الصواب لاختلاف طبيعة المرحلتين من كل الوجوه».

وقال تهلك إن «الحقوق لا تمنع لعدم النص عليها، علاوة على هذا فإن اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم 23 لسنة 1991 في شأن تنظيم مهنة المحاماة نصت على أنه (يجوز للمحامي المتدرب الحضور أمام النيابة العامة والشرطة مع المحامي المشرف على التدريب)». ومما لا شك فيه أن الهدف الرئيس للحضور أمام الشرطة هو حضور الإجراءات مع المتهم، وهل يبقى بعد هذا حجة للمانعين؟، وفق قوله.

 الفرق بين ظرفي الاقتران والارتباط

الاقتران

استقلال الجريمة المقترنة عن الجريمة الأولى وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما، وأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن.

الارتباط

جريمتان وقعتا لغرض إجرامي واحد، وارتبطتا ارتباطاً لا يقبل التجزئة، ومن ثم يتعين الحكم بعقوبة الجريمة الأشد.

يصل الكثير من الاستفسارات حول مدى ملاءمة الأحكام التي تصدر من المحاكم في القضايا المختلفة، وإلى أي مدى تتناسب العقوبة مع الجرم المرتكب من قبل الجناة وظروف وملابسات كل قضية، والتي بناء عليها تصدر الأحكام وفرض العقوبة الواجبة التطبيق، والتي قد تكون في نظر القراء غير رادعة أو مبالغاً فيها، لذا أُوجدت هذه الزاوية للتوضيح.

تويتر