«دبي الأهلي» يحيي ليالي الخور الرمضانية

 سالم باليوحة.. حلم إخراج نص لأستاذه تحقق في «سلام يا سلامة».

 

 تشهد أروقة مسرح دبي الأهلي، هذه الأيام، حالة طوارئ فنية استعداداً لخوض تجربة مسرحية جديدة، تقدم تحت رعاية هيئة دبي للثقافة الفنون في ليلة السادس من رمضان، على مسرح ذي فضاء مفتوح تحتضنه منطقة البستكية التراثية على خور دبي، وهي مسرحية «سلام يا سلامة»، التي يخرجها سالم باليوحة وكتب نصها ناجي الحاي، في الوقت نفسه الذي يبذل فيه رئيس مجلس إدارة مسرح دبي الأهلي يوسف بن غريب آل محمود جهوده من أجل إقناع الفنان القدير جابر نغموش بقبول بطولة مسرحية جديدة بعنوان «حسون الملايين». ورغم سطوة الدراما الرمضانية خلال الشهر الفضيل إلا أن نجاح عروض مهرجان دبي لمسرح الشباب، الذي استضافته ندوة الثقافة والعلوم أخيراً وحجم النشاط الذي أحدثه في عدد كبير من الفرق المسرحية بالدولة، أعطى انطباعاً لدى المسرحيين بأن هناك رغبة أكيدة لدى مجلس إدارة هيئة الثقافة والعلوم التي يترأسها سمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد، للنهوض بالمسارح المحلية، والعمل على إتاحة مزيد من الأجواء المعنوية والمادية أمام المنتمين إليها، بهدف الارتقاء بالمستوى الفني للمسرح  الإماراتي.

 

فضاءات مفتوحة

في هذا الإطار قال يوسف بن غريب في تصريحات خاصة لـ«الإمارات اليوم» إن «الجديد في «سلام يا سلامة» ليس فقط النص أو تقنيات الإخراج أو غير ذلك من فنون العمل المسرحي، بل الأمر يتعلق بالشكل الجديد الذي ستقدم في إطاره والذي سيستثمر خصوصية الأجواء الرمضانية وميل الكثير من الأسر والشباب إلى قضاء أوقات من المتعة والإثارة والتشويق بشكل جماعي، وهو أمر يمكن أن يحققه الفن المسرحي أكثر من أي شكل آخر من أشكال الفنون، ويكون الأمر مثالياً لو تم اللجوء إلى المسرح المفتوح الذي يتعدى الصورة النمطية الثابتة عنه التي تجعله مجرد مسرح مكشوف السقف، إلى حقيقة كونه مسرحاً تحكمه عوامل ومعطيات واسس فنية، تستثمر فضاءات المكان ودلالاته الرمزية وعناصر ديكوره وحتى إضاءاته الطبيعية وغيرها من العوامل شديدة الصلة بالمسرح المفتوح».

 

دراما اجتماعية

المسرحية التي يقوم ببطولتها  الفنان مرعي الحليان والفنانة صوغه سوف يتم توفير ترجمة فورية باللغة الإنجليزية لها لتوقع أن يكون بعض الحضور من الأجانب، فيما تتسع قاعته لنحو 200 مشاهد، في تقليد فني جديد تراهن عليه هيئة دبي للثقافة والفنون، فيما يدور محتواها الدرامي في قالب اجتماعي خالص  حول زوجين انفصلا لمدة 15 عاماً دون أن يقوم الزوج بتطليق زوجته بالفعل، الأمر الذي يفتح الباب أمامهما دائماً للتصالح رغم المفارقات الجسيمة بين شخصية الزوجة التي تمثل نسقاً قيمياً إيجابياً يحكمه العرف والتقاليد والواجب، والزوج الذي أخذ يطبق نظريات العولمة والسوق ومقاييس الربح والتجارة التي تحكمه في عالمه التجاري ليمتد تأثيرها إلى حياته الإنسانية وعلاقاته الاجتماعية حتى بزوجته.

 

تحد

وتمثل التجربة الإخراجية الجديدة  للمخرج الشاب سالم باليوحة تحدياً مهنياً كبيراً بالنسبة له، لا سيما وهو  يتعامل لأول مرة مع نص يعود لأحد أساتذته الرئيسين أو بالأحرى أستاذه الأول ناجي الحاي الذي يراهن دائماً على الجيل الشاب سواء في مسرح الشباب او مسرح دبي الأهلي وغيرهما من مسارح الدولة.

 

باليوحة الذي شغل منصب المدير الفني لمهرجان الشباب رغم حداثة تجربته المسرحية استفاد قطعاً من تسعة عروض شبابية تم تقديمها ضمن فعاليات هذا المهرجان، لا سيما بعد أن تم منع مسرحية «الخلخال» التي شارك في بطولتها مروان عبدالله وعذاري من تمثيل الإمارات في مهرجان المسرح الخليجي للشباب في دورته الماضية بسبب عدم ملاءمة النص للتعبير عن القضايا الشبابية في المجتمع الإماراتي وهو ما خلف إحباطاً مؤقتاً لدى باليوحة سرعان ما تمكن من تحويله إلى عنصر محفز للإبداع بدليل إخراجه لـ«سلام يا سلامة» ومشاركته الإدارية في مهرجان الشباب.

 

«حسون الملايين»

على جانب آخر يستعد مسرح دبي الأهلي أيضاً لبدء التمارين المسرحية لعرض «حسون الملايين» الذي يخرجه أحمد الأنصاري ويعود نصه لمرعي الحليان، في الوقت الذي يحاول فيه يوسف بن غريب انتزاع موافقة الفــنان جابر نغموش بقبول دور البطولة في العمل وهو شخصية «حسون» نفسه الذي يحقق أرباحاً طائلة من وراء إدارته لعدد من المحافظ المالية في إسقاط مباشر لعدد من قضايا الفساد والنصب التي ارتبطت ببعض هذه المحافظ على أرض الواقع، وتم الاستقرار على إسناد دور البطولة النسائية للعمانية أمينة عبدالرسول.

 

وقال بن غريب إن هذا العرض بالتحديد يعول عليه مسرح دبي الأهلي كي يكون مسرحية جـــماهيرية جاذبة لشرائح مختلفة مـــن الجمـــهور دون الاقتصار على جمهور نخبوي مفترض لها، مضيفاً «لهذا السبب تم ترشـــيح «حسون الملايين» حتى قبـــل الاستقرار تماماً على هوية بطله لتقديم ستة عروض رئيسية خلال مهرجان دبي للتسوق في أماكن مختلفة».

 

  نجاح وقوده الإحباط

 تحولت حالة إحباط انفردت برصدها «الإمارات اليوم» وقت منع مسرحية «الخلخال» من المشاركة باسم الإمارات في مهرجان مسرح الشباب الخليجي بقطر في دورته الماضية، إلى وقود محفز للنجاح وتحقيق طموحات أبعد، فـ«الخلخال» التي لم تر نور المشاركة المهرجانية بسبب عدم ملاءمة قضيتها المعالجة للمشاركة في عمل ينتمي لمسرح الشباب كان مخرجه سالم باليوحة وبطلاه الرئيسيان مروان عبدالله وعذاري، وفيما أُسند للأول منصب المدير الفني لمسرح دبي للشباب الذي اختتمت فعالياته في العشرين من الشهر الجاري، فضلاً عن استعداده لإخراج مسرحية جديدة بعنوان «سلام يا سلامة» كتب نصها أستاذه ناجي الحاي، أبهر الثاني- مروان عبدالله- حضور عروض المهرجان بمسرحية «عنمبر» التي قام بإخراجها في تجربة أولى له، لينال عنها جائزة أفضل إخراج، فيما حصدت الممثلة عذاري جائزة ذهبية هي الأخرى في المهرجان نفسه وهي «أفضل ممثلة دور ثانٍ»، ليؤكد ثلاثتهم بالفعل أن بعض الإحباط هو وقود للنجاح وتحقيق الطموح أحياناً.

 

تويتر