Emarat Alyoum

المطبخ الإماراتي.. أطباق تقليـدية دسمة

التاريخ:: 27 يونيو 2008
المصدر: جويس شماس - دبي
 المطبخ الإماراتي لم يتأثر بنكهات أو أطعمة الشعوب المحيطة به.    تصوير: ساتيش كومار 
 
على الرغم من احتوائه على الكثير من الدهون والدسم، يعد ركن «المطبخ الإماراتي» مقصداً للكثير من زوّار مدينة مدهش الترفيهية، لاسيما أنه حافظ على الطابع التراثي والتقليدي للأطباق المكوّنة بشكل أساس من الأرز واللحوم بالدرجة الأولى، مع الكثير من التوابل والخلطات، التي تجعل نكهته ومذاقه لذيذين ومحببين، عند المواطنين، والمقيمين الراغبين في تذوّق أطباق جديدة وشهية.

 

 ويقدم الطاهي يوسف سعيد الطباع، في مطعمه، الواقع في الردهة الغربية من المدينة، أشهى الأطباق الإماراتية، مثل الهريس والمجبوس والرقاق مع الخضار، والحلويات المحلية المكوّنة في أغلبها من السكر المحروق والطحين، بغية إحياء المطبخ المحلي، وتشجيع الناس على التذوق بالملعقة، في حين يعد تناول الطعام باليد عادة محببة عند المواطنين، الذين يفخرون بتقاليدهم وعاداتهم العربية. 

 

عادة متوارثة
«يتميز المطبخ الإماراتي بمتعة تناول العيش واللحم باليد»، مثل البرياني والمجبوس والهريس، وهي أطباق معروفة في المجتمع الإماراتي، هكذا بدأ الطاهي يوسف سعيد الطباع حديثه عن المطبخ المحلي، ويقول «هنالك علاقة وثيقة بين تناول الطعام باليد والشعور بلذة الأكل»، بخاصة أنها عادة وتقليد متوارث، إذ مازال المواطنون يحبون هذه العادة ويمارسونها، ويضيف «بعدما تخصصت في المطبخ الإماراتي، بت أتبع الأسلوب نفسه في منزلي؛ لأن الأكل باليد مسألة صعبة في الأماكن العامة والمطاعم».

 

ويتكون المطبخ الإماراتي من أطباق متنوّعة من الأرز مع اللحم أو الأسماك والدجاج، غير أن أهل البلد يفضلون اللحم على أنواعه، خصوصاً المحلي، لتحل الأسماك وثمار البحر في المرتبة الثانية، ثم الدجاج، ويقول الطباع، الذي يعمل في احد مطاعم مركز دبي التجاري العالمي، إن عدد الأكلات الإماراتية المشهورة يقارب الـ15، وعلى الرغم من قلة عددها، تعد غنية ومرغوبة، ويشرح أن الإقبال عليها مرتفع في مدينة مدهش الترفيهية، إذ تكتظ الكراسي والطاولات بمحبي هذا المطبخ من الإماراتيين، أو الوافدين الراغبين في تجربة نوع جديد من الأطعمة.

 

 أرز ودسم
على الرغم من احتوائها على الحبوب، مثل العدس والبرغل، إلا أن قائمة الأكلات الشعبية المطلوبة تتمحور حول الأرز، ويقول الطباع إن الخلطات المؤلفة من التوابل تميّز المطبخ الإماراتي عن غيره، مسمياً إياها باللهجة المحلية «البزار»، مثل الكركم والزنجبيل والزعفران والفلفل الأسود و«الكزبرا» الخضراء واليابسة، مشيراً إلى أن الخلطات والصلصات الحريفة تزيد من الطعم اللذيذ للأرز واللحم، كما أنها تدفع المرء لتناول المزيد والمزيد، فضلاً عن قلي القليل من المكسرات كالكاجو والفستق الحلبي أو الزبيب، واضافتها على وجه الطعام.

 

لم تتأثر الأكلات الإماراتية بمحيطها، وحافظت على طابعها الخاص المشبع بالدسم، ويشرح الطباع أن الأرز واللحوم تجعلها وجبات «ثقيلة ودسمة»، كما تزيد السمنة العربية والزيوت من حدتها، ويقول «يقوم المطبخ الإماراتي على الدسم»، الذي يسبب في بعض الأحيان السمنة.

 

 ولذلك؛ يؤكد الطباع أن الأكلات الشعبية في الدولة مميزة ومختلفة، ويعطي على سبيل المثال الفارق بينه وبين المطبخ الإيراني، ويقول إن الكباب واللحم المشوي لا يتطلب مشقة أو مهارة، لأنه يشوى بعد إضافة أنواع من التوابل، غبر أن العمل في المطبخ الإماراتي يحتاج إلى الجهد والوقت، ويشرح «عادة ما نستعمل الطناجر والحلل الكبيرة جداً لطهي اللحوم»، خصوصاً أن الحيوان المذبوح يوضع بكامله في الحلة ليطبخ على نار هادئة، كي ينضج تماماً، ويضيف أنهم يعمدون في أحيان أخرى لتغليفه بورق الألمنيوم، وإحاطته بالفحم، مسمياً إياه بـ«أوزي»، في حين يقتصر اللحم المفروم أو المقطع على أكلة اللحم بالرقاق، المكونة من طبقتين من خبز الرقاق المحشو باللحم. 

 

في المقابل، استعان الإماراتيون ببعض التوابل الحارة من الهند، ليصنعوا صلصات ترافق الأرز واللحم. وتتعدد طرق تناول الأكلات الإماراتية وتختلف وفقاً للعادة المتبعة في كل منزل، ما يضيف ميزة إلى مطبخهم الدسم، إذ يمكنهم تناول الطبخة مع الكثير من المرق أو من دونها، ويقول الطاهي السوري إن اللبن والخضراوات هي الأطباق المرافقة للطبق الرئيس، كما جمعوا بينهما في صحن واحد، ويفسر «يخلط بعض الناس اللبن مع الخضراوات النيئة، مثل الجزر والكوسا والقرنبيط». 

 

سكر وزعفران
أما بالنسبة إلى الحلويات، فيشير الطباع إلى أن حلوياتهم دسمة أيضاً؛ لأنها مؤلفة من الطحين والسكر والمكسرات، فضلاً عن أن بعضها مقلي، وبالتالي مشبع بالزيوت، ويقول «تعتبر الخبيصة من أشهر الحلويات الإماراتية»، المكونة من طحين وسكر محروق وكاجو وزبيب وسمنة، مشبهاً إياها بالمربى، ويضيف «يأكلها المواطنون على الفطور»، فيما تتكون الساقو من الحبوب الممزوجة بالسكر المحروق والمكسرات، ويشرح أن هذه الحبوب تشبه الفاصولياء، غير أنها أصغر حجماً، وهي عبارة عن حبيبات بيضاء تستخرج من شجرة «ساقو» الموجودة في دول شرق آسيا، لكن لينة.
وعلى نار خفيفة، تطهى حلوى العصيدة المؤلفة من اليقطين والطحين والهال الناعم والزعفران، الذي يضيف إليها طعماً لذيذاً ولوناً جميلاً، ويضيف «يشكل الزعفران عنصراً مهماً في المطبخ الإماراتي، سواء أكان في الأطباق الرئيسة أم الحلويات»، ويقول الطباع «تطهى العصيدة على نار هادئة جداً لتصبح عجينة متماسكة».

 

وكذلك، يعد القرص المفروك من الأنواع التي تجمع بين الطعم اللذيذ والوحدات الحرارية المرتفعة، ويقول الطباع «من الصعب تحضير هذا الصنف في المنزل لحاجته إلى الكثير من الوقت»، إلا أنه مطلوب كونه محضّراً من التمر. وعن طريقة تحضيره، يشرح الطباخ المتمرس في المطبخ الإماراتي قائلاً «تخلط عصارة التمر بعد سلقه مع الطحين والملح والخميرة لتصبح عجينة، ثم تمد في صينية وتترك مدة ساعتين»، ويشير إلى أن سلق حبات التمر يسهل عملية  استخراج عصارته ولبه، ويكمل «تقرّص العجينة على شكل أرغفة صغيرة، وتقلى في الزيت»، ثم يرش عليها السكر، لتصبح جاهزة للأكل.

 

من ناحية أخرى، يشير الطباع إلى أن من الوجبات الإماراتية التي جرت العادة على تناولها في الصباح كفطور، الرقاق والحليب والجباب، في حين تأكل كتحلية بعد الغداء، أو العشاء، مثل القرص المفروك والخبيصة والعصيدة. 

 

اختلاف كبير
وفي سياق مختلف، يؤكد الطباع أنه أتى إلى الإمارات ليعمل طاهياً متخصصاً في المطبخ الشامي، إلا أنه تعلم الأطباق الشعبية والتقليدية في الدولة، ويقول «دفعني حبي واستمتاعي بطعمها إلى إتقانها كأهلها»، مشيراً إلى ان الطبخ لا يتأثر بالجنسية أو الانتماء الجغرافي، ويضيف أنه عادة ما يتذوق الطبق قبل تقديمه للناس؛ لأنها الطريقة الوحيدة لاكتشاف نجاحه أو فشله. وعن الفارق بين المطبخ الإماراتي والشامي، يوضح الطباع أن الأول يعتمد على الكثير من الخلطات والتوابل، فضلاً عن أنه دسم، في حين أن المطبخ الشامي المتأثر بالمأكولات التركية والمتوسطية يعتمد على الصلصة الحمراء المكونة من الطماطم، كما أن الخضراوات تدخل بشكل كبير فيها، مثل البامية والكوسا والباذنجان والقرنبيط وغيرها.

 

 
من المطبخ الإماراتي 
 الهريس: يعد «سيد المائدة الإماراتية»، وهو مكوّن من القمح واللحم، ويتطلب طهوه وقتاً طويلاً، إذ تخلط المقادير في قدر خاص، ثم توضع في حفرة عميقة وتغطى بالفحم أو الجمر، وتترك مدة طويلة تتعدى الساعات. وعادة ما يقدم هذا الطبق في المناسبات والأعياد، وخلال شهر رمضان.

 

 المجبوس: يعد من الوجبات اليومية عند الإماراتيين، وهو مؤلف من اللحم والأرز والبزار والبصل والليمون اليابس والملح. الرقاق: من أشهر أنواع الخبز المحلي القديم والشعبي، المستعمل في صناعة الرقاق باللحم أو الخضار، كما يمكن أكله بعد دهنه بالسكر أو العسل. خبز الخميرة: يصنع بالسمن البلدي، ويؤكل كنوع من الحلوى. الدبس: عصارة التمر. المالح: السمك المملح.

نبتة الزعفران 
 تنمو أزهار الزعفران بكثرة في البلدان الآسيوية، بخاصة إيران والهند، وقد عرفه الأقدمون مثل الفراعنة والإغريق والرومان، حيث ذكر في مخطوطات البردي باللغة الهيروغليفية، وإلياذة هوميروس.

 

وتم تصديره إلى أوروبا، وتحديداً إنجلترا قبل عصور قليلة، ويعد الزعفران الإسباني من أفضل الأنواع عالمياً.  يتطلب الحصول على كيلوغرام واحد من الزعفران نحو 130 ألف زهرة، ما يجعله من التوابل الأغلى ثمناً، والأكثر كلفة، لذلك يباع بالغرام.

 

تكثر فوائد الزعفران الصحية إذ أنه؛ يطرد الحرارة، ويخفف من آلام الدورة الشهرية عند النساء، ويعالج السعال والتهاب الشعب الهوائية، وينشط الرغبة الجنسية، ويساعد مصابي الصرع على تخفيف نسبة الكهرباء في الدماغ، وينشط القلب ويخفف من سرعة دقاته، ويوقف الشهية على الطعام، ويعالج حالات الاكتئاب.  وعلى الرغم من كثرة فوائده، يسبب الإكثار من تناوله الإجهاض، وخسارة الكثير من الدماء خلال الطمث، والدوار، وهبوطاً في النبض، فضلاً عن احمرار البشرة.