الحرائق تقتل 40 شخصاً منذ 2007

مشروع القانون يتضمن عقوبات وغرامات مالية ضد المخالفين.تصوير: جوزيف كابيلان

بدأت صباح أمس عملية واسعة مشتركة بين البلدية والشرطة والدفاع المدني في أبوظبي لحصر جميع البنايات المخالفة لاشتراطات الأمن والسلامة في الإمارة وضبط مؤجري أسطح البنايات عبر عمليات الرصد الجوي، بعد نشوب حريقين في بنايتين خلال الأيام الماضية، أسفرا عن اختناق واحتراق عشرات من السكان ورجال الدفاع المدني. 


وبلغ إجمالي عدد الحرائق التي شهدتها الدولة من 2007 حتى أغسطس الماضي 4334 حادث حريق، نتج عنها وفاة 40 شخصاً وإصابة 163 شخصاً بإصابات مختلفة.


وأكد مدير الإدارة العامة للدفاع المدني، اللواء الركن محمد سالم بن كردوس، أن قانوناً اتحادياً جديداً للدفاع المدني سيرى النور قريباً، يحمل في طياته عقوبات وغرامات مالية ضد المخالفين، بما يتوقع بعد تطبيقه أن يسهم في خفض نسبة الحرائق في الأبنية السكنية أو المنشآت التجارية والصناعية.

 

ووصف القانون بأنه يحتوي على عقاب رادع لملاك البنايات المخالفة، إذ يشدد العقوبات والغرامات المالية على المخالفين لاشتراطات الوقاية والسلامة، ويفرض على كل برج وبناية في الدولة شروطاً من الأمن والسلامة يجب الالتزام بها على أن تجدد كل سنتين»، مضيفاً «أن القانون الجديد في مراحله النهائية وسيتم رفعه قريباً إلى سمو وزير الداخلية ومن ثم إلى مجلس الوزراء لاعتماده». 

 

وقال «إن أغلب الحرائق التي تنشب في البنايات السكنية في أبوظبي تكون في البنايات القديمة التي يتم تقسيمها من قبل السماسرة وتأجيرها لأسر وعزاب بما يفوق الطاقة الاستيعابية لها، وهو ما يزيد العبء والضغط الكهربائي على البناية، وينذر بنشوب حريق».  وأضاف «أن فرق الدفاع المدني واجهت صعوبة كبيرة أثناء عمليات إخلاء السكان وإطفاء الحريق الذي شب في بناية بشارع المطار أخيراً، بسبب عدم تجهيزها بإجراءات الأمن والسلامة وتكدس السكان بداخلها، ما تسبب في اختناق عدد من رجال الإطفاء».

 

وأكدت مصادر شرطة أبوظبي «أن طائرات جناح الجو التابعة لشرطة أبوظبي بدأت صباح أمس تنفيذ حملات واسعة النطاق فوق مناطق سكنية مختلفة لرصد أسطح المباني لتحديد مواقع البناء المخالف أو أي تحركات مريبة لبناء تحت الإنشاء وذلك للإبلاغ الفوري عنها وتزويد الجهات المختصة بالبيانات والصور الحية لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإزالتها». 

 

وأضافت «أن هذه العملية تتم بناء على توجيهات من سمو وزير الداخلية بهدف رصد ظاهرة البناء المخالف لاشتراطات السلامة العامة والقانون المنظم للبناء وتخطيط المدن».


من جانبها، أرسلت بلدية أبوظبي أمس فريقاً للتحقيق في ملابسات الحريق الذي شب فوق سطح إحدى البنايات الأسبوع الماضي، وأدى إلى اختناق عدد كبير من سكان البناية ورجال الإطفاء. 

 

وقال مدير إدارة تراخيص البناء في بلدية أبوظبي، المهندس خلفان النعيمي، إن البلدية ستطبق إجراءات قانونية وعقابية ضد مؤجري أسطح البنايات في المدينة، وتتابع ملاحقة المستثمرين والمخالفين لنظم البناء.

 

وأكد النعيمي أن القانون يمنع إقامة أي بناء سكني إضافي فوق أسطح البنايات أو داخل الفلل السكنية في إمارة أبوظبي، مشيراً الى أن هناك مئات من مخالفات وتجاوزات البناء فوق أسطح بنايات وفلل داخل مدينة أبوظبي «إذ يقوم بعض المستثمرين باستغلال أسطح البنايات لإقامة كيانات سكنية مقسمة ومخالفة للمواصفات والاشتراطات، يتم تأجيرها لأفراد وعائلات مقابل مبالغ مالية قليلة، مستغلين حاجتهم إلى السكن»، مشيراً الى أن «حملات التفتيش التي تقوم بها البلدية كشفت كثيراً من تلك التجاوزات وحولت مرتكبيها إلى القضاء». 

 

وأوضح «أن القانون أعطى الملاك الحق في البناء في إطار عدد الطوابق المصرح بها من البلدية، إذ لا يجوز زيادتها تلقائياً دون الحصول على ترخيص، أو استغلاله للتأجير السكني»، موضحاً انه إذا كانت البناية القائمة مكونة من اربعة طوابق ويحمل صاحبها ترخيصاً ببناء ستة طوابق، فيمكن له استكمال البناء بطابقين بما لا يتعارض مع الترخيص الممنوح له.


ولفت مدير إدارة الطوارئ والسلامة العامة في شرطة أبوظبي، العقيد عثمان التمامي، الى أن إدارة الدفاع المدني في أبوظبي تقوم بمسح شامل على جميع البنايات بالتعاون مع البلدية لتحديد البنايات المخالفة، مؤكداً أن الإدارة تعمل على نشر الوعي بين سكان البنايات للاهتمام باشتراطات الأمن والسلامة داخل مساكنهم، داعياً أفراد الجمهور إلى تجنب الإقامة في مساكن غير قانونية لا تخضع لاشتراطات السلامة العامة حفاظاً على أرواحهم وممتلكاتهم حال نشوب حريق أو أي أمر طارئ يستدعى إجراء عمليات الإنقاذ أو الإخلاء بسرعة كبيرة.

 

وأكد «ضرورة مواجهة المستثمرين الذين يستغلون أسطح المباني في إنشاء مساكن تفتقر إلى أبسط الاشتراطات الصحية والبيئية إلى جانب عدم توفر وسائل السلامة العامة  نظراً لطبيعة  المواد المستخدمة في البناء والقابلة للاشتعال أمام أي مصدر حراري، بما يشكل خطورة بالغة على القاطنين فيها والشقق السكنية المجاورة، فضلاً عن إلحاق الضرر بالممتلكات العامة والمظهر الحضاري للمدينة.

 

وحذرت دائرة القضاء في أبوظبي من مخالفة قانون الإيجارات واستغلال بعض المستثمرين حاجة الناس للسكن والقيام بعمل تعديلات على ما يستأجرونه من وحدات وتقسيمها دون إذن مسبق من الجهات المختصة بما يعد خرقاً صريحاً للقانون.

 

وأكد وكيل دائرة القضاء في أبوظبي، المستشار سلطان سعيد البادي، أن هناك نحو 172 مخالفة صدرت بشأنها أحكام بالغرامة والإخلاء.

 

ومن جانبه، قال رئيس قسم الإنقاذ الفني والتدخل السريع في شرطة أبوظبي، المقدم  محمد عبدالله النعيمي، انه تبين من خلال الحريق  الذي  شب أول من أمس في بناية سكنية في منطقة الخالدية في أبوظبي أن المواصفات المستخدمة قديمة، وكان من المفترض قيام المالك أو الجهة التي تنوب عنه بإخطار الدفاع المدني لإجراء الصيانة المطلوبة وتحديث أجهزة الإطفاء والإنذار.

 

وذكر أن الحريق  الذي  شب في البناية التي تضم  تسعة طوابق ويسكنها عشرات الأسر والعزاب أتى على ثلاث شقق بالكامل، وأدى إلى تأثيرات جزئية على أربع شقق أخرى.

 

وعملت طواقم المستشفى الميداني على علاج 32 حالة أصيبت باختناقات بسيطة وهلع وخوف في موقع الحادث، وتحويل حالتين لمستشفى خليفة تم علاجهما وإخراجهما من المستشفى، وأصيب ثمانية من رجال الدفاع المدني بإصابات بسيطة بسبب الإنهاك  الحراري.

 

وتابع «أن سبب اندلاع الحريق لايزال قيد التحقيق»، ويتم حالياً إعداد تقرير عن الحادث وسيتم الإعلان عن تفاصيل الخسائر في القريب العاجل.


ورجح أن مثل هذه الحرائق ترجع بصورة عامة إلى إهمال القاطنين عند استخدامهم الأدوات الكهربائية القديمة أو المنتهية الصلاحية، نافياً أي علاقة للحادث بمساكن الكرافانات؛ «لأنه شب في الطابق الثامن، ولا علاقة له من قريب أو بعيد بمنشآت إضافية بسطح المبنى». 

 

 أشرف فريق من هيئة الهلال الأحمر  على تقديم المساعدات اللازمة للأسر المتأثرة بالحريق الذي اندلع أخيراً في بناية بمنطقة الخالدية في أبوظبي وتسجيل المتضررين، ونقلهم إلى مناطق أخرى لتسكينـهم، وتوفير وجبات الإفطار والاحتياجات اللازمة لهم.

 

وكان سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الهيئة، طلب تقديم الرعاية اللازمة للمتضررين من الحريق، وعددهم 22 أسرة، الى جانب عشرات من العزاب بينهم 30 امرأة.

 

وحث سموه الهيئة على توفير السكن اللازم للمتضررين بشكل عاجل وتأمين الخدمات والاحتياجات الضرورية لرفع العبء والمعاناة عنهم.


دعم مالي 
بشاير المطيري ـ دبي  
أفاد مسؤول من الإدارة العامة للدفاع المدني في دبي بأن «جهاز الدفاع المدني في حاجة إلى دعم مالي كبير من الحكومات المحلية»، موضحاً أنه «جهاز مُكلف جداً». ولفت  إلى «تفاوت مستوى الإمكانات المتوافرة عند إدارات الدفاع المدني في الإمارات السبع»، لافتاً إلى أن «الدفاع المدني في بعض الإمارات تعتمد على الحكومة الاتحادية، ولا تجد دعماً من حكومتها المحلية، من حيث إنشاء المراكز، أو غيرها من المعدات والمركبات»، ورأى أنها «تعاني ضعفاً في الخدمات، ولا تواكب التطور العمراني والسكاني المستمر».  

 

لجنة للوقاية من الحرائق  
محمد فودة ــ دبي  
اقترح نائب مدير الإدارة العامة للأمن الوقائي، العميد عبدالجليل المهدي، تشكيل لجنة مشتركة من البلدية والدفاع المدني والشرطة والجمارك تكون مهمتها الفحص الدوري والتفتيش على المنشآت المختلفة خصوصاً الشركات والمستودعات للتأكد من سلامتها ومطابقتها للمواصفات كإجراء وقائي ضد الحرائق.


وقال المهدي لـ « الإمارات اليوم»: إن إنشاء هيئة اتحادية لمكافحة الحرائق ربما يتداخل مع عمل إدارات الدفاع المدني، مؤكداً أن الحرائق التي تكررت أخيراً في إمارات مختلفة تفرض ضرورة ملحة للاهتمام بالجانب الوقائي من خلال لجنة مشكلة من الجهات المعنية بمكافحة هذا النوع من الكوارث. وأضاف أن الحرائق ربما تحدث لأسباب مختلفة مثل خلل أو مخالفة التوصيلات الكهربائية أو تخزين مواد بطريقة خاطئة أو قيام العمال بالطهي في أماكن غير مخصصة لذلك، لافتاً إلى أن التفتيش الدوري على المنشآت من خلال لجنة مختصة من شأنه أن يقلل من احتمالات وقوع حريق. وأشار إلى أن من مهام اللجنة المقترحة كذلك التأكد من سلامة أدوات الإطفاء، وأضاف أن الزحام يعطل سيارات الدفاع المدني عن الوصول إلى موقع الحريق. وفي هذه الظروف يجب أن يكون العاملون مدربين ولديهم الأدوات اللازمة للتعامل مع الحريق حتى يصل أفراد الدفاع المدني.
 
حريقان في 10 سنوات  
سوزان العامري ــ الشارقة

أبلغ مدير موانئ وجمارك الشارقة راشد علي الليم «الإمارات اليوم» أن الحركة الملاحية داخل ميناء خالد لم تتأثر بحريق مستودعات مصنع الإمارات للزيوت المحدودة (ألكو) بصورة تستوجب إغلاقه، لافتاً إلى أن بعد المسافة بين المصنع والميناء حال دون تفاقم الحريق.


وكشف الليم أن السنوات العشر الماضية (عمر ميناء خالد) لم تشهد غير حريقين فقط ما يعد نسبة ضئيلة مقارنة بحجم الميناء والمصانع الموجودة، إضافة إلى الحركة الملاحية فيه»، موضحاً أن نظام الأمن والسلامة السائد في الميناء قلل من إمكان وقوع حوادث وكوارث». وأكد الليم أن حادثاً حريقاً مصنع الزيوت، لم يكن بحجم وضخامة حريق العام الماضي الذي اندلع في مصنع للبسكويت في المنطقة الصناعية المحاذية للميناء.

 

إلى ذلك، رفض مصدر امني في شرطة الشارقة الكشف عن نتائج التحقيق والبحث الأولي الذي أجرته أجهزة البحث الجنائي للتعرف الى الأسباب الأولية لاندلاع الحريق، مؤكداً أن البحث جار والتحقيق مستمر، رافضاً تأكيد احتمالية أن يكون الإهمال وسوء التخزين وراء نشوب الحريق.

 

وكان مدير عام شرطة الشارقة، العميد حميد محمد الهديدي، طالب أصحاب المصانع والمنشآت في المنطقة الصناعية في ميناء خالد بالتقيد بإجراءات الأمن والسلامة ومراعاة شروط تخزين المنتجات الصناعية والاستهلاكية لتجنب وقوع حوادث.

 

ويذكر أن 50 وحدة إطفاء من مختلف إدارات الدفاع المدني التابعة لوزارة الداخلية شاركت في عمليات إطفاء الحريق الذي اندلع في مستودعات مصنع الإمارات للزيوت المحدودة (ألكو)، في المنطقة الصناعية.

 
تويتر