«المتسوّقة الشخصية».. حلّ باهظ الثمن
يتوجّب التنسيق بين الموضة السائدة والملابس المناسبة من حيث الشكل واللون. تصوير: باتريك كاستيللو
ينطبق على مهمة التسوق المثل القائل «سيف ذو حدّين» إذ تعشق فئة من الناس ارتياد المراكز التجارية وتجربة الملابس والإكسسوارات، في حين يجدها آخرون مسألة شاقة و«ثقيلة على القلب» غير أن الفئة الثالثة التي ظهرت حالياً، وهي فئة عالقة في زحام العمل، ومنغمسة في متاعب الحياة اليومية، ما يجعلهم سجناء مكاتبهم لساعات طويلة، ولذلك برزت فكرة «المتسوّقة الشخصية» المتخصصة في عالم الموضة والأزياء و«أتيكيت» اللباس، التي بدت كالمخلص والمنقذ، لتحل هذه المعضلة الكبيرة. وكان لا بد لمفهوم «المتسوقة الشخصية» الظهور في دبي التي صارت قبلة لدور الأزياء وعالم الموضة، وخصوصاً بين أفراد نخبة المجتمع المترفة نظراً لكلفتها الباهظة، فيما يفضل عدد كبير الاعتماد على نفسه، كونه الأكثر دراية بما يليق به ويتناسب مع شكله وحاجاته.
نصيحة واستشارة
وفي ما يخص تكليف شخص للتسوق، تشعر سالم أنها سخيفة وتافهة، فلا ترى جدوى من إعطاء مبلغ كبير من المال لشخص غريب كي يشتري لها ما ترتديه، فيما تكون في عملها، وتقول «يمكن أن آخذ نصيحة أو رأي شخص متخصص، لكن لا يمكن أن أسمح للآخرين باختيار ملابسي»، خصوصاً أنهم يتقاضون مبالغ طائلة، وتشير إلى أنها تفضل الاستفادة من المال، بغية شراء أغراض إضافية أكثر نفعاً.
ومن ناحية أخرى، تحب سالم استشارة والدتها وشقيقتها عندما تقصد السوق لشراء الثياب، وتشرح «عادة ما اقتنع برأيهما وآخذ بالنصيحة»، لأنهما تريدانها أن تبدو في أجمل صورة وطلة، وتفسر «هما لا تحاولان استغلالي أو اعتماد الغش»، في حين تضطر المتسوقة الشخصية للقيام بعملها، ما يجعلها في عجلة من أمرها.
وتشاطرها الرأي «بثينة عزام» سورية تزور الإمارات باستمرار، وتقول «عندما تتحول الهواية إلى عمل تجاري يصبح روتيناً مملاً»، خصوصاً أن شخصاً غريباً يتولى مهمة انتقاء ملابسها، مضيفة أن «المتسوقة الشخصية» تحرمها متعة ارتياد المراكز التجارية والمحال لرؤية وتجربة ما يعجبها ويلفت نظرها، وتشير إلى أنها تهوى شراء الملابس والإكسسوارات، لرغبتها في البقاء أنيقة ومرتبة، لذلك تأتي إلى دبي مرتين على الأقل سنوياً للتبضع وشراء أحدث صيحات الموضة، باعتبارها من أهم مدن التسوق في العالم العربي.
حينما تأتي إلى الإمارات، عادة ما تكون بثينة برفقة شقيقها المقيم في الدولة، الذي تعتبره متسوقها الشخصي، وتوضح «يلعب أخي دور المتفرج الموضوعي»، ولا يخجل من التعبير عن رأيه الصريح والواضح، ويمتنع عن مدحها وإبداء إعجابه بشيء غير مناسب أو لائق لها، كما أنها تقوم بتغيير «اللوك» بين فترة وأخرى، بحيث تغير قصة شعرها أو اللون وفقاً للموضة «الدارجة»، قائلة «يعد الشعر من أول التفاصيل التي تجذب الأنظار»، ما يحتم العناية به والاهتمام بنضارته وحيويته.
في المقابل، تعرب المواطنة الإماراتية (مريم س.)، في أواخر العقد الثاني، عن إعجابها بفكرة «المتسوقة الشخصية» وتعلل رأيها قائلة إن الشخص الذي يتقن عمله لابد أن يحصل على نتيجة ترضي الزبون، الذي كلفه مهمة وأعطاه أجرته، وتوضح «كلفت إحدى صديقاتي شركة متخصصة للتحضير لمناسبة زفافها واختيار فستانها ومستلزمات العروس»، فوجدت الفكرة غريبة ومربكة، غير أنها غيرت رأيها حين قابلت المتخصصة التي برعت في اختيار ما يناسب صديقتها، من حيث قصة الفستان ولونه، فضلاً عن الشعر والماكياج، لتتألق العروس وتبرز كأميرة من ألف ليلة وليلة.
تحب مريم الموضة وتهوى الملابس، وتجد البرامج التي تحكي عن الموضة ممتعة ومسلية، خصوصاً تلك التي يختارون فيها فتاة ويجرون تغييراً جذرياً على شكلها و«ستايلها»، وتقول«غالباً ما تحصل الفتاة المختارة على نتيجة رائعة»، إذ يلقي الضوء على مناطق القوة فيها، فيما يخفون أو يحسّنون عيوبها، سواء أكان في الملابس أو الشعر والوجه والأسنان، فضلاً عن أنها تطلعها على الألوان والملابس التي تناسب جسمها وبشرتها، غير أنها ترفض العمليات الجراحية أو التجميلية التي تحوّل المرء من شخص إلى آخر، وتقول «تتطلب هذه الخطوة متابعة مستمرة ومبالغ من المال»، في حين أن شراء الملابس واتباع صيحات الموضة تبدو أقل كلفة وعناءً.
خدمة ومتعة
وعن قدرتها على إرضاء الزبون القابع في منزله أو عمله، توضح المتسوقة الشخصية أنها تقابل الزبون وتجلس معه لفترة من الوقت، لتتعرف إلى شخصيته واحتياجاته، وتقول «تمدني خبرتي ونظرتي الثاقبة بالقدرة على إرضاء الزبون»، فضلاً عن أن العلاقة التي تجمعها بهم تتعدى حدود العمل والمال، لتتحول إلى نوع من الصداقة والثقة، ما يمدها بالعزم والتصميم للسير إلى الأمام في عملها وإرضائهم.
أجانب وعرب
وفي سياق آخر، توضح المتسوقة الشخصية أن معظم زبائنها من الجنسيات الأجنبية مثل أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، الذين اعتادوا على هذا النمط من الخدمات، في حين أن المواطنين يشكلون نسبة قليلة، وتقول «يحتاج أهل الإمارات إلى الوقت ليعتادوا على هذا المفهوم الجديد بالنسبة إليهم».
وعن النساء الخليجيات، تؤكد لوندبرغ أن ارتداء الشيلة والعباية لا يمنعانها من أن تكون عصرية وأنيقة، غير أن المهمة تتطلب وقتاً أطول، وتقول «أواجه بعض الصعوبات مع المواطنات لأنهن معتادات على نمط معين»، غير أنهن يرغبن في التميز، لذلك «يروّضن الموضة لمصلحتهن، ويخترن منها ما يتناسب مع تقاليدهن وعاداتهن العربية المحافظة».
وعن المقابل المادي الذي تتقاضاه، لا تنكر المتسوقة الشخصية أنها تتقاضى مبالغ كبيرة، غير أنها توضح «لكل خدمة أو مهمة سعرها الخاص»، لكنها تشير إلى أن من يقصدها لن يتردد في دفع المبالغ المطلوبة لأنه بحاجة إليها، وتقول «عملي يشبه أي عمل آخر»، ولا بد ان أتقاضى عنه أجراً مثل الذهاب إلى الطبيب أو الميكانيكي..
الموضة أو الأسلوب
وبغية إقناعهم بصحة آرائها، تفسر لوندبرغ أن المرآة هي القاضي الذي يصدر حكمه الأول والأخير، فالمرء يستطيع اكتشاف مناطق العيوب أو مظاهر القوة بالنظر إلى المرآة، كما يفترض أن يعملوا بنصائحها لأنها المتخصصة التي قرروا الأخذ بنصيحتها ودفعوا لها المــال لينالوا بغيتهم الجماليـة.
في المقابل، لا تحث المتسوقة الشخصية السيدات على التمثل بالعارضات النحيفات، بل تشدد على ضرورة اعتماد نظام حياة صحي وسليم، وتشير إلى أن طبيعة الأجسام تفرض أشكالاً معينة، فهنالك فئة من النساء النحيفات بالوراثة أو العكس صحيح، في حين تستطيع فئة أخرى التحكم بجسمها وفقاً للنمط الغذائي المعتمد، لكنها تشدد «يجب أن تشعر المرأة بالراحة والانسجام مع جسمها كي تكون سعيدة»، وإلا ستحوّل حياتها إلى كابوس مزعج.
وفي ما يخص الألوان، تكرر لوندبرغ أن مهمة اختيار الألوان المناسبة للأشخاص تصبح سهلة عندما «تلقي الضوء على نقاط القوة أو الضعف بواسطة المرآة»، غير القادرة على الكذب أو التخفّي، موضحة أن مهمة الاستعانة بها تعني وجوب الاستماع إليها وتنفيذ أقوالها حرفياً.
وبالنسبة إلى عملها واهتمامها بأزيائها، توضح لوندبرغ أن شغفها بالموضة جعلها تتقن عملها وتبرع فيه، فهي لا تقوم بواجب أو عمل ملزم، وتقول «أمزج بين الهواية والشغف والعمل» لأحصل على بوتقة جميلة متناغمة ومتجانسة، لأحقق طموحاً شخصياً ومهنياً»، كما تدعم آراءها واستشاراتها بقراءة الكثير من المجلات والاطلاع على أحدث الصيحات، لتطبّقها على نفسها وزبائنها.
وفي السياق ذاته، توضح أنها تحب شراء الماركات العالمية، كونها تقدم موديلات مميزة وفخمة، وتقول «تتفوق الجودة على الماركة أو الاسم»، إلا أن العصر الحالي يفرض أن تضم خزانة الملابس أزياء باهظة وأخرى رخيصة ومتوسطة السعر، خصوصاً عند النساء، فملابس العمل تختلف عن تلك المخصصة للسهرات أو المناسبات الخاصة، وتضيف «الوقت والمكان والمناسبة عوامل أساسية لاختيار اللباس الملائم»، ومن ناحية أخرى، تؤكد لوندبرغ، التي تحب استشارة والدتها، أن تعليق فساتين غالية الثمن في الخزانة، دون الاستفادة منها لا ينفع بل يضر، وتقول « اقتناء كل ما يحتاجه المرء في خزانته هو الأهم، بغض النظر عن سعرها أو ماركتها العالمية أو المحلية». |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news