«أمن المباني» يحمِّل المقاولين أعباء إضافية

رفع معامل الأمان يتسبب في استهلاك مزيد من الحديد والخرسانة ما يرفع التكاليف.تصوير: أشرف العمرة

قال مقاولون وإنشائيون إن «اشتراطات المكاتب الاستشارية لمواصفات البناء في دبي، ترفع من تكلفة المقاولة بنسبة تتراوح بين 10% و20%، ما ينعكس بشكل مباشر على أسعار العقارات في حال البيع أو الإيجار بزيادات جديدة».


واعتبر المهندس الأول في الشعبة الإنشائية، بإدارة المباني في بلدية دبي، المهندس حامد شاكر، أن «اشتراطات البناء في دبي تعتمد المواصفات الأميركية والبريطانية، بينما تدقق البلدية على المباني الجديدة هندسياً، من حيث الأساسات، وأبعاد الأعمدة، والأحمال، وغير ذلك، وفي حال قلت مواصفات التنفيذ عن الحدود الدنيا تعتبر العناصر الإنشائية للبناء غير آمنة، فيما لا يجب أن تتجاوز الزيادة في التكاليف نسبة 10%، إذ نراجع الزيادة من خلال البلدية، لكننا لا نستطيع إلزام الاستشاريين بها».

 

ويواجه مطورون عقاريون وملاك بنايات قيد الإنشاء، ارتفاعاً في تكلفة مقاولة البناء بنسب تزيد على 20% على خلفية الاشتراطات الإضافية التي يحددها مهندسو بعض المكاتب الاستشارية، الأمر الذي عدّه مقاولون بأنه «محاولة من قبل الاستشاريين لرفع أسعار المقاولة، طمعاً في تحقيق نسب أرباح إضافية، لاسيما أنهم يحصلون على نسبة 4% من إجمالي قيمة المقاولة الواحدة، ومن ثم فمن مصلحتهم أن يرتفع سعرها بشكل أو بآخر».


غير أن مدير إدارة المباني بالإنابة، رئيس قسم تراخيص البناء في بلدية دبي، المهندس يوسف عبدالله، اعتبر أن «البلدية تراجع اشتراطات وأنظمة البناء، وفقاً للكودين الأميركي والبريطاني المعتمدين لديها، وهما نظامان دقيقان في معامل الأمان، وفضلاً عن ذلك، فإننا في حال اكتشفنا مطالب بزيادة معامل الأمان، من دون مبرر، نطلب موافقة كتابية من المالك أو المطور».


مبالغة في التقويم
وتفصيلاً، اعتبر مقاولون أن «ملاك البنايات سواء كانوا جهات حكومية أو خاصة أو أفراداً، عندما يطلبون من المكاتب الاستشارية تصميم خرائط للبنايات، تبالغ الأخيرة في وضع معامل الأمان، بما يرفع من إجمالي تكاليف المقاولة، فضلاً عن الجهد الإضافي المبذول في إضافة قضبان حديدية وكتل خرسانية، بما ينعكس على أسعار العقارات ارتفاعاً في حال البيع أو الإيجار».

 

وفيما أكدوا للـ«الإمارات اليوم» أن «بعض الاستشاريين من ذوي الخبرات الضعيفة، يوقعون بملاك بنايات ومطورين عقاريين في خطأ التكاليف الإضافية، التي تنعكس في ارتفاع أسعار العقارات»، دافع استشاريون بأنه «عند تنفيذ بنود المقاولة، وفي حال طلب الاستشاري أية إضافات على الكميات المطلوبة من حديد التسليح والخرسانة، الداخلين عنصرين رئيسين في معامل الأمان؛ فإن ذلك لا يتأتى إلا بموافقة كتابية من الاستشاري الخاص أو استشاري البلدية». وفي الوقت الذي لاحظ فيه مقاولون أن «مهندسين في بلدية دبي، يمنحون المكاتب الاستشارية موافقات مستمرة على زيادة معامل الأمان في البنايات، دونما ضرورة لذلك»، أكد عبدالله أن «مهندسي البلدية الإنشائيين، لديهم خبرات تزيد على 10 سنوات في المجال نفسه، فيما من تقل خبراتهم عن خمس سنوات، فإننا نحيلهم إلى مراجعة خرائط الفلل والبنايات الصغيرة، وما يعنينا أولاً زيادة نسب الأمان في البنايات».


هدر للأموال
وكشف مدير المشروعات في شركة «العروبة للمقاولات»، المهندس أحمد عبدالباقي، عن أن «بعض المكاتب الاستشارية الهندسية، تطلب في تصميمها لمعامل امان البناية كميات إضافية من حديد التسليح والخرسانة، تصل في بعض الأحيان إلى 100%»، ووصفها بأنها «تعتبر أموالاً مهدورة من قبل الاستشاريين، لاسيما أن معامل الأمان له حدود ونسب معروفة عالمياً، وتالياً فإن الاستشاريين بإمكانهم تقليص قيمة المقاولة بنسبة تصل إلى 20% في حال لم يطلبوا إضافات ليس لها ضرورة في البنايات».

 

وأشار عبد الباقي إلى أن «المراجعين من مهندسي البلدية، لا يعترضون إلا في حال نقص معامل الأمان فقط، بينما لا يترددون في الموافقة عند وجود زيادة».


ولاحظ أن الكميات الإضافية من حديد التسليح والخرسانة تصل إلى 20% منها، بينما يمثل هذان العنصران ما لا يقل عن 35% من إجمالي قيمة المقاولة الواحدة، بما يعني أن الأموال الإضافية في مشروعات كبرى بالمليارات لا تقل عن مئات الملايين من الدراهم».

 

ارتفاع الأسعار
من جهته، قال نائب رئيس اللجنة الفنية الاستشارية العليا في جمعية المقاولين، الدكتور عماد الجمل، إن «الملاك سواء كانوا حكوميين أو قطاعاً خاصاً، يطلبون من الاستشاريين تصميم خرائط المواقع وفق مواصفات معينة، ثم تحال هذه الخرائط إلى بلدية دبي، التي بدورها توافق عليها مدنياً وإنشائياً وغير ذلك، وعند التنفيذ يحال العقد برمته إلى المقاول، بينما نلاحظ أن المهندس الاستشاري يطلب كميات إضافية لتعزيز معامل الأمان في البنايات والأبراج».

 

ولفت إلى أن «المواصفات والتصميمات المعتمدة لدى البلدية، مثل المواصفات البريطانية، يكون معامل الأمان فيها 1.5 طن، بينما ما يحدث من قبل الاستشاريين أنهم يطلبون أن يصل ذلك إلى طنين و2.5 طن، بصورة تتطلب المزيد من حديد التسليح والخرسانة، علاوة على الوقت المهدر في إعادة ترتيب القضبان الحديدية، وكذا الخرسانة، بصورة تدفع المالك لأن يعكس هذه التكاليف على سعر العقار نفسه، بالصورة التي ترفع من أسعارها بيعاً وإيجاراً».

 

تقليص التكاليف
من جهة أخرى، أفاد مدير عام شركة «أرابكو» للمقاولات المهندس محمد عوف، بأن الأمر «ليس مقصوراً فقط على اشتراطات معامل الأمان، بل يتعدى ذلك ليصل إلى شرط الحصول على موافقة الجار عند بدء عمليات حفر الأساسات، حتى إن خلت الأرض المجاورة للبناء من وجود أي جيران أو بنايات، فشرط الحصول على موافقة مالك الأرض لا يُلغى، فضلاً عن مسألة تركيب دعامات للبنايات المجاورة عند البناء، التي تتكلف في بعض الأحيان نصف مليون درهم، علاوة على اشتراط أن يكون الطابوق الخارجي للبناية من النوع الحراري، وأن يتم تركيب زجاج مزدوج عازل للحرارة على واجهات البنايات، وكلها أعباء إضافية يحيلها المقاول على المالك أو المطور، بصورة تنعكس على سعر العقار نفسه».


وطالب عوف الجهات الرسمية بـ«مراجعة الأحمال ومعامل الأمان بشكل يقلص من تكاليف البناء من دون إنفاق إضافي، ووفقاً للاعتبارات الهندسية والفنية المعتمدة، الأمر الذي سيقلل من التكلفة الإجمالية للهيكل بنحو 10% إلى 20% دفعة واحدة».   
 

تويتر